مقالات سياسية

الـــــدم في الشرق الاوسط ما بين اميركا وروسيا !

الكاتب: اوراها دنخا سياوش
 
الـــــدم في الشرق الاوسط ما بين اميركا وروسيا !

اوراها دنخا سياويش
بالأمس، وعندما دخلت اميركا عنوة الى العراق، وحطمت بنيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجعلته يترنح ويسقط تحت عجلة ديمقراطيتها، لم يكن همها صدام واسلحته بقدر ما كان همّها تفكيك هذا البلد الذي يحوي بالإضافة الى كنوز وموارد طبيعية، يحوي على عقول فذة وجبارة يشهد التاريخ لها. فالق*ت*ل الذي تبع غزو واحتلال العراق للعلماء واصحاب العقول العلمية لم يأت اعتباطاً، بل كان مخططا له بموازاة الاحتلال، حتى افرغوا العراق من الكفاءات العلمية، وبالتالي تم ضرب البنية التحتية لكل ما هو عراقي ابتداءً بالعقول، ومن ثم جميع مرافق الدولة، بعد ان كانت قد حصرته لعشر سنوات وخنقته، لاقى فيها الشعب الذي تدعي الدفاع عنه الويل من سياستها القبيحة.
وهكذا كانت مع ليبيا، حيث الربيع الدموي، هذا الربيع الذي ما زال مستمرا في دمويته يضرب هذا البلد الشاسع، بغية تكسيره وتفتيته بمساعدة الحركات والتيارات الاسلامية المتشددة، التي عولت عليها وساندتها لتنفيذ مخططها الكبير في تفتيت الشرق الاوسط بعد ان لمته بريطانيا وجمعته ابان السقوط العثماني قبل مئة عام تقريباً.
لقد كاد هذا الربيع الدموي يمتد الى مصر، لوجود ارضية خصبة لنفخ رياح مثل هكذا ربيع، متمثلا بأعرق حركة دينية متمثلة بالإخوان المسلمين هناك، حيث جرى اسنادها من قبل أميركا، للقيام بهذا الدور. ولولا يقظة الشعب المصري وجيشها لكانت هذه الرياح قد اخذت مصر الى حيث ليبيا. لقد ادرك المصريون وبسرعة عمق المؤامرة على بلدهم، وبانت نتائج الربيع، بلونه الاحمر، وبدلا ان يعطي نتاج اخضر، صار الاحمر شعارا لهذا الربيع، مما اعطى للجيش الضوء الاخضر للسيطرة على الوضع وبأسرع ما يمكن، مما اسقط في يد اميركا، واصبحت امام واقع جديد لم يدخل في حساباتها التقسيمية.
ثم جاء الدور على سوريا، وابتدأ المشوار… وآه يا خوفي من آخر المشوار آه يا خوفي (رحم الله عبد الحليم!). في سوريا لم يكن هناك سوى الشتاء، لان الجميع علم ان الربيع لا يأتي على دبابة أمريكية مكسوة بالسواد المقدس. لقد استخدمت اميركا نفس آليات الربيع الاحمر، لا بل اضافت عليه الاسود ايضاً، وانتجت اخطبوطاً اسود (د*اع*ش !)، مد اذرعه الى العراق وليبيا ومصر والسعودية حتى ضرب في بنغلادش. ففي سورية صارت القاعدة، المسنودة من قبل اميركا، تتقاسم الاراضي المستولى عليها مع د*اع*ش، في اغرب سياسة تتبعها أمريكا تجاه نفسها اولا، باعتبار القاعدة عدوة لأمريكا، وتجاه الآخرين ثانياً. فها هم مسيحيو الشرق الاوسط قد تم سحقهم من قبل هذه القوى التي دعمتها، ولا زالت تدعمها اميركا، فمسيحيو سوريا والعراق هم اول الخاسرين من لعبة الأمريكان القذرة في الشرق الاوسط، وهم اول من طالته يد القاعدة ود*اع*ش.
 وعندما طفح الكيل، وصارت امواج البحر المتوسط ترمي بحشود المهاجرين، الى اوروبا، افاق المارد الروسي من غفوته، واستخدم الياته في التدخل، ليس لتفتيت الشرق الاوسط كما تفعل اميركا، وانما لحماية الشرق من الار*ها*ب المدعوم باطنيا من قبل اميركا، احتجت اميركا على التدخل الروسي وصارت تضرب على العصب العاطفي، للتأثير على المواطن الشرق اوسطي اولا والعالمي ثانيا، بتسليط الضوء على ان الضربات الجوية الروسية لم تكن على د*اع*ش، وانما على المدنيين… يا لقباحتك اميركا ! كل هذا الدم الذي ذرف في ربيعك لم تشاهديه، لكنك شاهدت، ومن اول يوم، ومن اول ضربة للطيران الروسي دماء اصحابك من القاعدة والدواعش ؟!
الربيع الدامي، في الشرق الاوسط هو ربيع أمريكي، ولم يكن روسي، واطلاق العنان للقوى الظلامية الـ(مقدسة!) كان بمبادرة أمريكية وليس روسية، وانهار الدم هي من انتاج اميركا وليس روسيا، على الاقل في شرق اوسطنا، فأميركا في طور تفتيت الشرق الاوسط الذي شكلته بريطانيا قبل مئة عام !
ما اغرب الانتقادات الاميريكية الى التدخل الروسي في سوريا، وما ابشع سياستها تجاه الشعوب ؟!
اوراها دنخا سياوش      
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!