يسوع المسيح لم يقر بالطلاق في الإنجيل
يسوع المسيح لم يقر بالطلاق في الإنجيل
بقلم / وردا إسحلق قلّو
قال يسوع ( من طلق إمرأته ، إلا في حالة الفحشاء عرضها للزنى ) ” مت 32:5 “
الأناجيل الأزائية تناولت موضوع الزواج ووضحت لنا جوانب كثيرة عن سر الزواج .
في الإنجيلين ( مرقس ولوقا ) نص مشترك عن الطلاق وهو ( من طلق زوجته وتزوج بأخرى يرتكب معها الزنى ) وهكذا الحال مع المرأة ( راجع مر 10: 11-12 و لو 18:16 ) أما البشير متى فأضاف جملة أخرى على لسان يسوع الذي قال فيها ( أن الذي يطلق زوجته لغير علة الزنى … ) ” مت 9:19 ” وهنا دخل الموضوع في منعطف صعب للفهم والتفسير ، وإختلف تطبيقه بين المذاهب المسيحية ، فهناك من فتح باب الطلاق لحجة ( الزنى ) وهناك من أصر على عدم وجود أي حجة للطلاق في المفهوم الكتابي . بعض الفريسيون سألوا يسوع عن الطلاق ، فرد عليهم للعودة إلى التدبير الإلهي لكي يوّضِحَ لهم بأن فسخ الزواج هو فسخ العهد مع الله .
عاد يسوع إلى المفهوم الأول في العهد العتيق ، أي منذ البدء خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى فكوّنَ الإثنان جسداً واحداً . أي أتحد الإثنان إتحاداً أبدياً بسبب العهد الأبدي الذي وافق ونطق به الجانبان ، فلم يظلا إثنان ، بل جسداً واحداً ، لأن الله هو الذي جمعهما ، وما جمعه الله كيف يفرقه إنسان بإرادته متجاوزاً العهد الذي عاهده ليبقى الإثنان واحد مدى الحياة . لهذا حتى في العهد القديم لم يكن هناك طلاق ، لكن بسبب قلة إيمان أبناء العهد القديم ولقساوة قلوبهم سمحَ لهم موسى بتطليق زوجاتهم ، علماً بأن الطلاق لم يكن موجوداً منذ البدء .
أما عبارة يسوع ( من طلق إمرأته إلا لعلة زنى وأخذ أخرى فقد زنى ) . هنا لا يقصد الطلاق ، بل الهجر ، أي لا يساكنها ، ولكن لا يحل له أن يتزوج بإمرا’ أخرى ما دامت إمرأته على قيد الحياة . وهذا هو التفسير الأدق لأن رباط الزواج الأول يبقى ولا ينحل إلا بموت أحد الطرفين .
يمكن إسقاط الزواج من قبل المحاكم الكنسية في بعض الأحوال وذلك عندما يكون الزواج غير شرعي كالزواج من أقرباء ، أو من دين آخر أدعى الغير مسيحي بأنه مسيحي فأكتشف أمره . وغيرها من الحالات .
في كتاب ( الراعي ) لهرماس ، يسأل ويقول ( هل يجوز لي أن أطلق إمرأتي الزانيو ؟ بل هل يجوز لي أن أحتفظ بها ؟ وذلك لأن بسوء سيرتها فسخَت قداسة الزواج . وإن واصلتُ العيش معها ، قد أشتركت في خطيئتها ) وهل يجوز للإنسان في هذه الحالة أن يعقد زواجاً آخر ؟ أسئلة كثيرة كهذه تطرح عن نفس الموضوع وتنتظر إلى الأجوبة الصحيحة والمقنعة .
الكنائس الشرقية تستند إلى نص الآية ( مت 9:19 ) المذكور فتجبرالزوج البرىء أن يعقد زواجاً آخر . لكنها لا تزال مُصِّرة على مبدأ عدم إنفساخية الزواج الأول . وتضيف أن الحكم محفوظ لله . وأن الكنيسة تعيش في زمن الرحمة .
أما الكنيسة اللاتينية الغربية فما تزال محافظة على عدم الإنفساخية بالمعنى الدقيق . لكنها رخصت بعد زواج الآخر بين القرن الرابع والثاني عشر ، ولقد حرص المجمع التريدمتيني على عدم شجب ممارسة الكنائس الشرقية .
وأخيراً نقول : إلى أن تتم أبحاث أخرى قد تمكن الكنيسة من توضيح هذه المسألة ، يحسن بنا أن نذكر بأمرين بديهيين في نظر متى وهي : الأول هو أن الزواج غير قابل للإنفساخ . والثاني ، أن القاعدة الأولى التي يجب على الجماعة أن تتقيد بها في عملها الرعوي هي الرحمة ، لأن الله رحمها .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″