الكابتن، عمو بابا – مارتن كورش تمرس لولو
الكَابْتِنُ عَمُّو بَابَا
يستحق منا الكابتن الراحل، عمو بابا، في ذكرى رقوده على رجاء القيامة، أن نرثيه بكلمات تحفظها ذاكرة الجمهور الرياضي والرياضيين في الوطن، وفاءً لجهوده الكبيرة في خدمة كرة القدم. فقد قدم لهذه اللعبة الكثير من وقته وجهوده على حساب صحته، رافضًا العروض المغرية من الخارج ومفضلًا البقاء في وطنه، حيث كرس حياته لرعاية المواهب الصاعدة والمساهمة في تطوير اللعبة.
أيها الرياضيون
أيها اللاعبون
في مدرسة الكابتن تتمرنون
في ملعب الشعب، تتبارون
هل شاهدتم؟
أَمْ سمعتم؟
عن كرة تبكي
عن همها للكابتن تشكي
يجري دمعها
كما يجري اللاعب خلفها
بكتْ اليوم الكرة
ليس لأن الضربة لم تكن حرة
بل لأن الشيخ فارقها
لن يعودَ بَعْدُ يحتضنها
…
غادرَ المدربُ وحدته
تركَ المعلم تلامِذتهالكَابْتِنُ عَمُّو بَابَا
يستحق منا الكابتن الراحل، عمو بابا، في ذكرى رقوده على رجاء القيامة، أن نرثيه بكلمات تحفظها ذاكرة الجمهور الرياضي والرياضيين في الوطن، وفاءً لجهوده الكبيرة في خدمة كرة القدم. فقد قدم لهذه اللعبة الكثير من وقته وجهوده على حساب صحته، رافضًا العروض المغرية من الخارج ومفضلًا البقاء في وطنه، حيث كرس حياته لرعاية المواهب الصاعدة والمساهمة في تطوير اللعبة.
أيها الرياضيون
أيها اللاعبون
في مدرسة الكابتن تتمرنون
في ملعب الشعب، تتبارون
هل شاهدتم؟
أَمْ سمعتم؟
عن كرة تبكي
عن همها للكابتن تشكي
يجري دمعها
كما يجري اللاعب خلفها
بكتْ اليوم الكرة
ليس لأن الضربة لم تكن حرة
بل لأن الشيخ فارقها
لن يعودَ بَعْدُ يحتضنها
…
غادرَ المدربُ وحدته
تركَ المعلم تلامِذته
ضيّعَ الطفلُ لعبته
فارقَ ابن الرافدين تربته
افترقَ الأبُ عن ابنه وابنته
خارتْ قبل سنين قوته
ظلَّ لفريق الكرة صمام أمان
لمدربي الكرة شيخًا كان
عمو الكابتن
شيخٌ في السن طاعن
رحلَ قبله عديدون
على المستطيل الأخضر كانوا يتبارون
في منتخب الرافدين لاعبون
…
أيها المدربُ القدير
خلفكَ يصرخُ فينا الضمير
لم نهرعْ لنجدتكَ
لم نتبرعْ لعلاجكَ
تركناكَ تصارع المرض
الكرة مرمية على الأرض
بقي تلاميذكَ
يبكون خلفكَ
وهم أطفال موهوبون
يحبون مدرستهم
ويحترمون معلمهم
بجهودكَ وعطائكَ
صَنَعْتَ منهم لاعبين ماهرين
هم وحدهم أنقياء
عاشوا وما زالوا في صفاء
ربيتهم على صلة الرحم
أخفيتَ عنهم الألم
أطفالٌ بل ورود
جرتْ دموعهم على الخدود
…
هجمة منظمة
يقودها الكابتن بحكمة
فجأة سقط الكابتن على أرض الملعب
هل تَملَّكه التعب؟
كلا كلا كلا
نهضَ الكابتن كالأسد
ينظرُ إلى لاعبيه عن بُعد
وهجمة مقابل هجمة
خيمتْ على الملعب ظلمة
أيها الجمهور الحاضر
ابقَ في المدرج، لا تغادر
هُتافُكَ في الملعب حاضر
شمعة أشعل
علم الوطن في الملاعب، لن يأفل
…
تهيأ الكابتن لهجمةٍ أخرى
صَفَّارَةُ الحكم أعلنتْ: ضربةً حرة
تقدمَ الكابتن، ونفذَ الضربة
ارتطمتْ الكرة بالجدار
تراجعَ الكابتن إلى خط الدفاع
كأنه فهدٌ شُجاع
وقعتْ هجمةٌ مرتدة
صدها اللاعبان، جمولي وصاحب خزعل
أعلنَ المعلق الرياضي، مؤيد البدري
نزول اللاعب البديل
كوركيس إسْمَاعِيل
…
رمية جانبية
تُقطَع الكرة بضربة رأسية
تخرجُ إلى خارج الساحة
أشبالُ الوطن تفاحة
ضربة زاوية
ينفذها هشام عطا عجاج، عالية
يضربها الكابتن برأسه
حبسَ الجمهور أنفاسه
فيعلقها الكابتن بالشبكة
حارس المرمى، بدون حركة
…
مناولة من، دُكلص
الكابتن متهيءٌ للقنص
ضربةٌ بالرأسِ
كأنها ضربة نجارٍ بالفأسِ
لا يا حكم
في قراركَ ظلم
كن أيها الحكم عادلا
ما دمت للصُّفَارَة حاملا
ليس هذا بحق
ليستْ ضربة جزاء، ثِقْ
مع الأسف اعتبرتها ضربة جزاء
حكم يعمل في الخفاء
…
حلوة من حامي الهدف، رعد حمودي
صدها كما تصدُّ الفهود
فهتفتَ بلاد ما بين النهرين
جمهور الرياضة للكابتن مدين
لاعبٌ على المستطيل الأخضر، خبير
ما عرِف في واجبه التأخير
…
وهجمة عراقية
قذيفة “درجالية!”
