قدرة يسوع على الظهور والإختفاء وتغيير صورته
قدرة يسوع على الظهور والاختفاء وتغيير صورته
بقلم / وردا إسحاق قلّو
موضوع الإختفاء كان مهماً في حياة المسيح منذ يوم تجسده وولادته في مغارة بيت لحم . لام يسوع الفريسون الذين طلبوا منه معجزة بسبب عدم معرفتهم لوقت مجيئه رغم وجود نبؤات كثيرة بمجيئه ، لهذا قال لهم ( إذا كانت السماء حمراء صافية عند الغروب ، تقولون : سيكون صحو ! …. أما علامات الأزمنة فلا تستطيعون الأستدلاال عليها ! جيل شرير خائن يطلب آية ، ولن يعطى آية إلا ماحدث للنبي يونان ، ثم فارقهم ) ” مت 16: 2-4 ” وكان يقصد بأن يونان كان رمزاً للذي كان يتحدث إليهم . نعم مجيئ المسيح المنتظر كان مخفياً على أبناء أورشليم لهذا قال لها باكياً ( ليتك أنتِ أيضاً ، في يومك هذا ، عرفت مافيه سلامك ! ولكن ذلك محجوب الآن عن عينيك . فستأتي عليك أيام يحاصرك فيها أعداؤك بالمتاريس ، ويطبقون عليك ، ويشددون عليك الحصار من كل جهة . ويهدمونك على أبنائك الذين فيك ، فلا يتركون فيك حجر فوق حجر ، لأنك لم تعرفي وقت أفتقاد الله لك ) ” 19 : 41-44 ” .
كان اليهود يظنوه أبن يوسف النجار ، وليس المسيح إبن الله . عاش ثلاثين سنة مختفياً على الجميع ، وحتى والداه لم يكتشفوا فيه بأنه أبن الله رغم علمهم بسرتجسده . فمثلاً أشار لهم في الهيكل عندما كان صبياً جالساً مع علماء الشريعة . رد على كلام أمه الذي كان يحمل العتاب ، فقال ( لماذا تطلباني ، ألم تعلما أنه ينبغي لي أن أكون فيما هو لأبي ؟ ) رد إلهي كشف لهم السر وعاتبهم لأنهم يعرفون بأنه أبن الآب السماوي ، وأزاح الستار عن السر المخفي على الناس ، لكنهم يعلمون بأنه ليس أبن يوسف ، بل هو أبن الآب الأزلي ، وهو في بيت أبيه ” الهيكل “ .
بعد عماده في نهر الأردن ، ابتدأ بنشر رسالة الإنجيل ، وكان معروفاً للجميع ، بشكله وهيئته وجماله . لكننا نقرأ في الإنجيل بأنه كان يمتلك قدرة كبيرة على الإختفاء السريع جداً أمام الأنظار ، فلوقا الإنجيلي دَوّنَ لنا ثلاث مرات لإختفائه وكذلك يوحنا ثلاث مرات في إصحاحات إنجيله . جاء في أنجيل لوقا أنه دخل في مجمع مدينة الناصرة ودُفِعَ إليه سفر إشعياء ليقرأ الآية التي تقول ( روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين …. ثم قال لهم : اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم ) وبعد ذلك ابتدأ الجدال بينهم إلى أن أمتلأ الجميع غضباً حين سمعوا اقواله ، فأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلى أسفل ، أما هو فجاز في وسطهم ومضى ” لو 4: 24- 29 ” فكيف توارى عن أنظارهم ، وأين اختفى وهو في وسطهم منذ أن كان في المجمع وإلى رأس الجبل ؟
تفسيرنا هو أنه تحول إلى شكل غير منظور واختفى من وسطهم فجأة لكي يظهر بعيداً عنهم . وكذلك أتحفنا البشير لوقا بقصة أخرى بعد قيامته من بين الأموات ، فقد ظهر فجأة مع تلميذي عمواس بشكل غير معروف ، أي أمسكت أعينهما من معرفته ، وسار معهم كأنسان مجهول يشرح لهم الكتب التي تحدثت عنه إلى أن دعياهُ للدخول إلى منزلهما ليتعشى معهما ، فوافق . عند كسر الخبز فَتَحض أعينهما ليعرفاه ثم أختفى عنهما ( لو 24: 30 -31 ) .
