مقالات دينية

المطران جاك إسحق … الصمت لغة العالم الأبدي

المطران جاك إسحق … الصمت لغة العالم الأبدي
بقلم / + حبيب هرمز
الصورة لأول قداس بعد رسامتي 2014 حيث وقف بجانبي ليشاركني في اول قداس  في كنيسة مار كوركيس
المطران جاك إسحق ... الصمت لغة العالم الأبدي
كنت اشاهد هذه اللافتة معلقة في مكتب مثلث الرحمات المطران جاك اسحق. ( الصمت لغة العالم الأبدي ) .  كان ذلك في سنة 1990 وبعد ذلك حيث عملنا معا لعشرات السنوات . كان يساعدنا في اقامة القداديس في كنيسة مار كوركيس كل احد حيث كنا نقدس ثلاث مرات وكذلك المرحوم الأب يوسف حبي.
كان مشجعا كبيرا للثقافة المسيحية فخلال اجتماع لكهنة بغداد مرة قال انه يتمنى من الكاهن ان يمسك مجلة نجم المشرق او بين النهرين بيده ويشجع المؤمنين على قراءتها.
كان يتحدث عن اهمية الإعلام ونقل البشارة عبر التقنيات الحديثة . لذلك فرح بعملية تكثير الكاسيتات وافلام الفيديو لأنه كان يجلب من لبنان نسخ اصلية من التراتيل وافلام حياة القديسين.
 مرة اعترفت امامه بخطاياي فقال “لا فقط تعترف بخطاياك لكن ايضا بما تعمله في خدمة الرب حتى يغمرك الفرح.” ان التركيز فقط على الخطايا يورث الحزن والكآبة والقنوط. الهدف من الإعتراف هو ايضا التركيز على محبة الله وصلاحه والشكر له لأن كلمة الإعتراف اصلا من فعل معرفة اي معرفة ان يسوع مخلصنا فنأتي اليه ونفتح له قلبنا بثقة ويقين.  
كان تدريسه مادة الليتورجيا رائعا ومشوقا بحيث مادته اضحت مصدرا اساسيا لكل المهتمين بها . انسانيا كان يتمتع بطاقة ايجابية وبنعمة الإصغاء للآخر والتدقيق قبل اتخاذ القرار وتنقيح المقالات اكثر من مرة في مقر مجلة نجم المشرق وبين النهرين.
نتيجة لتخصصه بالصلاة الليتورجية فقد اكد على تلاوة المزامير بطريقة ملحنة . فكان خلال لقاؤه الثقافي كل اربعاء في كنيسة مريم العذراء في شارع فلسطين يأتي بمسجل لنتأمل في مزامير محددة قمت بتسجيلها في اليوتيوب ومنها مزمور 42 “كما يشتاق الأيل الى مجاري المياه” ومزمور121 “رفعت عيني الى الجبال من حيث يأتي عوني” ومزمور23 “الرب راعي فلا يعوزني شيء” ومزمور 136 “احمدوا الرب لأنه صالح وان الى الأبد رحمته” وغيرها. كان يعيدنا الى اجواء المناطق التي عاش فيها داود (الملك فيما بعد) وهو يرى الراعي وعصاه او يرى الغزال العطشان للمياه او يتطلع نحو جبل صهيون في القدس.
عندما كنت في بريطانيا طلب مني استنساخ مخطوط بعنوان تفسير الخدم الكنسية لجبرائيل قطرايا (615م) والمحفوظ في المكتبة البريطانية في لندن والمخطوط هو نسخة من القرن 11 بالأرامي الشرقي (الكلداني) ورقمه 3336. كان جبرائيل من ابرشية قطر (حاليا دولة قطر) من القرن السادس ودرس في مدرسة نصيبين ثم صار استاذا في مدرسة ماحوزي في المدائن (جنوب شرق بغداد بحدود 30كلم).
اليوم وبعد رحيله الى عالم الأرواح حيث الأجساد السماوية مع الرب لدينا دعوة ان نهتم بتراثنا ولغتنا وثقافتنا العريقة ومحاربة ثقافة التفاهات المتفشية في اوساطنا والثورة ضد الضجيج في كل مكان؛ يقول البابا فرنسيس انه علينا ان نتحرر من كل ما هو خاص بالعلمنة لكي نحيا منطق الإنجيل (حسب الكردينال روبرت سارة في كتابه قوة الصمت).
كان المرحوم ذو ايمان كبير بالرب فنصلي كي يمجده الى الأبد في ملكوته بعد ان حمل ثقل النهار وحره. هذا غيض من فيض فهو ومن سبقه كانوا نعمة كبيرة لكنيستنا وهي تبحر في بحر متلاطم الأمواج لكن ثقتنا بالرب لا حدود لها.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!