في مقارنة صارخة وفاضحة بين تكريم أسر شهداء الواجب من الأمن
في الوقت الذي تتسابق فيه المنابر الإعلامية والمؤسسات الرسمية لتكريم أسر شهداء الواجب من رجال الأمن الوطني، وإبراز تضحياتهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم لأبنائهم وأراملهم، تنزوي في الظل حكايات أخرى، حكايات تصرخ بصمت عن جور وإهمال يطال فئة قدمت أغلى ما لديها فداءً للوطن.
إنها حكايات أرامل شهداء الجيش المغربي الذين سقطوا في ساحات الوغى بالصحراء المغربية ، أولئك الذين لبوا نداء الواجب وضحوا بأرواحهم دفاعاً عن الوحدة الترابية للمملكة. فبينما يتم الاحتفاء بأسر شهداء الأمن الوطني في المناسبات المختلفة، وتخصص لهم البرامج والمبادرات، تجد أرامل جنودنا البواسل في الصحراء أنفسهن في مواجهة قاسية مع واقع مرير قوامه التهميش واللامبالاة.
مفارقة صارخة:
هنا تتجلى المفارقة الصارخة والفاضحة: كيف يمكن لبعض مؤسسات الدولة-الأمن- أن تولي اهتماماً بالغاً وتكريماً مستحقاً لأسر من ينتمون إليها من شهداء الواجب، بينما تتجاهل مؤسسات أخرى –الجيش- أو تقصر بشكل كبير في حق فئة أخرى قدمت نفس التضحية، بل ربما في ظروف أكثر قسوة ووطأة في قلب الصحراء المغربية؟
أين هي المبادرات التي تعنى بأرامل وأيتام شهداء الجيش في الصحراء؟ أين هي البرامج التي تضمن لهن حياة كريمة وتعوضهن عن فقدان السند والمعيل؟ أين هو التقدير اللائق بتضحيات أزواجهن الذين رووا بدمائهم رمال الصحراء دفاعاً عن الوطن؟
تهميش ممنهج:
إن ما تعانيه أرامل شهداء الجيش في الصحراء ليس مجرد تقصير عابر، بل يبدو في كثير من الأحيان كتهميش ممنهج يرسخ شعوراً بالظلم والحرمان. قصص مؤلمة ترويها نساء وجدن أنفسهن وحيدات يواجهن صعوبات الحياة ومشاقها دون دعم كافٍ من المؤسسات التي يفترض أنها أحدثت لرعاية هذه الفئة تحديداً.
ففي الوقت الذي تنعم فيه أرامل شهداء الأمن الوطني برعاية واهتمام يثلج الصدور، تكابد أرامل شهداء الصحراء مرارة الوحدة وشظف العيش، وغالباً ما يضطررن للكفاح بمفردهن لتأمين مستقبل أبنائهن. هذا التفاوت الصارخ يطرح علامات استفهام كبيرة حول مبادئ العدالة والمساواة والتقدير التي يجب أن تسود في التعامل مع من ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن.
نداء للإنصاف:
إن هذا الوضع يستدعي وقفة ضمير ومراجعة شاملة لسياسات الدعم والرعاية التي تقدمها الدولة لأسر الشهداء. وبالتالي كي لا نسقط في خانة التمييز بين شهداء من الدرجة الأولى وشهداء من الدرجة الثانية، نذكر من أداروا ظهورهم لأصدقاء الأمس ممن سقطوا في ساحات المعارك ممن ضحوا بأرواحهم هم أبناء هذا الوطن أيضا، وتضحياتهم تستحق نفس القدر من التقدير والعناية بأسرهم.
على المؤسسات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية تجاه أرامل وأيتام شهداء الجيش في الصحراء، وأن تطلق مبادرات وبرامج عملية تضمن لهن حياة كريمة وتعوضهن عن سنوات المعاناة والتهميش. إن تكريم شهداء الوطن يجب أن يكون شاملاً وعادلاً، ولا يستثني فئة قدمت أغلى ما لديها في سبيل عزة وكرامة هذا الوطن.
إن إنصاف أرامل شهداء الصحراء إذن ، ليس مجرد واجب إنساني واجتماعي، بل هو أيضاً تعبير عن الوفاء لتضحيات أزواجهن وتعزيز لقيم التضامن والعدالة التي يجب أن تكون نبراساً للدولة والمجتمع. لقد حان الوقت لرفع الظلم عن هذه الفئة وطي صفحة الإهمال والتهميش، وكتابة فصل جديد قوامه التقدير والاعتراف والعناية المستحقة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.