مقالات سياسية

مصالح السنوار الشخصية تغلب على أوجاع شعب غ*ز*ة

لوحت حكومة الاحتلال الإ*سر*ائي*لي خلال الساعات الأخيرة بالهدنة، وأبدت نيتها في السماح بدخول المساعدات الغذائية إلى قطاع غ*ز*ة، في محاولة لترطيب الأجواء الملتهبة سواء على الصعيد الداخلي الفلسطيني أو على الساحة الدولية ضد جرائم ومجازر إس*رائي*ل التي ترتكبها يوميًا في حق الشعب الفلسطيني، بعد ما مارست سياسية “التجويع” لق*ت*ل الشعب الغزاوي بالبطيء.

المعطيات الأخيرة تشير إلى وجود نية لدى إس*رائي*ل في الاتفاق على هدنة مع حركة “ح*ما*س” ولعل ما دفعها لهذا الموقف، هو الرفض الأميركي لخطة “نتنياهو” لاجتياح رفح، بجانب الموقف المصري والقطري والأردني ضد هذا المخطط الصهيوني الذي يستهدف ارتكاب مزيدًا من المذابح ودفع الفلسطينيين إلى خارج أرضهم حتى يخلو الجو لإس*رائي*ل من أجل وضع يدها على مزيد من الأراضي وتهويد فلسطين بالكامل.. ولكن هل ترتضي “ح*ما*س” الهدنة؟ أو تجلس على طاولة المفاوضات لحقن دماء الفلسطينيين، والتفكير بعقلانية من أجل شعب يُمارس ضده أبشع المجازر كل يوم؟

يبدو أن حسابات قيادات حركة “ح*ما*س” وخاصة يحيي السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غ*ز*ة، لا تريد أي هدنة، بل تبحث فقط عما يخدم مصالحه الشخصية على حساب شعب يتم تصفيته يوميًا بألة الإبادة الجماعية الإ*سر*ائي*لية، التي لا ترحم صغيرًا ولا كبيرًا.. فلماذا لا يخضع “السنوار” ويضع حدًا لهذه الحرب الشعواء؟

ربما يستهدف رئيس المكتب السياسي لحركة ح*ما*س في قطاع غ*ز*ة، المختفي منذ أكثر من 4 شهور، حشد الفلسطينيين في الضفة الغربية والعرب في داخل إس*رائي*ل و”ح*زب ال*له” اللبناني خلال شهر رمضان الجاري لقلب الطاولة على إس*رائي*ل، وواقعيًا هو مازال يتمسك بموقفه “المتشدد” إزاء المفاوضات بعدما فشل فشلًا ذريعًا في الاستعانة بجبهات أخرى في الحرب، لكنه يأمل أن تُحدث الأيام القليلة المقبلة فرقاً، بتغيير ميزان القوى وإجبار إس*رائي*ل على التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار في غ*ز*ة بشروط حمساوية وليست إ*سرائ*يل*ية.

ويقف “السنوار” حاليًا أما خيارات متعددة، أولها أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين، لكن هذا لن يسمح له حقاً بإدعاء النصر في ظل مطالبات أهالي غ*ز*ة المنكوبين بمحاسبته على أفعاله التي أدت إلى سقوط 31 ألفا و184 شهيدا، و72 ألفا و889 مصابا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بجانب آلاف المفقودين والملايين الذين خرجوا من بيوتهم التي دُمرت إلى الخلاء ودور الإيواء وتفتك بهم وبأطفالهم المجاعة كل لحظة.

ومن الواضح أن “السنوار” يسعى إلى شيء أكبر بكثير، يتخلص في الإدعاء بأنه قد هزم اليهود دون البكاء على دماء المدنيين الذين راحوا في هذه الحرب المنكوبة، لكنه لا يهمه إلا تحقيق أهدافه من خلال خططه بتلميح إس*رائي*ل بأن “ح*ما*س” قد فازت في الحرب وعليها أن تجلس “مفرودة الظهر” وتضع شروطها لتحقيق الهدنة والإفراج عن الرهائن الإ*سر*ائي*ليين.

وربما يؤدي تكبر “السنوار” وتعنته عن التفاوض مع إس*رائي*ل إلا بشروطه كاملة، إلى مزيد من المجازر في غ*ز*ة وقد يدفع تل أبيب إلى اقتحام رفح، ومن ثم قد تتحول الضفة الغربية إلى ساحة معركة جديدة لتسجل مجازر لا تنتهي، فإلى متى يواصل “السنوار” كُبره السياسي ويُنهي بيده مأساة شعب غ*ز*ة؟!

طالعتنا صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في تقرير خلال الأيام الأخيرة، بأن خلافا نشب بين رئيس المكتب السياسي لحركة ح*ما*س إسماعيل هنية ورئيس الحركة يحيى السنوار بسبب مطالب الأخير في المفاوضات، وبينما تتجلى هذه المطالب في تحقيق المزيد من الإنجازات من الصفقة، إلا أن “هنية” اكتفى بالبنود التي كانت على جدول الأعمال، فكان مستعدا لقبول وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع دون التزام من إس*رائي*ل بوقف كامل للأعمال العسكرية في القطاع، لأنه يعتقد أنه سيكون من الممكن استغلال أيام وقف إطلاق النار، بمساعدة وسطاء للتوصل إلى اتفاق، لكن في المقابل يعتقد “السنوار” أن ح*ما*س هي صاحبة اليد العليا، ويبدو أن الأخير الذي كان منعزلا إلى حد كبير عن المحادثات حتى وقت قريب مما يضعه على خلاف مع مسؤولين آخرين في “ح*ما*س”.

ويبدو أن هذه التوترات داخل “ح*ما*س” والتي يُغذيها “السنوار” دائمًا بدافع الكبر السياسي لن تُطفىء نيران الحرب المشتعلة على شعب غ*ز*ة، بل تستهدف تصعيد التوترات في الضفة الغربية والقدس، وكذلك تقويض أمل انطفاء البارود الإ*سر*ائي*لي تجاه الشعب الغزاوي، فلا نتائج إيجابية للمفاوضات مع إس*رائي*ل بشأن الهدنة في قطاع غ*ز*ة إلا بإقناع “السنوار” بالخضوع وقبول التفاوض.

وفي النهاية، مازال “السنوار” يعتقد أن ح*ما*س لها اليد العليا حاليا في المفاوضات، مستشهدا بالانقسامات السياسية الداخلية داخل إس*رائي*ل بما في ذلك التصدعات في قبضة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على السلطة وتزايد الضغوط الأمريكية على إس*رائي*ل لبذل المزيد من الجهد للتخفيف من معاناة سكان غ*ز*ة، وبينما يسعى لتحقيق أهدافه الثلاثة، التي أولها أن يبقى على قيد الحياة، وثانيها استمرار عمل حركة ح*ما*س وثالثها بقاءها في المستقبل بأي حكومة، تتوسع الحرب مبتلعة مزيدًا من الضحايا الأبرياء، الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث،.. فمتى يقتنع “السنوار” بهول هذه المأساة؟!

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!