مقالات سياسية

ثلاثة أيام هزت فرنسا

الكاتب: عبدالغني علي يحيى
 
ثلاثة أيام هزت فرنسا
 
عبدالغني علي يحيى
    قالت انجيلا ميركل ان ( الاعتداء على فرنسا ليس اعتداء على مواطنها فحسب بل اعتداء على حرية الصحافة والتعبير). صدقت المستشارة الالمانية، فلقد اثبت الار*ها*بيون على مر الاعوام الماضية بق*ت*لهم وذبحهم للعديد من الصحفيين والاعلاميين انهم من ألد اعداء الحرية والصحافة. فيما كتب (باراك أوباما) عند زيارته الى السفارة الفرنسية في بلاده، في سجل الزيارات (عاشت فرنسا) والذي ذكرنا بقصة معلم الابتدائية القصيرة يوم احتل الالمان فرنسا في الحرب العالمية الثانية، الذي كتب على السبورة أمام تلاميذه وهو يذرف الدموع (عاشت فرنسا) وخرجت فرنسا من محنة حقيقية خلال ثلاثة ايام تمثلت بهجمات ار*ها*بية بباريس اسفرت عن مق*ت*ل (17) شخصاً في مبنى مجلة (شارلي ايبدو) الساخرة وغيرها وبين الق*ت*لى (4) من ألمع رسامي الكاريكاتير في فرنسا، كما وق*ت*لت شرطية على ايدي الار*ها*بيين. ولا يسع المرء هنا إلا أن يشيد بموقف الرئيس هولاند الذي صمد أمام الانفعالات والعواصف العنصرية، وقال عبارته :(نحن ضد الاهراب وليس ضد دين) ولأجل التقريب بين الفرنسيين وتوحيد كلمتهم لصالح التسامح والمحبة فأنه دعا كل الفرنسيين للمشاركة في تظاهرات تقرر تنظيمها غدا الاحد. في مسعى منه لتوحيد الجهود ضد الار*ها*ب. ولتحيا فرنسا. وليحيا التسامح والمحبة بين مواطنيها.
  في اليوم الاخير من المحنة الفرنسية اي الجمعة 9-1-2015 وجد تني قبالة شاشة فضائية FRANCE24   التي قامت بتغطية رائعة لعملية احتجاز الشقيقين سعيد وشريف كواشي لرهينة فرنسي داخل مطبعة في الشمال الشرقي من باريس، وبتغطية اخرى لأحتجاز الار*ها*بي: (أوميدي كوليبالي)لخمسة رهائن داخل متجر (مونت روج) للأطعمة يعود لليهود. ولقد كان متوقعاً ان يق*ت*ل الار*ها*بيون الثلاثة على يد الشرطة الفرنسية أو يقدموا على الا*نت*حا*ر وعلى الارجح انهم انتحروا.
بعد انقطاع طويل لي عن الكتابة حول الار*ها*ب والقاء المحاضرات فيه، في الندوات التي نظمت لي في اكثر من مدينة كردستانية وذلك قبل نحو اكثر من عقد، فأن المشهد الفرنسي للايام الثلاثة المذكورة وما دار حوله من رأي وفكر والذي لم اكن متفقاً في معظمة مع اصحابه، فأني خرجت بالاستنتاجات التالية من خلال متابعتي للار*ها*ب الذي ضرب باريس:
1-  ان الار*ها*بيين في الدول الاوروبية والامريكية واستراليا غالباً ما يتحاشون مهاجمة القوات الامنية ويلجوؤن إلى ترهيب المدنيين العزل بدل ذلك. فقبل الهجوم على مجلة (شارلي ايبدو) وق*ت*ل (12) شخصاً فيها كما ذكرنا، كان ار*ها*بي أخر قد احتجز قبل اكثر من شهر عدداً من الرهائن في مقهى بأحدى المدن الاسترالية الكبيرة وقبل ذلك بنحو اكثر من (10) اعوام وقع هجوم ار*ها*بي على مركز التجارة العالمي بنيويورك وقبله وبعده استهدف الار*ها*بيون محطة قطارات في مدريد وميترو في موسكو.. الخ. بالمقابل فان الار*ها*بيين في الشرق الاوسط يستهدفون الجنود والمدنيين في ان معا. ان عدم استهداف الار*ها*بيين للمنشأت العسكرية والامنية في الغرب يبعث على الحيرة والشك.
2-   ينفذ الار*ها*بيون في الغرب عملياتهم الار*ها*بية في المدن الكبيرة جداً، لكي تكون لعملياتهم أصداء إعلامية واسعة في العالم انظرعمليات (نيويورك، مدريد، موسكو، باريس، لندن.. الخ ) في حين نجد العمليات الار*ها*بية في العراق وسوريا وبلدان اخرى في الدول النامية تنفذ حتى في القرى والاحياء الشعبية.. الخ
3-   رد العديد من الباحثين والسياسيين عملية (شارلي ايبدو) الى قيام المجلة نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة الى النبي محمد وذلك قبل نحو (4) أعوام من الان، والى قيام السكان الاصليين في البلدان الاوروبية باستفزازات ضد الجاليات المسلمة، والى استغلال الار*ها*ب للتسمامح الديني في فرنسا والحريات الوسعة فيها، علماً ان رساماً كاريكاتيرياً من الدانمارك كان قد سبق (شارلي إيبدو) في تناول شخص النبي محمد بالسخرية، عليه وتأسيساً على ردهم، كان قمينا بالار*ها*بيين مهاجمة الدانمارك أولا  وامريكا ثانيا على خلفية حرق القس تيري جونز لنسخ من القران هناك وقلة من الباحثين رد الهجوم على المجلة الفرنسية الى الدور