مدينة الله السرية ق3 فص10- مريـــم في مجمــــع أورشليــــم إرتقاؤها إلى السماء وتجـــــاربـــها
الكاتب: فريد عبد الاحد منصور
مدينة الله السرية
القسم الثالث
الفصـل العـــاشـــــر
مريـــم في مجمــــع أورشليــــم إرتقاؤها إلى السماء وتجـــــاربـــها الجديـــدة بعد زيارتها للقديس بطرس ، ذهبت العذراء الكلية القداسة تكرِّم الأماكن المقدسة. كانت محاطة بملائكتها ومتبوعة من الشياطين الذين كانوا يُفتشون دوما على أن يخيفوها بمظهرهم المرعب وتهديداتهم وتجاربهم . ولكن عندما كانت تقترب من كل مرحلة من مراحل الصليب كانوا مُجبرين على التوقف بقوة إلهية على بُعدٍ ما . كانوا يؤدُّون أقله التخفيف من التقوى التي كانت بها تقدِّم إكرامها لإبنها الإلهي. ولكنَّها بالعكس كانت حارة جداً فتوحي لهم بخوفٍ لا يغلب .و كانوا يشعرون عدا عن ذلك بقوة تخرج منها فتسحقهم وتعذِّبهم وتردُّهم إلى الوراء بزئير مخيف .وعندما وصلت إلى جبل الزيتون ظهرها لها إبنها القدُّوس بجمال ومجدٍ فائقَي الوصف وأظهرها لها مشاعر حنان ألهّتها ايضا بالأكثر . وهذه المواهب ، قال لها ، هي جزء من ثواب التواضع والطاعة التي مارستها نحو القديس بطرس بتتميمها أوامره وتفضيلها هذه الاوامر على ممارستها التقوية وراحتها . وقد وعدها أيضا بالعون ضدَّ الشياطين الذين أظهر لهم فيها شيئاً جديداً يؤمِّـن لها من جديد رِفعتها العظيمة عليهم .ولدى عودتها إلى عِلية صهيون ، كانت موضوع تجاربهم ولكنَّهم شعروا بأنها كانت ككرة مقذوفة إلى حائط من البرونز على مَن قذفها . فتقهقروا بسخط متزايد ضدَّ أنفسهم وضدَّها.ولكنها يسترجعون شجاعتهم للحال ويرتدُّون للأخذ بالثأر بهجومات جديدة . كانت الطوباوية مريم تقابل هذه التهديدات الساخطة بالإحتقار الكبير الذي تستحقه. ومع ذلك استنجدت وهي وحيدة في مُصلاَّها بعون الله كما لو كانت أضعف جميع المخلوقات. وطلبت منه ايضاً بأن يجعل، في المجمع القريب ، بذار الحقيقة الإنجيلية النقي يتميَّز عن قشِّ الإحتفالات الموسوية اليابس .وفيما هم بالإنتظار ،وصل إلى أورشليم القديسان بولس وبرنابا وهما على أحرَ من الجمر لرؤيتها فتوَجها تـوَّا نحوها . وقد كانا مقتنعَين بأنه قبل كل شيء لا يمكن ان يُفضل أحد على أمِّ الله . فارتميا على قدميها ساكبَين دموع فرح غزيرة . أما فرحها فلم يكُن أقل لأنها كانت تُحبُّهما كثيراً بالرب بحنان فريد من أجل غيرتهما . فسجدت بدورها امامهما وقبـَّلت يدهما وطلبت بركتهما . وحصلت عندئذٍ رؤيا للقديس بولس رآها فيها متسربة بالألوهية . فقال لها بعدئذٍ فيما هو مشبع وقاراً وحباً لها : ياأمَّ الرأفة ، إصفحي عن هذا الخاطئ الحقير الذي أظطهد إبنك القدوس . ـــ يابولس خادم الله ، أجابت ، إن كان فاديك قد جعل منك إناءً مختاراً كيف لااصفح عنك أنا خادمته ؟ إنَّ نفسي تمجده من أجل صلاحه نحونا . فشكرها القديسان بولس وبرنابا على كلِّ الخدمات التي قدَّمتها لها وطلبا حمايتها من أجل المستقيل .