(من أين لك هذا؟) – مارتن كورش تمرس لولو
مبدأ قانوني مستخدم في كل الدول الديمقراطية التي يتسيد القانون على الجميع سواسية لا تمييز بين أفراد المجتمع، وفق هذا المبدأ يحق للدولة وفق السلطة الممنوحة لها وفقًا للدستور، أن تسأل أي مواطن مهما كانت درجته الوظيفية، عن المال الذي حصل عليه، عليه اثبات مصادر أمواله المقولة وغير المنقولة، فإذا أخفق يتم مصادرتها. فالوزير الذي يرشح لحمل حقيبة وزارة ما في الحكومة الجديدة، عليه قبل أن يستلم الحقيبة الوزارية أن يقدم للحكومة الجديدة مقدار محفظته المالية، أي مقدار المبلغ المودع باسمه أو اسم زوجته في المصارف الحكومية والأهلية، وهكذا عندما تنتهي الفترة الوزارية لكي تتم المقارنة بين ما كان يملكه من أموال منقولة وغير منقولة، ما قبل استلامه الوظيفة الوزارية وبعد انتهاء مدتها. هل في هذا المبدأ الذي أصبح ينفذ في مملكة السويد منذ نوفمبر 2024 أي مضايقة للمواطنين المساءلين؟ قد ينزعج البعض من تطبق هذا المبدأ من قبل رجال الشرطة السويدية التي أصبحت تقف في طريق أي مواطن تشعر بأن ما يرتديه من ملابس وما يملكه من نقد في محفظه، عليه اثبات مصادرها. برأيي لقد تأخرت مملكة السويد في إعتماد هذا المبدأ القانوني، لأن الكثير من الأموال قد تم تهريبها إلى خارج السويد بطرق مختلفة. لأن في تنفيذ هذا المبدأ يعني حماية الأموال العامة للدولة وللشعب السويدي (أجانب مقيمين ومتجنسين ومواطنين أصليين) من أفراد اختصوا في عمليات التهريب. علينا كأجانب رحبت بنا مملكة السويد؛ أن نؤيد تنفيذ هذا القانون: وقد منحتنا ممميزات وحقوق ومخصصات (مالية، صحية، اقتصادية، إنسانية، سكنية) أحيانا دون أن نقدم جهدا جسديا أو فكريا، من باب أننا أناس وبشر ولنا حقوق فقدناها في أوطاننا ها نحن نحصل عليها من بلدية المدينة التي نقيم فيها في مملكة السويد. علينا أن لا ننزعج من رجل الشرطة وهو يوقفنا لكي يحقق معنا أو يفتشنا، لأنه مكلف بواجب به يحمي المال العام الذي يخص الدولة والشعب. دعونا من خلال هذا المبدأ القانوني والإنساني أن لا نتهرب من دفع الضريبة حتى إن تجاوزت نسبها 32% من الدخل لأن نصفها تعود إلينا بعدة طرق، منها على سبيل المثال وليس الحصر، رواتب الأفراد العائشين على الضمان الاحتماعي السوسيال (Socialtjänst)، رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، مخصصات رعاية الأطفال إلى سن البلوغ من جميع النواحي، منها الصحية والدراسة المجانية إلى التخرج في الجامعة… إلخ. من الحقوق الإنسانية التي لولا الضريبة لما تمكنت مملكة السويد من تغطيتها. قد يثأر سؤال هنا: إذا كان كذلك فما هو الحال مع الدول الأوربية التي تقل نسب ضرائبها عن 15%؟ الجواب تقل مقابلها الخدمات العامة، وفق قانون العرض والطلب. لكي يتقبل كل واحد منا هذا الإجراء الجديد والنافذ منذ عدة أشهر، ليعتبر مملكة السويد هي بمقام الوالد الحسن والحنون والعادل الذي لديه عدة أبناء وبنات، بعضهم يدرس وبعضهم يعمل، لكي يغطي هذا الأب العادل مصاريف العائلة، تراه يطلب من أبنائه العاملين الذين لديهم دخول شهرية، أن يساهموا بنسب من رواتبهم قد تصل إلى 40% في تغطية مصاريف إخوتهم الذين على مقاعد الدراسة.
المحامي والقاص
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.