مقالات دينية

قيامة المسيح تجديد لطبيعة الإنسان

قيامة المسيح تجديد لطبيعة الإنسان

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قيامة المسيح تجديد لطبيعة الإنسان

فقالَ لهُنَ المَلاك ( لا تندَهِشنَ ! أنتنَ تطلبنَ يسوعَ الناصريّ المصلوب . قد قام ! ليس هو ههنا . هوذا الموضِع الذي وضعوه فيه ِ ) ” مر 6:16″

   قبل أن ندخل في موضوع قيامة المسيح من بين الأموات علينا أن نتناول موضوع وجوده في الأيام التي سبقت القيامة ، وذلك بعد موته على الصليب . وعلى الصليب قال للمصلوب على يمينه ( اليوم ستكون معي في الفردوس ) ” لو 43:23 ” . وكتابات الرسل تؤكد لنا بأنه نزل إلى الهاوية ( الجحيم ) ، فالآيات التالية تقول ( فإنه لأجل هذا بَشَّرَ ، فما هو إلا نزل أيضاً ، أولاً إلى أقسام الأرض السفلى ) ” أف 9:4 ” ، ( فإنه لأجل هذا بَشّرَ الموتى أيضاً لكي يدانوا .. ) ” 1 بط 19:3 “ . وفي أقوال آباء الكنيسة قال ذهبي الفم ( أخمد الموت حين قبله ، وسبى الجحيم بنزوله إليها ) كما نقرأ ( لقد سحقت المتاريس الأبدية التي كانت تمسك الأسرى ، منيراً للجالسين في الظلمة وظلال الموت ) . الجحيم هو المكان الذي كان فيه أبينا إبراهيم ، فالجحيم يختلف عن الجهنم الذي هو مكان وجود الهالكين . فالسيد الذي صعد إلى الفردوس ، نزل أيضاً إلى الجحيم ليحقق الإنتصار النهائي على الموت ، ويكافىء المنتظرين قيامته ، فالمسيح إذاً موجود في كل مكان .

   أما قيامة المسيح من القبر فقد أتفق البشيرون الأربعة على حقيقة القيامة ، فالقبر كان في فجر أول الأسبوع ( الأحد ) مفتوحاً ، لأن الحجرقد دحرج بعد مغادرة يسوع للقبر . النساء سبقن الرجال ليصبحن أول من شهِدَ للقيامة . والقصص التي نقرأها من الأناجيل تكَمِل بعضها البعض وكأنها أنغام متنوعة لآراء مختلفة النصوص تؤلف لنا أنشودة واحدة وتؤكد حقيقة القيامة . ومن هذه الروايات :  مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر ، وإذا زلزلةً ، وملاك الرب ينزل ويجلس على الحجر ، أما الحراس فيصيرون كالأموات . والملاك يقول للنسوة ( ليس هو ههنا لأنه قام ) . تم إخبار التلاميذ فهرع بطرس ومعه يوحنا الحبيب إلى المكان فشاهدوا الحجر المدحرج ، والقبر فارغ . والأكفان موضوعة بترتيب متقن .

   المجدلية لم تفهم سر مشهد القبر الفارغ وقوته التعببيرية لأنها لم تقرأ الكتب كيوحنا الحبيب الذي قرأها في المجامع ، لهذا صعق بما رأى ( فآمنَ ) . وماذا رأى يوحنا ؟

إنها الرؤيا التي أعلن الرب تحقيقها في سفر الخروج ( 25: 21.. ) حيث طلب الرب من موسى أن يدخل تحسينات على تابوت العهد الحامل وصايا الله ، وذلك بأن يجعل فوقه غطاء من الذهب الخالص ، وينحت ملاكان من صنف الشاروبيم ليوضعا على كل طرف من الغطاء ، على أن يواجه كل واحد الآخر وينظر إلى تابوت العهد الجديد ( القبر الذي كان يحتوي يسوع ) والتابوت هو رمز للقبر . من هنا أدرك يوحنا السر فتأثر وآمن . لأنه رأى تابوت العهد الجديد من نور خالص بدلاً من الذهب ، لأن الأكفان التي لامست الجسد الطاهر كانت تشع بالنور ذاته المنبعث من الملاكين . والملاكان المنحوتان على تابوت العهد القديم كانا رمزاً لملاكي القبر . فيوحنا فهم كل هذه الأمور وأدرك اللاهوت الكتابي بنجرد نظرته إلى داخل القبر فآمن .

   أتت مريم المجدلية ورفيقتها حاملات الطيوب لجسد يسوع ، ويسوع يلا قيهما ويقول ” سلام لكما “ ( فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له ) ” مت 28: 1-11 ” . أما يوحنا فينفي موضوع اللمس في إنجيله ، حينما دعى يسوع مريم بإسمها فعرفته ، وأرادت أن تلمسهُ فلم يسمح لها بذلك ، وبحسب قوله ( لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي ) ” يو 20: 1-19 ” . كذلك كان طلب توما الرسول الذي لم يحضى بمشاهدة السيد بعد قيامته في الأحد الأول مع التلاميذ اللذين أخبروه ببشرى حضور الرب عندهم ، فأشترط بأن يلمسه بوضع أصبعه في مكان المسامير ليعلن إيمانه . لكن هذا لم يتحقق أبداً لأنه عندما سمح له يسوع بأن يلمسهُ . ، بل رفعه إلى درجة الإيمان القاطع فلم يحتاج إلى لمسه ، فأعلن إيمانه قائلاً ليسوع ( ربي وإلهي ) ، وأكد يسوع موضوع عدم لمس توما لجروحه الممجدة بالرد عليه قائلاً ( ألأنك رأيتني آمنت ؟ ) ولم يقل لمستني ، لأنه لم يلمسه .

  إذاً قيامة المسيح هي تجديد لطبيعة الإنسان العتيق ، وصياغة آدم جديد بدل الإنسان الذي إبتلعته الخطيئة فعاد إلى الأرض التي أخذ منها . فبالقيامة أقامنا نحن أيضاً معه . بعد موته على الصليب نزل إلى الجحيم . هكذا يجب أن يفعل كل من يؤمن به في سر المعمودية الذي يرمز إلى هذا النزول في معناه العميق ، فعندما يغطس الطفل في الماء ثم يخرج منه . يشير إلأى نزوله إلى الجحيم فيموت مع المسيح ، وخروجه منها هو قيامته مع المسيح المنتصر . والمجد للقائم من الأموات منتصراً .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!