وتوَّجها بعد قليل إلى الإجتماع الذي دعا إليه القديس بطرس وقد أصرَّ بأن تحضرهُ ملكة الكنيسة على الرغم من أنها أعتذرت عن ذلك تواضعاً . وقد قررَّ بان يكون الاستعداد لذلك أولاً بعشرة ايام من الصلاة لاستنزال أنوار الروح القدس ويُحتفل بالذبيحة الإلهية في اليومين الاول والاخير . فجهزَّت العذراء الكلية القداسة علية صهيون كما فعلت من قِبل . وفي اليوم التالي ، أحتفل القديس بطرس بالقداس الإلهي . ولمـَّا حان وقت تقديس أمتلأت العلية نوراً عجيباً ورائحة ذكية. وتقبَّل الرسل والتلاميذ المناولة من يد رئيسهم وكالعادة ارادت ملكة الكون أن تكون الأخيرة . ثم إنسحبت إلى مصلاَّها حيث قضت طيلة هذه العشرة أيام من غير أن تخرج منه دون طعام وبدون أن تتكلم مع أحد . وكم من الأسرار المجيدة حصلت عندئذٍ بينها وبين السماء !بعد أن دخلت إلى هذه الخلوة بأبَهة أكثر من ذي قبل رفعها الملائكة بالجسم والنفس إلى السماء بينما جلس واحد مكانها آخذاً أيضاً مظهرها لكي لا يلفت غيابها نظر أحد . وعندما وصل هذا الموكب الفخم إلى مافوق أمر العَليّ لوسيفورس وبقية الشياطين أن يمثلوا بحضرة ملكة الكون بأجمعه . فرأتهم على حالهم وكان بوسع منظرهم أن يُسبِّب لها شعوراً منزعجا لكثرة قبحهم ولكنها كانت حاصلة على نعمة إلهية تمنع عنها الشعور بالألم . ولم يكن الأمر نفسه يحصل بالنسبة إليهم . فقد كانوا اشد ذعراً بسبب هذه الأمتيازات عندما رأوا في قلبها الأعراض السرية الأفخارستيا وسمعو صوت الرب يتـلـَّفظ بهذه الاقوال : سأدافع دوماً عن كنيستي بواسطة هذه المرأة التي ستسحق رأس الافعى . فشعروا بألم مخيف وارسلوا صرخات رهيبة ، فليُحدِرنا الله حالاً إلى جهنم ولايجعلنا نتوقف أمام هذه الإمرأة التي تُعذِّبنا أكثر من لهيب النار . فأوقفهم الربُ بعض الوقت أيضاً ليعلـِّمهم كيف يخافون بالأكثر من معلمة جميع المخلوقات ، وكلـَّفها بأن تسمح لهم هي ذاتها بالأنصراف . فأعطتهم هذا الأمر وللحال سقطوا إلى هوَّتهم بزئير أخاف الهالكين .وبعد هذا الظفر ، تابعت طريقها نحو السماء حيث أستقبلت بفورة فرح ومكثت اربع وعشرينساعة . فسألت الثالوث الأقدس وهي ساجدة أمامه أن يرشدها إلى القرارات التي سوف تتخذها في مجمع الرسل المقبل . فدعمت إنسانية إبنها القدُّوسة صلاتها واستجابها الأقانيم الإلهية الثلاثة ، وكضمانة لهذا القبول رأت الطوباوية مريم هيكلاً عظيماً خارجاً من الألوهية كأنهُ مصنوع من الماس والكرستال مع زينة غنية مُرصَّعة بزُخرف من الألوان المختلفة . وسلـَّم الثالوث الأقدس هذا الهيكل لأنسانية يسوع المسيح الذي اتَّـحد به بطريقة عجيبة واعطاهُ بعدئذٍ إلى أُمه. وحالما أستلمته أنغمرت ببهاء جديد ونعمت وسطه بالرؤيا التجريدية مدة ساعات طويلة .بعد جميع هذه الإنعامات أعادها الملائكة إلى عِلية صهيون. وكانت تحمل بين يديها الهيكل السرِّي الذي سلمـَّها إياه إبنها القدوس كرمز للكنيسة التي كانت عزيزة جداً عليها .