ارتطمتْ بالعارضة
هَنِيئًا لَكَ يا كابتن
للفوزِ أنتَ ضامن
يلعبُ فريقنا في ساحة الخصم
كلّه قوة وعزم
تحويلة جانبية من ثامر
الكابتن بين لاعبي الخصم مُحاصر
يسعى لتحقيق هدف ساحر
فعلًا هدف جميل
الفوزُ ليس بالقليل
لكن تحيَّز الحكم
يا ناسُ هذا ظلم
نحن في واقع أَمْ في حلم
هدف محقق
ألغاه الحكم الآسيوي بدون حق
اندهشَ الكابتن وقالَ:
((غيروا خطة اللعب.))
وهجمة عراقية
ركلة من، شدراك يوسف قوية
نتيجة مناولة أرضية
…
نزلَ منتخبنا إلى أرض الملعب
يحملُ اللقب
الكابتن مصاب، يا رَبُّ له السلامة
المباراة ضد منتخب العالم
من صفوة اللاعبين الدوليين:
فرانز بكنباور، بوبي مور، بيليه وياشين
زِلَلرْ، كرويف، فان باستن، جارزينيو وآخرين…
حركَ الكابتن الكرة بقدمه اليمنى
مناولة إلى الجناح الأَيمن
حولها إلى شبه الوسط
لاعب معروف في نادي النفط
يبدو على الفريق الخصم، التعب
وتحركاته ضعيفة
كأن منتخبنا قد سببَ له صدمة
أخذَ ينفِّذُ هجمة إثْرَ هجمة
إنها مباراة القرن
على أرض الرافدين
ما بين فريق مُحبي الوطن
وفريق المحترفين الدوليين
و… وحقق الكابتن الهدف
ركلة سريعة، قوية وخطف
انهالتْ على هدف الخصم الكرات
رَنَّتْ صَفَّارَةُ الحكم
معلنة فَوْزُ العراق، ارفعوا العلم
يبقى اللاعب الماهر
على أمور فريقه ساهر
عن مباراة ما تأخر
على مرضه صبر
فريقٌ أعضاؤه فهود
وفقَ خطة المدرب كأنهم جنود
…
هو والوطن صديقان
لأطفالنا يحتضنان
صَفرَ الحكمُ بداية المباراة
إنها مباراة الإياب
فازَ العراق في مباراة الذهاب
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
حركَ الكابتنُ كرته
بسرعةٍ دحرجها
كقذيفةٍ إلى الشباكِ أطلقها
صرخَ المعلق، مؤيد البدري
خفقَ القلب في الصدرِ
وقفَ كل الجمهورِ
بفرحٍ وسرورٍ
على المدرجات
ارتفعتْ في ملعب الشعب الهتافات
صرخَ المشجع، قدوري:
((تشجيع الكابتن، ضروري.))
…
الكابتنُ والكرة
كأنهما نهران
بل صديقان حميمان
في حيِّ الغدير يسيران
على المستطيل الأخضر يجريان
في جنوبِ الوطن يلتقيان
دجلةُ والفرات نهران
لتربةِ الوطن شريانان
لظمأِ الوطن يرويان
للمستطيلِ الأخضر يسقيان
في عيون الوطن ينامان
لكن افترق الصديقان
افترقَ النهران
…
الكابتنُ والوطن
المكانُ والزمن
مواطنان اثنان
ظلّا لبعضهما مخلصين
الكابتنُ والفريق
انتظرهما الفوز على الطريق
الكابتنُ والكرة
له في تربة الوطن ثَمْرَة
كأنه نخلة أثمارها الرطب
والفوزُ عنده مطلب
الوطنُ والتراب
اللاعبون والأصحاب
دورات الخليج
للكأسِ فيها أريج
هتفَ كلُّ الشعب
قلدوا الكابتن ميداليةً من ذهب
مباراة مهمة للعراق
للكرة آلاف العشاق
من الخليج إلى المحيط
كلّ لاعبٍ فينا نشيط
انطلقتْ صَفَّارَةُ الحكم
حملَ الكابتن العلم
صرخَ مؤيد البدري: ((كووووول.))
لا يا حكم هذا غير معقول!!
كفاكَ تَتَحَيَّزُ يا حكم
عانقتْ الكرةُ شباك الهدف بشكل مضبوط
كما تقعُ في الشَرْكِ، سمكة الشبوط
وهدفٌ رائع
سجلَ الكابتن الهدف
كلّ الجمهور هتف
وهدفٌ ثانٍ جميل
سجله كوركيس إسماعيل
…
تمَّ تحريك الكرة بسرعة
أشعلَ الجمهور للكابتن شمعة
و(دربكة) أمام الهدف
علقَ الكابتن الكرةَ بالشبكة
سجلَ الهدف الثالث لمنتخبنا
في تحقيقه وحدتنا
هدفٌ غير مشكوك به
لا يقدر الحكم أن يلغيه
فوزٌ، فرحٌ وسعادة
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه يا إخواني
مُعلنًا، انتهاء خمسة وسبعون عامًا من المباراة!
