منوعات

ميناء الفاو الكبير: نافذة العراق إلى الازدهار الاقتصادي

ميناء الفاو الكبير يعتبر مشروعًا استراتيجيًا للغاية في العراق، حيث تم وضع حجر الأساس له في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة. يهدف هذا الميناء الضخم إلى تحقيق تطور هائل في قطاع النقل البحري وتعزيز دور العراق كمركز لنقل البضائع بين مناطق مختلفة من العالم. في هذا المقال، سنلقي نظرة على مشروع ميناء الفاو الكبير وأهميته الاقتصادية والاستراتيجية.

أهمية ميناء الفاو الكبير

ميناء الفاو الكبير سيكون واحدًا من أكبر الموانئ على منطقة الخليج العربي، وسيتمتع بطاقة استيعابية تبلغ 99 مليون طن سنويًا. سيكون هذا الميناء الجديد مفتاحًا لنقل البضائع بين مناطق متعددة في العالم. ومن المتوقع أن يسهم في تحسين التجارة وتعزيز الاقتصاد الوطني.

تاريخ مشروع ميناء الفاو الكبير

تم طرح مشروع ميناء الفاو الكبير في عام 2010، وتم وضع حجر الأساس له في أبريل من نفس العام. في البداية، كانت تكلفة المشروع تقدر بنحو 4.4 مليار يورو. وقامت الحكومة العراقية بتمويل المراحل الأولى للمشروع وأسست شركة محلية قابضة للإشراف على تنفيذه. قامت شركة دايو الكورية الجنوبية ببناء كاسر الأمواج الغربي في موقع الميناء، بينما قامت شركة أرشيرودون اليونانية ببناء كاسر الأمواج الشرقي. ومع ذلك، واجه المشروع تحديات مالية كبيرة أدت إلى توقف العمل في بعض الأحيان.

تسريع الإنجاز

من أجل تسريع إنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير وتجاوز التأخيرات السابقة، قامت بغداد بالتعاون مع القطاع الخاص بتوقيع عقد بقيمة 2.625 مليار دولار مع شركة دايو للهندسة والإنشاء الكورية الجنوبية. هذا العقد يهدف إلى بناء المرحلة الأولى من الميناء في غضون أربع سنوات.

الخطوة الكبيرة إلى المستقبل

تعمل وزارة النقل العراقية بجد لإنهاء مشروع ميناء الفاو الكبير بشكل ناجح. من المتوقع أن يتم تشغيل الميناء في عام 2024 واكتماله بحلول عام 2025، وذلك استجابةً لأهميته الاقتصادية والاستراتيجية الكبيرة للعراق. سيكون ميناء الفاو الكبير جاهزًا لاستقبال السفن والبضائع من جميع أنحاء العالم.

مواصفات ميناء الفاو الكبير

من المخطط أن يتكون ميناء الفاو الكبير من 50 رصيفًا مصممًا لاستيعاب 25 مليون حاوية سنويًا، و20 رصيفًا إضافيًا غير مخصصة للحاويات بطاقة 50 مليون طن سنويًا. كما سيحتوي على 20 رصيفًا للبضائع العامة وساحات لوقوف السيارات بسعة تصل إلى 400,000 سيارة سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك 6 أرصفة لتصدير النفط بطاقة تصل إلى 230,000 برميل يوميًا وخزانات لتخزين منتجات النفط بسعة تصل إلى 300,000 متر مكعب.

بوجود 99 رصيفًا، سيصبح ميناء الفاو الكبير أكبر ميناء في غرب آسيا، متفوقًا على منافسه جبل علي في الإمارات العربية المتحدة، الذي يحتوي على 67 رصيفًا فقط للحاويات.

مشروع الجزيرة الصخرية

يهدف مشروع الجزيرة الصخرية في الخليج العربي إلى إنشاء ميناء كبير ومدينة تجارية وسياحية في الجزء العراقي من مياه الخليج. وستكون المدينة على مساحة 350 كيلومتر مربع، وتمتد داخل البحر بنحو 250 كيلومتر مربع.

سيتم تشييد الجزيرة من خلال طمر مليار متر مكعب داخل البحر بـ 25 مليون طن من الحجر. وتقدر تكاليف المشروع بـ 12 مليار دولار، وسيكون الميناء قادرا على تسديدها كلها خلال ستة أعوام كحد اعلى. أما تكاليف الميناء فقط على الساحل فتبلغ أربعة مليارات ونصف المليار يورو، أي قرابة ستة مليارات دولار.

وحسب دراسة جامعية عراقية، فإن عمق الخليج العربي في المنطقة التي سيقام عليها الميناء لا يتجاوز 100 متر في بعض أجزائه، ويتضمن مناطق واسعة لا يزيد عمقها عن 40 مترا. أما أقل أجزاء الخليج عمقاً فتوجد في الشمال الشرقي، حيث يمتد مستعرضاً حاجزاً طينياً ضخماً وهو حاجز الفاو.

وبناءً على هذه الدراسة، فإن عملية إنشاء الجزيرة الصخرية ستكون أسهل بكثير مما طرحته بعض التصاميم الفنية. وإذا ما تذكرنا تجارب الهولنديين في بناء مساحات شاسعة من الأرض من البحر، فإن من السهل تماما على العراق المباشرة ببناء الجزيرة الصخرية.

وقد رفضت الحكومة العراقية تصميم شركة حنا الشيخ لبناء الجزيرة، لعدة أسباب، منها أن الشركة طالبت العراق بدفع تكاليف المشروع على شكل دفعات يومية تصل الى 2,4 مليون برميل من النفط الخام يوميا وعلى مدى 20 عاماً. كما طالبت الشركة بأن تتولى هي والبنك الفرنسي “لازار” تمويل المشروع على أن تكون لها 75% من عائدات المشروع.

