الحوار الهاديء

البطريرك ساكو والرابطة الكلدانية والأمواج العاتية

الكاتب: جاك يوسف الهوزي
البطريرك ساكو والرابطة الكلدانية والأمواج العاتية

جاك يوسف الهوزي
الحاجة هي أم الأختراع، ينطبق هذا القول على الولادة المقبلة للرابطة الكلدانية وبحسب المفهوم الذي طرحه غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو.لو ألقينا نظرة الى وضع شعبنا المسيحي عموما والكلداني منه خصوصا، رغم كونه يمثل الثقل العددي الأكبر له، نراه يفتقر الى تنظيم كبير قوي ومستقل يمكن أن يكون سنداً له وسط المتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة والعالم.هذه الحقيقة أثبتتها الأحداث المؤلمة التي لحقت بشعبنا المسيحي في العراق، الذي وجد نفسه بين ليلة وضحاها مرمياً على قارعة الطريق -نتيجة المتغيرات التي أشرنا إليها- دون أن يلتفت أحد بشكل جدي الى معاناته لأن الآخرين أيضاً إنشغلوا بمعاناتهم.أمام هذا الوضع الذي فرض نفسه كواقع لابد منه، وجدت الكنيسة عموما، والكلدانية منها خصوصا نفسها مرغمة ليس فقط على إداء دورها الديني فقط، وإنما برزت كمنظمة إنسانية وإجتماعية وسياسية سَخّرَتْ كل إمكانياتها لتخفيف معاناة المنكوبين والعمل لتسليط الأضواء على مأساتهم في ظل إختفاء أي دور فعال لأحزابنا التي لاتظهر عادة في مثل هذه المناسبات.هذه التجربة المريرة أفرزت أموراً عديدة يمكن الأستفادة منها في ترسيخ بناء مشروع كبير كالرابطة الكلدانية.ولكي يُكتبْ النجاح لهكذا مشروع، لابد من وجود أشخاص بكبر حجمه يُرَسّخونَ خطواته الأولى، لذلك يُعتَبَرْ غبطة البطريرك مار ساكو الشخص الأنسب لتولّي رئاسة الرابطة لكونه صاحب المقترح، الذي لم يأتِ من فراغ أولاً، وإعتباره النقطة التي يمكن أن تلتقي عندها التيارات الفكرية المختلفة ثانياً، ليس لكونه رئيساً لأكبر كنيسة في العراق فحسب، وإنما لقربه من الأحداث في هذه المرحلة الحرجة ودرايته بتفاصيل مايجري على الساحة إضافة إلى خبرته الطويلة في مجال الثقافة والأعلام وعلاقاته الواسعة محلياً ودولياً.كل هذه الأسباب مجتمعةً، تجعل من وجود غبطته على رأس الرابطة الكلدانية ضرورة مُلِحّة لكي تثبت أقدامها وتتصدى للأمواج العاتية التي أخذت تتنامى حتى قبل ولادتها !إنّ جُلَّ إهتمام أصحاب هذه الأمواج، التي ستنكسر حتماً أمام صلابة إرادة غبطة البطريرك والأهداف السامية للرابطة، هو خلط الأوراق لأظهارها بمظهر منظمة أو حزب سياسي عنصري كلداني يهدف الى تفككك (وحدة شعبنا) القائمة -حسب مفهومهم- على الأختراع العظيم المتمثل بالتسمية السحرية المقدسة (الكلداني السرياني الآشوري) في محاولة يائسة لتجريد الرابطة من أهدافها الأنسانية والثقافية والأجتماعية المعلنة.والملاحَظُ هذه الأيام، هو أن من كانوا يكيلون المديح لمار ساكو ويثنون على مايقوله ويفعله أصبحوا – بقدرة قادر- يطالبونه بعدم التدخل بما (لايعنيه) حتى لو كان الأمر متعلقاً برعيته بحجة الفصل بين الدين والدولة (السياسة) وذلك لرفضه تسميتهم (المقدسة) لأسباب منطقية أوضحها في طرحه للمساعدة على إختيار تسمية مناسبة دون إقصاء أحد الأطراف أو تهميش حقوقه، كما لم يفرض قناعاته على الآخرين وإنما قدّم مقترحا للمناقشة.خلاصةإن خلط الأوراق بشكل متعمد من قبل جهات معينة، ومحاولة تشويه الأهداف الرئيسية التي أوجدت الرابطة من أجلها ومحاولة حصرها في إطار سلبي رغم تأكيدات غبطة البطريرك على حقيقة عملها ونهجه المنفتح على جميع الأطراف، يؤكد بأن هناك تيارات تحاول الوقوف بوجه كل عمل إيجابي يساهم في تقدم ورقي أبناء شعبنا المسيحي بكل فئاته والعراقي عموماً منطلقةً من مفاهيم عنصرية لكل فكر يخالف أيديولوجيتهم التي أكل الدهر عليها وشرب وأثبتت الأيام فشلها…

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!