…
مباراة لنا في ملعب مدينة الحبانية
الروحُ فيها رياضية
عمو بابا وناصر جكو ويورا إيشايا
كلبرت أويقم، طرزان، وِيلْسون وشِشِي
بدأتْ المباراة
اكتظتْ المدرجات بالجمهور
نزلَ الكابتن إلى الساحة
فرصة الفوز متاحة
مناولة وتسكينة بالصدر
ليس في تأخير المناولة عُذر
حلوة… مناولة من الخلف
حققَ فريقنا أول هدف
هتفَ الجمهور:
((أيها الكابتن على تعبكَ، مشكور.))
يا عَدَّاء يا لاعب كُرَة القَدَمِ والمضرب
الفوز لن يأتي بلا كدٍّ وتعب
لم يكنْ الفوز عندكَ هدفًا
بل اللعب الجميل لكَ فيه شغف
لكَ الرَّبُّ رجاء
بذلتَ الجهد والعناء
على فراق الملعب لم تقدر
لكَ في ذاكرة الوطن شواهدٌ وعِبَر
سكنتَ المستطيل الأخضر
عليه يتدربُ الهاوي ويحترف
كلّ الإغراءاتِ رفضتَ
عقود التدريب خارج الوطن ما أبرمتَ
جهدكَ لغير بلاد الرافدين ما وهبتَ
فضَّلتَ الكرة على نفسكَ
أهملتَ صحتكَ
…
لم تهملْ اللاعبين الأطفال
بخبرتكَ تحولوا إلى أشبال
على أيديهم تتحقق للوطن آمال
فلذاتُ أكبادنا
كلّ اللاعبين أولادنا
ألحقتهم بمدرستكَ
أعطيتهم من خبرتكَ
مدرسة للكرة
غرستَ على المستطيل الأخضر ثمرة
يركضون، يهرولون
بإرشاداتِ اللعبة يعملون
رغم المرض والتعب
لم تعرفْ معهم الصعب
…
تلاميذٌ في مدرسةٍ لكرة القدم
رفضَ معلمهم الهجرة دون ندم
فضلهم على صحته
أعطاهم كل وقته
بلَّلَ خدودهم بدمعته
صرفَ عليهم كل راتبه
على المستطيل الأخضر هروَلَهم
كأبٍ حنون احتضنهم
عملَ بحكمة
عززَ في لاعبيه الهمة
نفَّذَ للفريق خطته بحكمة
أحَبَّ كرته
في الدنيا عالية سمعته
غادَرَ المعلم مدرسته
قديمة كنيسته
بكى خلفه تلامذته
الأرض جنسيته
المستطيل الأخضر بيته
الجمهور الرياضي أهلهُ
مَنْ يا ترى سيحل محلهُ؟
دعوا المستطيل الأخضر
يحكم ويقرر
دعوا أشبال الرافدين يقولون:
للعبِ قانون وأصول
للوطنِ جبالٌ قممها شموخ
للكرةِ العراقية، شيخٌ لا شيوخ
…
أطلقَ الحكمُ صَفَّارَتَه
بدأَ اللاعبُ مباراته
أحبَّ الكابتنُ كرته
تلكَ التي لم ترفض له ركلة
في شباكِ الخصم له قنبلة
كانتْ لها منه ضربة
كأنه طفلٌ وهي لعبة
أحبها لأنها هدية من الوطن
ما فارقها رغم المحن
تألم وتوجع وبكى
لكنه ما اشتكى
همه للسيد المسيح حكى
غطى مرضه بابتسامة
متوقعًا الموت بسلامة
ليرقد على رجاء القيامة
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
جرَتْ دموع الوطن في تربته
…
انطلقتْ صَفَّارَةُ الحكم
ليُنكَسَ في الوطن العلم
سافرَ الكابتنُ في رحلة علاج
تلاطمتْ في دجلة الأَمْوَاج
عادَ الكابتن من مستشفيات فرنسا
قاربه في ميناء البصرة، أمسى
تُسرعُ به خطوات العودة
متفكرًا في أمر مدرسته والقدوة
عادَ عودة الأسدُ إلى أشباله
هو مَنْ أسسَ لكُرَةِ القَدَمِ، روضة
اللعب فيها ترتيب، لا فوضى
مدرسةٌ مديرها الكابتن
على المستطيل الأخضر ساكن
يا عزيز النفس
كنتَ مع الوطن بالأمس
غير هواء الوطن ما تنفستَ
إن سافرتَ
من أجلِ العلاج غادرتَ
عدتَ بسرعة
من عينيكَ تنزف الدمعة
سائلًا عن تلاميذكَ
باحثًا عن كرتكَ
…
أعلنَ الوطنُ: ((إلى كل الفائزين
يقدمُ الوطنُ نياشين.))
انتظرَ الوطنُ قدوم الكابتن
الجمهور حاضرٌ في استقبالٍ ساخن
فجأة دخل الوطنُ في بكاء
اندهشَ كلّ الرقباءِ!
