اخبار الكنيسة الكلدانية

محطات اسبوع الآلام مفصَليَّة للتلمذة المسيحية

محطات اسبوع الآلام مفصَليَّة للتلمذة المسيحية

رسالة البطريرك لويس روفائيل ساكو

ملاحظة

ليتورجيّاً، ينتهي الصوم مع عشيّة السبت قبل السعانين. وتّتّخذ رُتّب أيام هذا الاسبوع المُقدَّس طابع العيد: تطواف الإنجيل صباحاً مع الشموع والمَبخَرة وأغصان السعانين، وتراتيل المجلس ܡܘܬܒܐ، ثم تراتيل السهرة ܩܠܐ ܕܫܗܪܐ وترتيلة المعمودية إستعداداً للاحتفال بها في سبت النور. سمي بسبت النور نسبة للموعوظين الذين تمَّتْ تنشئتهم وتدريبهم لإقتبال المعمودية نور الإيمان في عَشيّة عيد القيامة، (طالع حوذرا، جزء 2 ص 333).

   محطاتُ هذا الاسبوع المُقدَّس التي ينقلها الإنجيل شهادات مؤثّرة للغاية. محطات، ليست مجرد طقوس عادية، بل هي بالأحرى ليتورجيا مفصليّة للتلمذة المسيحية، تحمل معانٍ عميقة تعنينا. لذا علينا ان نكتشف غِناها الروحي، بكونها ذات طابع إلزاميّ.

يسوع هو المثال الذي يُحتذى. لنركّز عليه لإتخاذ القرار في أن نصبح له تلاميذ، ولا نترك ايّ شيء يُثنينا عن إتّباعه. حتى عندما نخطأ هناك دوماً مجال لنعود نصبح تلاميذ له.

تؤكد نصوص الإنجيل لهذا الأسبوع على مواضيع بالغة الأهميّة للتعرّف على ما حدث ليسوع، ورسالته، وتكشف نوايا كلِّ الذين حوله ومواقفهم الحقيقية: خيانة يهوذا (عَمالة لقاء المال)، أسلمه بدافع من الشيطان (يوحنا 13/ 2)، يأتي على رأس عصابة للقبض على يسوع، ويحاول ان يُقَبّله – نفاق! (لوقا22/ 47)، الجنود يستهزئون به، إنكار بطرس له ثلاث مرات، لكن نظرة يسوع اليه كانت كافية لتُعيده تلميذاً من جديد (لوقا 22/ 61)، ليحتل فيما بعد دور هامة الرسل. أجل، إن قول الحقيقة مطلوب! ونلتفت إلى عوامل اُخرى معزّية: أمام هروب التلاميذ، يوحنا ابن زبدى بقي معه، أمانة النسوة (المريمات) التلميذات اللواتي تبَِعنَهُ الى الأخير في كل محطات حياته؛ سمعان القيرواني الذي حَمَلَ الصليب خلفه، فيرونيكا التي مسحَت الدم والعرق من وجهه فطبَع يسوع صورته لا فقط على منديلها، بل على قلبها. وفيما يخص موقف اللّصين المصلوبين معه، الأول يستهزيء به، والثاني يعترف انه لم يفعل سوءاً ويسأله: “أُذكُرْني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ” (لوقا 23/ 42). السلطة اليهودية (الكُهّان، الكَتَبَة، الشيوخ، الفرّيسيّون، الصدّيقيّون..) تَعمل جاهِدة على إيجاد نقاط على يسوع لتصفيته، والسلطة المدنية (الوالي بيلاطس والملك هيرودس) تلعب لُعبة الثعلب (لوقا 13/ 32). يوسف الرامي العضو في السنهدريم (مجلس اليهود)، بارٌّ يهتم بدفنه (لوقا 23/ 50 – 55). بديهي ان نُماثل نحن أو من حولِنا واحداً من هؤلاء الأشخاص إيجاباً أو سلباً!

الخلاص، يؤكد عليه يسوع أكثر من مرة، كونه الهدف الذي من أجله أتى. كلُّ شيء يتم في إطار الخلاص.

الإيمان، على التلاميذ العمل على الّا يَضعف إيمانُهم. الإيمان شعور وجدانيٌّ عميق، وعلاقة حب وثقة بالله وليس شكليا، الإيمان “كينونة to be” يوجّه سلوكَنا، وليس شيئاً نملكه ونستهلكه.

الصلاة، يستعمل لوقا فعل صلى، الصلاة ست مرات في هذا الاسبوع. الصلاة تحصّننا أمام التجربة: “اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ (متى 26/ 41). يسوع يُصلي في بستان الزيتون، ويعلّمنا ان نصلي بحميمية الى الله، بخاصة في الأوقات الصعبة. على التلميذ ان يكون في حالة إصغاء الى الله ليستطيع التمييز بين الطريق الصحيح والمعوَج. والحال أن السقوط والنهوض إشارة الى التوبة والندامة. الله لا يغلق بابه أمام المُصلين أبداً.

