آثار وفنون مانكيش
آثار وفنون مانكيش
بقلم الفنان التشكيلي / وردا إسحاق قلّو
قبل البدء بسطر ما لدينا من معلومات عن آثار وفنون مانكيش ، علينا أن نتعرف أولاً على أهمية الآثار والفنون في التاريخ على حياة الإنسان في هذا الزمن وخاصةً آثار أجدادنا العظام على أرض بلادنا ، ومن ثم نتجه إلى آثار وفنون مانكيش .
للآثار أهمية كبيرة لأنها تحمل أسرار وأخبار مخفية تحت التراب تساعدنا إلى دراسة وفهم حياة الإنسان في تلك الحقبة من الزمن ، كيف كان يعيش ، وكيف تطور عبر العصور . فالآثار تكشف لنا هوية الشعب الساكن على تلك الأرض وتحدد لنا الزمن .
علم الآثار أو ( أركيولوجيا ) يكشف لنا عمق التاريخ الذي حددت بدايته من العصر الحجري القديم العلوي والذي يعود إلى فترة ما بين سنة ( 70) ألف ق.م – (40) ألف ق.م . في تلك الفترة صنع الإنسان أولى أعماله الإبداعية من الحجر والأصداف . أقدم الرسوم في التاريخ موجودة في فرنسا على جدران الكهوف والمغاير الصخرية وذلك في مناطق دوروني ولوت والبيرينية . يمتد التاريخ الزمني لتلك الرسومات إلى حوالي ( 15 ) ألف ق.م إلى ( 40 ) ألف ق.م . إستمر الإنسان بالإبداع بتطوير فن الرسم عبر التاريخ إلى فترة ( 10 ) ألف ق.م ، وبعد هذه الفترة بدأت الحرف اليدوية في فترة العصر الحجري الحديث وإلى ( 3 ) ألف ق.م .
إستُخدم الفن في العصر الحجري القديم لأغراض سحرية وطقسية دينية تخدم معتقداتهم . فكان الفنان محترماً في مجتمعه لأنه كان ينتج أعمالاً فنية جميلة تُعَبّر عن معتقداتهم الصوفية كتماثيل الآلهة .
العصر الحجري الوسيط ، هو العصر الواقع بين الحجري القديم والحجري الجديد . أي بين نهاية العصر الجليدي الأخير والعصر الحجري الحديث . يشير هذا العصر إلى الفترة الأخيرة لثقافات الصيادين في أو ربا وغرب آسيا .
العصر الحجري الحديث ، بدأ من نحو ( 10) ألف ق.م . إحتوى فن هذا العصر على لوحات جدارية وجدت في شمال أفريقيا ، وفي كهوف أرجنتين . إستخدم في هذا العصر مواد جديدة في الفن مثل الكهرمان والكرستال وحجر اليشب . كما ظهر في هذه الفترة آثار التخطيط الحضري للمدن ، كمدينة ( أريحا ) و ( جرمو ) في العراق . كما ظهرت ثقافات عديدة في جنوب شرق أوربا مثل حضارة ( كيو كموتيني ) في رومانيا ومولوفا وأوكرانيا . أما الصين فلها حضارة عريقة وقديمة أيضاً ، برز فيها ثقافة ( بانغشاو ) وثقافة ( لونغشان ) . وبعد هذه الحضارات التي كان الحجر مستخدماً في تنفيذ أكثر فنونها ، جاء العصر المعدني الذي إستخدم فيه النحاس والبرونز والحديد .
أما عن آرض بلاد النهرين فعيلها ظهرت أقدم الحضارات ، وأرضها تحتوي على ( 15 ) ألف موقع أثري بحسب آخر المسوحات المثبتة . تم التنقيب على أقل من 10% فقط أما البقية فما تزال تحت التراب ، المصدر ( كتاب بلاد الرافدين . جان بوتير / صحيفة 13 ) . في محافظة ذي قار فقط يوجد 1200 موقعاً أثرياً ، والذي يعادل كل آثار فرنسا وإيطاليا . قال د. هنري راين ، إستاذ آثار الشرق في جامعة شيكاغو عندما زار الناصرية ( إننا نطلق على هذه المحافظة إسم متحف الآثار العالمي لما فيها من مواقع أثرية تعود إلى أكثر من 6500ق.م ) . وفي مانكيش يوجد (36 ) موقع أثري مُسجل في مديرية آثار محافظة دهوك .
الآثار تحتفظ بهوية الشعوب ، وتكتشف المستوى الثقافي والفني والعمراني لتلك الفترة . البحث والتنقيب يحدث خلال الحفريات التي يقوم بها المنقبون للوصول إلى المواد المدفونة ، وذلك بإستخدام االتقنيات والآلات الحديثة التي تحدد أولاً موقع الآثار ، ومن ثم يستخدم الآلات والتقنيات الدقيقة لإستخراجها . كما يستخدم الدراسات الإركيولوجية ( علم الآثار ) لتحليل المواد ، والأدوات والهياكل الأثرية في مختبرات خاصة .
المواقع الأثرية في بلادنا هي الأقدم ، لأن الحضارة الإنسانية الأولى نمت وترعرعت في جنوب وادي الرافدين . ربط بعض الباحثين علم الآثار ب الأنثروبولوجي ( علم الإنسان ) لأن الأساس الذي يقوم عليه علم الآثار هو دراسة النشاط البشري وكل ما يتعلق بحياة الإنسان في الماضي .