الكابتنُ تأخر
لِمَ لَمْ يحضر؟
بدلَ نيشان النصر
لُفَّ جثمان الكابتن
بالعلمِ ككفن
ونشيدُ “موطني” علا بشجن
أصبحَ الكابتن محمولًا في تابوت
يا الله لا تدع وطني يموت
يا وطني… الرَّبُّ يحميكَ
لا تخر قِواكَ… قَوِّي ساقيكَ
ضمدْ جراحكَ
نشفْ دموعكَ
كلّ الأوطان حزينة عليكَ
قمْ يا وطن، وقف على قدميكَ
احملْ تابوت الكابتن على كتفيكَ
بيديه رفع علمكَ
ما هجركَ، وما ترككَ
ترابكَ له فراش
حدودكَ له ملعب
على المستطيل الأخضر سكن وعاش
رفضَ كلَّ الإغراءاتِ
مزقَ كلَّ (Visas) التأشيرات
قيدَ كلَّ السفرات
أجَّلَ كلَّ العلاجات
ما دخلَ دائرة من دوائر الهجرة
على المستطيل احتضن الكرة
…
أطلقَ الحكمُ صَفَّارَتَهُ
انتهتْ مدة الكابتنُ
وقَفَ به مركب العمر
يا الله أعطنا الصبر
يا وطني اقبله في ترابكَ
كانَ من أعز مواطنيكَ
من مياه نهريكَ رضع
ما ارتوى ما شبع
سمعته في جبينكَ تلمع
ما خيبَ ظنكَ
بينَ أجواء الدول رفع علمكَ
…
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
ودعَ المعلم تلامذتَه
ودعَ الأسد أشباله
رحلَ الكابتن بخشوع
قابلًا بحكم الرَّبِّ يسوع
جرتْ دموع الأطفال، على الخدود
عالمين أن الذي مات، لن يعود
بريئةٌ للأولاد النفوس
لهم من الرَّبِّ إرشادٌ ودروس
أطفالٌ أبرياء هواة
مبتهجة فيهم الحياة
خلفَ كرتهم يجرون
لبعضهم محبون
خلَّفَ لهم الكابتن خبرة
عاشَ معهم على الحلوة والمرّة
له في مدرسته ذكرى
شيخٌ، مدربٌ ومعلمٌ ومدرسة
أحبَّ وطنه
ما فكر يومًا أن يغادره
هو شأن الكابتن عمو بابا
نالَ في حياته العديد من الألقاب
في أوقاتِ التدريب حاضر
على مرضه صابر
أحبَّ أطفال الوطن
في لقائهم غاب عنه الألم والشجن
هُمْ عنده، أزهارٌ ملونين
بتوجيهاته كانوا عاملين
لأقواله سامعين
إن نادوا على أبيهم أو عَمهم
ترى الكابتن ملبيا طلبهم
كابتنٌ وأَب
أقبله في فردوسك يا رَبُّ
“فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ اَلْحَقَّ أقُولُ لَكَ إنَّكَ اَلْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي اَلْفِرْدَوْسِ.”
(لوقا 23: 43)
له الرَّبُّ رجاء
عملَ بإخلاص وتفان ونقاء
ما انتظر كلمة شُكر
صابَرَ على المر
…
جاءنا الخبر الآتي
تمَّ فتح سجلات الوَفَيات
انتقال الشيخ من صفحة الحياة
إلى صفحة الوفاة
على رجاءِ القيامة رقد
تبقى كرته
عليها ختمِ دمعته
هل رأيتم كرةً تبكي؟
عن ركلته للجمهور تحكي
تلكَ كرة الكابتن
دومًا لها كان حاضن
…
أدى المعلم رسالته
تركَ للتلاميذ وصيته
كانتْ المحبةُ عنوانه
بعَلَمِ الوطن لفوا جثمانه
من ملعب الشعب شيعوه
ثوب الوطن، ألبسوه
بجوارِ مدرسته دفنوه
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
فارقَ المدير مدرستَه
ودعَ المعلم تلامذتَه
…
في رحيل المعلم
بكى التلاميذ
في رحيل الكابتن قال الوطن:
((مَنْ عليَّ يحن؟
الكلّ تركني
خلفهم تجري دمعتي
أذرفها على الكرة
بوصيتكَ يا كابتن سأعمل
على الأطفال، لن أبخل
يا عمو بابا
ما شفيَ جرحي ما طاب
لكَ الله
يا مَنْ رفضت المال والجاه
أعلَنَ الحكمُ نهاية المباراة
خبر عاجل… خبر وفاة.))
…
خبرٌ عاجلٌ
بينَ الجمهور الرياضي متناقل
فارقنا الكابتن عمو بابا
ما فارق في الوطن التراب
هنيئًا لكَ يا وطن
لجثمانِ الكابتن تحتضن
عَلَمًا من أعلام الرياضة
كانَ للفريق قوة وانتفاضة
…
يا كابتنُ وإن متَّ
لكنكَ على رجاء القيامة رقدتَ
الأشبال لكَ سيتذكرون
على خططكَ يتدربون
خلفَ كرتهم يجرون
تعلو في الجو أصواتهم
كالورودِ ضحكاتهم
الجمهور يناديهم:
((هيَّا هرولوا يا أبناؤنا
في ترابِ الوطن نرسم خططنا
ابذلوا الجهد
فوزٌ قادمٌ مع الغد
أقوياء أمام كلّ ظرف
نحققُ الهدف
هيَّا أيها اللاعبون
أنتم لكرة القدم راغبون
أدوا التمرين يا أبطال
على المستطيل الأخضر، أشبال
أنتم للوطن، مُسْتَقْبَلٌ زَاهِر
الفوز لمنتخب العراق ظاهر
يا أشبالُ الوطن
لن يكفي التمرين لوحده
حب الوطن مسنده
دعْ كلّ لاعب منكم يسدد الكرة
بروح حرة.))
