الحوار الهاديء

ثقافة تفكيك الاواصر وكتّابها!

الكاتب: اوراها دنخا سياوش
ثقافة تفكيك الاواصر وكتّابها!
 
عند الابحار في الشبكة العنكبوتية، يكتشف المرء انه ليس قريبا بأفكاره من الكثير منهم، من بني جلدته، بالرغم من ارتباطه التاريخي والديني والعقائدي. اختلاف يجعل المرء يفكر ويحاول ان يجد سببا منطقيا له. وهنا يأتي دور الفن في التفكير، اي من اين يجب ابدأ التحليل وكيف ولماذا ؟
فلو اخذنا البعد القومي وبدأنا الغور في شخصيات وكتاب مجتمعنا الكلدوآشوري السرياني، نجد اننا وبمجرد كتابة اسمنا بهذا الشكل الذي دعي (بالقطاري!)، نكون قد وضعنا حواجز غير منظورة في بنيتنا التحتية، حواجز كانت في حقيقة الامر موجودة قبل الاختراع القطاري، موجودة بشكلها المذهبي او اللغوي او المناطقي، وبالتالي جعلت شعبنا يتيه في بحر تأنُّ فيه هذه العوامل، تحاول تفتيت أواصره، يساعده فيها، الحالة السياسية او النظام الذي يعيش في كنفه.
 وعندما جاءت الحركة الديمقراطية الآشورية حاولت تقوية  الأواصر بترجمة ما كان موجود في دواخلنا وغير منظور الى حالة منظورة من خلال توحيد (فاركونات!) شعبنا، ودمجها على الاقل في المرحلة الحالية، بالرغم من الدمج هذا، سيظل في النفوس مدموجا بحواجز، لان التاريخ قد مد جذور هذه الحواجز في اعماقنا !  
لكن الزمن وعادياته لم يستطيع ان يفكك اواصرنا الى الدرجة التي تجعلنا نلفظ احدنا الاخر لمجرد الانتماء المذهبي واللغوي والمناطقي، بالرغم من بروز افكار كانت غير منظورة قبل وجود تكنولوجيا نقل المعلومات السريعة. هذه التكنولوجيا التي اتاحت للبعض من الكتاب ببث ثقافة استطيع ان اسميها (ثقافة تفكيك الاواصر!). فلو لاحظنا من هم هؤلاء الكتاب الذين يبثون هذه الثقافة، نلاحظ انهم من الذين ابتعدوا عن ابناء جلدتهم اجتماعيا، ولغويا، حتى اصبحنا في بعض الاحيان لا نستطيع تميزه عن بقية الاقوام المتعايشة معنا، بسب فقدانه لاهم مقوم من مقومات الترابط القومي، الا وهو اللغة. فبفقدانه لغة ابائه واجداده يتدحرج من حيث لا يدري في خانة الضياع القومي، ولنا في ذلك نماذج وامثلة كثيرة، لا نود طرحها كي لا نصيب احدا.
 بالإضافة الى الابتعاد عن اللغة، نلاحظ ان الانشقاق عن المذهب وتبني مذهب آخر كان له الدور المميز في تعزيز ثقافة التفكك، فهي احدى العوامل الروحية التي تجعل التنافر يكون على اشده، يصل في بعض الاحيان الى القطيعة التامة، وحتى الى معارك، والتضحية بالنفس لو تطلب الامر. ان حالة التنافر بسبب الانشقاق، قد لم تكن قوية في الجيل الاول المنشق، لكن تجذر المذهب في المنشقين من الاجيال التي بعدها جعلهم وكما يقال (كاثوليك اكثر من البابا!).
اما عامل المنطقة فلا يشذ عن ما ذكرناه، فالمعروف ان شبعنا يقسم نفسه بنفسه ما بين الجبل (طورا!) والسهل (دشتا!)، وما بينهما (صبنا!) و(مركا!) …الخ. فأهل الجبل تأثروا بالكرد، والسهل بالعرب، وما بين العربي والكردي شقاق تاريخي انعكس بدوره على مثقفينا، وافكارهم، وبالتالي اضاف عاملا اخر الى ثقافة التفكيك، وهذا ما نراه واضحا في مثقفينا المنخرطين في احزاب سياسية او تجمعات مدنية، تابعين لهذا او ذاك، او حتى مستقلين.
ان كتّاب تفكيك الأواصر، وبعد التدقيق نجدهم، وبسبب فقدانهم للغتهم، ودفاعهم عن مذاهبهم، وتدحرجهم بعيدا عن مناطقهم، واندماجهم وذوبانهم في اللباس العربي او الكردي، نجدهم يطعنون في تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا التاريخية، لتفكيكها، من خلال تهجمهم المبطن والعلني على احزابنا القومية وتسفيه كل صلة بمناسباتنا القومية التاريخية…
في الختام لا يسعنا الا ان نقول لكتّاب ثقافة التفكيك: هداهم الله، وانهم يبقون اخوتنا، (شئنا ام ابو!) برغم معاولهم وسهامهم ورماحهم الموجهة نحو صدورنا !
اوراها دنخا سياوش               ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!