ومن اجلها صلـَّت بالأخص طيلة التسعة أيام الباقية وفي اليوم الأخير أقام لقديس بطرس الذبيحة الإلهية واعطى المناولة للجميع كما فعل في اليوم الاول. وبعدئذٍ ناقش المجتمعون نقاطاً عدة تعود إلى الإيمان والإحتفالات المقدَّسة . وأخيراً كتثيبت للقرارات المتخذة ظهر الروح القدس بشكل نار وقد جُـدد هذا الظهور في أنطاكية بحضور المؤمنين عندما تـُليت أعمال هذا المجمع الأول عليهم .شكرت العذراء الكلية القداسة الله على هذه النتيجة. وبعدئذٍ سمحت للقديس بولس بالأنصراف وللقديس برنابا وسائر الرسل بعد أن زودتهم بذخائر سيدنا يسوع المسيح . فأنطلقوا مُفعمين شجاعة جديدة وثقة جديدة حتى يقوموا برسالتهم الصعبة. لقد رغب الشياطين جداً أن يُعكِروا صفاء الجو في العِلية ويشوِّشوا مَن كان مجتمعاً فيها ولكنَّهم لم يستطيعوا أن يقتربوا من هناك بسب الخوف الذي مستولياً عليهم من ملكتنا غير المقهورة. كان لوسيفورس يدور حولها زائراً كالأسد وممتلئاً غيظاً من عدم قدرته عليها فأوحى لآربع ساحرات من أورشليم مُهاجمة حياتها.ولكنَّ كلَّ أذيَّتهم سقطت بطريقة يُرثى لها. فعملت مريم الرؤوفة بكل سخاء من أجل إرتدادهُنَّ بصلواتها وأعمالها الصالحة. فأفادت واحدة مُنهُنَّ فقط من صلواتها سـرَّ المعموذية .لم تـثنِ جميع هذه العزائم تماماً خبث لوسيفورس . وكان يجب على الحرب التي شهرها إبليس في السماء قبل سقوطهُ أن تتجدد على الارض ، ومن أَجل ذلك سُمح له أن يُجرِّب الكلمة المُتجسِّد وأمَّه السامية الوقار حتى ينتصر بمجد على خبثه .وبما أنَّ المعركة الثانية تتماشى مع الأولى كان من الطبيعي أن يضعها القديس يوحنا بسفر الرؤيا بنفس الألفاظ ونفس الألغاز.وكما أنَّ لوسيفورس والعذابات الجهنمية ، فقد تكبدُّوا بعد الثانيه مشاق عارضة ومتناسبة مع ثورة غيظهم ضد ملكة الظفر.وبسبب النتيجة السعيدة لهذا الصراع الشهير أغدق سيدنا على أمَّهُ المح*بو-بة مواهب فائقة الطبيعة فاقت مفاهيم جميع الخلائق . ولكن لوسيفورس كان يجهلها وبقي عنده أمل مُبهم . وكما يحصل دوماً كان يرتاب من أنَّ السماح له بتجربة العذراء البرئية من الدنس قد اشرف على نهايته فأراد أن يفيد من هذا الوقت القليل بزيادة من الجرأة والغضب. فأبتدأ هجوماته الجديدة بتكليفه رجالاً متقدمين بالفن السحري أن ينتزعوا الحياة من تلك التي كانوا يدعونها عدوة لهم. وقد حاولوا مراراً القيام بهذا الأثم ولكن بدون اي نتيجة . فعاملهم لوسيفورس المغتاظ منهم ايضاً بدون شفقة . وامام عدم نجاح هذه الطـُرق قررَّ أن يُشهر على العذراء الكلية القداسة هجوماً كبيراً مستعملاً فيه تقريباً جميع الشياطين . هذه المعركة كانت عظيمة جداً وماشوهدت قط حتى الآن ولن تُشاهد حتى نهاية العالم.