مقالات دينية

كيف كانت اجابة المطران سعد سيروب على سؤال حول المطهر؟؟؟

الكاتب: المطران سعد سيروب
سألني أحدهم عن المطهر: وجوده؟ ومعناه؟ وكيف يمكن أن نشرح؟ عليّ أن أقول بان السؤال يحتاج الى محاضرة، ولكني ساجيب باختصار.

المطران سعد سيروب حنا
يقول تعليم الكنيسة الكاثوليكية: “أن الذين يموتون في نعمة الله وصداقته، ولم يتطهروا بعد تطهيراً كاملاً، وان كانوا على ثقة بخلاصهم الابدي، يخضعون من بعد موتهم لتطهير، يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء” (رقم 1030).

جوهر كلّ شيء هو دعوتنا الى مشاركة الله حياته والاتحاد به حياتياً. ولكي يتحقق هذا الاتحاد يجب ان نكون مستعدين لهذا اللقاء بمحبة كاملة، لانه هو كلّه محبة (1 يو 4/8). لا تدخل في الله أي ذرة من الخطيئة، لانه الخطيئة نقيض الله، فهي تعارض الله. فمن الذي يجرؤ على الاعتقاد في ساعة موته بأنه قائم في حالة المحبة الكاملة وانه تخلص من كل ذرة من الانانية؟ ولهذا يقول تعليم الكنيسة الكاثوليكية بان المطهر ليس عقاب وانما نار مطهرة (رقم 1472). نار تحرق فينا كل أثر من آثار الخطيئة التي تركتها فينا. لا بد أن نكتمل بالحبّ لكي نلتقي بالله.

فالألم الذي نعانيه هنا على الارض ونحن نحاول أن نعيش الحب ومتطلباته هو بداية التطهير. فالمؤمن يرى في الالم الذي يعانيه هنا بسبب اتباعه الرب يسوع وعيشه لكلمته يجعلني اتطهّر من خطاياي. أنه ألم طوعي، أقبله بحرية كاملة. انه ارتياع النفس أمام الله القدوس والمحبة. وهذا ما يُسمى أيضا الندامة. يقول اللاهوتي اليسوعي الفرنسي فرانسوا فاريون عن المطهر ويقول: “حين يرى الانسان نفسه أمام المحبة، لا يسعه إلا أن يرغب فيها. وليس ألمه إلا الشعور بأنه غير قادر على ذلك تماماً … فألمنا هو الاعتراف، في وعي تام، بأننا عاجزون عن المحبة الحقيقية”. ايماننا بحاجة الى تنقية وتطهير (1 بط 1/ 7).

فأنا غير كامل بكلامي وعقلي وحبي، مهما علت درجته. ولهذا نحتاج الى التطهّر، وتحتاج محبتنا الى التطهّر لتكون فعلا محبة كاملة تليق بالرب الذي هو محبة. هذا التطهر هو النار التي يتكلم عنها تعليم الكنيسة الكاثوليكية والتي تبدأ من هنا وتكتمل بعد موتنا.

لا يتكلم التعليم الكاثوليكي عن الزمن في المطهر، فالزمن غير موجود في الابدية. الله خارج الزمن: “يوم واحد في نظر الرب هو كألف سنة، والف سنة كيوم واحد” (2 بط 3/ 8). الكلام عن ما بعد الموت بعبارات زمنية هو رمزي. وعليه، فلا نعد نقول إن المطهر هو بعد الموت وان السعادة هي بعد المطهر، اذ ليس هناك من “بعد” بالمعنى الدقيق. الـ “بعد” والـ “قبل” يرتبطان بالزمن، وبالتالي بهذه الحياة. أما في الابدية فان من الافضل ان نقول بان التطهّر هو شرط السعادة الابدية.

فلنصل، من اجلنا ومن أجل أمواتنا، لكي تكون محبتنا كاملة وان تكون حياتنا موجهة نحو الهدف الكبير وهو اللقاء بالله والاتحاد به شخصياً. فليؤهلنا لذلك.
..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!