مقالات

من تراث القضاء الدستوري في العراق – سالم روضان الموسوي

في ادناه قرار للمحكمة العليا في العراق وهي محكمة دستورية في بعض اختصاصاتها حيث اناط بها الدستور العراقي (القانون الأساسي) لعام 1925 صلاحية تفسير مواد القانون الأساسي، فضلا عن صلاحيات أخرى منها محاكمة الوزراء وكبار الحكام، ويقصد بهم أعضاء محكمة التمييز، وهذا ما نفتقده حاليا، حيث ان الرقابة والمحاسبة لا تستثني احد مهما كان منصبه حتى لو كان عضاً في المحكمة العليا لانها تشكل من أعضاء محكمة التمييز ومن ثم يمكن محاسبتهم عن طريق المحكمة العليا، ونظراً لان في القرار مؤشر على على مدى الوعي الدستوري والقانوني الذي كان يتمتع به أعضاء مجلس الاعيان وهم من السياسيين فضلا عن عن الوعي الدستوري في فقه القانون والدستور الذي يتمتع به كبار الحكام، وكان تشكيل المحكمة يظم كل أطياف الشعب، فيهم الرئيس رجل دين ، وأعضاء من الوجهاء والسياسيين كما فيهم من الحكام الحاكم القاضي اليهودي داود- سمرة، ولما يمتاز به القرار من حرية في اعتناق الرأي لكل عضو ولما وجدت فيه الشفافية في طرح الرأي المخالف كانت الدافع لنشره من اجل ان يطلع عليه اهل الاختصاص حيث نفتقر الى جمع تلك القرارات المنشورة في مجاميع القوانين والأنظمة العراقية في اعدادها، ويذكر ان القضاء الدستوري انتهى عند بعد تأسيس الجمهورية الأولى عام 1958 واعيد العمل به في عام 2005 عند تشكيل المحكمة الاتحادية العليا وفي الأصل هما قرارين وليس قرار واحد لان طلب التفسير ورد على نقطتين تتعلقان بالقانون الاساسي ، وللفائدة انقل نص المادة التي نظمت تشكيل المحكمة العليا في القانون الأساس وصلاحياتها التي وردت في المادة (81) من القانون الاساسي وجاء فيها (تؤلف محكمة عليا لمحاكمة الوزراء واعضاء مجلس الامة المتهمين بجرائم سياسية او بجرائم تتعلق بوظائفهم العامة ‏ولمحاكمة حكام محكمة التمييز عن الجرائم الناشئة من وظائفهم وللبت بالامور المتعلقة بتفسير القوانين وموافقتها للقانون ‏الأساسي)‏
قاضٍ متقاعد
المحكمة العليا
الجلسة الأولى
المنعقدة يوم الاربعاء ٢٤ كانون الأول ١٩٤١

اجتمعت المحكمة العليا – المتشكلة بموجب الارادة الملكية المرقمة ٧٩٤ والمؤرخة في ١٦ كانون الأول ١٩٤١ – في يوم الاربعاء المصادف ٢٤ كانون الاول ١٩٤١ برئاسة سماحة السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان وعضويه كل من السادة محمود صبحي الدفتري وعمر نظمي وصالح باش اعيان وعبد المحسن شلاش أعضاء مجلس الاعيان . والسادة داود سمرة وعبد العزيز المطير وحسن تاتار ومصطفى التكرلي اعضاء محكمة التميز وهم من كبار الحكام . و بعد ان تليت الارادة الملكية المنوه عنها والمتضمنة تشكيل المحكمة العليا لغرض تفسير وبعد ان تليت الإرادة الملكية المنوه عنها والمتضمنة تشكيل المحكمة العليا لغرض تفسير المادتين (۲۰ و ۲۲) من القانون الاساسى وكذلك النظر في احداث منصب باسم (نائب) او مساعد او وكيل وزير من الامة . وتليت كذلك المذكرة المرفقة بالارادة الملكة المشار اليها اعلاه بعنوان (القرار الثالث) فجرت المذاكرة اولا فى الفقرة (۱) من القرار المذكور
والتي هذا نصها :-
(۱) هل ان اضافة حقوق الى جلالة الملك في لائحة قانون الدستور الجديد خلال مدة الوصاية يعتبر ماسا
بحقوق جلالته
القرار///////
لدى النظر في الموضوع وبعد المداولة رأت اكثرية المحكمة انه اذا كان القصد اضافة حقوق الى جلالة الملك لائحة الدستور الجديد فذلك جائز لعدم مخالفته نص العبارة الاخيرة من الفقرة الأولى من المادة (۲۲) من القانون الاساسي التي تمنع ادخال تعديل ما مدة الوصاية بشأن حقوق الملك اذ لا يعد ذلك تعديلا في هذا الباب، ونظرا لضيق الوقت قررت المحكمة تأجيل الجلسة الى الغد المصادف ٢٥ كانون الأول ١٩٤١ الساعة العاشرة زوالية صباحا .

