مشاهد جمعة الآلام وأرتباطها بيوم القيامة
الكاتب: وردا اسحاق
مشاهد جمعة الآلام وأرتباطها بيوم القيامة
بقلم / وردا أسحاق قلّو
جمعة الآلام يوم مميز في حياتنا المسيحية ، لأن في هذا اليوم حصل حدث كبير في التاريخ . ج#ريم*ة كبيرة وقعت . أنها أكبر الجرائم حجماُ في التاريخ . خالق الكون حُكمَ عليه بالموت . لا وبل في ذلك اليوم حصل أيضاً خلاص لجميع الأمم . هذا الحدث وأهميته يعرفه كل مؤمن ، لهذا يعبرون عن أيمانهم ومحبتهم للفادي بحضورهم في الكنائس ومشاركتهم الصلاة أكثرمن كل الأيام والأعياد .
في يوم الجمعة الذي سبق الفصح اليهودي ، عقد رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب أجتماعاً تآمرياً ضد يسوع الناصري بعد ألقاء القبض عليه ، لينزلوا به عقوبة الصلب حتى الموت والتخلص منه ، فصدروا الحكم ضده . لما رأى يهودا الأسخريوطي أن الحكم قد صدر على يسوع ، ندم على جريمته فرد قطع الفضة الثلاثين الى رؤساء الكهنة والشيوخ معترفاً بخطيئته ، وبعدها ذهب وأنتحر .
المشهد الأول
قاد رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ يسوع الى بيلاطس . نشاهد يسوع واقفاً أمام الحاكم بيلاطس البنطي لكي يسمع الى أسئلته ، حيث قال له
( أأنت ملك اليهود ؟ )
أجابه ( أنت قلت ) أي ( نعم أنا هو ) وجِهَت ضد يسوع أتهامات كثيرة من رؤساء الكهنة والشيوخ ، لكن السيد المسيح التزم الصمت . فقال له بيلاطس ( أما تسمع ما يشهدون به عليك ؟ )
لكن يسوع لم ينبس بكلمة واحدة ، فتعجب الحاكم كثيراً ، علماً بأنه يعلم ببرائته ، وبأنه سلم اليه عن حسد وحقد ، لهذا قال ، أنا لا أجد فيه علة . الشعب أزداد هياجاً طالباً صلب يسوع . أقتنع بيلاطس أنه لا فائدة من أصراره لأن فتنة ستنشب بالأحرى . فأطلقه اليهم
كان المشهد رهيب . بيلاطس الذي يمثل عدل الدولة الرومانية العظيمة كان واقفاً بين ملك الملوك وملك البر ، آدم الثاني من جهة ، وبين بارأباس المجرم المحترف الشهير الذي كان يمثل آدم العتيق . عدالة الحكم الروماني أطلقت المجرم الفاجر الذي كان يمثل الخطيئة ، لكي تحكم على البراءة بالأعدام . أجل حكم بيلاطس على يسوع البرىء بالبراءة والأعدام في قرار واحد . أنه قرار عجيب حقاً . والأغرب من ذلك أراد أن يبرىء ذاته من الج#ريم*ة بعد أن حكم على يسوع بالموت ف
(غسل يديه قدام الجميع قائلاً : أني برىء من دم هذا البار ) مت 24:27 ” . وما يزال بيلاطس في الجحيم يغسل يديه محاولاً أزالة الدم الغالي ، دم الفادي الطاهر الذي حكم عليه بالموت ، لكن يديه تبقى ملطخة ولن تغسل الى الأبد بل ستكون شاهداً عليه في يوم الدينونة الرهيب . كان بيلاطس يعلم بأنه برىء . والرب أراد خلاصه فأرسل له رسالة عن طريق حلم زوجته التي حذرته بشدة فقالت ( لا تتدخل في قضية هذا البار ) ” مت 19:28 ” لكن بدون جدوى . أرتكب بيلاطس حماقته ، فكان عليه أن لا يغسل يديه أمام الناس بل أن يعترف بخطأه ويطلب من المصلوب المغفرة والعفو والتوبة والأعتراف بدموع كما فعل بطرس الرسول ، لكي يغفر له عن ذلك الحكم الغريب في التاريح وهو
( نظراً لبراءة يسوع الناصري ، حكم عليه بالصلب حتى الموت). الرب يسوع برىء من جهة بره الشخصي ، فيحسب خاطئاً لأن الآب وضع عليه أثم جميعنا وحسب ما هو مكتوب في ” 2 قو 21:5″ ( جعل الذي لم يعرف الخطيئة ، خطيئة لأجلنا لنصير نحن بر الله ).
. هذه هي محبة الله للبشر أفدى بأبنه من أجل خلاص كل من يؤمن به .
المشهد الثاني
سار الرب يسوع في طريق جلجثة الطويل حاملاً صليبه الثقيل الى أن وصل الى قمة الجلجثة المخيف . كان المشهد هناك رهيباً لأن رب المجد جرد من ثيابه وصلب عارياً أمام الجميع وبين لصَين . يسوع على الصليب في الساعات الثلاث الأخيرة التي قضاها على الصليب قبل أن يسلم الروح ، قال للص اليمين ( اليوم تكون معي في الفردوس ) ” لو 43:23″ .