 رفض يسوع كل شيء (الاغراءات التجارب) ليبق أميناً لله ابيه ولرسالته. ثقته بالله مطلقة. صحيح ان الفرح غائبٌ في الآلام، لكنه يعود بقوة مع ترائيات (ظهورات) القائم من بين الأموات لتلاميذه.

محطّات الاسبوع

أحد السعانين، يسوع يدخل أورشليم قبل أن يصلب، راكباً جحشاً. والجموع تهتف له وتُكرّمه، هذه الهُتافات لا قيمة لهأ لان نفس الجموع صاحت أمام الوالي الروماني: إصلبه إصلبه، إنه موقف مخزٍ!

من جملة الشفاءات التي أجراها يسوع في هذا الأسبوع، إعادة البصر لإبن طيما (مرقس 10/ 46-52). نرى الاعمى يرمي معطفه (ماضيه) ويقترب من يسوع، ويُناديه “رابوني” – ياسيدي، فشفاه يسوع. يقول الإنجيل انه تَبِعه في “الطريق”، أي أصبح تلميذه. حركة رائعة جداً ومعبّرة “للتلمذة” التي نصبو إليها.

خميس الاسرار، الخدمة، هي في قلب الإحتفال بالفصح، يعبّر عنها يسوع بغسل الأرجل “فأَنا بينَكم كالَّذي يَخدُم” (لوقا 22/ 27). وعلى نفس الخطّ: الاحتفال بالافخارستيا (الخبز كجسد مبذول والخمر كعهد جديد، كما وردت في رسالة بولس الرسول الاولى الى أهل قورنثية 11/ 23 – 25 والتي تعود الى عام 51 ميلادي أي قبل كتابة الإنجيل)، أي الشركة والوحدة مع المسيح عاموديّاً ومع بعضنا البعض أفقيّاً. علينا ان نعطي المحتاجين من مالنا ووقتنا مثل السامري الحنون (لوقا فصل 10): “اعمَلْ أَنتَ أَيضاً مِثْلَ ذلك فتَحيا” (لوقا 10/ 37). وذكره ” العهد جديد” يعني قيام شعب جديد يبدأ بتلاميذه.

في هذا العشاء يعلن يسوع عن وصيّته الأخيرة: “عليكم، انتُم أيضاً، ان تغسلوا أقدام بعضُكم البعض.. قَد جَعَلتُ لَكُم مِن نَفْسي قُدوَةً (يوحنا 13/ 15)، وبخصوص الافخارستيا: “إِصنَعوا هذا لِذِكْري” (لوقا 22/ 19). 

إذاً سلطة التلاميذ والاكليروس هي في الالتزام بالخدمة. سلطتنا الكهنوتية ليست مِنًّا، بل من الذي عهَدَها الينا: “الأَصْلُ يَحمِلُكَ… فلا تَتَكبَّرْ” (روميّة 11/ 18 و 20)، قيمتنا منه.

 نحن ببساطة وفرح خدّام المحبة ولسنا اُمراء، موقف الخدمة ينبغي أن يقلب جميع قواعد السلوك الخاطيء التي إعتدنا عليها. مع الأسف يبقى خطر الإنقلاب على مفهوم الخدمة قائماً اليوم كما كان في زمن يسوع (طلب ابني زبدى، مرقس 10/ 35-45).

الموت ليس النهاية. كان يسوع على يقين أن حياته لن تنتهي بهذا الشكل المأساوي. اننا نشعر منذ البداية بوجود حركة نحو النصر، نحو شكل آخر من الوجود. ورأينا بعده كيف تحوّل الصليب الى المجد، والاحتفال بالقيامة. انه بمثابة خروجٍ ثانٍ (Exodus). ترائيات (ظهورات) يسوع لتلاميذه تمنحهم القوّة والفرح للانطلاق نحو الحياة الجديدة والشهادة لها. ايمانُهم ويقينهم بقيامته يجعلهم يكبرون، ويرسّخون علاقتهم به، وتعزّز مسيرة حبّهم له ولبعضهم البعض.

عيد مبارك للجميع

خصوصاً ان جميع المسيحيين في العالم يعيدون معاً هذا العام

أتمنى الأمن والأمان لبلدنا وللعالم المضطرب

ملاحظة: هذا الخبر محطات اسبوع الآلام مفصَليَّة للتلمذة المسيحية نشر أولاً على موقع (البطريركية الكلدانية) ولا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. يمكنك الإطلاع على تفاصيل الخبر كما ورد من (مصدر الخبر)

عرضنا لكم أعلاه تفاصيل ومعلومات عن خبر محطات اسبوع الآلام مفصَليَّة للتلمذة المسيحية . نأمل أن نكون قد تمكنا من إمدادك بكل التفاصيل والمعلومات عن هذا الخبر الذي نشر في موقعنا في قسم أخبار مسيحية. ومن الجدير بالذكر بأن فريق التحرير قام بنقل الخبر وربما قام بالتعديل عليه أو الاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة تطورات هذا الخبر من المصدر.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!