مقالات دينية

قال الغبي … سأهدم خزائني

قال الغبي … سأهدم خزائني

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ ) ” يهو 21:1″

  الله يرغب في أن يعيش الإنسان في المحبة ، فيحب القريب كمحبته لنفسه . فعلى الإنسان أن لا يعمل لخدمة أنانيته ، بل من أجل الآخرين أيضاً . وأفضل عمل يقوم به الإنسان هو أن يعمل من أجل محبيه ، ويضحي من أجل الآخر . أما الذي يعاني من حب الذات فأنهُ يعيش بعيداً عن أخيه الإنسان أولاً ، وعن الله ثانياً ، لأن محبة الله تبدأ بمحبة الإنسان الذي يراه ويعيش معهُ .
   الأرض تثمر كثيراً ، وتلك الثِمار والأعشاب ليست لمتعتها ، إنما لتخدم بني البشر والحيوان والطيور ، والأرض هي الأم التي خرج منها الإنسان وإليها سيعود جسدهِ ، فعليهِ أن يأخذ درساً مهماً منها ويفكر بمن يحتاج إليه ويخدمه بأعماله الصالحة التي ستعود له بربحٍ لا يوصف . فالله الذي أوصانا بأن نقسم الخبز بيننا وبين الجائع ، فأنه سيعوضنا بالفائدة مهما كان حجم الخدمة .
   علينا أن لا نفكر بالغد ، بل لندع أمر الغد لوقته لكي لا نفكر بتوسيع خزائننا وأموالنا على أكتاف الفقراء المحتاجين فنتاجر بمخزوننا لنخلق المصائب للكثيرين  وكما يقول المثل ( مصائب قوم عند قومٍ فوائد ) بهذا سنهيّج جراحات أؤلئك المحتاجين الذين يتحملون مصائب الدهر بسبب الظالمين . إذاً على الإنسان أن لا يخطط ويرسم لما سيفعلهُ من أجل الربح ، فحتى تفكيره الباطني في مجال الإستغلال سيكتب في السماء ويحاسب عليهِ بدقة لأن  بإرادته جرد قلبه من المحبة . والنتيجة ستكون مدمرة ومُخيفة كما حصل مع الغني الذي قال مع نفسهِ ( يا نفسيي لديكِ خيرات كثيرة لسنين عديدة فكُلي و اشربي وإفرحي ) بينما الرب علمنا بأن نكتفي بخبز الكفاف كل يوم . نقول لذلك الغني الذي وَسّعَ خزائنه ليضمن مستقبلهِ بأنك كنت قاسياً وأنانياً وغبياً أمام خيرات الجسد دون أن يفكر بما تحتاجه النفس . لهذا كان رد الرب قاسياً لذلك الغني ، قال ( أيها الغبي هذه الليلة تطلب نفسك فهذهِ التي أعددتها لمن تكون ؟ ) . لقد بنى خزائنه ووسعها بسبب جشعه ، لكن ملاك الرب حطم بلحظة كل أحلامه ، وأوكار أموال الظلمةِ التي لن يسمح للجائع أن يشبع جوعه منها . لا يعلم بأن خزائنه الحقيقة التي ينبغي أ، يخزن فيها هي بطون الفقراء الذين بدورهم يخزنونها له في السماء ، وتلك الخزائن لا تصلها يد سارق ، ولا ينال منها السوس ، أو يفسدها الصدأ . لم يعطي للفقير لأنه فقير في المحبة والعطاء ، علماً بأن الغبطةِ بالعطاء لا بالأنانية . والفقر في العطاء يأتي من الإنسان الفارغ من الأعمال الصالحة بسبب فقره في الإيمان بالخالق الذي أعطاه كل تلك الثروات ليرحم بها الفقراء . إذاً لا يعطي مما هو له ، إنما يعطي لأولاد الله المتألمين ما هو لله . فالميسور بالمال ليس إلا مُدَبِر للثروة الإلهية ، وهو خادم وضيع لأخوة السَيّد . والأسوأ عندما يكذب ويقول لمن يطلب منه ، ليس لدي ما أعطيك ، ليعطيك الله .
الإنسان الذي خرج من بكن الأم عارياً ، سيعود إلى بطن الأرض عارياً . فعليه أن لا ينزع ثوب غيره يدعى نصاباً . والذي لا يكسو عري المسكينَ رغم قدرته فهو مستحق ليدعى سارقاً ومجرماً . الذي لا يرحم في دنياه أحداً ، لا يرحم في يوم الدينونة الرهيب ، أن سيسمع صوت الله يقول للرحماء ( تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم قبل إنشاء العالم لأني جعتُ فأطعمتموني ، عطشت فسقيتموني ، عرياناً كنت فكسيتموني ) . فكم من الخوف والرعب والظلام سيستولى على من لم يرحم . وهل سيتذكر تلك الخزائن التي وسعها وملأها بالخيرات لورثتهِ في تلك الساعة التي يسمع حكم دينونته العادل وهو يقول له ولأمثالهِ ( أبعدوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكتهِ لأني كنت جائعاً فلن تطعموني … ) .
في الختام نقول لأنفسنا ، لنمتلك من الأرضيات ما يكفي حاجتنا اليومية ، ولنربح من الصدقات التي نقدمها لأخينا المحتاج عطايا السماء . بمال الظلم سنكسب لنا أصدقاء في هذا العالم ، والخيرات الأبدية في الآخرة . أما من يتجاهل المسكين فأنه يثير غضب الله . عكس الذي يعتني بخليقتهِ وخاصة الإنسان ، فالله سيكرمه أضعاف كل أكراماته وإحساناته لأخوتهِ المحتاجينَ الذين سيستقبلوه عندما يرحل من هذا العالم إلى دار البقاء التي أعدها المسيح لمختاريه .
وله كل المجد إلى الأبد

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!