مقالات سياسية

العدالة العمياء (فَتّحَتْ !)، وتريد احراق الوزير !

الكاتب: اوراها دنخا سياوش
العدالة العمياء (فَتّحَتْ !)، وتريد احراق الوزير !

توصف العدالة بالعمياء، ويرمز لها بالمرأة معصوبة العينين، لأنها لا تفرق بناء على مشاعر، ولا جنس، ولا لون، ولا عرق، ولا دين. 
في الحقبة التي اطلق عليها بالبائدة، كان الكثير مما يجري في العراق يجري في الاتجاه المعاكس للعالم المتحضر، وهذا كان وبحسب المنطق شيئا طبيعيا عند علمنا ان العهد البائد كان عهد دكتاتورية. لكن وحتى نكون منصفين للتاريخ، كان هذا العهد، وبشهادة الكثيرين هو الزمن الجميل الذي صار العراقيون يفتقدونه، فبرغم الظلم، فقد كان عادلا بظلمه، جعل العراقيون، وبكافة انتماءاتهم الدينية والمذهبية يتساوون امام العدالة العمياء، بالرغم من تطويعها لصالح النظام.
اما بعد العهد البائد، فقد استبشر العراقيون في بدايته خيرا حتى تبين ان الذي يتأملونه ويشاهدونه ما هو الا سراب، فلا قانون ولا عدالة ولا احساس بالأمان ولا ولا ولا ولا حتى كثرت اللائات وساد الظلم الـ(نزيه !)، بعد تشكيل هيئة النزاهة لدعم العدالة التي رفعت العصابة عن عينيها، وصارت ترى وتحكم حسب مشاعرها، وحسب الدين، واللون، والعرق، لا بل صارت هذه العدالة تشاهد وتحكم بحسب المذهب ايضا، واخذت تخاف الكبار، وتضرب الصغار، وتبتعد عن قروش البحر، وحيتانه، وتنال من السمك !
الغريب في امر هذه العدالة الـ(مفتحة !) ان عينيها تترصد ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري (المسيحي)، المعروف وعلى مدى التاريخ بأمانته ونزاهته وحبه للوطن، وهذا بحكم وتقدير بقية ابناء شعبنا العراقي، من المسلمين والصابئة والأيزيدين. فالكثير من السرقات والتجاوزات على اراضيه وممتلكاته لا تراه العدالة الـ(مفتحة !)، ولا اضحت تستطيع التمييز بين الدعاوي الكيدية وغير الكيدية، فاختلط الحق بالباطل، وضاعت بصيرة القاضي وفراسته واستنارته واصبح لا يستطيع استخلاص الحق من وسط ركام الاكاذيب والترهات !
ففي غمرة هذا العهد، اصبحنا لا نسمع او نشاهد ضياع الحق فحسب، انما عيشه ايضاً، وقصة احد ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، الذي خدم خمس وثلاثون سنة في وزارة التجارة خير دليل على فساد القضاء، بعد تنزيهه… تدرج الرجل في الوظيفة واصبح بدرجة مدير للتدقيق في هذه الوزارة. وفي قسم آخر من الوزارة وهو قسم الحسابات جرت عملية اختلاس. العملية جرت بوصولات قانونية، والوصولات حولت الى قسم التدقيق… قسم التدقيق استلم وصولات قانونية قام بحفظها… بعد فترة تم كشف الاختلاس في قسم المحاسبة، وتم تقديم المتهم للعدالة واخذ جزاءه.
لكن الغريب في الامر كان القيام بتقديم دعوى ضد قسم التدقيق الذي لا شأن له بعملية الاختلاس، فالقسم يدقق فقط في الوصولات، والوصولات كانت رسمية وكل شيء كان ضمن العمل الروتيني، فكان صاحبي اول من اصابه سهم (النزاهة !)، وتم اتهامه بالإهمال الوظيفي… بعد كل هذه الفترة الطويلة من الخدمة اصبح صاحبي مهملا في اداء وظيفته، بحسب القضاء والعدالة المبصرة، قصدي الـ(مفتحة!)، فأُحيل صاحبي الى القضاء (النزيه !)… وبعد ان تم تحطيم سمعة الرجل، بالإضافة الى تحطيم اعصابه، تم حكمه مع وقف التنفيذ، مما حدا به الى احالة نفسه الى التقاعد تخلصا من هذا المأزق التي وضعه فيه القضاء (النزيه !)، هذا القضاء التي يحاول ابراز عضلاته (الفاشوشية!) براس المسيحي المعروف على مدى التاريخ بحرصه في العمل، ونزاهته، ومحبته لوطنه.
لقد قام القضاء بمحاكمة صاحبي بالرغم من علمه بنزاهته، ليس نزاهةً، وانما حفظاً لماء الوجه، وليقول فقط نحن موجودون، وقوة القانون فوق كل شيء، لكننا لا نستطيع استخدام هذه القوة ضد الحيتان الكبيرة في الدولة، لكننا نستخدمها ضد الذين لا حول لهم ولا قوة، لنظهر قوتنا…. وكما يعلم الجميع المكون المسيحي هو المكون الذي لا حول له ولا قوة في المجتمع العراقي.
قصة صاحبي تكررت مع الوزير البطل، النزيه، وبشهادة الجميع، سركون لازار، ولكن بسيناريو آخر، ولغاية أُخرى، لا تخفى على احد، الا وهي النيل من حركة الجماهير، الحركة الديمقراطية الاشورية. كلنا ثقة بان مصابيح العدالة لا تنطفئ، وان خفتت بقوة (النزاهة!) الان فأنها ستسترد عافيتها وتنير بأشعتها عقول وقلوب القضاء، وتسير بالعراق الى بر الامان…
ختاما لا يسعنا الا نقول بارك الله بكل من يحمل مشعلاً لدعم الوزير البطل، سركون لازار… !

اوراها دنخا سياوش  ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!