مقالات دينية

عبديشوع الصوباوي

سامي خنجرو

samdesho
عبديشوع الصوباوي

سامي ديشو خنجرو
هو عبديشوع بن بريخا، ولِد على الارجح في منتصف القرن الثالث عشر. ليس لدينا معلومات اخرى عن حياة هذا الكاتب النحرير، لكنه أُقيم اسقفاً على سنجار وبيث عربايي (طورعبدين) سنة 1285م، وعُيّن مطرافوليطاً على نصيبين (صوبا، ܨܘܒܐ) وأرمينيا سنة 1290م، ومن صوبا لُقِّب بالصوباوي.

لقد خلد لنا عبديشوع اسماء مؤلفات لعدد كبير من الادباء في جدوله الشهير، وأعطى في النهاية لائحة باسماء الكتب التي أنتجها هو نفسه. وهذا الجدول يُطلعنا على تراث آبائنا الذي أتى عليه الزمن، ولم يبق منه الاّ القليل. توفي عبديشوع في شهر تشرين الثاني سنة 1318م، بعد ان حضر المجمع الانتخابي في شباط من نفس السنة، وفيه تم انتخاب مطران أربيل بطريركاً باسم طيماثاوس الثاني. ويظنّ العلاّمة المستشرق باجر، ان عبديشوع وضع هذا الجدول سنة 1298م. وقام ابراهيم الحاقلاني بدراسته ونشره في روما سنة 1653م. كما طبعه أيضا القس يوسف قليتا في المطبعة الاثورية في الموصل سنة 1924م مع كتاب المرجانة (مركانيثا).

كتاباته

في نهاية جدوله، يُعدّد عبديشوع كتاباته قائلاً: أنا عبديشوع الصوباوي الضعيف، وضعت شرحاً للكتاب المقدس القديم والجديد، وسفرا جامعا للتدبير العجيب، وكتاب الاشعار المدعو فردوس عدن، ومجموعة مختصرة للقوانين المجمعية، وكتاب شهمروريد (التي تعني بالفارسية: قصة ملك مرو الواقعة في خراسان) ووضعه بالعربية، وكتاب المرحانة في صحة الايمان، وكتاب الاسرار الخفية للفلاسفة اليونان، وكتابا مدرسيا لدحض جميع البدع، وكتاب نظم الاحكام والشرائع الكنسية، وتراجم وتعازي ومقالات في شتى المواضيع، وشرح الرسالة التي كتبها ارسطوطاليس الكبير العجيب الى الاسكندر في الفن العجيب، ورسائل مختلفة في مواضيع شتى وحل المسائل العويصة والالغاز والرؤوس والامثال. ويمكننا تقسيم مصنفات عبديشوع الصوباوي الى ما يلي:

1. المصنفات الكتابية: وضع عبديشوع شروحات في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وسفراً جامعا يتناول حياة المخلّص الزمنية، كما وضع الاناجيل المسجّعة على غرار طريقة القرآن.

2. المصنفات اللاهوتية والجدلية: وأهمها كتاب (المرجانة، ܡܪܓܢܝܬܐ)، وقسّمه الى خمسة أجزاء. وفيه يتكلم عن الله والخلقة والتجسد والاسرار والحياة العتيدة. وفي هذا الكتاب يستعرض عبديشوع اللاهوت الشرقي (النسطوري) الرسمي في المرحلة الاخيرة من تطوره. وحلّله السمعاني، ثم نشره الكردينال ماي وترجمه الى اللاتينية، ونقله باجر الى الانكليزية ونشره في كتابه الموسوم : النساطرة وطقوسهم. وطبعه القس قليتا في الموصل سنة 1924م، وطبع في الهند ايضا مع ترجمة باللغة السوادية سنة 1955م. ويقال ان عبديشوع ترجم كتاب المرجانة هذا الى العربية سنة 1313م، كما يشهد ذلك صليبا بن يوحنان الموصلي في كتابه المجدل اذ يسرد مقاطع هامة منه. اما كتاب الصوباوي في دحض البدع، فلم يصلنا شيئ منه.

3. المصنفات العلمية والفلسفية: للصوباوي كتاب من 12 ميمراً يحتوي على كل العلوم، وكتاب آخر يتطرق الى الاسرار الخفية للفلاسفة اليونان، ويظهر ان كليهما قد فُـقدا. كما شرح عبديشوع الرسالة المنسوبة الى أرسطو والتي أرسلها الى الاسكندر ذي القرنين، وهي في علم الكيمياء. وله مجموعة من 22 قصيدة في محبة الحكمة والعلم، اضافة الى رسائل اخرى تتطرق الى مواضيع علمية وفلسفية مختلفة.

