آراء متنوعة

من سيحظى بثقة الناخبين الكويتيين، الأرقام أم

من سيحظى بثقة الناخبين الكويتيين، الأرقام أم المبادئ؟

الحكومة حولت الانتخابات إلى لعبة أرقام لا تهتم بها سوى المفاتيح الانتخابية أما بقية الناخبين فليس عليهم إلا السعي لاختيار الأكفأ والأقدر على تقديم أداء برلماني يتناسب مع حجم التحديات.

زحام الكاميرات أيضا
مع تصاعد حدة التنافس الانتخابي واقتراب موعد الحسم، يزداد غموض السؤال عن “من سيحظى بثقة الناخبين؟” يتصدر قائمة أكثر التساؤلات تداولًا في الأوساط الاجتماعية الكويتية، بل وربما يصل إلى حد التطفل والفضول.

وهذا السؤال الهامشي تحول إلى سؤال إستراتيجي لعدة أسباب منها قدرة الحكومة على تحويل مجلس الأمة إلى مرتع للثراء الفاحش، بحيث أصبح دخول وجوه جديدة إلى البرلمان يعني غالبا دخول عناصر جديدة إلى عالم الثراء والوجاهة.

أما السبب الآخر فهو سعي وسائل الإعلام لتسخيف دور البرلمان، واعتبار المنافسة نحوه مثل المنافسات الكروية بين المرشحين، يستعرض كل واحد منهم خطاباته ووعوده أمام لجنة من الحكام. ولذا لا نستبعد أن نشهد السنوات المقبلة سحب بطاقات يانصيب على توقع من سوف يفوز في الانتخابات.

◙ التغيير الحقيقي ينطوي على تبديل النماذج السائدة وابتكار نماذج جديدة. لا ينحصر النقاش في تغيير الأسماء فقط، بل يمتد ليشمل الأفكار والقيم المستهدفة

كنت ولا زلت أعتقد أن الحكومة حوّلت الانتخابات إلى لعبة أرقام لا تهتم بها سوى المفاتيح الانتخابية، وفرغتها من المبادئ. أما بقية الناخبين فليس عليهم إلا السعي لاختيار الأكفأ والأقدر على تقديم أداء برلماني يتناسب مع حجم التحديات.

منطقيا، آخر ما يهتم به المصلحون هو أسماء من يكتب لهم النجاح في الانتخابات. فربما هناك أسماء تنجح في كسب أصوات الناخبين، لكنها تُخفق في الأداء، بل وتلوث الأداء البرلماني بالفساد. وهذا الأمر تكرر في السنوات الأخيرة.

ثمة أسماء باعت مواقفها ومبادئها لشيوخ ومتنفذين، وآخرون امتهنوا الخداع وتضليل الناخبين من أجل الاستحواذ على عدد من الأصوات، بينما استغل البعض ثوب الدين والتقوى للتأثير العاطفي على الناخبين والفوز بالسباق الانتخابي.

وكم من نائب رفع صوته معارضاً للحكومة، ثم انقلب موليا لها بعد لقاءٍ خاص؟ وكم من نائبٍ ترك الدفاع عن حقوق المواطنين وتفرغ للتحريض عليهم لخدمة مصالحه الشخصية، ناهيك عن الذين أصبحوا أدوات طيعة بيد من يمتلك النفوذ والمال.

لم تحدث إصلاحات حقيقية في المجالس الأخيرة، ومع ذلك يحاولون إقناع المواطنينَ أنّ عجلةَ الإنجاز قد دارت رحاها، وهم لا يرون سوى موائد متخمة بالأطعمة، وفلل ضخمة، وحياة مُرفهة تهمل احتياجاتِ الشعب وتحتقر معاناته عندما تدعوهُ إلى أمسيات رمضانية باذخة تشبه حكايات ألفِ ليلة وليلة.

ولذلك بدلاً من التطفل على الآخرين والانشغال بمن سيختاره الناخبون، يجب الاهتمام بتصويب مسارات عمل المرشحين. فخلال الحملة الانتخابية الأخيرة، شهدنا تراجعا حادًا في طرح القضايا السياسية المهمة، وانطفأ بريق الشعارات الرنانة، وغابت الأولويات، وتعثر الإصلاح.

◙ وسائل الإعلام سعت لتسخيف دور البرلمان، واعتبار المنافسة نحوه مثل المنافسات الكروية بين المرشحين، يستعرض كل واحد منهم خطاباته ووعوده أمام لجنة من الحكام

لذلك أعتقد أن اهتمامنا ينبغي أن يتوجه إلى تحديد منظومة العمل التي نريد منها أن تقود الساحة، والتي تهدف إلى تحفيز المشاركة السياسية، وتحسين فعالية الحكومة، وتعزيز المساءلة والشفافية،

ولا يتحقق ذلك إلا عبر تداعي قوى المجتمع المدني ونشطائه لتحديد الأولويات السياسية والتنموية، ضمن عناوين أساسية أبرزها القوانين والتشريعات، والمؤسسات، والثقافة، ومن ثم اختيار من يتواءم تاريخه السياسي والاجتماعي معها.

فلا يمكن لمرتشٍ أن يحافظ على موارد الدولة، ولا لمن تورط في خيانة الوظيفة العامة أن يسن القوانين، ولا لسليل عائلة عريقة في نهب الأراضي أن يشرف على الميزانية العامة، ولا يمكن لمن باع ضميره أن يُحافظ على الأمانة الوطنية.

التغيير الحقيقي ينطوي على تبديل النماذج السائدة وابتكار نماذج جديدة. لا ينحصر النقاش في تغيير الأسماء فقط، بل يمتد ليشمل الأفكار والقيم المستهدفة، والتي تتجسد من خلال المناهج والسياسات المراد تطبيقها.

أحمد شهاب
باحث في شؤون التنمية السياسية

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!