الرئيس / محمد الصدر عضو/ صالح باش اعیان عضو/ عبدالمحسن شلاش عضو/ داود سمره عضو/ عبد العزيز المطير المخالف وسأشرح اسباب ذلك عضو/ عمر نظمی عضو / حسن تاتار عضو/ مصطفى التكرلي، المخالف وسأشرح اسباب ذلك عضو/ محمود صبحي الدفتري، المخالف وسأشرح اسباب ذلك
اسباب المخالفة
ان ما جاء في آخر الفقرة الأولى من المادة الثانية والعشرين من القانون الاساسي يمنع ادخال اي تعديل في القانون الاساسي مدة الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته وقد ايدت الفقرة القانونية هذا المنع بكلمة (ما) التي يجب والحالة هذه ان تكون شاملة ومانعة اي تعديل كان بما فيه تنقيص الحقوق وتزييدها، اذ ان الغاية من هذا المنع والتحذير ليس ملاحظة تنقيص حقوق الملك في عهد الوصاية فقط، بل اراد القانون ان تمارس هذه الحقوق في عهد الوصاية كما كانت تمارس في عهد الملك السابق دون زيادة او نقصان الى ان يبلغ الملك الصبي سن الرشد ويتولى العرش
ان المقصود من (حقوق الملك) التي جاءت في المادة هي (وجائب الملك) وذلك بدلالة ما جاء في الباب الثاني القانون الاساسي الذي عدد الاعمال والوجائب التي يقوم فيها الملك في المواد (۱۹ و ۲۰ و ۲۱ و ۲۲ و ۲۳ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٦) تحت عنوان (الملك وحقوقه)
فلهذا نرى ادخال اي تعديل بشأن حقوق الملك مخالفا للقانون الأساسي، كما اننا نرى اضافة حقوق جديدة للملك هو (تعديل) ايضا وهذا يخالف نص الفقرة المذكورة التي جاءت مطلقة .
٢٤ كانون الاول ١٩٤١
عبدالعزيز المطير محمود صبحي الدفتري
عضو محكمة التمييز عضو مجلس الاعيان