4. المصنفات القانونية: تحتلّ كتابات عبديشوع القضائية مكانا مرموقا بين مؤلفاته. فقد حقّق لكنيسة المشرق، ما حققه ابن العبري للكنيسة السريانية الارثوذكسية في المضمار التشريعي. فالّف مختصر القوانين المجمعية (نوموقانون) وقسّمه الى جزئين: يتضمن الجزء الاول الحق المدني، يتطرق فيه الى تحديد المجامع والى الزواج والارث والاحكام والدعاوي المدنية بين المسيحيين، اضافة الى فرائض المسيحيين من الصوم والصلاة وحفظ الاحاد وغيرها. أما الجزء الثاني، فيتضمن الحق الكنسي، ويتطرق فيه الى الرسامات لشتّى الدرجات، والى الرهبان والاساقفة وأخيراً الى البطريرك. ويقول الصوباوي: ان البطريركيات أسّسها الرسل، ورتّبها حسب الاولوية. فالاول هو كرسي روما لاجل بطرس زعيم الرسل وبولس رسول الامم، فهو الكرسي الاول ورئيس البطاركة. ثم يأتي بطريرك الاسكندرية، ثم افسس (نقل كرسيها الى القسطنطينية لاحقاً)، ثم أنطاكيا. ويأتي بطريرك بابل في المقام الخامس، وهو كرسي الرسل مار توما وبرتلماوس، وأدّاي وقد واصله أجّاي وماري. وفي هذا المختصر، يجد المرء عرضا كاملا لنظام الكنائس الشرقية. ويظهر ان الصوباوي وضعه وهو بعد راهب، وقد نشره ماي في روما سنة 1838م مع ترجمته اللاتينية في (المجموعة الجديدة للكتبة القدماء). وعندما اصبح عبديشوع مطراناً، أراد ان يكمّل الجزء الثاني منه ويضيف اليه ما يلزم للمدبّرين والحكّام الكنسيين. فأطلق على هذا الجزء اسم (تنظيم الاحكام الكنسية، ܛܘܟܣ ܕܝܢܵܐ ܥܕܬܢܝܵܐ). وهو بمجلّدين يحتوي كل منهما على خمس مقالات مقسومة الى فصول. وانتهى الصوباوي من وضعه سنة 1316م، ونشره ماي مع ترجمته اللاتينية بعد الجزء الاول.

5. المصنفات الشعرية: نالت كتابات عبديشوع اقبالا شديدا لدى معاصريه، ولا يتردد العلاّمة المؤرخ السمعاني، ان كتاباته، نثرية كانت ام شعرية، لا تقل جمالا عن كتابات أكبر الادباء. لا بل يقابله بالقديس أفرام الملفان واسحق الانطاكي ويعقوب السروجي، وذلك لغزارة مادته وطلاوة اسلوبه وجمال انشائه. وكتب الصوباوي أغلب مؤلفاته الشعرية والخطابية بالبحر السباعي. وأغرب مؤلفات عبديشوع الشعرية، هو كتابه المسمّى (فردوس عدن، ܦܪܕܝܣܐ ܕܥܕܢ) والذي وضعه سنة 1291م. وفيه أراد الصوباوي أن يحذو حذو المؤلف العربي (الحريري)، الذي أبدع في تكييف اللغة العامية لاختراع ملاعيب لغوية، لا تخلو من الفكاهة والنكتة. فألّف الصوباوي خمسين مقاما أو خطابا شعريا، وهي تُظهر طول باع المؤلف في اللغة السريانية وسهولة التصرّف بها. على سبيل المثال في الخطاب الثالث والذي يتكون من أسطر شعرية من 16 مقطعاً، يمكن للمرء أن يقرأها طرداً وعكساً من اليسار الى اليمين، أو من اليمين الى اليسار. وفي الخطاب الرابع تنتهي كل الكلمات بحرف الالف، بينما في الخامس عشر لا يوجد أثر لألف واحدة. والخطاب الواحد والعشرون، وهو في التأديب، بان كل سطر منها يحتوي على حروف الالفباء كلها دون زيادة او نقصان.

لقد قام الاب القرداحي سنة 1889م بنشر 25 خطابا منها في بيروت، وزوّده بحواشي كثيرة سريانية وعربية. كما نشر جيسموندي عشرة خطابات في بيروت أيضاً مع ترجمتها اللاتينية في كتابه: الخطب الممتازة لعبديشوع الصوباوي. ان الصوباوي وضع تراجم(ܬܘܪܓܡܵܐ) عديدة تقال قبل الانجيل̤ نشرها القس يوسف قليتا في الموصل سنة 1935م. أما كتابات عبديشوع العربية فهي كثيرة ايضاً، وأهمها الانجيل المسجّع حسب النظام الجاري في كنيسة المشرق. وبقي هذا الكتاب غير منشور الى الان.

سامي خنجرو – استراليا..

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!