…
سألَ الجمهور على عجل
مَنْ بعد الكابتن يحل؟
مَنْ يفتح أبواب الملعب؟
مَنْ يسقي الثَّيِّلَ؟
أجابَ أشبال الوطن:
((ليستْ هناك مشكللة
نسقي الثيِّل من ماء دجلة.))
…
وقف العراق على قدميه وأعلنَ:
((أنا أحلُّ محلَّ الكابتن.))
المحامي والشاعر
مارتن كورش تمرس لولو
ضيّعَ الطفلُ لعبته
فارقَ ابن الرافدين تربته
افترقَ الأبُ عن ابنه وابنته
خارتْ قبل سنين قوته
ظلَّ لفريق الكرة صمام أمان
لمدربي الكرة شيخًا كان
عمو الكابتن
شيخٌ في السن طاعن
رحلَ قبله عديدون
على المستطيل الأخضر كانوا يتبارون
في منتخب الرافدين لاعبون
…
أيها المدربُ القدير
خلفكَ يصرخُ فينا الضمير
لم نهرعْ لنجدتكَ
لم نتبرعْ لعلاجكَ
تركناكَ تصارع المرض
الكرة مرمية على الأرض
بقي تلاميذكَ
يبكون خلفكَ
وهم أطفال موهوبون
يحبون مدرستهم
ويحترمون معلمهم
بجهودكَ وعطائكَ
صَنَعْتَ منهم لاعبين ماهرين
هم وحدهم أنقياء
عاشوا وما زالوا في صفاء
ربيتهم على صلة الرحم
أخفيتَ عنهم الألم
أطفالٌ بل ورود
جرتْ دموعهم على الخدود
…
هجمة منظمة
يقودها الكابتن بحكمة
فجأة سقط الكابتن على أرض الملعب
هل تَملَّكه التعب؟
كلا كلا كلا
نهضَ الكابتن كالأسد
ينظرُ إلى لاعبيه عن بُعد
وهجمة مقابل هجمة
خيمتْ على الملعب ظلمة
أيها الجمهور الحاضر
ابقَ في المدرج، لا تغادر
هُتافُكَ في الملعب حاضر
شمعة أشعل
علم الوطن في الملاعب، لن يأفل
…
تهيأ الكابتن لهجمةٍ أخرى
صَفَّارَةُ الحكم أعلنتْ: ضربةً حرة
تقدمَ الكابتن، ونفذَ الضربة
ارتطمتْ الكرة بالجدار
تراجعَ الكابتن إلى خط الدفاع
كأنه فهدٌ شُجاع
وقعتْ هجمةٌ مرتدة
صدها اللاعبان، جمولي وصاحب خزعل
أعلنَ المعلق الرياضي، مؤيد البدري
نزول اللاعب البديل
كوركيس إسْمَاعِيل
…
رمية جانبية
تُقطَع الكرة بضربة رأسية
تخرجُ إلى خارج الساحة
أشبالُ الوطن تفاحة
ضربة زاوية
ينفذها هشام عطا عجاج، عالية
يضربها الكابتن برأسه
حبسَ الجمهور أنفاسه
فيعلقها الكابتن بالشبكة
حارس المرمى، بدون حركة
…
مناولة من، دُكلص
الكابتن متهيءٌ للقنص
ضربةٌ بالرأسِ
كأنها ضربة نجارٍ بالفأسِ
لا يا حكم
في قراركَ ظلم
كن أيها الحكم عادلا
ما دمت للصُّفَارَة حاملا
ليس هذا بحق
ليستْ ضربة جزاء، ثِقْ
مع الأسف اعتبرتها ضربة جزاء
حكم يعمل في الخفاء
…
حلوة من حامي الهدف، رعد حمودي
صدها كما تصدُّ الفهود
فهتفتَ بلاد ما بين النهرين
جمهور الرياضة للكابتن مدين
لاعبٌ على المستطيل الأخضر، خبير
ما عرِف في واجبه التأخير
…
وهجمة عراقية
قذيفة “درجالية!”
ارتطمتْ بالعارضة
هَنِيئًا لَكَ يا كابتن
للفوزِ أنتَ ضامن
يلعبُ فريقنا في ساحة الخصم
كلّه قوة وعزم
تحويلة جانبية من ثامر
الكابتن بين لاعبي الخصم مُحاصر
يسعى لتحقيق هدف ساحر
فعلًا هدف جميل
الفوزُ ليس بالقليل
لكن تحيَّز الحكم
يا ناسُ هذا ظلم
نحن في واقع أَمْ في حلم
هدف محقق
ألغاه الحكم الآسيوي بدون حق
اندهشَ الكابتن وقالَ:
((غيروا خطة اللعب.))
