مقالات دينية

 القديس ربان هرمز  ܩܲܕܝܫܐܵ ܪܒܢ ܗܘܪܡܝܙ

القديس ربان هرمز  ܩܲܕܝܫܐܵ ܪܒܢ ܗܘܪܡܝܙ

إعداد / وردا إسحاق قلّو

القديس ربان هرمز  ܩܲܕܝܫܐܵ ܪܒܢ ܗܘܪܡܝܙ

     برز رجال أبطال في الأيمان  في تاريخ الكنيسة المقدسة منذ العهد الرسولي ومروراً بالعصور الأولى عندما كانت الكنيسة مضطهدة فأستشهد بسبب إيمانهم الألوف ودرب القداسة مستمر لحد اليوم . وأولئك الآباء الذين نوروا الكثيرين في زمانهم ، وما يزالوا ينيرون الكثيرين لأن سيرتهم الطاهرة تحفز الإيمان القويم في نفوس الأجيال اللاحقة . والكنائس كرمتهم بتأليف كتب السنسكار لنقل سيرتهم عبر التاريخ لكي تقتدي بهم الأجيال . وكنيستنا الكلدانية لم تنظم كتاب السنسكار لقيسيها لكنها لم تقصّر في نقل سيرتهم وأعمالهم ومعجزاتهم إلى أبناء هذا الجيل ومنهم القديس الراهب  ربان هرمز . نفهم من أسمه هرمز أو هرمزد ، بأنه فارسياً ، ونقرأ في سيرته بأنه كان من مدينة شيرازالواقعة في مقاطعة عيلام الأيرانية . ولد في القرن السادس  من أبوين مسيحيين هما يوسف وتقلا . عندما بلغ الثانية عشر من عمره دخل إلى  مدرسة الكنيسة في مدينته فدرس العلوم المدنية والدينية ، وكان شغوفاً في قراءة الكتاب المقدس فدفعته نصوصه وآياته إلى ترك العالم للإنخراط في سلك الرهبنة لكي يبتعد عن الضجيج والمشاكل الدنيوية ويقترب من الله خالقه ويناجيه في صلواته وتأملاته . فمنذ أن كان أبن العشرين ربيعاً أنزوى إلى حياة الزهد والتقشف والعيش حياة التقوى والنسك . قرر زيارة الأراضي المقدسة التي عاش بها مخلصه ، كما نوى الذهاب إلى ديار مصر للتطلع على الحياة النسكية في أديرتها الكثيرة ، وأن الحياة الراهبانية بدأت في أرض مصر على يد الراهب إنطونيوس الكبير ورفقه الرهبان . دخل إلى أرض الرافدين فمر بمدينة ( حالا ) الواقعة على نهر ديالى فألتقى هناك بثلاث رهبان من دير ( ربان بر عيتا ) وهم ” يعقوب من كفرزمار ، ويوحنا المشراحي ، وحنانيشوع من حدياب ” أربيل ”  فأقنعوه بالإقلاع عن عزمه ومرافقتهم إلى ديرهم وذلك بعد أن كشفوا فيه دعوة إلهية صادقة وجهله بما في هذا البلد من مجالات وفرص لتحقيق حلمه  . كذلك شعروا بأن الروح يقول لهم ( لا تدعوه يطير ! إنه صقرً يتفوق في التحلق في فضاء القداسةِ وسيبني كنيستي . إن دعوته أن يكون هنا ) . تبعهم إلى ديرهم وأنخرط معهم ، وأكمل مرحلة الأبتداء ، ثم أجتهد في الدروس والصلاة والعمل وخاصة لإي مجال خدمة أخوته بالمحبةِ والتواضع . برز بين رفاقه في العلم والفضيلةِ والتقوى ن كان يسهر في الصلاة والتأمل والصوم . حاول الأجتناب من المديح فتواضع بين أقرانه لكن صيت قداسته فاح ولا يستطيع إخفائه لأنه عطر كل تلك الكورة بفضائله ومعجزاته ، وأختبر حروب شرسة مع المجرب الذي كان يقومه بالإغراء والتهديد من أجل أبعاده من طريق القداسة .  

