مقالات دينية

التأمل بنبؤات أشعياء بالمسيح المصلوب

الكاتب: وردااسحاق

 

التأمل بنبؤات أشعياء بالمسيح المصلوب

بقلم / وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

أسفار العهد القديم تناولت جوانب عديدة وأحداث وقعت بعد مئات السنين والخاصة بميلاد وحياة وصلب الرب يسوع ، وكانت تلك النبؤات كافية لقادة اليهود الروحيين أن يميزوا الأزمنة ويحددوا مولد المسيح وموته ، لكن رغم طلب الملك هيرودس منهم للتحري عن مكان ولادة المسيح بسبب زيارة المجوس له . لكنهم لم يأخذوا الطلب على محمل الجد لكي يبحثوا عن زمان مولد المسيح وحسب النبؤات ، وقد لامهم الرب على ذلك بقوله ( تعرفون أن تميزوا وجه السماء ،أما هذا الزمان فلا تميزوه ) ” مت 16 ” لنتناول النبؤات التي دونها لنا أشعياء النبي فقط عن المسيح المصلوب ، وكيف كان يراه في الروح ودوّن للأجيال تلك الرؤى بنبؤات فنذكر منها الآية ( 53 : 2 ) والتي تصف منظر الرب يسوع على الصليب ، فقال ( لا صورة له ولا جمال ، ولا منظر فنشتهيه ، محتقر ومخذول من الناس ، رجل أوجاع ومختبر الحزن ، مخذول كمن حجب الناس عنه وجوههم فلم نأبه له ) عبر الكتاب عن جمال المسيح ابن الله فقيل أنه ( أبرع جمالاً من بني البشر ) ” مز 45:2 ” هذا عن جماله البشري ، أما عن جماله اللاهوتي فقد شاهده الرسل الثلاثة العظام على جبل التجلي مضيئاً أكثر من الشمس ” مت 2:17 ” .

 منذ وجود يسوع عند قيافا وحنانيا في اليوم الذي سلم نفسه طوعاً بدأوا بأهانته وضربه والبصق على وجهه ، ومن ثم جلد ووضع على رأسه أكليل الشوك فبدأ يفقد ذلك الجمال أمام الذين رفضوه واحتقروه من اليهود وقادتهم وجنود الرومان ، فعلى الصليب كان جسده مملوءً بالجروحات والكدمات والدم يسيل من جروحات جسده ورأسه وملامح وجهه تغيرت بسبب الآلام والعطش والجوع والأهانات وخاصة بكلمات التجديف ” لو 23: 35-39 ” وقد رآه الجميع معلقاً على الصليب مجرداً من الثياب ومخضباً بالدماء وضعيفاً صامتاً ومتحملاً من أجل الموت على الصليب ، لأنه لهذا جاء ، وهذه كانت خطته لخلاص الجنس البشري .

 وقد كشف أشعياء للأجيال فوائد صلبه للبشرية ، فقال ( لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ، ونحن حسبناه مضروباً من الله ومذلولاً ) ” 4:53 ” نعم ظن اليهود أن الله رفضه فاستحق الصلب والإهانة لهذا رفضوه رغم تعليمه والآيات والمعجزات الكثيرة التي صنعها لهم ، هذا الذي كان يجول بينهم ويصنع لهم خيراً . لقد أخذ آثام البشر وحمل أمراضهم ( مت 23: 6-8 ) أنه قدوس الله الذي تجسد وصار كخطية لأجل الجميع لأنه حمل خطاياهم ( عب 9: 28) وأخيراً صلب وصار لعنة لأجل خلاص البشر.

