مقالات دينية

الكلمة صار جسداً وخيّمَ بيننا

الكاتب: وردااسحاق
..

الكلمة صار جسداً وخيّمَ بيننا


بقلم/ وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

( ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله أبنه ، وقد ولد من أمرأة …) ” غل 4:4″

الكلمة هو المسيح الرب الأزلي الكائن قبل كل الدهور، كان موجوداً في الأمس واليوم والى الأبد ” عب 8:13″ . شهد عن أزليته بقوله ( فمجدني في حضرتك الآن ، أيها الآب ، بما كان لي من مجدٍ عندك قبل تكوين العالم ) ” يو 5:17 ” . وشهد عنه يوحنا المعمدان قائلاً ( أن الآتي بعدي متقدم عليّ ، لأنه كان قبل أن أوجد ) ” يو 15:1″ .

الأنسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله أخطأ الى الله ، فالله المحب أراد أن ينقذ الأنسان الخاطىء فأرسل أبنه الوحيد لكي يتخذ جسداً بشرياً ويعيش بطبيعة البشر ويجمع في ذاته صفاة وخصال التي في طبيعة الأنسان المتعددة الجوانب وهذا سر عجيب ، بالرغم من أنه كان مجرباً في كل شىء كباقي البشر ، لكن الخطيئة لم تنال منه لهذا قال ( من منكم يبكتني على الخطيئة ؟ ) ” يو 46:8 ” للرب يسوع نحو الأنسان ، فعلى الأنسان أن يأخذ من المسيح المتجسد دروساً لكي يكمل طبيعته الضعيفة فيرتقي الى الطهارة والكمال . جسد الأنسان يجب أن يقدس لأن الله الكلمة تجسد فيه والروح القدس يسكن في جسد الأنسان المؤمن ويخييم فيه كما خيّمض فيه المسيح . قال الرسول يوحنا ( الكلمة صار جسداً ، وخيّم بيننا ، ونحن رأينا مجده … ) ” يو 14:1″ ففي بعض الترجمات تكتب ” وحل بيننا ” لأن كلمة ” خيّمَ ” تعني أنه سكن في خيمة ( أي خيمة الجسد ) والسكن في الخيّم هو لأجل زمن محدد لكي يبدأ الرحيل . وهكذا نحن أيضاً ضيوف في هذا العالم نسكن في خيمة جسدنا وسيأتي يوم الرحيل لكي نطوي خيمتنا ونرحل الى الخلود . إذاً تجسد المسيح مع البشر كان لفترة عابرة ثم رحل ، وهكذا نستدل من العهد القديم كيف كان الله مع شعب أسرائيل في البرية بعد خروجه من مصر وحتى زمن سليمان الملك الذي شيد الهيكل بدلاً من الخيمة التي كان يسكن الله فيها مع شعبه كضيف ، وكان الله هو الذي صمم تلك الخيمة وأظهر رسمها لموسى على الجبل ، لهذا قال لداود الملك الذي كان يريد أن يبني له بيتاً ( لم أسكن في بيت منذ يوم أصعدت بني اس*رائ*يل من أرض مصر ، بل كنت أنتقل من مكان الى آخر في خيمة هي مسكن لي ) ” 2صم 6:7″ وكان ذلك رمزاً لسر تجسد المسيح في الجسد ، وهذا ما قاله الرب على لسان عبده داود ( هيأت لي جسداً ) أي لأن الله كان يتكلم عن هيكل جسد ابنه المسيح . فكلنا نحن البشر نسكن في خيام متنقلة الى أن تنتقل الى المنازل التي أعدها لنا الرب في السماء وكما قال الرسول بولس ( فأننا نعلم أنه متى تهدمت خيمتنا الأرضية التي نسكنها الآن ، يكون لنا بناء من الله : بيت لم تصنعه أيدي البشر … ) ” 2 قو 1:5″ .

الكلمة هوالمسيح الرب الذي كان في اللازمن ، تجسد فأتحدت طبيعته الألهية بالبشرية في شخص واحد ، أنه لسر عظيم للمسيح الغير المحدود الذي أخذ جسداً بشرياً لكي يدخل في الزمن المحدود والمكان الظاهر والمنظور . الفرق كبير بين الأزلي اللامحدود وبين الأنسان المحدود . دونوا عنع كُتّاب الأناجيل قائلين ( الكلمة الأزلي الذي كان والكائن والذي يأتي قد صار جسداً ) تم ذلك بأتحاد طبيعتين في أقنوم واحد بغير أنفصال . أتموت طبيعة الله اللاهوتية بناسوت الأنسان ؟ أم هل صار المسيح أنساناً لكي يرتقي الأنسان الى طبيعة الله وذلك لوجود روح الله فيه ؟ لنتأمل بقول القديس أثناسيوس الذي قال ( نحن بدون الروح القدس . نصير غرباء ومنفصلين عن الله ، أما شركتنا في الروح القدس فهي تؤهلنا أن نصبح ذوي قربى من اللاهوت ) . الله أخلى ذاته من مجده الغير المنظور الى منظور وملموس . لكنه لم يخلى عن لاهوته عندما صار أنساناً ، ولم يفترق لاهوته من ناسوته ولو للحظة . هناك عبارة لاتينية على الكلمة المتجسد تقول ( أنا كما كنت هو الله ، ولم أكن ما أنا عليه أنساناً ، لكني الآن الله والأنسان ) أي أن المسيح عندما صار في الجسد بقي هو الله الموجود في السماء وفي الجسد على الأرض في آن معاً ، وحسب ما تعنيه الآية ( وما صعد أحد الى السماء إلا الذي نزل من السماء ، هو أبن الأنسان الذي هو في السماء ) ” يو 13:3″ . أي عندما كان ظاهرياً محدوداً في المكان والزمان في جسد انسان في الحقيقة كان في السماء أيضاً ، أي لا يحده زمان أو مكان أي لم يتغَيّر نظام أقنوميته لكنه بأختياره لم يستخدم قوة لاهوته لكي يكون مشابهاً لكل البشر ، وفي كل شىء ويتحمل كل المصاعب وحتى الآلام على الصليب لكن بعد الموت تمجد بالقيامة بعد أن غلب الموت بموته . هكذا كان الرب يسوع الذي نزل الى الجحيم بعد أن سلم الروح لأبيه على الصليب كان أيضاً موجوداً في الفردوس وحسب قوله للمصلوب على يمينه ( اليوم ستكون معي في الفردوس ) فالمسيح موجود في كل زمان وفي كل مكان .

على كل مسيحي أن يفهم التجسد اللهي بين البشر ، ويعمل بحسب وصايا المتجسد فيهيىء نفسه للرحيل بعد أن يأتي زمن أنطلاقه من خيمته الزمنية الى اللازمن حيث الخلود مع الأله الذي تجسد ومات من أجل أن يرفع المؤمنين به الى السماء الى أبد الآبدين .

ليتمجد أسمه القدوس

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!