مقالات

نحن وعيد رأس السنة الإيزيدية

 
كأي شعب، وكأي مجموعة بشرية تحتفل بمناسباتها، ومناسباتها تشدها إلى ماضي بحلوه ومره، وإلى عاداته وتقاليده، واحترام رموزها من زعماء ومشايخ ورجال دين، فإننا نحن الكورد الإيزيديون، معروفون منذ قديم الزمان، بمناسباتنا الكثيرة، والغرض منها جميعاً هو كيفية الحفاظ على عقيدتنا والالتزام بتعاليمها أيضاً، مادام فيها ما يجعلنا أكثر تعاوناً فيما بيننا، ويزيد في محبتنا ليس لبعضنا البعض وإنما حتى للآخرين الذين نحترمهم، بكل اختلافاتهم وأينما كانوا، ونحترم شعائرهم وحبهم لعقائدهم، وطالما أن هناك خالقاً واحد للكون وللناس جميعاً، فهذا يقوي تلك العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل، والتنوع في المعارف، والاستفادة من بعضنا البعض.
وفي عيد رأس السنة الإيزيدية، عيدنا في شهره النيساني، نتذكر الطبيعة الجميلة، ونخرج إليها، ومعنا أطعمتنا وذبائحنا وبيضنا وكلها رموز تدل على مدى حبنا لكل ما يشدنا إلى الحياة، وفي الوقت نفسه، نفتح موائدنا لغيرنا وندعوهم إلى تناول الطعام معنا. والطبيعة هي مصدر للتأمل والنظر إلى كل ما هو جميل وحي ورائع. لنكون مخلصين لتقاليد آبائنا وأجدادنا.
وعلى سبيل المثال، ليس إعداد البيض مسلوقاً لمجرد الطعام، إنما لأن فيه ما هو جميل وعظيم، حيث يذكّرنا بالكون، ومخلوقاته، وهذا الرمز موجود عند شعوب كثيرة، وكل شعب على طريقته يتعامل معه. ونحن في حبنا للبيض هذا، إنما نقوي علاقاتنا بكل رموز الحياة
وفي شهر نيسان، حيث الطبيعة تتفتح، وتصبح رائعة جداً في بلادنا، وتكثر الأسفار والرحلات والنزهات إلى أحضانها، هي أساساً لتجديد دورة الحياة، وإن كان هناك من لا يحسب حساباً لهذه العلاقة، فلا شيء في الطبيعة إلا وله قيمة ودور وفائدة، والذين يخرجون في نيسان، حيث الربيع في تفتحه المدهش، يكون علامة وإشارة على أن الخروج إلى الطبيعة تذكير بتلك الحياة التي تتفتح في النفوس، وتعلم الناس كيف يصبحون في مقام الطبيعة بنفوس متفتحة.
يعني ذلك أن ما نأكله ونشربه، وإن كان للحفاظ على حياتنا، لكن حياتنا لا ترتبط فقط بتناول الطعام والشراب، حال الحيوان الذي يعيش بغريزته، إنما لكي نتعلم من خلال الطعام، وفي مناسبات متخصصة لهذا الغرض، كيف نجعل من كل لقاء معه مناسبة لنزداد قرباً من بعضنا، ونعلم أكثر من ذلك أن الطعام الذي يلبي حاجة الجوع، مثلاً، مثله يكون الإيمان الذي يقوي العلاقات بين البشر.. في الإيمان بخالق وحد، يعني حاجتنا دائماً إلى بعضنا باستمرار، وبقدر ما ننفتح على بعضنا في مناسبات تذكيرية كهذه، تكون قلوبنا مثل الربيع في جمال طبيعته.
أليس هذا رائعاً ومدهشاً، ويدفع بنا لأن نفتخر بمثل هذه المناسبات وقداستها في محلها، طالما أنها تعلمنا كيف ننتصر على أنانياتنا، ونتسامح أكثر، وبذلك تكون الحياة أجمل وهي تسع الجميع.
كل عام والجميع بخير، وكل عيد رأس سنتنا الإيزيدية وأهلنا الإيزيديون ومن يشاركونهم في عيدهم مباشرة أو بالتهاني، بخير، وليس هناك ما هو أنبل وأعظم من الخير للجميع معاً..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!