مقالات دينية

لا تدعو لكم أباً على الأرض

لا تدعو لكم أباً على الأرض

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال الله ( إكرم أباك وأمك ) ” مت 4:15 “

   علينا أن لا نفهم ونفسر الآيات بحرفيها  ، إنما يجب أن نبحث عن موضوع الآية من خلال قراءة آيات أخرى تتحدث عن نفس الموضوع لكي نستطيع الوصول إلى النتيجة الصحيحة . هناك من يختار التفسير الحرفي لدعم فكر المذهب الذي ينتمي إليه ، أو للطعن بعقائد المذاهب الأخرى . وهذا مثالاً عن هذا الموضوع : قال الرب يسوع ( لا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السموات ) ” مت 9:23 ” . فلأجل الطعن بإيمان المذاهب الأخرى يلتزمون بحرفية هذه الآية فيقولون بأن إطلاق لفظة ( أب ) للوالد أو ( أب ) للكاهن في الكنائس الرسولية يعتبر إنتهاكاً لوصية يسوع الواضحة . لكن غاية يسوع لم تكن أبداً بأن ننادي الوالد أو الكاهن بأسمائهم ، إنما يقصد بأن لا نفضل آبائنا الجسديين أو الروحيين على الله الآب ، أو نحبهم أكثر من الله ، فقول المسيح في آية أخرى واضح جداً ، يقول ( من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني ، … ) ” مت 37:10 ” . في هذه الآية يسمي الوالد أباً ، والوالدة أماً . وعلينا وبحسب وصية الرب أن نحترم الأبوين ونكرمهم بحسب الآية ( أكرم أباك وأمك ) ” تك 12:20 ، مت 4:15 ”  . كما يجب أن تربطنا مع الأبوين علاقة تحمل كل الإحترام لكي نتمم وصايا أخرى لله . ومفهوم الإبّوة والأمومة تبدأ منذ الحمل والولادة في حيز العلاقة . فالرجل يرى إمرأته في صورة ( أم ) ، والمرأة ترى زوجها في صورة ( أب ) وهذا المفهوم لا يتناقض مع مفهوم الكتاب ووصاياه . إذاً لا يجوز أن نلتزم بوصية ما في الكتاب ونهمل الآيات الأخرى التي تكمل الغاية المرجوة ، وإن فعلنا فأنه سنقع في أخطاء كثيرة لأنه ننسي أو نتناسى عن قصد وصايا الله الأخرى . وهناك من يدعم غاياته بحجج أخرى كعدم قول الرب يسوع لمريم ( أمي ) بل كان يناديها ب ( إمرأة ) وبهذا لم يكن يسوع يقصد عدم إحترامها بل كانت غايته لتعظيمها والتي كان يقصد بلفظة ( إمرأة ) سيدة ، أي سيدة وأم ليس له فقط بل للكثيرين لأن حلت محل حواء الأولى التي كانت أم لكل حي . وكيف لا يحترم والدته وهو يعلمنا بأن نحترم ونكرم أبوينا . هكذا بالنسبة إلى آبائنا الروحيين فأن الذين ينتقدون كل من يسمي الكاهن والأسقف بالأب . فمثل هذا الأنتقاد أمسى واهياً ، ولا يتعدى من كونه حقداً وغيضاً من الرتب الكهنوتية الغير موجودة في المذاهب الغير رسولية أو من معتقدات أخرى . آبائنا الجسدين نسميهم بالآباء . وهكذا ينبغي أن نفعل مع آبائنا الكهنة . فآبائنا الجسدين الذين يثمرون ثماراً جسدية من بنين وبنات . فهو علامة على إثمار آبائنا الروحيين أولاداً وبناتاً يسمون الكاهن ب ( الأب ) . رجال الأكليروس الذين إختاروا البتولية من أجل الملكوت لا يتركوا رجولتهم خارج الدير الكهنوتي ، بل عليه أن يبذل ذاته بكليتها من أجل عروس المسيح ( الكنيسة ) لخدمتها خدمة صادقة ، فهو وكيل المسيح في الكنيسة ،  لهذا يجب أن يطلق على كاهن الكنيسة ب ( الأب ) . وقد بدأت كلمة الأب لخدام الكنيسة من عهد الرسل وكما يؤكد لنا الأنجيل المقدس ، فبولس الرسول يذّكر أهل قورنتوس بأنه ( إبوهم ) ، فيقول لهم : ( فقد يكون لكم ألوف المؤدبين في المسيح ، ولكن ليس لكم عِدّة آباء ، لأني أنا الذي ولدَكُم بالبشارة ، في المسيح يسوع ) ” 1 قور 15:4 ” .

   كما يقول لمؤمني غلاطية ( يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم ) ” غل 19:4 ” .

   أما الرسول يوحنا أيضاً يقول ( يا أبنائي الصغار ، لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان ، بل بالعمل والحقّ ) ” 1 يو 18:3 ” . وفي أيامنا نجد بأن الأسقف والكاهن يدعون أبناء رعيتهم أو أبرشيتهم بالأبناء ، والمؤمنون يدعوهم آباء . ورئيس الأساقفة ( بابا ) وهذا لم يكن على حساب الإحترام والحب لأبينا السماوي . يجب أن يكون لنا آباء روحيين على الأرض يرشدون المؤمنين إلى الطريق المؤدي إلى الأب السماوي .

  في السماء لا يوجد زواج ، ولا يوجد أب أو أم ،  لأننا كلنا سنصبح إخوة وأخوات وحتى مع من كانوا آبائنا الجسديين أو الروحيين  ليبقى الأب السماوي هو أبينا الوحيد ونحن أبنائه وإخوة لمسيح الرب .

ليتمجد إسم أبينا السماوي الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور .

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1 “.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!