مقالات

دور نادى الزمالك فى مسرحية التغييب! – حسن مدبولى

الزمالك، بطل رئيسي
في مسرحية التغييب !

عندما نتأمل الدور الذي تؤديه كرة القدم في مشهد الإلهاء الشعبي، غالبًا ما تتجه الأنظار إلى النادي “الأكثر جماهيرية” المدعوم رسميًا، بوصفه الأداة الأبرز في صناعة الوهم الجماعي، وتوجيه العقول بعيدًا عن أزمات الواقع ومآسيه.
لكن، هل يُعقل أن تنجح هذه اللعبة السحرية من طرف واحد؟ هل يكفي نادٍ جماهيري مدعوم لخلق معركة مشتعلة، دون وجود “غريم عنيد” يؤدي دور المنافس الأبدي في صراع محسوم سلفًا؟
بالطبع لا.
فبدون وجود هذا الخصم “التقليدي” – الذي يبدو قويًا ومشاكسًا – لن يكون لانتصارات الفريق المدعوم طَعم أو معنى. ولن تشتعل شرارة الح*ما*س والتعصب والانقسام الجماهيري، التي تُبقي الملايين منشغلين بـ”معارك فارغة”، بعيدًا عن وجع الواقع وانهياراته اليومية.
وهنا تحديدًا يظهر نادي الزمالك كركيزة أساسية في مشهد “التغييب الكروي”، لا باعتباره طرفًا خاسرًا دائمًا، بل باعتباره لاعبًا حيويًا في معادلة الإلهاء. فهو يسهم – بفوزه أو هزيمته – في توليد موجات متناقضة من الفرح والشماتة والاحتفال والانكسار، وكلها مشاعر تُستهلك بكثافة، لكنها لا تغيّر شيئًا من حال الناس أو أوضاع البلاد.
المفارقة المؤلمة أن بعض أنصار الثورة والتغيير – أو من يدّعون ذلك – يتباهون بانتمائهم للفريق الذي اعتاد قهر الزمالك، كأن معركتهم المصيرية في الحياة هي الفوز في ديربي كروي، لا في معركة الكرامة والحرية والعدالة!
أما عموم الجماهير، فنسمع من بعضهم – بصدق أو بسخرية – أن “الزمالك مخلوق لإسعادنا!”، وكأن وجوده قدريّ، يؤدي دور “الضحية الأبدية” التي تُبهج الآخرين بانكسارها، وتُخفف عنهم وطأة الفقر والقهر واليأس.
وبهذا المنطق، يتحول الزمالك إلى كنز استراتيجي في مشروع “الإلهاء العام”، إذ يضمن استمرار مشاعر الانتماء والانفعال والتفريغ النفسي، في لعبة درامية كبرى تخدر وعي الناس، وتُنسيهم المصائب التي تحيط بهم من كل اتجاه.
ولا يمكن إغفال دور بعض الإعلاميين والنجوم الذين يتقنون اللعب على أوتار هذا الاستقطاب، فيُحوّلون مباريات الكرة إلى “معارك وجودية”، وهزائم الزمالك – حتى أمام فرق أجنبية – إلى مناسبات احتفال وطني، تتجاوز في رمزيتها ما تبقى من فرح بالإنجازات الحقيقية المفقودة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!