مشروع القناة الجافة

يعمل العراق على مشروع القناة الجافة، والذي سيربط ميناء فاو الكبير بالسكك الحديدية والطرق السريعة وخطوط أنابيب النفط والغاز بأوروبا. من المحتمل أن يحول هذا العراق إلى مركز رئيسي لنقل البضائع بين آسيا وأوروبا، وبين الشرق والغرب.

في ديسمبر 2022، عُقد مؤتمر ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة: رؤى مستقبلية وفرص استثمارية في البصرة. ووصف فرحان الفرطوسي مدير عام شركة الموانئ العراقية الميناء والقناة ب”طريق الحرير” العراقي، واصفا إياهما بأهم المشاريع الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة.

وأضاف الفرطوسي أن المشروعين سيغيران خريطة الاقتصاد العالمي ويختصران وقت عبور السفن القادمة من الممرات المائية لغرب آسيا والبحر الأحمر عبر قناة السويس إلى أوروبا بمقدار 20 إلى 25 يومًا، ويقلل من تكاليف الشحن بعشرات الدولارات. الملايين من الدولارات.

إدراج مشروع ميناء الفاو في السياق الاقتصادي

تعتبر منطقة ميناء الفاو والمشروع الضخم المصاحب لنقل الغاز الطبيعي المسال عبر الطريق الدولي من أهم المشاريع الاستراتيجية التي ستحدث تغييرات جذرية في الاقتصاد العراقي. يتمثل دور هذا المشروع في تعزيز وتحفيز قطاع الملاحة البحرية، وبناء مدينة صناعية رائدة في منطقة الفاو، وتوفير وسائل أسرع وأكثر كفاءة لنقل البضائع والنفط.

زيادة الربحية والفوائد الاقتصادية

من المتوقع أن يسهم ميناء الفاو بشكل كبير في زيادة الإيرادات الاقتصادية للعراق. بفضل القدرة الاستيعابية الضخمة للميناء، التي تصل إلى 99 مليون طن سنويًا، سيتم تسريع عمليات نقل وتسليم البضائع بشكل كبير. ومن المتوقع أن يتحقق ميناء الفاو منافع اقتصادية تقدر بنحو 15 مليار دينار شهريًا بمجرد الانتهاء من المشروع وتشغيله بكامل طاقته.

الأهمية العالمية لمشروع ميناء الفاو

ميزة أخرى تضاف إلى أهمية هذا المشروع هي إنشاء خط سكة حديد يربط منطقة الخليج بشمال أوروبا عبر الأراضي العراقية وتركيا. يعزز هذا الارتباط اللوجستي العالمي التجارة الدولية ويسهم في تحسين توزيع البضائع.

تعزيز العلاقات الدولية

يعتبر مشروع ميناء الفاو حلقة وصل استراتيجية بين دول الخليج العربي وتركيا. تلعب هذه الدول دورًا مهمًا كمستهلكين ومصدرين رئيسيين للبضائع والنفط. من المتوقع أن يعزز هذا المشروع التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما ويعزز العلاقات الدولية.

العراق والصين: شركاء استراتيجيين

مع وصول البضائع إلى ميناء گوادر الموجود على بحر العرب، أصبح العراق شريكًا استراتيجيًا مهمًا للصين. الصين تسعى إلى توسيع وتنويع مصادر الإمداد للمنتجات المصدرة إلى أوروبا بأسعار تنافسية.

فرص الاستثمار الصيني في العراق

تعتبر الاستثمارات الصينية في العراق أحد العوامل الرئيسية لنجاح مشروع ميناء الفاو. خلال الفترة من عام 2005 إلى منتصف عام 2022، بلغت الاستثمارات الصينية في غرب آسيا والدول العربية الأفريقية 2.25 تريليون دولار، واحتل العراق المرتبة الثالثة بين الدول المجذبة للاستثمارات الصينية.

التعاون الصيني العراقي

نظرًا لأهمية الموانئ كوسيلة رئيسية للصين للوصول إلى الأسواق العالمية، فإن الصين تظهر اهتمامًا كبيرًا بدعم مشروع ميناء الفاو الكبير في البصرة. وقد تم تأمين التمويل اللازم من الصين لهذا المشروع من خلال صفقة تشمل بيع 100 ألف برميل من النفط يوميًا لشركتين صينيتين، بالإضافة إلى قروض تصل إلى 10 مليارات دولار من البنوك الصينية.

تحدّيات وآفاق

على الرغم من الفوائد المحتملة لمشروع ميناء الفاو، إلا أن هناك تحديات مثل التأخيرات السياسية والاحتجاجات التي أثرت على تنفيذ الصفقة مع الصين. إضافة إلى ذلك، تتطلب نجاح هذا المشروع تعاونًا واتفاقًا وثيقين بين العراق وقطر لربط الغاز القطري بالبنية التحتية العراقية وتأمين محطات استقبال له.

الختام

بمرور الوقت، سيكون مشروع ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة عنصرًا رئيسيًا في تطوير الاقتصاد العراقي وتعزيز دوره في التجارة العالمية. إن تحقيق النجاح في هذا المشروع يعتمد على الاستثمارات والتعاون الدولي، وإذا تم تجاوز التحديات الحالية، فإن العراق قد يحقق مكاسب كبيرة من هذه الفرصة الفريدة.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!