وهجمة عراقية
ركلة من، شدراك يوسف قوية
نتيجة مناولة أرضية
…
نزلَ منتخبنا إلى أرض الملعب
يحملُ اللقب
الكابتن مصاب، يا رَبُّ له السلامة
المباراة ضد منتخب العالم
من صفوة اللاعبين الدوليين:
فرانز بكنباور، بوبي مور، بيليه وياشين
زِلَلرْ، كرويف، فان باستن، جارزينيو وآخرين…
حركَ الكابتن الكرة بقدمه اليمنى
مناولة إلى الجناح الأَيمن
حولها إلى شبه الوسط
لاعب معروف في نادي النفط
يبدو على الفريق الخصم، التعب
وتحركاته ضعيفة
كأن منتخبنا قد سببَ له صدمة
أخذَ ينفِّذُ هجمة إثْرَ هجمة
إنها مباراة القرن
على أرض الرافدين
ما بين فريق مُحبي الوطن
وفريق المحترفين الدوليين
و… وحقق الكابتن الهدف
ركلة سريعة، قوية وخطف
انهالتْ على هدف الخصم الكرات
رَنَّتْ صَفَّارَةُ الحكم
معلنة فَوْزُ العراق، ارفعوا العلم
يبقى اللاعب الماهر
على أمور فريقه ساهر
عن مباراة ما تأخر
على مرضه صبر
فريقٌ أعضاؤه فهود
وفقَ خطة المدرب كأنهم جنود
…
هو والوطن صديقان
لأطفالنا يحتضنان
صَفرَ الحكمُ بداية المباراة
إنها مباراة الإياب
فازَ العراق في مباراة الذهاب
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
حركَ الكابتنُ كرته
بسرعةٍ دحرجها
كقذيفةٍ إلى الشباكِ أطلقها
صرخَ المعلق، مؤيد البدري
خفقَ القلب في الصدرِ
وقفَ كل الجمهورِ
بفرحٍ وسرورٍ
على المدرجات
ارتفعتْ في ملعب الشعب الهتافات
صرخَ المشجع، قدوري:
((تشجيع الكابتن، ضروري.))
…
الكابتنُ والكرة
كأنهما نهران
بل صديقان حميمان
في حيِّ الغدير يسيران
على المستطيل الأخضر يجريان
في جنوبِ الوطن يلتقيان
دجلةُ والفرات نهران
لتربةِ الوطن شريانان
لظمأِ الوطن يرويان
للمستطيلِ الأخضر يسقيان
في عيون الوطن ينامان
لكن افترق الصديقان
افترقَ النهران
…
الكابتنُ والوطن
المكانُ والزمن
مواطنان اثنان
ظلّا لبعضهما مخلصين
الكابتنُ والفريق
انتظرهما الفوز على الطريق
الكابتنُ والكرة
له في تربة الوطن ثَمْرَة
كأنه نخلة أثمارها الرطب
والفوزُ عنده مطلب
الوطنُ والتراب
اللاعبون والأصحاب
دورات الخليج
للكأسِ فيها أريج
هتفَ كلُّ الشعب
قلدوا الكابتن ميداليةً من ذهب
مباراة مهمة للعراق
للكرة آلاف العشاق
من الخليج إلى المحيط
كلّ لاعبٍ فينا نشيط
انطلقتْ صَفَّارَةُ الحكم
حملَ الكابتن العلم
صرخَ مؤيد البدري: ((كووووول.))
لا يا حكم هذا غير معقول!!
كفاكَ تَتَحَيَّزُ يا حكم
عانقتْ الكرةُ شباك الهدف بشكل مضبوط
كما تقعُ في الشَرْكِ، سمكة الشبوط
وهدفٌ رائع
سجلَ الكابتن الهدف
كلّ الجمهور هتف
وهدفٌ ثانٍ جميل
سجله كوركيس إسماعيل
…
تمَّ تحريك الكرة بسرعة
أشعلَ الجمهور للكابتن شمعة
و(دربكة) أمام الهدف
علقَ الكابتن الكرةَ بالشبكة
سجلَ الهدف الثالث لمنتخبنا
في تحقيقه وحدتنا
هدفٌ غير مشكوك به
لا يقدر الحكم أن يلغيه
فوزٌ، فرحٌ وسعادة
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه يا إخواني
مُعلنًا، انتهاء خمسة وسبعون عامًا من المباراة!
…
مباراة لنا في ملعب مدينة الحبانية
الروحُ فيها رياضية
عمو بابا وناصر جكو ويورا إيشايا
كلبرت أويقم، طرزان، وِيلْسون وشِشِي
بدأتْ المباراة
اكتظتْ المدرجات بالجمهور
نزلَ الكابتن إلى الساحة
فرصة الفوز متاحة
مناولة وتسكينة بالصدر
ليس في تأخير المناولة عُذر
حلوة… مناولة من الخلف
حققَ فريقنا أول هدف
هتفَ الجمهور:
((أيها الكابتن على تعبكَ، مشكور.))
