مقالات دينية

السجود للصليب المقدس

السجود للصليب المقدس

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال الرب يسوع للمجرب ( للرب إلهك تسجد وإياه وحدهُ تعبد ) ” لو 8:4″

    السجود والعبادة هي لله وحده، وإلهنا إله غَيّور يحتدم غضبه لمن يعبد ، أو يسجد لإله آخر ، وهذا ما وضحهُ لنا العهد القديم في شريعة المحبة ( طالع 16:6 ) . فهل يجوز أن نسجد للصليب المقدس ؟ نقول في صلاتنا الطقسية ( نسجد لألامك أيها المسيح ونباركك لأنك بصليبك المقدس خلصت العالم ) علينا أن نفهم عقيدة الصليب في إيماننا ، فنقول رسم علامة الصليب يعني الإعتراف بالثالوث الأقدس ، وبإله واحد ، وعقيدة رسم الصليب هي أصغر طقس كنسي نمارسه كل يوم قبل الصلاة لكنه يحتوي كل العقائد اللاهوتية المسيحية . إنه قوةُ عظيمة نستخدمها قبل البدء بكل الأسرار الكنسية وقبل الصلاة وعلى الطعام ، بل نحارب بالصليب كل قواد العدو ونقهرها . وبقوة الصليب نحتمي لأننا به نعلن إنتمائنا وخضوعنا ليسوع المسيح المصلوب الذي إختار الصليب مذبحاً له .

  وبالصليب نفتخر أكثر من كل علامة ، بل صار الصليب شعارنا رغم أن فترة صلب المسيح كان فيها المصلوب ضعيفاً ومُهاناً . فعلى كل مسيحي أن يقول كبولس الرسول ( حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح ! وعندي أصبح العالم به مصلوباً ، وأصبحت أنا مصلوباً به عند العالم) ” غل 14:6 ” . إذاً للصليب مكانة عظيمة للمؤمنين بالمسيح ، فهل يجوز أن نسجد له ، علماً بأن الرب يسوع قال للشيطان الذي طلب منه السجود له ( للرب إلهك وحدهُ تسجد ، وإياه وحده تعبد ) أي قال للمجرب عليك أنت أن تسجد لي .

  الكثيرين يفسرون السجود أمام الصليب بأنها عبادة وثنية ، لأن السجدود هو لله وحده ، لكن علينا أن نفرق بين عبادة الأوثان ، والعبادة المسيحية وخاصةً موضوع السجود للصليب المقدس ، فالسجود للصليب غايته السجود للمصلوب عليه ، فسجودنا لا يقف عند مذبح الصليب ، بل إلى جسد الرب المقدس الذي صلب عليهِ . كما علينا أن لا ننسى دم المسيح الذي سال على خشبة الصليب وإقترن بمادة الصليب . فلا يجوز أن ينفصل الإله المصلوب عن خشبة الصليب ، وإن أنفصل سيصير الصليب وثناً ، لكن الله إتحد بمادة الصليب لتصير مقدسة ومباركة .

  عابدي الأوثان يسجدون للأصنام والحيوانات والكواكب بمعزل عن الله ، لذلك نقول عبادتهم باطلة ومرفوضة من قبل الله . أما المسيحي فعندما فعندما يسجد أمام مادة الصليب يعلن إيمانه بأن الله يتجلى فيه وأن المادة في نظر الله ستصبح مقدسة لأنه يتحد بها ليصبح الإثنان واحد وكما يتحد مع مادة الخبز والخمر ليحولها إلى جسده ودمه فتصبح لنا قرباناً مقدساً فنسجد بكل خشوع وإيمان أمام القربان المقدس في كنيسة الرب ، أو في الشارع عندما يصادفنا الكاهن يحمل القربان إلى بين المريض . وهنا نقول إننا نلتقي مع الله من خلال هذه المواد المقدسة ، ففكرتنا تتقاطع مع إيمان الخنوصية بالمادة التي كانوا يعتبرونها شراً .

   إذاً عندما نسجد للصليب فهذا يعني إننا نسجد للمصلوب إلهنا الذي أتحد مع الصليب كعلامة صلح بين الله والبشر . لهذا قال بولس في ” قول 2 ” (ومحا ما كان علينا من صك للوصايا وألغاه إياه على الصليب ) بقصد صار ما بين الصليب والمصلوب إتحاد مطلق ، فصار الصليب علامة خلاص لأبناء العهد الجديد . وبالصليب يبارك الراعي رعيته ، وكذلك يرفعه في كل أسرار الكنيسة السبعة . والصليب هو المفتاح الوحيد للخلاص ، وكذلك هو السلم الذي يرفعنا إلى السماء كما رفع المسيح .

 أخيراً نقول ، السجود للصليب يعني السجود للمصلوب عليه ، وبهذا يخلق علاقة بين المؤمن الساجد ، وبين المسيح ، وعليه أن يحمل الصليب ويتبع سيده وكما حمله هو ، وبهذا سيتم وصيته مجاهداً مثله . ومن أراد أن يتبع المسيح فليكفر بنفسه ، ثم يحمل صليبه ويسير خلف صليب الذي مات من أجله . وبهذا نرضي الرب الذي يجاهد فينا عندما نحمل صليبه ونسجد له ، فأننا نعرف بأننا نعبده ونخدمهُ ونكمل وصاياه ونسجد له أمام صليبه المقدس .  

مجداً لأسمه القدوس .

 التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!