   توسم فيه رؤساؤه سمو دعوته للتحلق في فضاء الروح والتكريس الكلي لله فنصحوه بالعيش في ( المحبسة ) لأجل التفرغ للصوم والصلاة والإتحاد الكلي مع الله . فطاع وصيتهم وأنزوى في خلوته لكي  يعكتف مع نفسه ويعبد خالقه ، وهناك دخل في منعطف جديد وهو الإنخطاف ومشاهدة الرؤى التي شهد لها الكثير من المتوحدين قبله ومن نفس الدير . قررالإبتعاد من تلك المنطقة لأنه شعر بأن الله يدعوه إلى خدمة أفضل ، فتبع صوت الوحي فغادر مع الراهب ابراهيم ( أوراها ) إلى دير جبل مقلوب وبعد ست سنوات ، وبسبب جفاء نبع ماء الدير تفرق الرهبان ، فتوجه مع أبراهيم إلى جبل بيث عذري شرق ألقوش  ، وأقاما بجوار كهف فيه ينبوع ماء يتحلب من الصخور . وقد عرف النبع بعين القديس ( عينا دقديشا ) ، الراهب أبراهيم ترك المغارة بعد ثلاثة أيام ليستقر قرب قرية بطنايا وشيد هناك ديراً بإسمه .

   الراهب هرمز مكث في الجبل ، ولما سمع أهل القرى المجاورة بأخباره وأشتموا رائحة قداسته بدأوا يترددون إليه ، لاسيما في حاجاتهم ومحنهم ، فوعدوه بأنهم مستعدين لتقديم له العون متى شاء ، كذلك ( عقبة بن فرقد السلمي ) أمير الموصل الذي تولى الموصل سنة ( 637 ) م بعد شفاء إبنه ( شيبين ) على يد الربان هرمز ، فساعده في بناء الدير حوالي ( 640 ) . يمكن إعتبار فترة تأسيس الدير ما بين ( 628-647 ) في عهد الجاثليق ايشو عياب الثاني . ديره الجميل هو صرح عظيم منقور فس سفح جبل ألقوش تقابله قرى سهل نينوى . ما نفذ فيه من صوامع وصهاريج ومدرجات محفورة على الصخور تثت للشاهد قوة إيمان أؤلئك الرهبان وقوة عزيمتهم في البقاء منعزلين عن العالم ليكونوا قريبين من الله . عَبّرَ الكاتب الفرنسي الأب مارتان الزائر ، أن هذا الدير المدهش وموقعه الجذّاب يجعلان الدير المجيد لا مثيل له في الغرب ، ولا شبيه له في الشرق .

  يعلو بوابة الدير صورة محفورة لحمامة من جهة اليمنى وثعبان من جهة اليسرى . دلالةً على الحكمة والوداعة .   

تقاطر إليه الشباب والتفوا حوله قادمين من مناطق عدة ، ويروي أن خمسين شخصاً من مدرسة أيث آلها في نوهدرا ( دهوك ) قصدوا الراهب هرمز وانضموا إليه ليعيشوا حياة النسك الجماعي ، ولما كثر عددهم بنوا لأنفسهم كنيسة أصبحت الحجر الأساس لقيام دير كبير مأهول بالرهبان ، ونقروا لهم صوامعهم في جبل ألقوش ، كما عاونوهم في قيام الدير أبناء قرى المنطقة متبرعين بالمواد والأقوات لضمان حاجات المنتسبين . وقد برز فيهم متبرع كريم وسخي من سكان باقوفة يدعى ( خودا هوي شوبحي ) .

   توسع الديرفبلغ عدد رهبانه ( 110 ) راهباً لفترة قصيرة .

المعجزات التي اجترحها هذا القديس

  • شفاء المرضى
  • إخراج الأرواح النجسة بقوة المسيح .
  • إقامة إبن حاكم الموصل من الموت وشفائه كلياً سنة ( 642) م .

     وافاه الأجل بعد بلوغه عمر الشيخوخة ( 87 ) سنة ، قضى السنين العشرين الأولى في البيت والمدرسة في مسقط رأسه . و( 39 ) سنة في دير الربان برعيتا ، و ستاً في دير الرأس . و( 22 ) سنة في ديره في ألقوش . أي قضى ( 67 ) سنة في الحياة النسكية . دفن في كنيسة الدير بإجلال عظيم ، ولا يزال قبره قائماً حتى اليوم في مقبرة الشهداء والقديسين . كما دفن في هذا الدير تسعة بطاركة ، الأول مار شمعون الرابع سنة 1497 وآخرهم البطريرك مار إيليا الثالث عشر 1804م .

 تحتفل الكنيسة بذكراه ويقام شيرا باسمه في الأثنين الثالث بعد عيد القيامة ، يشترك فيه أهل ألقوش وقرى مسيحية كثيرة .

صلوات القديس هرمز تكون معنا . وللرب يسوع المجد دائماً .. آمين

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!