مقالات سياسية

الانتخابات العراقية و صراعها مع اللعبة الديمقراطية

حيدر كامل المالكي      

 

الانتخابات العراقية و صراعها مع اللعبة الديمقراطية

(عشنا و شفنا و بعد نشوف)


الحرية و الديمقراطية تنشدها و تطلبها كافة الشعوب دائما و أبدا وتتوق لها وهذا شئ مفروغ منه ولا جدال فيه  ولا أعتقد أن الديمقراطية تجد حاضنتها الطبيعية أن مورست والبلد أي بلد يقع تحت احتلال أو وصاية كما هو في العراق الآن ، وأزعم أن البلد وأعني العراق يعتبر منزوع الإرادة ، وإرادته تسخر وتدار من خلال أكثر من دولة تحيط به ، أو دولة تدعي تحريره ، ولي شواهد كثيرة بذلك لا أخوض فيها
انتخابات العراق البرلمانية حددت بمرسوم جمهوري 12مايو 2018 م وبعد هذا الإعلان بدأت قوائم الحيتان تتسابق لكسب ود الناخب ، وشراء ذمم الناس أن لم نقل شراء أصواتهم ، وتعالت خطابات رجال الدين بمختلف تفرعاتهم للترويج وحث الناس للانتخابات تصريحا وتلميحا  ( المجرب لا يجرب ) وكأني اشتريت سيارة موديل معين وظهرت عيوبها فعليّ أن أستبدلها بشركة أخرى ، وبعد أربع سنين ستظهر عيوب جديدة لتلك السيارة وأستبدلها بماركة أخرى وهكذا ، ويحق لي أن أقول لماذا لا تعلنها المرجعيات الدينية صراحة وتسمي الأشياء بمسمياتها ، أو تشكل قائمة انتخابية تدعوا مقلديها لهؤلاء لانتخابهم ، وحتما ستقول المرجعيات ليس ذلك من اختصاصنا ، ولا ننسى أن هؤلاء ساسة الصدفة لولا فتاوى مراجع الدين لم يصلوا لواجهة السلطة .
قريبا ستنطلق الدعاية الانتخابية مؤذنة بالترويج للمرشحين ولقوائمهم ، الأحزاب الصغيرة وقليلة المال ، وقليلة التمثيل بالحكومة المركزية أو الحكومات المحلية ستحافظ على مواقعها وتمثيلها الطبيعي ، وكل حزب أو تكتل أو تجمع يعرف حجمه ومقاعده ، ورحم الله من عرف حجم نفسه فأثابها ، ومن المحتمل أن هذه الأحزاب الصغيرة ستفقد بعض أصواتها لصالح الأحزاب الأكبر ، وحديثنا ينصب على الحيتان من القوائم ممن لها تمثيلها وسطوتها ومقاعدها في الحكومة والبرلمان والوزارات والحكومات المحلية ومجالس المحافظات ، وهذه الأحزاب تسعى لكسب الأصوات الجديدة لتزيد عدد مقاعدها وممثليها وزيادة مكتسباتها لتستحوذ على ما تبقى من المال العام على حساب أصوات الأحزاب الضعيفة و المهمشة ومن الشباب الجدد الذين حصلوا أخيرا على حق التصويت لبلوغهم السن الذي يسمح لهم بالتصويت ، ووسائل هذه الحيتان لا تمت للأخلاق وللديمقراطية بشئ ، أحزابنا العلمانية مشتتة ولا تجتمع على مائدة حب الوطن ، ويفرقها أطماع السلطة وغيرها ، وأحزابنا الإسلامية لا تؤمن بالديمقراطية ولكنها تؤمن بها وسيلة لتصل لمبتغاها ، وبعد أن ازدادت هذه الأحزاب – الحيتان – خبرة للوصول لصوت الناخب ابتكرت ألاعيب جديدة أقذر من سابقاتها ، قائمة كبيرة راقبت الانتخابات بشكل مفترس للسنين وللدورات الماضية ، وعرفت حجم المرشحين السابقين وما جمعوه من أرقام ، ولغرض وصول قائمته الجديدة للعتبة الانتخابية التي قدروها بشكل تقريبي بدأت عملية شراء أولئك المرشحين مقابل مبلغ مجزي من المال ، وهذه عملية أسهل من شراء أصوات مفردة ، فلان من الناس حصل على 3000 صوت في ما مضى وسعره يختلف عن فلان الذي حصل على 1000 صوت ، والمبالغ المقدمة للمرشح الذي سيدخل القائمة ليست أرقاما قليلة فبعضهم يحصل على 50 مليون دينار عراقي والبعض يحصل على مبلغ أقل وكل حسب سعر أصواته ، وهذه الأيام تعد موسم عمل شيوخ العشائر ممن يرتضي لنفسه أن يكون ذيلا لغيره ، ولا أنكر وجود بعض الشيوخ ممن يأبون على شرفهم وشرف عشائرهم هكذا بيع مخزي ، بعض من شيوخ العشائر يعد الكثير من المرشحين أن أصوات عشيرته له ، ومن الطريف أذكر أن شيخ عشيرة قبض مبلغا من المال من أحد المرشحين واعدا إياه أن يحصل على كذا صوت من المركز الانتخابي المعين ، بعد فرز الأصوات أتضح أن شيخ العشيرة لم يجلب لذلك المرشح سوى بعض أصوات لا تذكر ، فما كان من المرشح القوي وصاحب السلطة والسطوة سوى استرجاع المبلغ المقدم منه لشيخ العشيرة ، المرشحون يدفعون مصاريف باهظة لشيوخ العشائر ليعملوا ولائم تنحر فيها الأغنام والأبقار ويدعى لذلك المنتخبين المؤملة أصواتهم ، ويقال أن سعر الصوت الواحد ببعض المحافظات العراقية وصل الى 250 دولار أمريكي ، و( عشنا وشفنا وبعد نشوف ) كما يقول المنلوجست العراقي الراحل عزيز علي

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!