مقالات دينية

العجائب والأشفية التي اجترحها ربان جبرائيل

الكاتب: وردا اسحاق

 

 العجائب والأشفية التي اجترحها ربان جبرائيل

 

أعداد /وردا أسحاق قلّو

بقوة صلاة ونقاوة هذا القديس حدثت على يده عجائب كثيرة اجراها الرب يسوع على يده ، هذا القديس الذي اعتصم بالتواضع منذ بدء حياته الرهبانية ،فاختار ان يكون محتقراً ومجهولاً وحتى في شيخوخته عندما دعاه الله لرئاسة دير قفريانوس  . ومن العجائب التي قام بها نذكر معجزة معرفة الأمور قبل حدوثها كمعرفته بالرجل الذي سيشتري العشرة للدير أراد ان يبيعها فارسل راهباً غلى السوق ليبيعها ،فقال له سيأتيك رجل عربي راكباً حصاناً وأسمه عمران وسيساومك في أثمانها ، فلا تسلومه ولا تقبض منه شيئاً ، وإذا قال لك تأن عليّ فآتي لك بأثمانها ، فقل له أن جبرائيل قال : متى يتيسر لديك أثمانها فهلم عندي . جاء الرجل فقال له الراهب ما اسمك ؟ قال له ” لم تسألني عن اسمي ؟ ” فقال له أبي ربان جبرائيل أوصاني بأن رجل عربي اسمع عمران سيأتيك فأعطه الثيران بسهولة وقل له أني أعرف أنه لا يتوفر لديك الثمن ، فمتى يهىء الله لك ذلك فآت به عندي إلى الدير ” تعجب الرجل واعتراه الذهول وعرف ان هذا الرجل عظيم ، وتحقق عمران في داخله أن ديانة المسيحيين عظيمة وسامية وفيها قديسين يعرفون الخفايا فأخذ الثيران ومضى ، وبعد يومين جاء عمران وقرع باب الدير وسأل عن ربان جبرائيل فدخل وخر أمامه على الأرض ،فقبل ربان رأسه وباركه ، وقدم عمران أثمان الثيران ثم امسك برجلي ربان بأحترام وأخذ يناشده بأن يصلي عليه , فقال له ربان ” إذا اقمت الآن عهداً قدام الله بأنك لن تقل المسيحيين فأني سأكشف لك ما سيكون من شأنك وماذا سيحدث لبنيك وبني بنيك ” فأقسم أمامه قائلاً من اليوم فصاعداً وطالما يوجد مسيحيون أمثالك ، فلن أضرهم ، فقال له جبرائيل ” إذا حبست سيفك عن شعب الله فسيورثك الله أنت وبنيك وأحفادك بلاد مركا قاطبة .

عندما كان جبرائيل في دير مار يوحنان جاء رجل من قرية تلا وقال له والحزن باد على محياه : ” أن كروم قريتنا ضربها البرد بشدة وقد بقي كرمي وحده سالماً ” قال له الربان “ يا بني ، أنه تأديب أرسله الله لكم لفائدتكم ، ومن يقبل تأديب الرب يضمد الرب جرحه ، وإذ أتفق أن ضرب البرد كرمك أيضاً فإنما ذلك لخيرك ، وأعلم ان كرمك ايضاً سيتلف ، فإن كان الذنب ذنب الجميع ، فالتأديب يكون للجميع ” . ذهب وعصر كرمه ووضع خمره في دن وسده . ولما عاد يتفقده في اليوم التالي ، إذا بالدن خال لا شىء فيه ، وهكذا تم كلام الطوباوي فعلاً .

 وبينما كان الربان جاساً أمام صومعة مار يوحنان يقرأ في كتاب ، جاء نسراً وخطف جدياً من معز الدير . ولما رأى الجدي ثاغياً والنسر يحمله ويصعد به ، قال ربان للنسر ” لأجل الرب أنزل بتعقل ما أنت حامله ” وكأن شيئاً ثقيلاً علق بالنسر فأنزل الجديدون أن يفترسه ووضعه على الأرض ثم طار . وهذه كانت باكورة عجائب الطوباوي فتعجب كل من سمع من الراعي هذا الأمر ، فقال لهم الربا : لا  تتعجبوا يا أخوتي مما جرى ، فإن ذلك لم يحدث بقوتي ، بل لأجلكم أظهر الله هذه الأمور ، كل الحيوانات تخضع للقديسين والصالحين كما كانت تخضع لنوح في الفلك ، فأنه الله إله الأولين والآخرين .

