طرق مختلفة للصلاة
طرق مختلفة للصلاة
بقلم المطران / حبيب النوفلي
خلال زيارات للعائلات لا اجد سوى جواب واحد عندما اسألهم كيف يُصلّون في البيت أو لوحدهم . الجواب هو بعض الصلّوات بعدد اصابع اليد وهذه خالية من الصمت والتأمل ونادرا ما لديها وقع في قلب المصلي وتدفعه نحو تقدم روحي لذلك نجد الجفاف الروحي والخشونة لدى الكثيرين في التعامل اليومي . أغلبها تتلى كواجب لا يستغرق سوى دقائق او اكثر
لأن للتأمل دور كبير في الصلاة ولأن الإعلام والعمل الشاق يقاوم كل محاولة لذلك فقد فكرت ان أكتب عن طرق مختصرة هي موجودة منذ مئات السنوات لكن لا يتم تسليط الضوء عليها في ليتورجياتنا الا نادرا
:مثلا
1-عندما كنّا نصلّي ونحن في الأخويات او مع العائلة منذ عشرات السنوات كانت للآية الأولى من مزمور 70 دورا كبيرا في بداية الصلاة وللتأمل وهي:
أَللَّهُمَّ أَسرعْ إلى إِنْقاذي يا رَبِّ إِلى نُصرَتي.”
هذه يمكن ان يكررها المصلي لتتحول الى صلاة تأملية دائمية وفي اي زمان ومكان . انها تجعلنا في علاقة مستمرة مع الرب
2- كذلك مع افتتاحية المزمور 51 حيث يمكن تكرار الآية حتى لو في قلوبنا اي بصمت وخشوع وروح توبوية ونقول:
“ارحمني يا الله كعظيم رحمتك”
3- كذلك لنتذكر صراخ اعمى برطيماوس (اعمى اريحا) المتكرر في إنجيل لوقا حيث قال “رُحمْاكَ يا يسوعَ ابنَ داود!” نستطيع ان نرددها يوميا ولعدة مرات ليلا ونهارا مع تأمل في مشهد الإنجيل حيث يسوع مع تلاميذه وتزاحمه الجموع وهو يتجه الى هيكل اورشليم
4- وهنا نشير الى تضرع للعشار عندما صعد الى الهيكل ولم يرفع رأسه بل قال : “أللهم ارحمني انا الخاطئ” وقد مدحه يسوع . هنا نجد دور حركة الجسد نحو القلب
5- وهناك قصة السائح الروسي في دروب الرب التي كتبت في القرن 19 حيث اراد هذا المسيحي ان يرشده احد فذهب في غابات روسيا الى متصوف نصحه بأن يردد دائما
“أيها الرب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ!”
هذا الكتاب موجود نصه في الإنترنت وهو من روائع ما صدر
6- وعندما زرت وحاورت متصوفا لبنانياً (الأب يوحنا خوند) قال لي انه يكرر عبارة (اشكرك يا رب) عشرة الاف مرة باليوم كي يحافظ على علاقته الروحية مع يسوع اثناء العمل . اضافة الى الليتورجيا والقداس اليومي
7- اخيرا كان القديس الأب بادري بيو يكرر في صلاته كل يوم عبارة “ابقى معي يا رب”
اعلاه كانت سبعة امثلة وهناك غيرها
ان معظم هذه الصلّوات تدخل ضمن صلاة القلب التي اشتهر بها الروحانيون المشرقيون . وتسمى القلب لأنه رمز لمركز شخصية الإنسان اي مبدأ وجوده. وهناك يلتقي بالروح القدس . العديد من المسيحيين موجودين ولكن للأسف لا وجود لهم ، لآن وجودهم اي هويتهم كي تتحقق يجب ان تكون مرتبطة بالمسيح كل لحظة ؟ لقد ربط الروحانيون بين خفقان القلب والعقل البشري كون القلب يتجاوب مع طبيعة الشخص النفسية والروحية وتأثير افكاره
جدير بالذكر ان هناك العديد من الشخصيات في العهد القديم اعتمدت على الصمت مثل النبي ايليا ، والإصغاء مثل الطفل صموئيل (النبي فيما بعد) وحنة النبية في الهيكل وشمعون الشيخ وغيرهم . متمنيا لكم حياة روحية اقوى وسط ضوضاء العالم
نتمنى ان يبدأ الإهتمام بها خصوصا في التعليم المسيحي الذي اتجه نحو البعد الخارجي للإنسان تاركاً هذه الروائع خلفه