يا عَدَّاء يا لاعب كُرَة القَدَمِ والمضرب
الفوز لن يأتي بلا كدٍّ وتعب
لم يكنْ الفوز عندكَ هدفًا
بل اللعب الجميل لكَ فيه شغف
لكَ الرَّبُّ رجاء
بذلتَ الجهد والعناء
على فراق الملعب لم تقدر
لكَ في ذاكرة الوطن شواهدٌ وعِبَر
سكنتَ المستطيل الأخضر
عليه يتدربُ الهاوي ويحترف
كلّ الإغراءاتِ رفضتَ
عقود التدريب خارج الوطن ما أبرمتَ
جهدكَ لغير بلاد الرافدين ما وهبتَ
فضَّلتَ الكرة على نفسكَ
أهملتَ صحتكَ
…
لم تهملْ اللاعبين الأطفال
بخبرتكَ تحولوا إلى أشبال
على أيديهم تتحقق للوطن آمال
فلذاتُ أكبادنا
كلّ اللاعبين أولادنا
ألحقتهم بمدرستكَ
أعطيتهم من خبرتكَ
مدرسة للكرة
غرستَ على المستطيل الأخضر ثمرة
يركضون، يهرولون
بإرشاداتِ اللعبة يعملون
رغم المرض والتعب
لم تعرفْ معهم الصعب
…
تلاميذٌ في مدرسةٍ لكرة القدم
رفضَ معلمهم الهجرة دون ندم
فضلهم على صحته
أعطاهم كل وقته
بلَّلَ خدودهم بدمعته
صرفَ عليهم كل راتبه
على المستطيل الأخضر هروَلَهم
كأبٍ حنون احتضنهم
عملَ بحكمة
عززَ في لاعبيه الهمة
نفَّذَ للفريق خطته بحكمة
أحَبَّ كرته
في الدنيا عالية سمعته
غادَرَ المعلم مدرسته
قديمة كنيسته
بكى خلفه تلامذته
الأرض جنسيته
المستطيل الأخضر بيته
الجمهور الرياضي أهلهُ
مَنْ يا ترى سيحل محلهُ؟
دعوا المستطيل الأخضر
يحكم ويقرر
دعوا أشبال الرافدين يقولون:
للعبِ قانون وأصول
للوطنِ جبالٌ قممها شموخ
للكرةِ العراقية، شيخٌ لا شيوخ
…
أطلقَ الحكمُ صَفَّارَتَه
بدأَ اللاعبُ مباراته
أحبَّ الكابتنُ كرته
تلكَ التي لم ترفض له ركلة
في شباكِ الخصم له قنبلة
كانتْ لها منه ضربة
كأنه طفلٌ وهي لعبة
أحبها لأنها هدية من الوطن
ما فارقها رغم المحن
تألم وتوجع وبكى
لكنه ما اشتكى
همه للسيد المسيح حكى
غطى مرضه بابتسامة
متوقعًا الموت بسلامة
ليرقد على رجاء القيامة
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
جرَتْ دموع الوطن في تربته
…
انطلقتْ صَفَّارَةُ الحكم
ليُنكَسَ في الوطن العلم
سافرَ الكابتنُ في رحلة علاج
تلاطمتْ في دجلة الأَمْوَاج
عادَ الكابتن من مستشفيات فرنسا
قاربه في ميناء البصرة، أمسى
تُسرعُ به خطوات العودة
متفكرًا في أمر مدرسته والقدوة
عادَ عودة الأسدُ إلى أشباله
هو مَنْ أسسَ لكُرَةِ القَدَمِ، روضة
اللعب فيها ترتيب، لا فوضى
مدرسةٌ مديرها الكابتن
على المستطيل الأخضر ساكن
يا عزيز النفس
كنتَ مع الوطن بالأمس
غير هواء الوطن ما تنفستَ
إن سافرتَ
من أجلِ العلاج غادرتَ
عدتَ بسرعة
من عينيكَ تنزف الدمعة
سائلًا عن تلاميذكَ
باحثًا عن كرتكَ
…
أعلنَ الوطنُ: ((إلى كل الفائزين
يقدمُ الوطنُ نياشين.))
انتظرَ الوطنُ قدوم الكابتن
الجمهور حاضرٌ في استقبالٍ ساخن
فجأة دخل الوطنُ في بكاء
اندهشَ كلّ الرقباءِ!