أما عن جراحات المصلوب فقال أشعياء ( وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا ، حل به تأديب سلامنا ، وبجراحه برئنا . كلنا كغنم شردنا ملنا كل واحد الى سبيله ، فأثقل الرب كاهله بإثم جميعنا ) ” 53: 5-6 ” . نعم تحمل الرب يسوع خطايانا من أجل خلاصنا وأعاد العلاقة بين الله وبيننا. يسوع لم يغضب منا ولا حتى من صالبيه ، بل طلب لهم المغفرة من أباه السماوي لأنهم لو عرفوا بأنهم يصلبون رب المجد لما فعلوا . جراحات يسوع بدأت منذ قبوله تناول الكأس عندما كان يصلي في البستان بوجود الرسل ، لهذا بدأ يعرق قطرات دم هذا قبل أن يقيده الجنود . كذلك تم جرح يسوع في القلب من قبل تلميذه الخائن الذي سلمه ، فقال له الرب الحزين ( يا صاحب ، أبقبلة تسلم أبن الأنسان ؟ ) ” لو22″ . كذلك جراحات هروب التلاميذ ومن ثم أنكارهم له ، وهكذا تمت كلمات الكتاب القائل ( …حتى أنه داس المعصرة وحده ) ” أش 3:63″ . وكذلك جراحات الأهانة أمام مجمع اليهود ( السنهدريم ) ويضاف عليها الضرب باللكمات والقصبة وبالجلد ووضع أكليل الشوك على رأسه ” مت 27: 26-31″ وأخيراً صلبوه وسمروه على خشبة الصليب فثقبوا يديه ورجليه فكانت آلامه على الصليب قاسية جداً فسالت دماءه الطاهرة لكي تروي المؤمنين به فيكون لهم الخلاص .

يسوع كان دائماً جريئاً وقوياً ومتحدياً لكن في ساعاته الأخيرة لم يفتح فاه لأن تلك الساعات كانت مخصصة لبني الظلام ، لهذا عبر عنها أشعياء في ” 7:53″ ، قائلاً ( كشاة تساق الى الذبح ، وكنعجة صامتةٍ أمام جازيها فلم يفتح فاه ) هكذا كان يسوع صامتاً أمام قيافا وبيلاطس الذي تعجب لعدم رده على سؤاله . كما كان صامتاً أمام شهود الزور ” مت 26: 59-63 ” تذلل كثيراً وتحمل الضربات دون أن يفتح فاه لكي يتمم بكل عزيمة ومحبة عمل الفداء الذي تجسد لأجله . كان هو الحمل الذي سيق الى الذبح على مذبح الصليب لكي يرفع خطية البشر ، أنه الحمل الذي حمل خطية العالم وحسب قول يوحنا يوم العماد . كما رآه الرسول يوحنا بعين الروح وكأنه مذبوح ” رؤ 6:5 ” كان المسيح راعي الخراف قبل أن يصبح هو خروف الفصح ، وكذلك صار الكاهن الذي ذبح الخروف بنفسه ، لأنه بأرادته قدم نفسه ذبيحة للعالم أجمع . ظن الأعداء بأن بموته تخلصوا منه . لهذا كتب أشعياء عنهم قائلاً ( وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء ) ” 8:53″ فعلاً ظن قادة اليهود بأنهم قد تخلصوا منه بموته على خشبة الصليب واستراح ضميرهم ، لكن سرعان ما جاءوا حراس القبر لكي يقحموهم بخبر قيامته المعجزية ، لكن قلوبهم القاسية لم تعترف لأنهم أسلموه حسداً ” مت 18:27″ . وبعد موت المسيح على الصليب ذكر أشعياء عن مصير جسده الطاهر فقال ( وجُعِلً مع الأشرار قبره ومع غنى عند موته ) ” 9:23″ وهذا توضيح صريح لصلب المسيح مع اللصوص الأشرار . أضافة الى وقت وجوده في القبر كان بين الحراس الأشرار الذين تحولوا الى شهود للقيامة مع أنهم قبلوا الرشوة من قادة اليهود ” مت 18:28 ” .

وأخيراً كتب أشعياء عن المسيح كذبيحة أثم ، فقال ( … لأنه سكت للموت نفسه وأحصى مع أثمة ، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين ) ” 12:53″ . تكرر في هذا الأصحاح ذكر المسيح كذبيحة أثم، فيقول ( مسحوق لأجل آثامنا … وضع عليه أثم جميعنا … ضرب من أجل ذنب شعبي … جعل نفسه ذبيحة أثم … وآثامهم هو يحملها … وأحصي مع أثمة … حمل خطية كثيرين ) ” 53: 5-12 ” . أجل صار المسيح ذبيحة أثم واحتمل كل الآلام والجراحات من أجلنا نحن ، فمن آمن بتجسده وصلبه وموته فله حصة من دمه الثمين الذي أراقه على الصليب من أجل مغفرة الخطايا والخلاص الأبدي .

ليتمجد أسم المصلوب الأله الى أبد الآبدين

 

..

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!