أما في أنجيل يوحنا فنقرأ في الأصحاح السادس عقب معجزة إشباع خمسة آلاف شخص من الخبز والسمك ، أمر تلاميذه ليغادروا وحدهم بقاربهم ، أما هو فصعد إلى الجبل وحده ، وبعدما جذف التلاميذ نحو ثلاثة أميال أو أربعة ، رأوا يسوع يقترب من القارب ماشياً على ماء البحيرة ، فاستولى عليهم الخوف ( يو 6: 15-20 ) ، بل يقول البشير متى ( ظنوه شبحاً فخافوا وصرخوا ) ” مت 14: 25- 27 ) نقول ، إن لم يتمكنوا من مشاهدة ملامح وجهه بسبب الظلام ، فلماذا لم يميّزوا شكل جسده المعروف لديهم ، علماً بأنهم يعرفون بأنه ظَلَ في الجبل لوحده وله القدرة في اللحاق بهم ! .
أبرز المعجزات في تغيير هيئته بشكل عجيب ليظهر على حقيقته أمام التلاميذ الثلاثة فكانت على جبل التجلي عندما تغيّرَ وجهه إلى شكلاً منيراً مدهشاً ، ولون ملابسه التي صارت بيضاء تتلألأ كالبرق ( طالع لو 29:9 ) .
وفي أثناء الإحتفال بعيد تجديد الهيكل في الشتاء حضر يسوع وتجمع حوله اليهود ، وقالوا له ( إن كنت أنت المسيح حقاً ، فقل لنا صراحةً … ) فختم جوابه لهم بالقول ( أنا والآب واحد ) فرفعوا مرة ثانية حجارة ليرجموه ، ثم أرادوا ثانيةً أن يلقوا القبض عليه ، ولكنه أفلت من أيديهم ، ورجع إلى الضفة المقابلة من نهر الأردن ( يو 39:10 ) .
استطاع يسوع أن يغيّر شكله أو يخفيه بسرعة قبل موته لكي لا يستطيع أحداً من النيل منه قبل أن تأتي ساعته . لا شك أن اليهود قد أدركوا هذه الحقيقة بأن له القدرة الفائقة على الأختفاء والظهور السريع ، ويسوع لم يكن له طاقية الأختفاء السحرية ليصبح غير منظور كالتي نقرأ عنها في القصص الخيالية ، كما لم يضربهم بالعمى لكي لا يبصروه ، بل كانت أعماله المعجزية واضحة أمام الجميع ، لهذا فرحوا بتلميذه الخائن عندما اقترح لهم بتسليمه إليهم مقابل الفضة . لكننا أيضاً نقول بأن يسوع كان يقدر أن يختفي أيضاً عن أنظار الجميع وحتى يهودا ، أو كان يستطيع مغادرة المكان مع تلاميذه قبل وصول القوة التي جاء بها الأسخريوطي . لكنه أراد أن يسلم نفسه طوعاً لأن الله الآب أيضاُ أراد ان يشرب الكأس لكي يتمم رسالة الخلاص على الصليب ، لهذا قال لرؤساء الكهنة وقواد حرس الهيكل والشيوخ الذين اقبلوا عليه ( أكما على لصٍ خرجتم بالسيوف والعصي ؟ عندما كنت معكم كل يوم في الهيكل ، لم تمدوا أيديكم عليّ ، ولكن هذه الساعة لكم ، والسلطة الآن للظلام ! ) ” لو 22: 47-53 ” .
وبعد القيامة ، كان أول ظهور له لمريم المجدلية عند القبرولم تعرفه ، كما كان يظهر كل مرة لتلاميذه بهيئة جديدة ، فعلى بحيرة الطبرية عندما أمرهم بإلقاء الشبكة إلى يمين القارب ، إلتقوا به بعد نزولهم من القارب وشباكهم مليء بالسمك ، فرأوا أن صورته قد تغيرت عما رأوه سابقاً في العلية بعد القيامة ، ولم يجرؤ أحد منهم أن يسأله من أنت ؟ ( يو 19:20 ) . كما ظهرلبطرس و لشاول الطرسوسي على شكل نور في طريق دمشق وفي الهيكل .
ليتمجد أسمه القدوس
للمزيد طالع مقالاتنا السابقة عن الظهور والإختفاء والتغييرات في شكل يسوع في المقالات التالية :
- تغيرات في وجه وشكل يسوع قبل وبعد القيامة .
- يسوع يقتحم الأبواب المغلقة
- ظهورات يسوع بعد القيامة
- الظهورات وموقف الكنيسة الكاثوليكية منها
- ظهور الله لصديقه أبراهيم
- تغيرات في وجه يسوع قبل وبعد القيامة
- إخفاء يسوع شخصيته على الأرض