الكابتنُ تأخر
لِمَ لَمْ يحضر؟
بدلَ نيشان النصر
لُفَّ جثمان الكابتن
بالعلمِ ككفن
ونشيدُ “موطني” علا بشجن
أصبحَ الكابتن محمولًا في تابوت
يا الله لا تدع وطني يموت
يا وطني… الرَّبُّ يحميكَ
لا تخر قِواكَ… قَوِّي ساقيكَ
ضمدْ جراحكَ
نشفْ دموعكَ
كلّ الأوطان حزينة عليكَ
قمْ يا وطن، وقف على قدميكَ
احملْ تابوت الكابتن على كتفيكَ
بيديه رفع علمكَ
ما هجركَ، وما ترككَ
ترابكَ له فراش
حدودكَ له ملعب
على المستطيل الأخضر سكن وعاش
رفضَ كلَّ الإغراءاتِ
مزقَ كلَّ (Visas) التأشيرات
قيدَ كلَّ السفرات
أجَّلَ كلَّ العلاجات
ما دخلَ دائرة من دوائر الهجرة
على المستطيل احتضن الكرة
…
أطلقَ الحكمُ صَفَّارَتَهُ
انتهتْ مدة الكابتنُ
وقَفَ به مركب العمر
يا الله أعطنا الصبر
يا وطني اقبله في ترابكَ
كانَ من أعز مواطنيكَ
من مياه نهريكَ رضع
ما ارتوى ما شبع
سمعته في جبينكَ تلمع
ما خيبَ ظنكَ
بينَ أجواء الدول رفع علمكَ
…
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
ودعَ المعلم تلامذتَه
ودعَ الأسد أشباله
رحلَ الكابتن بخشوع
قابلًا بحكم الرَّبِّ يسوع
جرتْ دموع الأطفال، على الخدود
عالمين أن الذي مات، لن يعود
بريئةٌ للأولاد النفوس
لهم من الرَّبِّ إرشادٌ ودروس
أطفالٌ أبرياء هواة
مبتهجة فيهم الحياة
خلفَ كرتهم يجرون
لبعضهم محبون
خلَّفَ لهم الكابتن خبرة
عاشَ معهم على الحلوة والمرّة
له في مدرسته ذكرى
شيخٌ، مدربٌ ومعلمٌ ومدرسة
أحبَّ وطنه
ما فكر يومًا أن يغادره
هو شأن الكابتن عمو بابا
نالَ في حياته العديد من الألقاب
في أوقاتِ التدريب حاضر
على مرضه صابر
أحبَّ أطفال الوطن
في لقائهم غاب عنه الألم والشجن
هُمْ عنده، أزهارٌ ملونين
بتوجيهاته كانوا عاملين
لأقواله سامعين
إن نادوا على أبيهم أو عَمهم
ترى الكابتن ملبيا طلبهم
كابتنٌ وأَب
أقبله في فردوسك يا رَبُّ
“فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ اَلْحَقَّ أقُولُ لَكَ إنَّكَ اَلْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي اَلْفِرْدَوْسِ.”
(لوقا 23: 43)
له الرَّبُّ رجاء
عملَ بإخلاص وتفان ونقاء
ما انتظر كلمة شُكر
صابَرَ على المر
…
جاءنا الخبر الآتي
تمَّ فتح سجلات الوَفَيات
انتقال الشيخ من صفحة الحياة
إلى صفحة الوفاة
على رجاءِ القيامة رقد
تبقى كرته
عليها ختمِ دمعته
هل رأيتم كرةً تبكي؟
عن ركلته للجمهور تحكي
تلكَ كرة الكابتن
دومًا لها كان حاضن
…
أدى المعلم رسالته
تركَ للتلاميذ وصيته
كانتْ المحبةُ عنوانه
بعَلَمِ الوطن لفوا جثمانه
من ملعب الشعب شيعوه
ثوب الوطن، ألبسوه
بجوارِ مدرسته دفنوه
أطلقَ الحكم صَفَّارَتَه
فارقَ المدير مدرستَه
ودعَ المعلم تلامذتَه
…
في رحيل المعلم
بكى التلاميذ
في رحيل الكابتن قال الوطن:
((مَنْ عليَّ يحن؟
الكلّ تركني
خلفهم تجري دمعتي
أذرفها على الكرة
بوصيتكَ يا كابتن سأعمل
على الأطفال، لن أبخل
يا عمو بابا
ما شفيَ جرحي ما طاب
لكَ الله
يا مَنْ رفضت المال والجاه
أعلَنَ الحكمُ نهاية المباراة
خبر عاجل… خبر وفاة.))
…
خبرٌ عاجلٌ
بينَ الجمهور الرياضي متناقل
فارقنا الكابتن عمو بابا
ما فارق في الوطن التراب
هنيئًا لكَ يا وطن
لجثمانِ الكابتن تحتضن
عَلَمًا من أعلام الرياضة
كانَ للفريق قوة وانتفاضة
…
يا كابتنُ وإن متَّ
لكنكَ على رجاء القيامة رقدتَ
الأشبال لكَ سيتذكرون
على خططكَ يتدربون
خلفَ كرتهم يجرون
تعلو في الجو أصواتهم
كالورودِ ضحكاتهم
الجمهور يناديهم:
((هيَّا هرولوا يا أبناؤنا
في ترابِ الوطن نرسم خططنا
ابذلوا الجهد
فوزٌ قادمٌ مع الغد
أقوياء أمام كلّ ظرف
نحققُ الهدف
هيَّا أيها اللاعبون
أنتم لكرة القدم راغبون
أدوا التمرين يا أبطال
على المستطيل الأخضر، أشبال
أنتم للوطن، مُسْتَقْبَلٌ زَاهِر
الفوز لمنتخب العراق ظاهر
يا أشبالُ الوطن
لن يكفي التمرين لوحده
حب الوطن مسنده
دعْ كلّ لاعب منكم يسدد الكرة
بروح حرة.))
…
سألَ الجمهور على عجل
مَنْ بعد الكابتن يحل؟
مَنْ يفتح أبواب الملعب؟
مَنْ يسقي الثَّيِّلَ؟
أجابَ أشبال الوطن:
((ليستْ هناك مشكللة
نسقي الثيِّل من ماء دجلة.))
…
وقف العراق على قدميه وأعلنَ:
((أنا أحلُّ محلَّ الكابتن.))
المحامي والشاعر
مارتن كورش تمرس لولو
خبر عاجل: تلقت الجماهير العراقية نبأ وفاة، اللاعب، كوركيس إسماعيل، الذي رقد على رجاء القيامة، في السابع عشر من مايو 2025 في مدينة Wilhemshaven الالمانية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.