 

فاجعة وفاة ربان جبرائيل وانتقاله إلى عالم الأفراح

تقدم القديس جبرائيل في عمر الشيخوخة  ، وبدأ المرض يداهم جسده الضعيف فكانت السنين تتعاقب مثقلة كاهله فشرع بالأقتراب من الرحيل إلى المسكن الأزلية التي جاهد في سبيلها . أصاب في الأشهر الأربع الأخيرة بمرض في أمعائه فقرب أنتقاله من هذه الحياة . وصل الخبر إلى كل الأشراف ورؤساء البلاد ، فجائوا لرؤيته ، فلما رأى كل الأخوة أمامه ، شرعت عيناه تفيضان بالدموع ، ولما رأوه باكياً ، قالوا له :

 ( أتبكي أنت ايضاً يا معلمنا وتحزن لموتك ؟ فكيف بنا نحن الخطاة؟ ) فقال لهم ( إني لست أخاف من الموت ، ولست حزيناً لأنتقالي ، بل أخاف من دينونة الرب ، لأن الله يدين بالنار . فإذا كان القديس بولس يرتعش من حكم الله ويقول ” أنه لخوف عظيم الوقوع بين يدي الله الحي ” فمن أنا حتى لا أرتعب ؟ إذا لا أعلم ماذا سيسمعني الديان هناك ، ولا أدري هل حسن عملي أمامه أم لا . هاءنذا ماض في طريق لم أسلكها وإلى حكم لم اختبره ، ووجهه الديان مخوف للخطاة ، وأنا واحد منهم . فليكن صليبه المقدس نصيراً لي أمام عدالته ، وأني واثق برجائه ) .

 ولما بكى الشيخ القديس وأفاض الدموع وتبللت لحيته وعنقه ، أخذ صراخ الجميع يرتفع إلى عنان السماء.

بعد تلك الدموع ، ارتسمت على وجهه جمال النعمة وصار الكل يتعجبون وهم يتفرسون فيه ، ولما رأوا ذلك التغيير السماوي الذي طرأ عليه وأنه استعاد سلامه وساد نفسه الأطمئنان بعد الحزن ، قال له الأخوة الرهبان ” لمن تتركنا يا أبانا ومن يقف لنا من اليوم فصاعداً سوراً ضد الأعداء الذين يحيطون بنا ؟ أنهم سيدمرون هذا الدير المسكين ” ، فأجاب ” أيها الأخوة أهتموا بخلاصكم وفائدة نفوسكم ، واكثروا من الصلاة لأجل الكنيسة والمملكة ولأجلي أيضاً ، فإذا كان لي أسفرار الوجه قدام الرب يوم الخميس القادم ، فلن يبقى واحد من أعدائكم في الحياة ” وكان ذلك بالفعل ، ففي مساء الخميس غادر الحياة ، وفي الخميس التالي فني كل أعدائهم وبادوا وخربت قراهم إلى اليوم . وبينما كان فم الربان مملوءاً تسبحة وهو ينصح الأخوة ويشجعهم لكي لا ينخذلوا أمام الصعوبات والآلام والتجارب ، أسلم نفسه اربه وختم جهاد بطولته ، وسرعان ما امتلأ البيت الذي أستراح فيه رائحةً ذكية .

أجتمع المعلمون مع الطلاب والكهنة والشمامسة والمؤمنين لكي يتباركوا بنعشه وهم يذرفون الدموع ، الرهبان مغتمون على رئيسهم ، والأرامل على مقيت حياتهن ن والأيتام على مربي حرمانهم ، والغرباء على من يلم شعث غربتهم والمرضى والمتضايقون وحتى الأغنياء الذي كان يرفع صدقاتهم إلى السماء وغيرهم فكان الكل يبكون موت من أصبح كلاً للكل مثل بولس الرسول .

دفن في بيت الشهداء في الجهة الجنوبية قدام مرقد عظام الناسك الكبير ربان ” راعيا “ تلميذ القديس قفريانوس ، وكان ربان جبرائيل قد أوصى أن يكون قبره مدوساً مثل قبر أخيه ربان بولس ، وألا يبنى فوقه أي نصب ، وهكذا واراه التراب بأكرام كل أبناء الكنيسة ، كما كانت تستحق عظمة تلك الشيخوخة المقدسة . موت الأبرار ليس موتاً ، بل سباتاً ، فقد صنع الله أعجوبة بعد موته وأنتقاله ، فأتي غلى الدير بمريضين يجلابهما الشيطان ، ولما دخلا بيت الشهداء وسجدا أمام قبر القديس نالا الشفاء حالاً ، وجاء أيضاص رجل فارسي شرس إلى الدير واغتصب حماراً منه ، ولما خرج بالحمار ليذهب ، ضربه الرب بمرض شديد ، فأعاد الحمار مع صدقة وافرة ..  

 المجد والأكرام والسجود والتعظيم من كل الناطقين الذين كانوا وسيكونون لله الذي عنده القديسون هم أحياء ، والذي يصنع كل شىء في حياتهم ومتهم لفائدة جنسنا فهو الذي ناصر الأولين وساعد المتوسطين وقوّى الآخرين . فليمنح بركاته لجميعنا الآن وفي كل أوان وإلى الأبد .

الى اللقاء مع الطوباوي مار يوحنان

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!