مقالات دينية

المولود الألهي … يدعى اسمه عجيباً

الكاتب: وردا اسحاق

 

المولود الألهي … يدعى اسمه عجيباً

 

بقلم / وردا أسحاق قلّو

 

 

 

( لأنه يولد لنا ولد ونعطي أبناً ، ويدعى أسمه عجيباً مشيراً ألهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام )

” أش 14:7″

نقرأ في أسفار العهد القديم نبوات كثيرة تتجاوز 300 نبؤة ، نقلها لنا أكثر من 30 نبياً تنبأوا بمجىء المسيح الكلمة . وصف بعضهم حياة المسيح المتجسد منذ فترة البشارة والميلاد حتى موته على الصليب وقيامته وصعوده . ومن أبرز الأنبياء الذين نقلوا لنا تفاصيل حدث ميلاد أبن الله هو أشعياء النبي قبل ثمانمائة سنة من ميلاد المسيح . فسفر أشعياء هو من أغنى الأسفار التي سردت لنا تفاصيل ميلاد المسيح وصفاته الإلهية . كتب عن ميلاده ، وعن أضطهاده من قبل هيرودس الملك منذ ولادته ، وسبب هروبه إلى مصر . كما تناول النبي مواضيع أخرى عنه كحلول الروح القدس عليه ، وعن معجزاته وتبشيره ، وعن موته على الصليب .

فعن ميلاد المسيح كتب ( لأنهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَم ) ” 6:9 “.

وكذلك عن الحمل به من العذراء ، قال (هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ “عِمَّانُوئِيلَ “ )

“14:7 ” , وفي تفسيرهذه الآيات نجد في هذا الطفل أمور عجيبة ، وفي نص الآية لكي نفهم لفظة ( عجيباً ) علينا أن نتناول الصفات العجيبة في هذا الطفل الإلهي بالتفصيل ، منذ البشارة ، وحتى موته على صليب الجلجلة .

حياة يسوع تحمل أسراراً خفية ، فطبيعة حياته مختلفة عن باقي الأنبياء . فيه تظهر الطبيعة الإلهية وهو أنساناً . أعماله المتجسدة في الآيات التي عملها أمام الناس تحمل قدرة خارقة تتحدى الطبيعة وقوانينها ، هذا الذي كتب عنه بأنه نزل من السموات ، ويصعد إلى السموات ، وهو الذي ينزل ويجمع الريح في حفنته ويثّبت أطراف الأرض ، وغيرها من القدرات التي تثبت لنا على أنه قادر على كل شىء لأنه أبن الإله .

كان تجسده في أحشاء العذراء عجيباً ، فحبلت به بدون زرع بشر ، وإنما بالروح القدس ” لو 35:1 ” . وولدته العذراء ولادة عجيبة وحافظ المولود على عذراوية أمه لكي تكون ولادته عجيبة تفوق الأدراك وتليق بولادة أبن الإله . أنه ليس من نسل رجل ، بل من نسل المرأة . وأبن نسل المرأة هو الذي سيسحق رأس الحية ( طالع تك 15:3 ) وهذا الموضوع العميق وصفه لنا الرسول بولس بقوله ( عظيم هو سر التقوى . الله ظهر في الجسد ) ” 1تي 16:3 ” . والسبب لكونه إلهاً عجيباً .

في العهد القديم ظهر على شكل ملاك لمنوح والد شمشون الجبار ، فسأله عن أسمه فأجابه ( لماذا تسأل عن أسمي وهو عجيب ؟ ! . وصعد ملاك الرب في لهيب نار الذبيحة التي قدمها منوح إلى السماء ، قال منوح لأمرأته لا بد مائتان لأننا  قد رأينا الله ) ” قض 13: 18-22 ” .

