مقالات سياسية

السلطة ا*لفلس*طينية والعودة إلى قطاع غ*ز*ة

لم يأت إعلان السلطة ا*لفلس*طينية عن تشكيل حكومتها الجديدة برئاسة أحد أكبر رجال الأعمال الفلسطينيين من فراغ، فالإجراء جاء كمقدمة لترتيبات تخص مستقبل غ*ز*ة ما بعد الحرب، ويلبي المطالب الأميركية والعربية التي وضعت مطلب الإصلاح كشرط إذا تمت تلبيته، فإنه سيسمح بتقديم الدعم السياسي والمالي للسلطة لتتمكن هذه الأخيرة من تولي الملفات الثقيلة التي تنتظر قطاغ غ*ز*ة ما بعد الحرب، وفي مقدمتها الملف الأمني وملف الإعمار، ليتأكد من خلال هذا الإجراء أنَّ ح*ما*س لن تكون جزءاً من حكومة وحدة وطنية ولن تكون شريكاً معنياً بمستقبل قطاع غ*ز*ة ما بعد الحرب.

المعروف أنَّ إمكانيات السلطة ا*لفلس*طينية المادية ضعيفة، وبالكاد قادرة على تحمل رواتب الموظفين الحكوميين في ظل الحصار الاقتصادي والقيود الإ*سر*ائي*لية المفروضة على قطاعي السياحة والإنتاج الزراعي، لذلك استوجب نجاحها في العودة إلى الإشراف على قطاع غ*ز*ة عودة الدعم العربي السخي الذي كانت تحظى به في السابق، بالاضافة إلى الدعم الغربي الذي تراجع بفعل الضغوط التي تمارسها إس*رائي*ل.

وجود توافق اقليمي وغربي حول دور السلطة في الإشراف على قطاع غ*ز*ة ما بعد الحرب سيعزز بلا شك من إمكانيات السلطة المادية التي ينتظرها الكثير ما بعد الحرب، هذا الدعم المالي سيساهم في نفس الوقت بتعزيز سمعتها، وبإعطاء قيمة لدورها في تحسين حياة الفلسطينيين. والأكيد أنه، ومع حصول محمد مصطفى رئيس الحكومة ا*لفلس*طينية الجديدة على مباركة الدول الوسيطة في المفاوضات، وهي أيضًا الدول المانحة المحتملة لإعادة بناء غ*ز*ة في المستقبل، ستعمل السلطة ا*لفلس*طينية على ترسيخ موطئ قدم لها في غ*ز*ة، ما يعني أن عودتها إلى قطاع غ*ز*ة لن تكون محل رفض شعبي، بالرغم من حملات التشويه التي تطالها والتي تحركها أذرع إعلامية محسوبة على جهات قريبة من ح*ما*س، تتهجم على تاريخ فتح النضالي وعلى عقلانية التصور الذي تتباه السلطة ا*لفلس*طينية التي ترى أنَّ الحل السياسي هو الخيار الوحيد الذي بامكانه إنهاء الصراع القائم مع إس*رائي*ل وفق مبدأ دولة جنب دولة.

ح*ما*س لها جمهورها، ولها ممن يتعاطف معها لمجرد رفضه لسياسات الإحتلال ولجرائمه، ولكن بالنسبة إلى غالبية الفلسطينيين في غ*ز*ة، فإنَّ تجارب الحروب الذي خاضتها ح*ما*س لم تتمكن من تغيير المعادلة القائمة، بل إنها كانت وبالاً على الفلسطينيين انعكس عليهم في جميع مناحي الحياة، لذلك لن يكونوا معارضين للسلطة ما دامت ستفي بالغرض، وما دامت ستتمكن من إخراج القطاع من أتون الحروب.

لم يعد خافياً على متابعي الشأن الفلسطيني أنَّ حدة التوتر بين ح*ما*س والسلطة ا*لفلس*طينية قد انتقلت إلى مستوى أعلى من التصعيد، يعيدنا إلى ما حصل في سنة 2007. فبعد أن اعتقلت أجهزة تابعة لح*ما*س عدداً من مسؤولي السلطة في غ*ز*ة، وحاولت منع قافلة مساعدات أشرف عليها فريق تابع للسلطة، واتهمتهم بالتعامل مع إس*رائي*ل، وهددت بإنها ستزيد من عمليات اعتقال المرتبطين بالسلطة الوطنية في غ*ز*ة، يشير هذا إلى أنَّ ح*ما*س قد فتحت جبهة أخرى على غرار جبهتها المفتوحة مع إس*رائي*ل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وتتعامل مع أي عضو في حركة فتح بغ*ز*ة كعدو شأنه شأن الجندي الإ*سر*ائي*لي.

تعثر المفاوضات ما بين ح*ما*س واس*رائ*يل يعني أنَّ الحرب مستمرة إلى أن يحسمها أحد الطرفين، والواضح أنه ومع مرور الوقت ستكون ح*ما*س في وضع دفاعي ضعيف وغير قادرة على الاستمرار، ومنطقياً سيعزز هذا من فرص السلطة ا*لفلس*طينية في الترتيب للعودة إلى قطاع غ*ز*ة بعد أن يصبح خيار الخروج الآمن لعناصر ح*ما*س أمراً لا مفر منه، وبذلك سيكون أبو مازن والسلطة الفائز الأكبر من حرب السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!