نختصر فوائد الآثار المكتشفة بأنها سجل صامت ينقل إلينا أخبار حياة الإنسان الذي عاش في الكهوف أولاً ، وبعد ذلك في القرى والمدن ، وظهرت الحضارات القديمة . الآثار هي مصادر مهمة حفظت لجيلنا وللأجيال اللاحقة أخبار الشعوب واالبلدان القديمة فنقلت لعصرنا الكثير من المعلومات المكتوبة أو من خلال الفنون وتصاميم المدن ، وغيرها .
آثار أجدادنا في مانكيش هي جزء من آثار وادي الرافدين ، وهي كثيرة ومتنوعة ، إنها أرث لنا ولأجيالنا . ففي آثارهم وفنونهم معاني ورموز ، لأن مبتدعه كان كائن ناطق عبَرَ عن شعوره للحضارة التي عاشها عن طريق الإبداع الفني الذي فيه المجال الأوسع للتعبير قياساَ بمجال اللغة الكلامية التي لا يمكن نقلها الى الأجيال اللاحقة . فالفن هو الوسيلة الوحيدة التي نقل الينا خفايا الماضي . فالفن ليس لهواً ، بل هو لغة رمزية ناتجة عن الأستجابات الغريزية واللاإرادية التي يفهما ويراها الفنان فيعبر عنها تعبيراً جدياً عن الواقع الحي الذي عاشه ورآه في تلك الحقبة الزمنية . وهذه اللغة يجب أن نتعرف عليها لكي نفهم مقاصدها . الفنان الرسام أو النحات أو الخزاف كلماته هي الألوان والخطوط أو الحجوم . وهذه اللغة تستعمل نفس الكلام ولكن في قالب جديد يتبع مؤثرات العصر الذي يعيشه الفنان. … لكل عصر اسلوبه فالفن الحديث في الحقيقة هو فن العصر والتعقيد الذي فيه ناتج عن تعقيد العصر فيعبر عن أشياء كثيرة كالقلق ، والخوف ، والظلم ، والمجازر البشرية ، والتميز العرقي ، وإبتعاد الإنسان عن الخالق . ثم النظرة الى الأشياء بما أحدثته النظريات الجديدة في علم النفس وباقي العلوم أضافة الى تأثير الآلة وتطورات الزمن . الفنان في كل العصور يتابع ما يجري حوله ويعبر عنه بأخلاص وأمانة وعليه أن يحقق ذلك التعبير ، هذا ما يتعلق عن الحداثة في الفن.
لقد أرتبطت حضارات الشعوب بفنها ، لأن الفن هو الشاهد والمعبر الذي سجل لنا تطور تلك الحضارات بأعمال فنية بديعة بأشكالها وفنونها المختلفة والتي هي قابلة للإدراك الحسي مستقبلاً ، فتعبر عن تفاصيل حياة الذين عاشوا في الماضي السحيق .
الآثار والفنون لغة مكتوبة ومصورة تحمل رسائل إلى الأحفاد فعليهم فهمها لمعرفة خفايا وأسرار دفنها الزمن تحت التراب والرمال فأصبحت تلك الكنوز محفوظة لنا تحت الأرض في الصحاري أو شاخصة على صخور الجبال . بلاد ما بين وحول النهرين أحتضنت حضارات عريقة تبرهن للعالم بأنها بكر الحضارات في الكتابة والقانون والفن والعمارة . هذه البلاد يفتخر بتراثها الفني الجميل أمتداداً من فخار الوركاء قبل أكثر من ستة الف سنة مروراً بمنحوتات بابل وآشور وجدارياتها العملاقة ومسلاتها الجميلة وزقوراتها الكثيرة وحيواناتها الأسطورية ، وكذلك فن العمارة في مختلف المدن حيث تشهد لنا وللعالم بأننا أبناء رجال عظام وهذا الفن لا يقتصر في المدن الكبيرة بل أمتد الى القصبات الصغيرة لكي تعبر عن ثقافاتها بأبداعات أبنائها ومنها فنون مانكيش وضواحيها حيث تحتضن آثار وفنون جميلة يفتخر بها أبناء مانكيش لقيمتها الفنية والتاريخية . سنتطلع على تلك الآثار والأعمال الفنية التي سنرى قسماً منها هي بمستوى فنون البلاد وقسماً منها بمستوى المنطقة وحسب الأتي :
أحجار عثر عليها الفلاحون على أرض قرية قوختا
1-آثار لأساسات قرى : يوجد آثار بارزة لأساسات قرى كثيرة موجودة في ضواحي مانكيش كآثار قرية قلاجي ، كان على تلك الأرض تلة بارزة تسمى ( إيتا دقلاجي ) أي ( كنيسة قلاجي ) في العقود الأخيرة تم إزالتها لتبليط شارع مستقيم وعريض فوقها . وقرية ماثد قورذايي القريبة منها ، وقرية بنن ، وشيخوركي ، وبيناثا ( بيت عيناثا ) ، ومركا دأقلج ، وقوختا الواقعة شمال مانكيش بين النبع الكبير ( نبؤا ) و تلة ( جَرّو ) وتعتبر هذه القرية من أقدم قرى ناحية مانكيش ، يرجع تاريخها إلى عصر العبيد ، وعصر سامراء وحلف اريدو ( 4000 – 4500 ق.م . وهي من القرى القديمة في العراق . ( المصدر / كتاب منكيش بين الماضي والحاضر . د. عبدالله رابي ) . عثر الفلاحون الذين كانوا يحفرون أرض قوختا لزراعتها بالحنطة أوالشعير ..