المخالفة
ان الفقرة الاخيرة من المادة الثانية والعشرين من القانون الاساسي المطلوب تفسيرها وهي (ولا يجوز ادخال تعديل ما في القانون الاساسي مدة الوصاية بشأن حقوق الملك و …) ليس فيها غموض من حيث السبك ومن حيث اللفظ غير ان ظاهر مفهومها الاطلاق الغير المقصود من قبل شرع بالنظر لتقييدها بالمنطق والاسس المتبعة في كافة القوانين الاساسية في الحكومات الدستورية . فينبغي اذاً ان يكون التفسير معنويا لا لفظيا .
ان واضع القانون انما تعرض لمنع ادخال التعديل لغاية صيانة حقوق الملك المنصوص عليها في القانون الاساسي وعـدم فسح المجال للتنقيص منها واناطة امر التعديل في تنقيصها الى لحوق رضاء جلالة الملك عند اكتسابه سن الرشد . اما الزيادة في حقوق الملك فغير مقصودة في المنح الوارد هذه المادة، عليه ارى ان التعديل بتزييد حقوق الملك في القانون أمر جائز مستنبط من قصد المشرع الذي استهدف حماية هذه الحقوق بعدم التعرض لها بالتنقيص
فادخال الحقوق الجديدة الزائدة سواء كانت عن طريق التعديل او الاضافة كما تفتكر الاكثرية لا يتناولها المنع فانا والاكثرية على وفاق من حيث الموضوع والنتيجة في امر امكان التعديل في الزيادة لان التعديل والاضافة سيان في نظري ولكني اختلف مع الأكثرية باني أرى ان تكون هذه الحقوق الجديدة المراد ادخالها في القانون الاساسي غير منقصة من حقوق الشعب وحقوق مجلس الامة الواردة في الدستور فأخالف الاكثرية من هذه الناحية فقط .
٢٤ كانون الاول ١٩٤١
مصطفى التكرلي
عضو محكمة التمييز

المحكمة العليا
الجلسة الثانية
المنعقدة في يوم الخميس ٢٥ كانون الاول ١٩٤١
عقدت المحكمة العليا ـ المتشكلة بموجب الارادة المرقمة ٧٩٤ والمؤرخة في ١٦ كانون الأول جلستها الثانية في الساعة العاشرة زوالية من صباح يوم الخميس المصادف ٢٥ كانون الاول ١٩٤١ برئاسة الرئيس سماحة السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان وعضوية كل من السادة محمود صبحى الدفتري وعمر نظمي وصالح باش اعيان وعبدالمحسن شلاش اعضاء مجلس الاعيان والسادة داود سمرة وعبدالعزيز المطير وحسن تاتار ومصطفى التكرلي من كبار الحكام . وبعد تلاوة الفقرة (۲) من المذكرة المرفقة بالارادة الملكية التي هذا نصها :-
2- اذا ما انقطعت ولاية العهد – لا سمح الله ـ بفقدان الذكور من ورثة جلالة المرحوم الملك فيصل
هل تنتقل الولاية الى الاناث من ورثته وعند عدم جواز ذلك فهل ان التصرف في هذه الناحية يغير من حقوق الشعب
القرار//////
لدى المذاكرة في هذا الموضوع رأت المحكمة ان مفهوم عبارة الابناء تفيد الذكور حصرا ولا تشمل الاناث. ففي حالة انقطاع ولاية العهد ـ لا سمح الله ـ ترى المحكمة ان التصرف في هذه الناحية حينذاك يعود الى الامة بحكم المادة (١٩) من القانون الاساسي .
3 – هل ان احداث منصب باسم (نائب او وكيل او مساعد وزیر) من اعضاء مجلس الامة ليساعد الوزير امام البرلمان يتعارض مع احكام الدستور .
القرار//////
لدى النظر في هذا الموضوع رأت المحكمة انه لما كان احداث منصب باسم وكيل او نائب او مساعد من اعضاء مجلس الامة ليساعد الوزير بأعماله امام البرلمان من شأنه اضعاف القوة التشريعية فانه من هذه الوجهة يعارض الاحكام الدستورية وبالنتيجة ترى ان احداث ذلك غير جائز بالنظر لاحكام القانون الاساسي
الرئيس / محمد الصدر عضو/ صالح باش اعیان عضو/ عبد المحسن شلاش عضو/عمر نظمي عضو/ حسن تاتار عضو/عبدالعزيز المطير عضو/ داود سمرة عضو/ محمود صبحي الدفتري عضو/ مصطفى التكرلي
نشر في الوقائع العراقية العدد 1985 في 21/1/1942

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!