” بينما كان في بداية الأمر ذلك اللص غاضباً جداً وكان مع اللص الآخر يعيران الرب ، لكن سرعان ما تحول ذلك الغضب الى أيمان وتوبة وأعتراف بيسوع ، فقال له ( أذكرني في ملكوتك ) .
أما الآخر فبقي مصراً على موقفه وخطيئته ولم يقبل التوبة فمات في طريق الهلاك . وهكذا يمثل بني البشر أحد هؤلاء المصلوبين ، فهناك من يقف الى يمين الرب في هذا العالم وهم المؤمنون الذين يطلبون الغفران والخلاص . أما الواقفون عن يساره فهم الذين يرفضون التوبة والأعتراف به وبعمل صليبه المقدس .
في يوم القيامة سنرى المشهد بوضوح ، حيث يقوم الراعي بجمع جميع الأمم ، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره
مت 25: 31-33 ”
على الصليب أراد المجرب أن يجرب يسوع كآخر محاولة له وذلك لكي يتخلى عن خطته ، أي موته على الصليب من أجل خلاص العالم .
فتحدث المجرب على ألسنة رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ قائلاً
(خلص غيره ، أما نفسه فلا يقدر أن يخلص ! … فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به!) ” مت 47:27″.
لما رأى يسوع أمه والتلميذ يوحنا الذي كان يحبه واقفاً بالقرب منها ، قال لمريم ( أيتها المرأة ، هذا هو أبنك ) ثم قال ليوحنا ( هذه هي أمك ! )
بهذا كرم الرب أمه لكي تصبح أم البشرية كلها بشخص يوحنا الحبيب . صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً ( ألوي ألوي ، لما شبقتني ) أي ، إلهي إلهي لماذا تركتني . ظن الواقفين بأنه ينادي أيليا ، قال بعد ذلك ( أنا عطشان ) فناوله خلاً .
فذاقها وقال ( قد أكمل ) فصرخ بصوت عظيم ، وقال ( يا أبتي ، في يديك أستودع روحي 1 وإذ قال هذا ، وأسلم الروح . أعترف به قائد المئة ، فقال ( حقاً كان هذا الأنسان أبن الله ! )” مر 39:15″.
المشهد الثالث
في هذا المشهد نشاهد الشواهد الطبيعية التي شهدت للأله المصلوب فنرى أن (حجاب الهيكل أنشق ستاره الى شطرين من الأعلى الى الأسفل . بهذا أزيل الحجاب الحاجز بين الله وبني البشر فتمت المصالحة . على الصليب تمت الرحمة والعدل الألهي . أما الأرض فقد تزلزلت وتشققت الصخور ، وتفتحت القبور، وقامت أجساد كثيرة لقديسين كانوا قد رقدوا لكي يشهدوا لهذا الخلاص العظيم . نعم الطبيعة أيضاً شهدت بموت الرب وحزنت له أيضاً فحل الظلام على الأرض كلها فتحول الشمس الى ظلمة والقمر الى دم قبل أن يجىء يوم الرب المخيف) ” لو23: 44-45 ” و ” مت 29:24″
هنا تربط أحداث الصليب بيوم القيامة أي بمجيئه الثاني . فمشهد الجلجثة يشهد لمشهد نهاية العالم . فصلب يسوع على الصليب وموته هو فرح وخلاص للبشرية لهذا طلب منه الشرير أن ينزل من الصليب . عمل موت الرب طوعاً على الصليب من أجلنا ، هو نابع من محبة الله الآب أيضاً لبني البشر وحسب المزمور ” 24:118″
( هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعُهُ الرَّبُّ، نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فيه )
أنه يوم الرب العظيم
جمعة الآلام هي رسالة حب من الخالق الى المخلوق ، مفادها تقديم الآب أبنه الوحيد ذبيحة لأجل خلاص بني البشر . إذاً في جمعة الآلام نجد المحبة والفرح وليس الحزن ، لأن فيه التقت السماء مع الأرض فتمت المصالحة وبدأ الخلاص . أذاً حصل شىء عظيم في ذلك اليوم العظيم الذي يسمى ب ( الجمعة العظيمة ) وصف الأحداث الطبيعية في يوم الصلب تُحَدِث عن صورتها في نهاية العالم ، في ما حصل على الجلجثة وما سيحصل في يوم القيامة وأحداثها قبل ظهور الرب فتؤكد صدق النبوات . فكل من يؤمن ويدعو الرب سينجو من الهلاك ومن الدينونة . في سفر ملاخي ” 19:3″ أيضاً ربط المجىء الأول بالمجىء الثاني ، فقال
( فهوذا يأتي اليوم المضطرم كالتنور وكل المتكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشاً ، ويحرقهم اليوم الآتي ، قال رب الجنود ، فلا يبقى لهم أصلاً ولا فرعاً ) .
ولربنا المصلوب المنتصر، المجد دائماً