إلخ على لقى أثارية من أحجار عليها ثقوب دائرية لا نعلم لماذا كانت تستخدم في تلك الحقبة الزمنية ، والمكان يحتاج إلى تنقيب للبحث عن أسرار مهمة لسكان تلك القرية المدفونة تحت الأرض بعمق لا يستطيع معرفته غير الأثاريين .عاش على أرضها ساكنيها قبل آلاف السنين . وآثار قرى أخرى كثيرة ما تزال بارزة فوق الأرض والتي تدفعنا إلى التفكير في مصير أبنائها ، هل تجمعت كل تلك القرى في قرية مانكيش الحالية ؟ عندما نتأمل اليوم بأماكن تواجد العشائر المنكيشية في داخل مانكيش نستنتج بأن كل عشير أختارت لها موقعاً لتتجمع به ، كعشيرة نازي ، وتبو ، وداوذ ، ورابي ، ومرخو ، وأوسي وغيرها . فهل كان هناك أسباب لترك قراهم والتجمع معاً في رقعة واحدة بسبب الإضطهاد مثلاً ، أم هناك أسباب أخرى نجهلها ؟
2-منحوتة ( مله ميركي ) : إكتشفت من قبل بعثات المديرية العالمة للآثار سنة ( 1952) في وسط ممر ( دركلي شيخ أحمد ) بالإنحدار نحو قرية ( زيناوة ) وتمثل المنحوتة رجلاً آشورياً ويستدل على ذلك من طراز ملابسه ، بمقارنة هذه المنحوتة مع المنحوتات الآشورية تدل على أنه أحد الملوك الآشوريين ، وتعطي مواصفات الملك ( سنحاريب ) في منحوتة ( شيرو وملكثا ) / المصدر : كتاب :
( مانكيش بلدة الجمال والعطاء ) د. عبدالله رابي .
3- قطرا ددِكر (صَخْر الذكرى ) : عمل تجريدي يقال أنه من عمل آجدادنا العظام الذين استطاعوا وضع تلك الصخور الضخمة على بعضها على قمة الجبل لتبقى دليلاً لهم عند العودة حيث أرادوا الهجرة في حينها الى أماكن بعيدة . كان المكان الذي أختير لوضع هذا النصب التذكاري مقابل منتصف قريتهم المستطيلة . لقد وضعوا تلك الصخور على بعضها بشكل كيفي غير مدروس , لكن في الحقيقة تكَوّنَ منها عملاً فنياً تجريدياً له قيمته الجمالية والفنية الساكنة في ذلك التجريد الذي يظهر كنصب كبير يوحي الى إنسان نصفي ( بورتريت) يشبه في تجريد تفاصيله الى تجريد أسد بابل الساكن والرابض على فريسته مع أختلاف العملين في الموضوع . الفن التجريدي الذي ينظم بطريقة غير مقصودة كهذا العمل , يقولون عنها نقاد الفن التشكيلي وعلماء الفن بأنه قد يأتي بنتائج فنية تؤدي غايتها حيث تنال أعجاب الكثيرين فيرون في تلك الأعمال الجمال والمعنى فيفضل على الأعمال المنتجة من قبل مشاهير الفنانين في العالم .
4- الصوامع (قلايات) : أعمال نحتية جميلة نحتت بدقة من قبل فنانين محترفين لأن التعامل المباشرمع الحجر في فن النحت ليس سهلاً . فمثلاً النحت الحديث لتمثال أو أي عمل نحتي آخر ينفذ بطريقة غير مباشرة , فاذا أراد النحات أنجاز نصب لإنسان أو نصب تجريدي أو واقعي فيقوم ببناء هيكل داخلي من أوتاد الحديد وبعد ذلك يباشر ببنائه بالطين , بعد ذلك يقوم بدراسة التفاصيل التشريحية أو الخارجية اذا كان تجريدياً وحسب التخطيط المعد مسبقاً ( السكيج ) المرسوم من قبله أو المطلوب منه فيستطيع السيطرة على كتل الطين بسهولة فيحصل على الدقة المطلوبة . بعد هذا يأخذ قالب عليه وذلك بتغطيته بمادة البورك على شكل نصفين يصب من الداخل بالبرونز أو أي معدن آخر يراد أن يصنع منه التمثال . أما النحت المباشر على الصخرة فكل ضربة يطرقها النحات على الصخرة يكون مسؤولاً عليها لأنه لا يستطيع العودة اليها اذا خطىء في العمل . هكذا أبدع الفنان السومري والبابلي والآشوري والكلداني … الخ وفي مختلف الحضارات القديمة في بلادنا , كذلك فعل الفنان المانكيشي المبدع في مشروعه العظيم لنحت هذه الصوامع الجميلة جداً من الداخل حيث هناك أرضية مربعة منحوتة في قلب الصخرة ندخل اليها من فتحة مستطلية تعلو من مستوى الأرض بمترين . يحيط الأرضية المستطيلة ثلاث أسرة حجرية تعلو عن أرضية مربع الجلوس أو الموزع ب (80) سم ، يبدأ السرير بوسادة حجرية طول السرير بطول الإنسان ، يغطي السرير قوس يبدأ من منطقة الرأس الى القدمين . يلي السرير الى الداخل مرتفع بسيط يعزل السرير عن الغرفة الوسطى التي تستعمل لوضع ألأمتعة , يتراوح طول الحجرة نصف طول السرير، ويغطيها قوس أصغر من القوس الأول الذي يغطي السرير وهكذا بالنسبة الى الحجرة الداخلية التي كانت تستخدم لخزن الماء والطعام .