أما في العهد الجديد فنقرأ عن حياته العجيبة وحكمته الإلهية بدون أن يتعلم من أحد ، بل كل علمه وكماله لم يكن من هذا العالم ، لهذا تعجب به أعدائه فقالوا ( لم نسمع قط إنساناً يتكلم بمثل كلامه ! ) ” يو 46:7 ” . كان فيه كل كنوز الحكمة والعلم ، فحيّرَ علماء الشريعة بحكمته منذ أن كان صبياً ” لو 2 ” . كان عجيباً في السَير على سطح المياه ، وأنتهار البحر وأسكات العاصفة ، فتعجب به تلاميذه ” مت 25:14 و مر 39:4 ” كما تعجب به الكثيرين فآمنوا به بسبب إقامته الموتى وخاصةً لعازر المنتن ” يو 11 ” وأعماله الكثيرة في شفاء المرضى بكلمته الناطقة ، أو باللمس . كما كان عجيباً في طهارته وقداسته ، لهذا تحدى منافسيه بقوله ( من منكم يبكتني على خطيئة ) ” يو 46:8 ” .

كان عجيباً في أقواله وآرائه عن ذاته بأنه مولود قبل أبراهيم ، بل أنه موجود منذ الأزل ، وتحدى الجميع بقوله ( أنه والآب واحد ) ” يو 30:10 ” وهكذا كان يقارن نفسه بالله الآب متحدياً اليهود بقوله ( من رآني رأى الآب .. وأنا نور العالم .. وأنا هو القيامة والحياة ، من آمن بي وإن مات فسيحيا ، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد )“يو 11: 25-26 ”  . وكذلك قال ( أنا هو خبز الحياة ، من يقبل إليّ فلا يجوع ) ” يو 35:6″ . إضافة إلى قوله العجيب ( أنا هو الطريق والحق والحياة ، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بيّ ) ” يو 6:14 ” .

أما عن قوله العجيب الذي لا يستطيع أن يدركه السامعين ، فهو ( حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة بأسمي هناك أكون في وسطهم ) ” مت 20:18 ” وقوله ( تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوت إبن الله فيقوم الذين فعلوا الصالحات لقيامة الحياة ، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة ) ” يو 28:5″ وعشرات الأقوال الصريحة التي أعلنها أمام الجميع .

كما كان هذا المولود الإلهي عجيباً في محبته وحتى لأعدائه فغفر على الصليب للمصلوب على يمينه ، وطلب من الآب المغفرة لصالبيه وهو على خشبة الصليب .

ختاماً نقول : ألم يكن الإله المتجسد المولود في المذود عجيباً لأنه قَدَسَ الفقر بميلاده ؟ إلم يكن عجيباً عندما تدخلت الطبيعة للأعلان عن ميلاده ، فنجم السماء أرشد المنجمين المجوس من الشرق لكي يذهبوا للسجود لهذا الطفل العجيب والغريب ؟ وهكذا أمر هذا الطفل العجيب ملائكته لكي يبشروا الرعاة الفقراء  ولكي يسمعوا ترتيلة الملائكة وهم ينشدون أنشودة السماء ؟ ألم يكن عجيباً وهو طفلاً مولوداً في حضيرة الحيوانات لكنه أرعب الملك هيرودس ؟ غادر هذا العالم ولم يكتب حتى أنجيله . لكن كلماته وصلت إلى كل أصقاع العالم ، بواسطة أثنا عشر رسولاً تخرجوا من مدرسته فكسبوا العالم كله بمحبتهم وبقوة كلمته وحكمته التي وهبت لهم من الأعالي ، وترجم كلام أنجيله  إلى ألفي لغة ولهجة ليبرز أنجيله فوق كل الكتب ، وعبر كل العصور . كان عجيباً في تحديه للعالم ، فقال ( ثقوا أنا غلبت العالم ) . وفي مجيئه الثاني ستسجد له كل ركبة في السماء وعلى الأرض ومن تحت الأرض ،

نطلب من هذا الطفل العجيب أن يفتح بصيرة الذين لم يؤمنوا به لكي يتوبوا ويسجدوا له كالرعاة والمجوس لكي يولد في قلوبهم فيكون لهم الخلاص . نقول مع الرسول بولس

( أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون ) ” 1 تي 4:2 ”   

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!