فاجأ تنانينُ ملكتنا في مُصلاَّها ووجَّهوا جهودهم الأُولى ضدَّ حواسها الخارجية. فملأؤا الهواء بعوامل غريبة . وبزئير وضجيج مُخيفين جداً حتى ظهر وكأن آلـة العالم ستتحطم. ولكي يجعلوا هذا المشهد مخيفاً اكثر فأكثر إتخذوا عدة أشكال خارجية مختلفة، البعض شكل شياطين ذات شناعة مرعبة والبعض الآخر شكل ملائكة من نور وشهروا حرباَ ظاهرية فيما بينهم وسط الظلمات . وأجتهدوا عاملين ذلك طيلة إثنتي عشرة ساعة زارعين الأضطراب والرعب في نفس مريم الإلهية . اي شخص غيرها لكان مات من الخوف. ولكن كل هذه الأظطرابات الجهنميه لم تستطيع أن تجعلها تتأثر ولو قليلاً أو أنَّ يتغير منظر وجهها أو يظطرب هدؤها الداخلي .فأستعان الشياطين بعد ذلك ، باذلين جهدا أخيراً ، بالتجارب الداخلية. فاستعملوا جميع الحيل وجميع القوى العنيفة متخذين لذلك إيحاءات كاذبة وخيالات مغرية وعداً وتهديداً غير تاركين أيةً فضيلة دون مهاجمتها بالرذيلة المعاكسة. ولم يكن لهذه التجارب أيُّ نتيجة سوى إنتصارات واستحقاقات الملكة غير المقهورة.وعندما استنفذ الشياطين المغلوبين كلَّ خبثهم عبثاً، صلـَّت إلى الربِّ أن يُنهضها ويحكم بأمرها كما قال داود حتى يهرب من حضرتها أعداؤها المهزومين. وللحال نزل الكلمة المُتجسِّد إلى عِلية صهيون على عرش العظمة السامية. وكانت ترافقهُ أجواق لاتُحصى من الملائكة مع آدم وحواء والقديسين يواكيم وحنة والقديس يوسف وعدد كبير من البطاركة والأنبياء. وعند رؤيته سجدت له أمُّه القدوسة بعبادة حارة. أما الشياطين المذعورين من حضوره الذي كانوا يشعرون به دون أن يًروه فقد حاولوا الهرب، ولكنه أمسكهم بسلاسل ووضع طرفها بأيدي مريم الظافرة .وعندئذٍ سُمع صوت خارج من العرش : اليوم سينقضُّ عليكم غضب العَّلـيَّ وستسحق رأسكم إبنة آدم وحواء كما ورد ذلك من قبل . وللحال رُفعت مريم من الارض بواسطة ستة من أجمل ملائكتها السرافيم الذين كانوا يحيطون بالكلمة المتجسد ووُضعت إلى جانب عرشه. فألتحفت بكثير من البهاء حتى أصبحت نظير الشمس. وظهر القمر تحت قديمها دلالة على أنها كانت تطأ كل شيء أرضي عابر ممثل بتحولات هذا الكوكب . ووُضع على رأسها تاج من إثنتي عشرة نجمة رمز الكمالات الإلهية التي سُلمت إليها وأخيراً كانت تصرخ من آلام المخاض بالنفوس المُتصلبة أغلب الأحيان .وفيما كان التنين الأشقر وبقية الوحوش الجهنمية يتعذبون للغاية من تحدِّي رؤيتها موثقين من المرأة نفسها التي جرَّبوا أن يهلكوها مرات عديدة . أيتها المرأة ، كان يقول رئيس الشياطين ، إسمحي لي بأن أهبط إلى الهاوية . لا أستطيع بعد أن أبقى بحضرتك ولن أعود إلى هنا ابداً .إني أُ قرُّ بأنتصارك. آه يا أولاد آدم الأغبياء لماذا تتبعوني ؟ إنّ نكرانكم للجميل لهو أبشع من نكراني وبينما كان يرسل هذه التنهدات ظهر أمير الجند السماويين القديس ميخائيل ليجدِّد هو أيضاً حرب السماء الأولى باسلحة الذكاء . فوَّبخ مع ملائكته الطغمة الجهنمية على كبريائها وعصيانها وجرأتها التي لاتطاق بأضطهاد وتجربة الكلمة المتجسِّد ورموا عليها تفاصيل حرمهم. لقد جرَّب الشياطين عبثاً تبريراً أنفسهم أو تقديم الأعتذارات ولكن جميعها بقيت خاطئة وممقوتة .