لو جلسنا على أحد الأسرة التي على يمين أو يسار فتحة الدخول لكي ننظر الى السرير المقابل والحجرات الداخلية التابعة له فنرى في عمل الفنان العمق والدقة والمنظور الفني الرائع وكأن ذلك الفنان كان لديه نفس الرؤية والثقافة الفنية لفنان معاصر ومُطلِع على كل تفاصيل الفنون التشكيلية وقوانينها .
أسماء الصوامع المنحوتة بهذا الأسلوب وبنفس التصميم هي كالآتي وحسب الترتيب من الغرب إلى الشرق :-
أ- صومعة جَّجو ( كوركيس) : تقع في الثلث الأخير من الجبل غرب كلي مار توما.
صورة لصومعة مار توما الرسول ( قليثا دمار توما )
ب- صومعة مار توما : تقع في منتصف كلي مار توما وهي من أجمل الصوامع وذلك لوجود أمامها فسحة للجلوس يعلوها غطاء صخري منحني . ومار توما الذي هو أحد شفعاء مانكيش ، وضع أمام الرسل شرطاً ليعلن إيمانه بالمسيح القائم ، وهو أن يلمس جروح المسيح ، لهذا يعتقد بأن أحد تفاسير أسم مانكيش هو ( مَن كاشَ ) أي من لمس . ولمانكيش تفسير آخر أقدم ، أي قبل فترة المسيحية عندما كانت المنطقة تؤمن بالديانة المجوسية فقد يكون إسمها من معنى ( بيت مغوش ) أي بيت المجوس . وهناك رأي ثالث يأتي من تفسير معنى ( بيت منغشي ) ويعنى به ( بيت الإجتماع ) .
ج- صومعة مار موشي : وتسمى أيضاً (قليثا دبي تبو) لوقوعها في منتصف كلي آل تبو . منحوتة على صخرة كبيرة جداً وتلك الصخرة تحتوي مجموعة كهوف كبا أصيا .
د- صومعة مار عوديشو : نحتت في منتصف كلي مار موشي التي تقابلها منطقة قلاجي.
ه- صومعة دريا بنكي : في الطريق المؤدي الى قرية بيسفكي وعلى قمة الجبل.
و- صومعة سه ركِد قُلي : لها باب ومنحوتة بدون اسرة وملحقاتها.
ز- صومعة كُندِك نبي : تقع في الجبل المقابل لتلك القرية.
الشىء المبهم في عمل هذه الصوامع الجميلة هو أن الفنان لن يترك لنا أي رسالة أو اسم أو زمن نحتها أو توقيع يرمز الى هويته للتعرف عليه ولا الغاية التي من أجلها نحتت , فقد يساورنا الشك بالقول : من الذي نحتها ولماذا ؟ هل هم المجوس وفي اي فترة زمنية ؟ أننا فعلاً كنا مجوس ومعتقداتنا زرادشتية وهكذا بالنسبة الى المنطقة ، وقد أكتشفت أواني فخارية وخاصةً في موقع الكنيسة تدل على ذلك لا وبل موقع الكنيسة كان معبداً لآجدادنا المجوس . هنا يطرح السؤال نفسه ليقول : وهل كان للمجوس كهنة أو رهبان منعزلين في الجبال كالمسيحية والبوذية ؟ أم هي من أعمال الرهبان المسيحيين ؟ فاذا كانوا رهباناً لماذا اذاً لم يتركوا لنا رمزاً يدلنا على الحقيقة كالصليب مثلاً فوق مدخل القلاية أو آية منحوتة في أي صخرة على الجبل ؟ لماذا هذا الغموض ؟ وكذلك هناك صوامع مماثلة في الجبال القريبة . لا نستطيع الوصول الى الحقيقة بتفسير مادي ملموس . اذاً لنلجأ الى الأقتناع بأنها من أعمال الرهبان المسيحيين لأنهم يمارسون طريقة النسك والإنعزال ولقربها من منطقة مسيحية ، اضافة الى أن أسماء بعض من هذه الصوامع ( قلايات ) والمستمر تسميتها طبعاً من فترة زمنية لا نستطيع تحديدها لحد اليوم ، هي أسماء لقديسين ، كمار توما ومار موشي وكوركيس وعبديشوع وهذا أكبر دليل نستطيع الأقتناع به بأنها من أعمال الرهبان إضافة الى قصة شهداء ( اينا دسهدي) أي عين الشهداء الواقعة بين مانكيش وقرية دوليا حيث نال هناك أكليل الشهادة مجموعة من الرهبان النازلين من الجبل طلباً للماء. والزمن الأدق لهذه الصوامع سنحصل عليه من الأثاريين المنقبين المستخدمين لآلات وأجهزة إكتشاف حديثة .
5- الكهوف:-
جبل مانكيش غني بكهوفه الجميلة منها طبيعية ومنها تدخل الإنسان بتوسيعها للسكن فيها لنفس غرض الصوامع لكن لا نجد فيها الدقة والجمال والهندسة .
