البابا يستقبل سينودس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا
البابا يستقبل سينودس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في القصر الرسولي بالفاتيكان سينودس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال تعيش أوكرانيا منذ زمن وضعًا صعبًا وحساسًا، يجرحها منذ أكثر من خمس سنوات نزاع مكوّن من أعمال حرب يستتر خلفها المسؤولون عنها، نزاع يدفع فيه الضعفاء والصغار الثمن الأكبر.
تابع الأب الاقدس يقول أحملكم في قلبي وأصلّي من أجلكم أيها الإخوة الأوكرانيون الأعزاء. أشكركم على أمانتكم للرب وخليفة بطرس والتي كلّفتكم غاليًا عبر التاريخ وأسأل الرب أن يرافق أعمال جميع المسؤولين السياسيين في البحث لا عن خير جهة معيّنة، الذي هو على الدوام مصلحة أشخاص ما على حساب آخرين وإنما عن الخير العام الذي هو السلام. وأسأل إله كلِّ تعزية أن يعزّي نفوس الذين فقدوا أعزاءهم بسبب الحرب والذين يحملون جراحها في أجسادهم وأرواحهم والذين اضطروا إلى ترك بيوتهم وأعمالهم ليواجهوا خطر البحث عن مستقبل أكثر إنسانيّة في مكان آخر.
تابع الحبر الأعظم يقول إن دور الكنيسة الأساسي إزاء الأوضاع المعقّدة التي سببتها النزاعات هو تقديم شهادة رجاء مسيحي. لا رجاء العالم الذي يقوم على أمور زائلة، أمور غالبًا ما تقسم وإنما الرجاء الذي لا يخيّب والذي لا يستسلم لليأس ويعرف كيف يتخطى جميع المحن بقوّة الروح القدس العذبة. لذلك أيها الإخوة الأعزاء، أعتقد أنّه وفي الفترات الصعبة، أكثر من فترات السلام، على الأولويّة بالنسبة للمؤمنين أن تكون الاتحاد بيسوع رجائنا. وبالتالي علينا أن نجدد هذا الاتحاد القائم على المعمودية والمتجذِّر في إيمان وتاريخ جماعاتنا والشهود العظام، إنهّم الأمثلة التي ينبغي علينا أن ننظر إليها: أولئك الذين وفي وداعة التطويبات قد تحلّوا بالشجاعة المسيحية فلم يقاوموا الشرير وأحبوا أعداءهم وصلّوا من أجل مُضطهديهم.
أضاف البابا فرنسيس يقول منذ بضعة سنوات تبنّى سينودس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا برنامجًا راعويًّا يحمل عنوان “الرعيّة الحيّة، مكان اللقاء بالمسيح الحي”. في الواقع إن اللقاء بيسوع أي الحياة الروحية والصلاة التي تنبض بجمال ليتورجيّتكم تنقلان قوّة السلام الجميلة التي تداوي الجراح وتبعث الشجاعة. لذلك أرغب في تشجيعكم جميعًا كرعاة لشعب الله المقدس لكي تتحلوا بهذا الاهتمام الأساسي في جميع نشاطاتكم: الصلاة والحياة الروحية. هذا هو الاهتمام الأول ولا يجب أن يسبقه أي اهتمام آخر. فيعرف هكذا الجميع ويراوا أنكم في تقليدكم كنيسة تعرف كيف تتكلّم بأساليب روحية لا دنيوية. ليمنحنا الرب هذه النعمة وليجعلنا نجتهد من أجل قداسة نفوسنا وقداسة المؤمنين الموكلين إلينا.
تابع الأب الأقدس يقول إن الكنيسة مدعوة لتحقق رسالتها الراعوية من خلال أدوات مختلفة؛ وبالتالي بعد الصلاة يأتي القرب. وهذا ما طلبه الرب من رسله في تلك الليلة أن يبقوا بقربه ويسهروا. واليوم هو يطلب ذلك أيضًا من رعاته: أن يقيموا مع الناس ويسهروا بقرب من يعبر ليلة الألم. إن قرب الرعاة من المؤمنين هو قناة تبنى يوميًّا وتنقل ماء الرجاء الحي. تبنى لقاء بعد لقاء مع الكهنة الذين يعرفون ويهتمّون بما يقلق الناس والمؤمنين الذين من خلال العناية التي ينالونها يفهمون إعلان الإنجيل الذي ينقله لهم الرعاة، ولتكن الكنيسة المكان الذي يستقون منه الرجاء ويجدون فيه الباب مفتوحًا على الدوام وحيث ينالون التعزية والتشجيع.
