مقالات دينية

الله وحده يعطي لكل شىء قيمته

الله وحده يعطي لكل شىء قيمته

بقلم / ورداإسحاق قلّو

( أما أنتم ، فشعر رؤوسكم معدود بأجمعهِ ) ” لو 18:21 ”

   الله هو القيمة العظيمة في حياتنا ، وهو الذي يعطي قيمة لكل شىء مهما كانت صغيرة أو مهملة فكل شىء لدى الله معروف ومحسوب بدقة حتى شعر رؤوسنا ، وبأمره تسقط كل شعرة من رأس كل إنسان ، أو ورقة من شجرة . فحبة خردل صغيرة جداً ، وأصغر من كل البذور ، لكن الله أعطاها قيمة عندما شبه ملكوته السماوي بها . فعلينا ان لا نهتم بالأشياء الكبيرة ونهمل الصغيرة ، أم نهتم بالأغنياء ونهمل الفقراء . لأن كل ما خلقه الله رآه حسن . فحبة الخردل سرعان ما تكبر لتصير شجرة كبيرة وعالية وتحمل الكثير من طيور السماء .

 كذلك ملكوت السموات كله يقيم فينا ، لتصبح أجسادنا الصغيرة هيكلاً لله الموجود في كل العالم . أنه غير موجود في مكان محدود ، لأنه روح ، وهذا الروح يقتنيه كل من يؤمن ويسلك بحسب الوصايا فيصير فيه شجرة عظيمة ، لكن هذا الملكوت قد نفقده بلحظة بسبب أفكارنا التي ترفضه ، أو بسبب الجحود أو نكراننا لوجوده . فعلينا أن نبتعد عن كل ما لا يرضي الله . كما شبه الله ملكوته بشىء صغير أيضاً وهو الخميرة التي تضعها المرأة في ثلاث أكيال من الدقيق ، فيختمر الجميع . والخميرة في حياتنا الروحية هي النية الصالحة ، لهذا خذر يسوع تلاميذه من خمير الفريسيين الذي هو الرياء ، فعلينا أن نبتعد عن حياة الرياء لنعمل بنية صافية وصالحة أمام الله الصالح ليجعل كل أعمالنا صالحة ومقبولة لديه . وهو الذي يجعل لكل شىء في حياتنا قيمة ، فعلينا فقط أن نعمل أعمالنا وفق وصاياه ، أي نبتعد عن كل ما لايرضى عنه الله . وذلك بحرصنا على إتمام كل تفصيل من تفاصيل وصاياه الإلهية ، ونفحص بواطن الأمور لكي ينقي كل منا خميرة نفسه ، ويصفي نياة القلب ، ليعمل بكل طيبة ومحبة مع الجميع . نية القلب النقية تغيّر العالم كلبه . فإذا كانت نوايانا نحن المؤمنين شريرة ، فإننا نغرق العالم في السوء . وإذا كانت نقية فإننا سنغرق العالم بالنعمة الإلهية . فملكوت السموات تكمن في القلب النقي ، فعلينا أن ننقي قلوبنا ونياتنا ونثبّتها في مسيرتنا ، علماً بأن أصحاب القلوب والنيات الصافية قليلون ،لهذا فالذين يخلصون هم قليلون أيضاً ، لهذا السبب قال الرب ( أجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيّق ، فإني أقول لكم : أن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون ) ” لو 24:13″ .

فعلى كل إنسان أن يسال نفسه ويقول ، ماذا يطلب مني الله لأنال الخلاص ؟

خلاصنا ليس بحفظ كل آيات الكتاب المقدس أو زيادة المعرفة العلمية ، بل علينا أن نجتهد ، ونتعب ونحب ، ونتحمل الآخرين من أجل الدخول من الباب الضيّق ، واباب الضيق هو تطبيق الوصية التي نراها صعبة ، لأننا لانريد أن نطبق وصايا الله ، بل أن نتمم أهواء الجسد . فما نريد أن نعمله لأجل الوصية لا نعمله ، بل نعمل ما لا تريد منا الوصية أن نعمله خدمتاً لحياتنا الزمنية ، وعلى حساب الحياة الأبدية . فسبب عناء الإنسان هو لسيره بإتجاه مدبر عن باب الملكوت الضيّق . باب الملكوت الضيّق مفتوح للجميع ،  وبمقدور أي إنسان أن يدخله بالجهاد الإيماني الصادق ، فلكل دمعة صادقة في الصلاة قيمة كبيرة عند الله . ولكل نقطة دم ينزفها المؤمن بسبب الإضطهاد قيمة كبيرة عند الخالق . ففي ثنايا الإيمان وحمل نير المسيح يتجلى حب الله ليعطي لعمل المؤمن قيمته فيكافؤه ومهما كان العمل صغيراً وإن كان قدح ماءٍ بارد .

  على الإنسان أن يغيّر فكره ومسيرته بالتوبة ليصبح بعيداً عن أهواء النفس ، وإتجاه العالم ليصير الإنسان قادراً ومؤهلاً للدخول من الباب الضيّق إلى المصير الأبدي . الهلاك في النار الأبدية ليس من صنع الله أبداً ، بل الله هيأ للإنسان البار الفردوس . أما الخاطئين فهم الذين يهيئون أنفسهم للدخول إلى الجحيم من الباب الواسع بسبب الخطايا التي إقترفوها بملء إرادتهم وحريتهم الشخصية . فعلى الإنسان أن يعمل من أجل تغيير أسلوب حياته لصالح مستقبله في الدهر الآتي . فمحبة هذا الدهر ومغرياته تبعده عن طريق الخلاص ، وعن كلمة الله التي يحتاجها لكي تنقيه فتنبت فيه ملكوت السموات التي تبدأ من هنا . فمن لا يحفظ كلمة اله ويعمل بها ، فكل ما يقتنيه في هذا العالم سيكون شاهداً لهلاكه ، فمن له إذنان للسمع فليسمع .

والمجد لله دائماً .

 التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ”  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!