وهي كالآتي:-
أ- مجموعة كهوف كبا أصيا :-
تقع في كلي آل تبو , تتكون من ثلاث كهوف وهي: 1- الكهف الأسفل الواقع تحت باب الدخول الى الفسحة الواسعة لمنطقة الكهف الوسطي. 2- الكهف الوسطي يقع مباشرةً تحت الكهف العلوى منحوت بشكل كيفي . أمامه فسحة بطول ثلاثين متراً وعرض عشرين متراً والصعود الى هذه المنطقة من البوابة الواقعة فوق الكهف السفلي يحتاج الى الصعود على كتف الآخر للتسلق الى الأرض الواقعة أمام الكهف الوسطي . لا يستطيع الغريب أكتشاف موقع الكهفين العلوين بسهولة لأنها محاطة من الشرق والجنوب والشمال ومن الغرب ( عدا فتحة الدخول) بسياج صخري عالي يحجب الرؤية . أما في الشمال فهوعالي لا يستطيع الناظر أن يكتشف ما في المكان . يوجد صهريج منحوت في الصخرة وحوله بعض الأشجار المثمرة المزروعة والتي تبرهن لنا بأنها كانت مسكونة من قبل مجموعة كبيرة من الرهبان لوجود هذه الكهوف اضافة الى صومعة مار موشي المنحوتة في نفس الصخرة من جهته الشمالية ، لا وبل قد يكون هذا المكان مقر قيادتهم لكبرها ولوقوعها في منتصف الصوامع الأخرى . 3- الكهف العلوي ( كبا إصيا ) أي الكهف الصعب , سمي بهذا الإسم لصعوبة مكانه من ناحية التسلق اليه بواسطة أصابع الأيادي والأقدام , وكذلك لصعوبة رؤية مكان الكهف حتى من الفسحة الوسطية لكونه مخفي في الجزء العلوي للصخرة. الكهف منحوت وواسع ومريح للجلوس والوقوف .
ب- كبا ديوني ( كهف الحمام) : كهف طبيعي تعيش فيه أسراب الحمام البري , لذا سمي بهذا الأسم .
ج- كهفان في الطريق الجبلي بين مانكيش وديره كشنك: يقع خلف كلي مار توما . كلمة ديره كشنك تعني دير النساء ( دير الراهبات) هذه الكهوف هي أكبر كهوف جبل مانكيش والمنطقة يبلغ طول أحداها من الداخل 30 متراَ وفي نهاية أحداها يوجد صهريج ينزل اليه الماء على شكل نقاط من السقف الصخري . كان أهل القرية كلها تحتمي في تلك الكهوف من الطائرات . تصلح هذه الكهوف الواسعة لمطاعم سياحية كما هو كهف أنشكي السياحي . يوجد تل أثري قرب ديره كشنك يسمى ( كريبتي) أي ( تل بتي أو بتو) وهذا التل القائم بمفرده يعتقد بأنه أثري ، وقد يكون كنيسة أو دير .
د- كهوف ديركي : المقصود بديركي ( كنيسة صغيرة ) تقع بين قوبدقه لا وشرق قرية بيسفكي ( بي سمقي ) وفي هذه الكهوف عين ماء .
ه- كهوف قوباد قه لا (قمة القلعة ) : كهوف طبيعية ومن أشهرها الكهف المسمى (شكه فتا ره ش) أي الكهف الأسود.
يوجد أيضاً عدد من الكهوف في القرى التابعة لمانكيش .
6- الصهاريج : الصهريج هو حوض محفور في الصخرة طبيعياً أو بواسطة الإنسان بطريقة النقر ، ويسمى محلياً ( نقورا ) ، وأحجام الصهاريج في جبل مانكيش مختلفة ، يجتمع فيها الماء في أيام المطر أو الثلج ، كانت تستخدم من قبل الساكنين في الكهوف والصوامع ، أو تستخدم للشرب من قبل المتسلقين على الجبل . ومن هذه الصهاريج نذكر:
أ – صهريج كهوف كبا أصيا : صهريج صغير الحجم قياسأً بالصهاريج الأخرى , منحوت في صخرة تحيط بها صخور ضخمة وعالية , نحت هناك لكي تبقى مياهه في الظل لكي لا تتبخر مع وجود اشجار مثمرة حوله لنفس الغرض أضافة الى الأستفادة من ثمارها.
ب – صهريج كهوف ديره كِشنك : هذا الصهريج يمتلء من الماء الساقط عليه من الصخرة التي تغطيه ، أي سقف الكهف.
ج – صهاريج سه ركِد قُلي: تقع قرب المِسَمقنيثا ( سميت بهذا الأسم لكونها حمراءة اللون ) تقع هذه الصهاريج في منطقة كبا ديوني , وهما من أعمق الصهاريج.
د – صهريج دريابنكي: هذا الصهريج عبارة عن حفرة عميقة تعلوه صخرة كبيرة وبقربها القلاية .
7 – الصخور الشهيرة في جبل مانكيش :
ا- صخرة قوبد قه لا : عبارة عن سن صخري عالي تمثل أعلى قمة في جبل ملنكيش في بدايته من جهة الشرق.
ب- قطرا كوما ( الصخرة السوداء) .
صورة لشندوختا دقاطينو ، في صخرة ( قاطينو )
ج – قطرا دقاطينو : يقع فوق كبا أصيا ( كلي دبي تبو ) فيه أثر كهف مطبوع تسمى ( شندختد قاطينو) . يسمع صوت ريح تأتي من تحت الصخرة وكأنها مجوفة من الداخل ، ادعى أحد الرعاة بسقوط أنبوب سيكارته ( بازكتا ) فيها وتم العثور عليها في منطقة كلي كه رمَك جنوب دوليا . ويقال ماء جبل مانكيش تتجمع تحته وتخرج في ذلك النبع لكونه أخفض نقطة بالنسبة الى الجبل ، ولفظة ( كه رمَك ) تعني الحار باللغة الكردية ، وماء ذلك النبع حار .