الفعال واللافت لفرنسا في الحرب على الار*ها*ب، وكيف انها تلقت تهديدات بالانتقام من طرف د*اع*ش في وقت سابق من العام الماضي، اما عن استفزاز المسيحيين في الغرب للمسلمين فالعكس هو الصحيح فالبادي بالاستفزاز والاعتداء على العالم المسيحي هم الجماعات الاسلامية لمتطرفة التي تق*ت*ل بشكل شبه يومي المسيحيين في الشرق الاسلامي وفي افريقيا.. الخ والبادي أظلم. والقول ان الحريات والتسامح الديني في فرنسا زينت للار*ها*بيين الاقدام على الاعتداءات فيها، ليس صائباً، اذ ان جميع الدول الاوروبية والامريكية وحتى دول في أسيا مثل اليابان و كوريا الجنوبية.. الخ تتمتع بالحريات والتسامح ومع ذلك فان النشاط الار*ها*بي فيها أقل، ثم متى ساعدت الديمقراطية و الحريات على ظهور الار*ها*ب؟ واذا كان ما حصل في (شارلي ايبدو) انتقاماً لما نشرته الاخيرة من رسوم كاريكاتيرية مسيئة الى النبي محمد، فماذنب رهائن (مونت روج) الذين ق*ت*ل منهم اربعة وجرح اربعة اخرين ورواد المقهى الاسترالي وموظفي مركز التجارة العالمي في نيويورك ، علماً ان تهديدات تيري جونز بحرق القران جاءت بعد اعوام من الاعتداء على مركز التجارة العالمي.
4-   ان السبب الرئيسي للاعتداء على (شارلي ايبدو) يعود الى المشاركة الفرنسية الفاعلة في الحرب على الار*ها*ب سواء في الشرق الاوسط أو في بلدان افريقية، تزامن الاعتداء المذكور مع فتح فرع لد*اع*ش في ليبيا فتصريحات فرنسية بضرورة معالجة الوضع الليبي. اي ضرب الار*ها*ب في ليبيا.
5-   إن إحتجاز الرهائن من المدنيين بالاخص من الاسلحة التقليدية والشائعة للار*ها*ب، وهؤلاء الرهائن غالباً مايكونون من ركاب الطائرات ورواد المطاعم والمتاجر. وثمة اسلحة اخرى يستخدمها الار*ها*ب لا مجال لذكرها هنا. مثل اختطاف الفتيات المسيحيات في نيجيريا من قبل بوكوحرام بين فترة واخرى.
6-   ان العقل الجمعي للار*ها*بيين افراداً اوجماعات. امراء و مؤتمرين يتميز بضيق الاْ فق وقصرالنظر والتخلف. والا كيف سولت نفوس ار*ها*بيين عملية (شارلي ايبدو)بانهم ينجبون من قبضة الشرطة الفرنسية. ناهيكم من انهم (الار*ها*بيون)غالبا مايفلتون  من العقاب. ان العقل الجمعي للصغار من الار*ها*بين مثل العقل الجمعي لكبار الدكتاتوريين من الممارسين لار*ها*ب الدولة. فلقد اعتقد ه*ت*لر ان بوسع المانيا الصغيرة مقارنة بالاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يشكل انذاك سدس العالم. ابتلاع الاتحاد السوفيتي السابق. وقبله تمكن الاعتقاد نفسه من نابليون حين غزا روسيا القيصرية ومن بعدهما صدام حسين الذي لم يعرف حجمه وقام باحتلال اراضٍ ايرانية. وهكذا فان العقل الصغير والضيق والمتخلف قاسم مشترك يلتقي فيه ار*ها*بيو دولة المنظمة السرية والممارسين لار*ها*ب الدولة.
7-    في قراءتي للمسافة بين عملية ار*ها*بية واخري في الاقطار الاوروبية والغربية عموماً.وجدتها طويلة وقد تكون اعواماَ.عليه ووفقاً للاحداث الار*ها*بية التي وقعت في نيويورك ومدريد.. الخ فان العمليات الار*ها*بية لن تتكرر في فرنسا الا بعد شهور اوسنوات ولكن شريطة الاخذ بتوسع دائيرة الار*ها*ب في اوروبا وبلدان غربية وغير غربية كذلك. اذ التحق الا لاف من مواطني هذه البلدان بد*اع*ش في سوريا والعراق. وان عودتهم الي بلدانهم ستشكل خطراَ على الامن والا ستقرار في الاخيرة.لذلك بات ضرورياَ ان تدرس الحكومات الغربية هذا الجانب وتتخذ اجرءات رادعة بحق الملتحقين بالار*ها*ب في سوريا والعراق بالاخص كان تلقيهم في السجون او تسقط عنهم الجنسية وتعيدهم الى البلدان التي اتوامنها الى الغرب.
8-    لقد توخي الار*ها*ب من وراء احتجاز رهائن داخل المتجر اليهودي للاطعمة في شرق باريس .كسب ود وعطف العالم الاسلامي المنا هض لليهود واس*رائ*يل. دع جانباَ هتا فهم ب (الله اكبر) اثناء مداهمتهم لشارلي ايبدو. لكن السحرانقلب على الساحر فلقد نال العزب المسيحي واليهود عطف  العالم على اثر العمليات الار*ها*بية الاخيرة في  فرنسا.
ختاماً. لا نملك الا ان نضم صوتنا الي اصوات الخييرين في العالم والتي هتفت (كلنا شارلي ايبدو)و(عاشت فرنسا ) ولا لليمين المتطرف والنازيون الجدد وسحقاً لد*اع*ش والقاعدة والمنظمات الار*ها*بية كافة.
 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!