أضاف الحبر الأعظم يقول تتضمّن العناية الراعوية في المرتبة الأولى الليتورجيا والتي بالإضافة إلى الروحانية والتعليم المسيحي تشكّل عنصرًا يميّز هويّة كنيسة الروم الكاثوليك في أوكرانيا. فهي تظهر في العالم الذي لا تزال الأنانية تشوهه الدرب نحو توازن الإنسان الجديد، إنها درب المحبة والحب غير المشروط، والتي ينبغي على كل نشاط أن يسير عليها لكي تتغذى روابط الأخوّة بين الأشخاص داخل وخارج الجماعة.
تابع الأب الأقدس يقول بالإضافة إلى الصلاة والقرب أرغب في أن أضيف كلمة ثالثة وهي معهودة بالنسبة لكم: السينودسيّة. أن نكون كنيسة يعني أن نكون جماعة تسير معًا. لا يكفي أن يكون لدينا سينودس يجب أن نكون سينودس. إن الكنيسة تحتاج لمشاركة داخليّة عميقة أي حوار حي بين الرعاة وبين الرعاة والمؤمنين. هناك ثلاثة جوانب تعيد إحياء السينودسيّة؛ أولا الإصغاء: الإصغاء لخبرات واقتراحات الإخوة الأساقفة والكهنة، لأنّه من الأهمية بمكان أن يشعر كل فرد داخل السينودس بأن هناك من يصغي إليه. إن الإصغاء هو انفتاح على آراء الإخوة حتى أولئك الشباب والذين يعتبرون أقل خبرة بالنسبة لغيرهم.
جانب ثاني، أضاف البابا يقول هو التعاون في المسؤولية. لا يمكننا أن نقف غير مبالين إزاء أخطاء الآخرين واستهتارهم بدون أن نتدخّل بأسلوب أخوي: إن إخوتنا يحتاجونا لفكرنا ولتشجيعنا ولإصلاحنا أيضًا لأننا مدعوون للسير معًا. أما الجانب الثالث فهو السينودسيّة والذي يعني أيضًا إشراك العلمانيين لأنهم وكأعضاء فعليين في الكنيسة هم مدعوون أيضًا لكي يعبّروا عن ذواتهم ويقدّموا اقتراحاتهم؛ وإذ يشاركون في الحياة الكنسية لا يجب أن نستقبلهم وحسب بل يجب أيضًا أن نصغي إليهم. تحملنا السينودسيّة ايضًا لكي نوسِّع آفاقنا ونعيش غنى تقليدنا داخل شموليّة الكنيسة: فنستفيد من العلاقات مع الطقوس الأخرى ونأخذ بعين الاعتبار جمال مقاسمة أجزاء مهمّة من كنزنا اللاهوتي والليتورجي مع الجماعات الأخرى حتى تلك الغير كاثوليكية وننسج ايضًا علاقات مثمرة مع الكنائس الخاصة بالإضافة إلى الدوائر الفاتيكانية والكوريا الرومانية؛ لأن وحدة الكنيسة تصبح أكثر خصوبة عندما يصبح الوفاق والتماسك بين الكرسي الرسولي والكنائس الخاصة حقيقيًّا.
وختم البابا فرنسيس كلمته لسينودس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا بالقول أيها الإخوة الأعزاء، ليكن هذان اليومان مشاركة عميقة وإصغاء متبادلا وحوارًا حرًّا يحرّكه على الدوام البحث عن الخير بروح الإنجيل وليساعدانا على السير معًا بشكل أفضل. إنّهما، نوعًا ما، سينودس مخصص لمواضيع تهمُّ كنيسة الروم الكاثوليك في أوكرانيا التي تثقّل عليها النزاعات العسكرية والتي لا تزال قائمة وتطبعها سلسلة عمليات سياسيّة وكنسية أوسع من تلك المتعلّقة بكنيستنا الكاثوليكية. لكنني أوصيكم بروح التمييز هذا كمعيار لكم: الصلاة والحياة الروحية في المرتبة الأولى، ومن ثمَّ القرب ولاسيما من المتألّمين وبعدها السينودسية والسير معًا في مسيرة مفتوحة، خطوة بعد خطوة بتواضع ووداعة. أشكركم وأرافقكم في هذه المسيرة وأسألكم من فضلكم أن تذكروني في صلواتكم.
الخبر نقلا عن موقع البطريركية الكلدانية