قطرا ددِ كر يظهر في الصورة في منتصف قمة الجبل
د – قطرا ددِ كر : يقع في وسط الجبل مقابل القرية.
ه – قطرا زليبا : مقابل قرية دوليا ، سمي بهذا الأسم لكونه منقسم من النصف طولياً .
و – قطرا سموقا ( الصخرة الحمراء) : يقع في كلي جُرِد شمسو .
الفنون المحلية
1- فن النحت : نتاجات هذا الفن تنحصر بالحاجات الضرورية المطلوبة في الحياة اليومية في القرية نذكر منها :-
أ-مدارا : أي حجر الرحى ، يتكون من قطعتين صخريتين كبيرتين دائريتين لها ثقب في الوسط بقطر 20سم ، تستعمل هذه الصخور وهي مركبة على بعضها لدراسة الحنطة كمرحلة أولى لعمل البرغل والجريش . هذه المواد الغذائية كانت أكثر إستخداماً من الرز في أيام الأسبوع . كان النحات المنكيشي يقوم بنحت صخر كبير في الجبل ، فيقطع الأجزاء الخارجية منها لكي يتعامل مع لب الصخر الأكثر صلابة ، وهذا العمل يحتاج إلى نحاتين محترفين لكي يخرجوا بنتائج
في غاية الدقة وخاصةً الحجر العلوي الذي يحتاج إلى ضبط شكله الدائري وإلى الدقة في جعل حافته ملساء ، أي الجزء الذي يلمس الحنطة المبللة أثناء العمل . كذلك نقر ثقب في وسط الحجر العلوي بدقة لكي يكون الدوران متزناً أثناء نقله من الجبل إلى القرية ، إضافة إلى وضه وتد خشبي ( خورتا ) في الثقب والذي يحكم في الدوران . كانت طريقة دحرجة ( المدارا ) من الجبل إلى النهر تتم بواسطة خشبة كبيرة تدخل في الثقب الوسطي بحيث يصبح الثقب في منتصف طول الخشبة لكي يتم الدفع من مجموعتين على يمين وعلى يسار الحجر ,. كما كان هناك مجموعة أخرى وظيفتها السيطرة على السرعة في المنحدرات القوية لكي لا تصبح السرعة خارج السيطرة ، كانت تسمى هذه الحالة ( دلا شاقل ريشا منيهن ) وكانت هذه المجموعة تسيطر بواسطة الحبال المثبتة على الخشبة ، وهذه المجموعة تكون خلف جماعة دفع الحجر . أما بالنسبة إلى الصعود من النهر إلى القرية فكان العمل أصعب بكثير ، يحتاج إلى سحب والدفع في آنٍ معاً . يسحب منقبل جماعة الحبال ، وكذلك يتم الدفع من الخشبة والصخر من قبل مجموعتين . وعندما تصل إلى المنصة المبنية لها يتم تصعيد الحجر الأول لكي يثبت على سطح المنصة وبعد ذلك يتم تصعيد الصخر الثاني الذي هو أكثر وزناً من الأول .
ب – مندروني : ( دواسة حجرية تستعمل لضغط تراب السطح في الشتاء) يتكون من حجر أسطواني الشكل بطول 70-80 سم تنحت من الصخور بطريقة دقيقة لكي تتوخى عملها جيداً , ينحت على الجانبين ثقوب صغيرة لتثبيت العتلة الخشبية أو المعدنية المستعملة لسحب أو دفع الدواسة.
ج- خشولا وخشلتا : خشولا هو الذكر ( الفحل) يكون بيضوي الشكل وبطول 20سم وعرض 10سم يمسك باليد جيداً لأنزاله بقوة على الحنطة المنقعة بالماء والموجودة في الجزء الثاني وهو خشلتا أي ( أنثى) مثبتة في الأرض.
د – كرستا : حجر دائري بقطر 50 سم يدور فوق حجر آخر بنفس القطر في وسطهما خشبة تتحكم في الحركة الدورانية جيداً . يتم التدوير بواسطة خشبة مثبتة على الحجر العلوي مع وضع المادة المراد سحقها أو تقشيرها فتخرج النتيجة من الجوانب .
ه- حجر البناء : يستخرج من قبل النحات من الصخور الجبلية الكبيرة وبحجم 20سم أو أكبر قليلاً. ومن أشهر النحاتين في مانكيش هم : 1- شابو ديشو 2- أيشو بطرس تبو 3- أيشو كلو 4- كوركيس شمعون 5- الراهب سمعان ( خونا سمعان ) الذي كان فناناً محترفاً في نحت الصهاريج في دير ربان هرمزد في القوش ، تم تثبيت اسمه كأفضل نحات للصهاريج في كتاب القوش عبر التاريخ .
