مشاريع التخريب من الداخل – كاظم فنجان الحمامي
بلغ العداء و الدهاء عند القوى الخارجية (الذكية الخبيثة) مبلغا لا يخطر على البال، فقد لجأت معظمها إلى ابتكار وتفعيل بعض البرامج الناعمة لتخريب البلدان المتنافرة معها، وذلك بغية إضعافها تدريجيا من الداخل. .
ربما شاهدتم وتابعتم عمليات سرقة أغطية المجاري الثقيلة البالوعات (أو البَلاليعُ والبَواليعُ) في معظم المدن العراقية، بضمنها الأغطية القديمة والمتكسرة. قد تبدو لك هذه الظاهرة مجرد حالة عبثية طارئة لكنها في حقيقة الأمر من الأدوات الفاعلة في الحرب النفسية والتخريبية. وهي منتشرة الآن في معظم المدن العربية بضمنها البلدان الغنية. .
ولتسليط الأضواء على هذه المخططات العبثية، نذكر انه في عام 1942 ، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية في أوج سعيرها، أسست الاستخبارات الأمريكية مكتباً أطلقت عليه (مكتب الخدمات الاستراتيجية) أناطت به واجبات تنفيذ العمليات السرية، لكن هذا المكتب تخصص فيما بعد بمشاريع تخريب البنى التحتية معتمداً في التنفيذ على جيش يتألف من ابناء تلك البلدان المستهدفة، ومعظمهم من المواطنين الساخطين على بلدانهم، حيث أقتصرت مهامهم على الروتين القاتل وعدم إنجاز المعاملات الإدارية والمالية في مواعيدها المقررة، وتأخير مواعيد وسائط النقل العام (سيارات اجرة – حافلات – قطارات – سفن – طائرات). وخلق بيئة تعطيلية وصولا إلى إصابة المؤسسات الخدمية بالشلل التام، ناهيك عن إشاعة الفوضى، وتفعيل حملات التسقيط والتشويش وإطلاق الاتهامات جزافا دونما دليل. عندئذ يفقد المواطنون ثقتهم بالحكومة، فتكون الفرص مؤاتية جداً لاثارة العن*ف والشغب، الأمر الذي يسفر عن إضعاف مؤسسات الدولة. .
واستكمالا لما تقدم اصدر مكتب الخدمات الاستراتيجية عام 1944 كراساً مطبوعا يحمل عنوان (الدليل الميداني المبسط للتخريب) ولم يفتضح سر ذلك الكراس اللعين إلا في عام 2008. .
من هنا بات من حق اي مواطن ان يرتاب بكل الظواهر الغريبة. لكن اللافت للنظر ان بعض الكيانات السياسية اعلنت تطوعها للقيام بهذه الأعمال من دون ان يُطلب منها، ومن دون ان تتلقى التوجية من خارج العراق. والغريب بالأمر انها هي التي اختارت تهميش الأوفياء والأذكياء، وهي التي اختارت الاغبياء و وضعتهم في اعلى السلم الإداري، وهي التي اختارت طريق المحاصصة الذي يتقاطع تماماً مع مسارات التوصيف الوظيفي. .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.