مقالات دينية

موعظة الأحد الأول من الصيف (27/7/2014)

الكاتب: المطران سعد سيروب
موعظة الأحد الأول من الصيف (27/7/2014)

المطران سعد سيروب

تدعونا قراءات هذا الأحد إلى التواضع تحت يد الله والتحلي بإيمان متواضع. يدعو واحد من الفريسيين يسوع الى وليمة في بيته. فيلاحظ يسوع كيف يصل المدعوون الى البيت ويتسابقون للحصول على المقاعد الأولى. تُحدّد الرتبة على المائدة بصيت المدعوين، والصيت يرتبط بالعلم أو بالثروة.
كان الفريسيون يبحثون عن مقاعد الشرف، عن الأماكن الأولى في المجامع وفي الولائم والتحيات في الساحات العامة (لو 11/ 43؛ 20/ 46؛ متى 23/ 6؛ مر 12/ 38). كانوا مقتنعين بأن مثل هذا الإكرام حقٌ من حقوقهم، لان الإكرام الذي يطالبون به يعود بالخير على الشريعة التي يمثلونها.
يقدم يسوع حكمة. فليس من الفطنة ان نجلس في المقاعد الاولى. قد يأتي شخص ينعم باحترام أكثر منّا. يرجع يسوع إلى الحكمة القديمة التي ذكرت في سفر الأمثال: “لا تفتخر أمام الملك ولا تجلس في مكان العظماء. فانه خير أن يُقال لك: ارتفع إلى هنا، من أن تُحط أمام الأمير” (أم 25/ 6-7؛ سي 7/ 4؛ 13/ 9-10).
إلا إن قصد يسوع لا يشير إلى وليمة العشاء العادية، بل إلى وليمة الحياة الأبدية التي هو رئيسها ومركزها. فالدخول إلى ملكوت الله يبدأ بفعل تواضع يقوم فيه الإنسان أمام الله. يريد يسوع إن يقول لنا بان الدخول إلى ملكوت الله يحتّم علينا أن نكون صغاراً (إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت الله) (متى 18/ 4). فالتوبة الحقيقية والروح الحقيقية التي تفتح الملكوت، غير ممكنة إن لم يحس الإنسان انه ضعيف وصغير أمام الله (لوقا 18/ 10-14). فالموقف الذي يعارض أكثر ما يعارض الارتداد، هو عاطفة نعتبر فيها نفوسنا أبراراً وفوق سائر الناس.
إن مكانتنا الحقيقية هي تلك التي يعطينا أياها الله بكل حرية ومحبة مجانية. ليست ما نحصل عليه بقوانا الشخصية أو تقوانا الفردية: انها عطية مجانية من الله لنا. ولهذا نسمع يسوع وهو يقول بان المدعويين يجب ان يكونوا من الفقراء والمنبوذين، لان هؤلاء كانوا أهلاً من الفريسيين بتقبل عطية الله ورحمته المجانية في يسوع المسيح. فبينما اغلق الفريسيون قلوبهم بوجه يسوع ورفضوه، استقبله العشارون والخطأة، فقبلهم هو أيضاً في ملكوته.
مرة أخرى سيقولها يسوع ان سرّ العبادة الحقيقية هو الايمان بتواضع بمحبة الله ورحمته الفائقة من اجل كل واحد منّا. فالطموح والجشع هما رذيلة يدينها الله بقسوة، أما الذين يمارسون التواضع والمحبة المتجردة فسيكون لهم ان يشاركوا الله في المحبة وللابد …

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!