2- فن الفخار والسيراميك : فن نسائي على الأرجح ,ليس في الفنون المحلية فقط بل على مستوى الدراسات الأكاديمية لهذا الفن فنلاحظ أغلب طلاب قسم الفخار والسيراميك في المعاهد والكليات هم من النساء . النساء في مانكيش كن يعملن أعمالاً فخارية من الطين . وفي مانكيش مقلع للطين الفخاري والواقع في شمال شرق مانكيش في منطقة الخوري ، كما كان هناك مقلع آخر للتراب الأبيض الذي كان يستخدم لتبييض الجدران . اما طريقة عمل الفخار كانت بعجن الطين جيداً وبعد ذلك تعمل منه الأعمال التالية :- 1- التنور 2- السندان 3- سندنتا 4- كواري 5- تلمي 6- لينا 7- شربة 8- لنتا(حب) 9- قجة ….الخ
كانت تحرق هذه الأعمال بالنار لكي تشوي جيداً لأن العمل الفخاري الجيد يجب أن يحرق جيداً لكي يخرج صلباً ، فالأعمال الفخارية الحديثة تودع في داخل أفران كهربائية مزودة بساعات الكترونية للتحكم في الدرجة الحرارية المطلوبة في الفخر أو التزجيج فتصل درجة الفخرلة 900 درجة مئوية . وبعد الفخر يتم تزجيج العمل لكي يتحول الى عمل سيراميكي وبدرجات حرارية تصل ما بين( 900- 1350 ) درجة مئوية وحسب لون الزجاج المستخدم لأن لكل لون درجته . أستعمل السيرامك أو التزجيج في مانكيش أيضاً حيث نجد سنادين مغطات بمادة زجاجية خضراء حيث كان فخر وتزجيج الأعمال الكبيرة كالسنادين على انواعها وغيرها يتم في وضعها في حفر عميقة فيها جذوع اشجار تحرق لتعطي درجة عالية من الحرارة فتأتي بنتائج جيدة لكنها غير دقيقة قياساً بالأعمال الخزفية المنتجة في الأفران الحديثة . من أبرز النساء اللواتي برزن في هذا الفن هي تريزة هرمز أوسي حيث كانت تخرج بأعمال جميلة بدون استعمال الويل الدوار بواسطة الأرجل أو الويل اليدوي .
3- أعمال النسيج :
أشتهرت مانكيش بالنسيج اليدوي أو النسيج بواسطة الدولاب لأنتاج مواد نسيجية مختلفة دخل فيها اللون والزخرفة ، ومن هذه النتاجات ( الجواريب الصوفية المستخدمة في الشتاء القارس ، جوالي ، برزوني ، خراري ، بساط أرضي , ميزرتا ، أبزارا ، حزيما ، بندا……الخ ) . أدخل هذه الحرفة إلى مانكيش نعمو التلكيفي ومنه تعلم المنكيشي عيسى هرمز أيشو الحرفة وأستمر عليها بعد مغادرة الأول مانكيش إلى تلكيف بسبب ظروف المنطقة . إستخدم في النسج الوان وزخارف جميلة ، يتم العمل بواسطة الدولاب الخاص بالنسج أضافة الى الأدوات التي كان يستخدمها يدوياً مثل:( 1- زقارا” مكوك- دايا- بندا- أبوتي- نلواتة” 2- مزكثا دنمرا 3- مختوا 4- تشيا- 5- قطوا 6- رطخا 7- أبوتا. تعلم مهنته من التلكيفي نعمو الذي سبقه في هذه المهنة .
4- فن العمارة :
أي فن البناء . وفن العمارة هو فن آخر من الفنون الجميلة يدرس في مدارس كثيرة من مدارس الفن الحرة بعيداً عن الجامعات, كما هو الحال في ( البوزارد) باريس ، وفي معهد العمارة البريطاني في لندن . والمعماري كالنحات يعتمد على الخطوط والألوان والأحجام لأنشاء بناياته الجميلة ، كما هو شأن النحات في النصب والتمثال . لهذا هناك علاقة بين المعمارين والفنانين التشكيليين في أنتاج الفكر المطلوب الى واقع ملموس . وهناك معماريين أعضاء في الجمعيات الخاصة بالفنانين التشكيليين . أما فن العمارة في مانكيش فكان بسيطاً جداً حيث كان يفضل البناء من طابق واحد في الثلث الأول من القرن الماضي و من مادة اللبن أي الطين المسلح بالتبن ، حيث كان يعمل كقوالب مستطيلة ( 50 الطول ، 30 العرض) . كانت تترك تحت أشعة الشمس الصيفية لكي تشوى وتتصلب لكن كانت تبقى هشة لقلة الحرارة اللازمة في عملية الشوي ، فالطابوق الذي يمتاز بالقوة دون أن يسلح بأي مادة ثانوية لأنه يحرق جيداً بدرجات حرارية تصل الة 500 درجة مئوية . مانكيش منطقة جبلية يكثر فيها الحجر لكن أهلها كانوا يفضلون الطين على الحجر في البناء والأسباب تعود الى قناعتهم في البسيطة أو لكون البيوت الطينية أكثر دفأً في الشتاء من الحجر لذا فكانت الكنيسة الواقعة في الوسط هي الصرح الكبير قياساً بالبيوت المتكونة من طابق واحد وكما كان هيكل سليمان العالي (30م) صرحاً عظيماً بالنسبة الى بيوت أورشليم. أستخدم في بناء الكنيسة الحجر والنورة ( النورة ناتجة من حرق صخور ضخمة ) تحرق في حفرة كبيرة تسمى ب ( الكورة ) فيها جذوع أشجار كبيرة . كانت تغطى الحفرة من الأعلى مع ترك فتحتان لدخول الهواء الكافي لعملية الحرق وثقب آخر لخروج الدخان الناتج من عملية الحرق التي تطول عدة أيام وبعدها يزال السقف لغرض اخراج الناتج الذي هو عبارة عن مسحوق ناصع البياض ناتج من حرق الصخور , كان يخلط مع الماء لأستعماله في ربط الأحجار وهذه النورة تمتاز بخاصية جيدة وفريدة لأنها تتحول بعد مئة سنة الى حجر. فمثلاً عندما قاموا بهدم الكنيسة القديمة المبنية بنفس الطريقة ومن نفس المواد أجهضهم الهدم جداً فتركوا جزءاً من الحائط الجنوبي القريب من برج الناقوس وأكملوا البناء عليه وليبقى لنا ذكرى من آثار تلك الكنيسة القديمة الصغيرة التي كانت تحتوي على هيكل واحد فقط . لا يعرف سنة بنائها.