واخيراً ساد الصمت. عندئذٍ توجَّه ربُّ الجنود بهذه الأقوال نحو العذراء الطوباوية : ياأمي المح*بو-بة، أنت المحامية والملكة والمعلمة لكنيستي . فاستعملي السلطة التي أعطيتُها لك ومرُي الشيطان الجهنمي بأن لايعود يزرع بالكنيسة، طالما أنتِ فيها ، زؤان الهرطقات التي أخترعها . إكسري كبرياءه واسحقي رأسهُ . وبعد هذا الأمر ، منعت مريم السامية التنانين الجهنمية من أن تنشر المغالطات التي استنبطوها بين المؤمنين . بعدئذٍ طُردوا من حضرتها وهم مكبَّـلين بالسلاسل . وعندئذٍ تفوّه الملاك ميخائيل بأقوال النصر هذه: الآن ثُبت خلاص إلهنا. وتدهور مُتـَّهِم إخوتنا وأنتصروا عليه بدم الحمل . فأبتهجي أيتها السموات !وفهمت الظافرة العُظمى أنَّ هذه هي إرادة إبنها ، فأمرت الشياطين بالنزول إلى دركات النيران. فقضوا بعض الوقت ينفثون غيظهم الفاقد القدرة بعويل مخيف بينما كان الملائكة القدِّيسون يرنِّمون أناشيد التسبيح للكلمة المتجسد وأمِّه الوقور.وأخيراً سجدت العذراء الكلية القداسة أمام عرش إبنها ووعدته بأنها ستضحي بذاتها من أجل كنيستهُ وطلبت بركتهُ. وبعد أن نالتها مع بركة القديسَسن يواكيم وحنة والقديس يوسف عادت الفرقة السماوية كلها إلى مسكنها الأبدي . إرشادات العــذراء الكلية القــداسـةيا إبنتي ، إن الثبات غير المقهور الذي كنت أجابه به الهجومات الجهنمية العنيفة تُقدِّم لك أمثولة من أهم الأمثولات حتى تثابري على الثبات في النِعمَة. إن الطبيعتين الإنسانية والملائكية تختلفان جداً عن بعضها حتى عند الشياطين . إنَّ الطبيعة الملائكية هي غير قابلة للتعب بينما الطبيعة الإنسانية تخور للحال وتسقط لدى أول معاكسات للفضيلة . ولكن العلي يحدِّد ويوقف قدرة الشيطان ويسند ضعف البشر بجميع الأستنباطات الضرورية لأنتصارهم.ولذا فإنهم يُعذرون عندما يتأرجحون بتجاربهم حتى لاتكون لهم مشقة المقاومة بالأندفاع الذي يشعرون به نحو اللذة الحسية. إنَّ الشيطان بحيلهِ جهنمية يعظمُّها أمام مخيلتهم حتى يغرُهم بينما يغالي في الوقت نفسه بمرارة الحرمان. ولذا بأضطراب متكرِّر قدر ماهو مخيف بنظر الله وأولياته ينظر إلى هولاء الناس الضعفاء جداً بخدمة السيد ويظهرون أقوياء بخدمة الشيطان وبتتميم جميع إلهاماته وهي أمور اصعب واشق بكثير من تتميم واجباتهم الدينية.وهناك أيضاً بعض الأشخاص الذين تدفع بهم طبيعتهم نحو الكمال الذي يخافون صعوباته أكثر من اللزوم. فليتشبَّهوا بالحريَّ بالقوة التي قاومت بها الجحيم كلها بهدوء سام من غير أن أضطرب البتة أثناء هذه التجارب وحتى من دون أن أعيرها أي أهتمام لأنَّ هذه أفضل وسيلة لمحاربة كبريائه . وسط هذه المحن لم أترك نفسي تذهب نحو الفتور فبدلاً من تخفيف ممارستي التقوية كنت بالعكس أضاعف صلواتي ودموعي كما هو ضروري بالحروب مع الشياطين. لقد استولى عليه الذعر عندما كان يشاهد في قلبي إبني الإلهي تحت الأعراض السرية. وهذا يحصل دوماً فالإفخارستيا تظلُّ دوماً أداة رُعب للجحيم. وهي بالنسبة إلى جميع المحاربين سلاح قوي . وبواسطتها يصبحون غير مقهورين .
..