بناء الكنيسة الجديدة كبيرة قياساً بالقديمة . تقع الكنيسة إلى شمال الكنيسة القديمة . أكتشف تحت أرضيتها بقايا لمعبد مجوسي . أستعمل في بنائها الحجر والنورة للجدران والأعمدة , فيها نوافذ متساوية الأحجام .
للكنيسة أبواب داخلية وخارجية كلها مسقفة بمنحنيات حجرية . وفي زاوية الكنيسة الجنوبية الشرقية شيد برج للناقوس وفوقه قبة يعلوها صليب ( تم تغيير تصميم القبة القديمة إلى شكل جديد ) وفي أعلى البرج من الداخل تم تثبيت ناقوس كبير الحجم يسمع صوته من مسافات بعيدة. أما الكنيسة من الداخل ففيها ثلاث هياكل مسقفة بأقواس تتقاطع مع أقواس الكنيسة الأخرى والمرتكزة على أعمدة مربعة حجرية تحمل السقف المنحني ، كل تلك الأعمدة والأقواس تعطي شكلاً معمارياً جميلاً . تم أملاء المساحات الكبيرة بين الأعمدة فوق السقف بأعداد كبير من الأواني الفخارية (سنادين) والغلية منها كان لكي لا تملأ بالتراب حيث يشكل ثقلاً كبيراً على أقواس السقف ويمكن السير بينها , يوجد فتحة مربعة في نهاية سقف هيكل أبراهيم من جهة الشمال للدخول منها لغرض الأختباء في حالات الأنذار أو الشعور بالخوف من تهديد خارجي. فوق السنادين يأتي السقف الترابي . الذي تم أزالته لكي يحل محله السقف الأسمنتي المسلح بالحديد .
الفنون التشكيلية في كنيسة مانكيش
1- منحوتة حجرية فوق الهيكل الوسطي : يقع فوق قوس باب المذبح ، منحوت بطريقة النحت الغائر . كتب عليه باللغة الآرامية القديمة ” سورث كوشما “ عبارة : ( هذا الهيكل مكرس للعذراء مريم سلطانة الوردية ) .
2 – منحوتة حجرية كتب عليها معلومات حجر الأساس ، المنحوت بنفس الطريقة والمثبت بين الهيكل الوسطي وهيكل مار كوركيس شفيع الكنيسة وفي نهاية العمود الأول من الأعلى ، كتب على هذا الحجر سنة تأسيس الكنيسة ، وكذلك المشرف على البناء الكاهن هرمز كيشي رحمه الله .
3- اللوحات الزيتية :
توجد ثلاث لوحات زيتية جلبها الأب الراهب بولس داؤد جنتو رحمه الله من روما الذي عاش فيها 35 سنة . وصل الى مانكيش يوم 4 تشرين الأول من عام 1936 ويقال بأنه قام بتقديس أو تكريس الكنيسة .اللوحات الجدارية الثلاثة كانت الأولى لوحة سلطانة الوردية للهيكل الوسطي . وجدارية مار كوركيس للهيكل الجنوبي . أما جدارية النبي أبراهيم فوضعت في الهيكل الشمالي . صمدت اللوحتين الأولى لحد اليوم أما لوحة النبي أبراهيم فتفتحت ألوانها وتساقطت مساحات منها , والسبب يعود لرداءة تحضير اللوحة وكذلك الى نوعية الأصباغ المستعملة فيها ونوع القماش , كذلك أسلوب الفنان في تلك اللوحة يختلف عن اللوحات الأخرى , ومن الطبيعي كان من الصعب على الراهب أن يحصل ثلاثة لوحات مختلفة المواضيع من فنان واحد . لهذا طلبت من مثلث الرحمات مار يوحنا قلو في عام 1981 لرسم لوحة جديدة بديلة فوافق فتم العمل .
ومن الهَدايا الجميلة التي جلبها الأب الراهب والتي خدمت الكنيسة كثيراً عدة المذبح من أواني الخاصة بالأفخارستية ككأس وأواني مزج الماء والخمر و ( شمشا ددهوا ) .
وبدلات للكهنة للتقديس والصنج وصور أخرى للقديسين
4- الناقوس : في البدء كان الناقوس صغير الحجم ، تم تبديله بالناقوس أكبر ، يعتقد بأن الأب هرمز كيشي هو الذي جلبه من أورشليم الى مانكيش على ظهر حمار . تم تبديله أيضاً في زمن الأب يوشيا صنا بآخر جلبه من روما .
5- المخطوطات الورقية الكبيرة : كتب كبيرة الحجم بطول 80 سم مخطوطة بخط اليد بالحروف الكلدانية ، تتضمن صلوات الرمش وطقوس أخرى.