الصداقة، لا سيّدٌ وعبد!
الصداقة، لا سيّدٌ وعبد!
شاب مسلم ضرير يحمل شابا مسيحيا قزما ومشلولا!
البطريرك لويس روفائيل ساكو
الصداقة، لا سيّدٌ وعبد!
ليس من قبيل الصدفة أن تُصبح الصداقة نادرةً في عصرنا، لأننا نعيش في ثقافة المصلحة الذاتية، والطمع بالمال، والمساومة، وشراء الذمم. مثلاً، عندما يُشترى الشخص بالمال في الانتخابات أين الحرية والكرامة؟
الصديق الصدوق يعتبر صديقَه جزءًا من ذاته. الصداقة مواقفٌ غير مشروطة، قد تقود الى التضحية بالحياة. لنتذكر قول يسوع: ” ما مِنْ حُبّ أعظَمَ مِنْ هذا: أنْ يُضَحّيَ الإنسانُ بِنَفسِهِ في سَبـيلِ أحبّائِهِ” (يوحنا 15/13). الصداقة ليست عاطفة عابرة، بل قناعة راسخة، وعطاءُ أغلى ما عندنا. يسوع مات من اجلنا. الصداقة تتطلب الشجاعة.
يسوع لا يطلب منا أن نحبّ فحسب، بل أن نحبَ كما أحبّنا. يسوع يُعلمنا كيف نكون أصدقاء. من دون هذا “الكيف”، سنستمر في دوامة مُربكة، قد تؤدي إلى تدمير العلاقة ليس بين الصديقين، انما حتى بين الزوجين.
هناك صداقات هي مصالح، يُصبح الآخر فيها سيدًا يجب أن نرضيه! ويعتقد أن علاقاته مع الاخرين لا ينبغي أن تكون إلا كسيّد. من المؤسف أن نجد هذه العقلية منتشرة حتى بين الزوجين بالرغم من حبهما الاولي: “ هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي” (تكوين 2/ 23). هذا يجب ان يعملا على ديمومته بالرغم من كل شيء.. للأسف الى اين وصلنا بحالات الطلاق؟
من له عقلية “السيد/العبد” يمارس الابتزاز ويؤذي الآخر. هذه الصداقات لا تدوم. يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو(384 ق م – 322 ق م): الصداقة تقوم غالبًا على المصلحة المشتركة؛ وعلى فرح التواجد معًا. وفي حالاتٍ نادرة، تقوم على الخير، والرغبة في منح الآخر شيئًا من ذاته، ومشاركة قيمة ما.
لقاء الصديق يعني رسم شيء أستطيع من خلاله التعرف على ذاتي. هذه الصداقة تساعد على تنمية ذواتنا.
منذ القدم، كان الصديق رمزًا للعلاقات السليمة. الصديق هو الكريم الذي لا يُشعرني أبدًا بالالتزام، بل بتلقائية وشفافية. الصديق متشوق للقاء صديقه. الصداقة تنبع من الثقة القائمة بين الطرفين والحرص المتبادل والمواقف الثابتة.
على الصعيد الايمان، يُحرّرنا يسوع من خطر العيش مع الله كسيد وعبد. يسمي يسوع الله أبا رحيماً” ابانا الذي في السموات..” (متى11/5-12)، علاقة الله هي علاقة أب بابنائه وبناته، علاقة حميمية.
الصديق عندما يشعر بخطر ما، يريد بقاء الصديق ليضمه في أصعب الأوقات والأزمات.
قصة
كنت في المرحلة التمهيدية في معهد مار يوحنا الحبيب. وكان المرحوم القس جبرائيل جرخي يدرسنا اللغة العربية وادابها. حكى لنا هذه القصة عن الصداقة: ” صديق أراد ان يختبر صديقه أمام أولاده. فنزل الى السرداب ورتب مكانا غطاه بالاقمشة، وادعى انه شخص مقتول. فاتصل بصديقه وقال له: لي مشكلة معقدة وخطرة تعال حالا لنجدتي. فجاء الصديق، ونزل الاثنان الى السرداب مع أولاده. قال لصديقه لقد ق*ت*لت شخصا هو هناك، واني خائف جدا. ردّ صديقه:لا تخف اني أدبر الامر واني ساقول اني قلته وأتحمل العواقب. ابتسم الرجل وذهب الى المكان ورفع الأغطية وكانت المفاجأة. كانت مجرد أخشاب مغطاة . فقبّل الرجل صديقه وقال لأولاده. هذا هو الصديق الصدوق، تعلموا منه.
من يحبّ يهتم باحتياجات الصديق، بما ينقصه، هذا ما فعله يسوع: “هل عندكم ما تأكلونه؟”(يوحنا 21/5). قلبه مع الاخرين وليس مع نفسه. أنظر الصورة أعلاه التي تفسر معنى الصداقة.
ليس من قبيل الصدفة أن نجد في نهاية إنجيل لوقا طلب التلاميذ من يسوع: “ابق معنا، فقد حل الظلام” (لوقا ٢٤/ ٢٩). لقد اكتشف التلاميذ صديقهم يسوع وطلبوا منه البقاء. هذه الرغبة هي علامة العلاقة! أحيانا نفر من الاخر لأننا نشعر انه يحاول ان يكون سيدنا ويمتلكنا. هو الامر والناهي، ويمسح شخصيتنا.
للحياة معنى إذا عِشتها من أجل الاخر، أما إذا انحصر تفكيرنا في أنفسنا، في مصالحنا، ورفاهيتنا، فإنها تذبل ببطء. الحياة قصيرة، لنعيشها بفرح وصدق ولا نضيعها في صخبِ مهاتراتٍ تافهة.
تقول صلاة القديس الكبير إغناطيوس لويو لا (1491 – 1556)، مؤسس الرهبنة اليسوعية: “خذ يا رب حريتي، وإرادتي الواعية، وكل ما أريده”. هنا تكتمل الحياة بديناميكية العطاء. كلُّ تراجعٍ في الاتجاه المعاكس سيُلقي بنا في الفراغ. لذا في ظل هذه الفوضى الأخلاقية والاجتماعية والنفاق والفساد، نحتاج الى مصابيح نور نسير على هديِّها.
ملاحظة: هذا الخبر الصداقة، لا سيّدٌ وعبد! نشر أولاً على موقع (البطريركية الكلدانية) ولا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. يمكنك الإطلاع على تفاصيل الخبر كما ورد من (مصدر الخبر)
عرضنا لكم أعلاه تفاصيل ومعلومات عن خبر الصداقة، لا سيّدٌ وعبد! . نأمل أن نكون قد تمكنا من إمدادك بكل التفاصيل والمعلومات عن هذا الخبر الذي نشر في موقعنا في قسم أخبار مسيحية. ومن الجدير بالذكر بأن فريق التحرير قام بنقل الخبر وربما قام بالتعديل عليه أو الاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة تطورات هذا الخبر من المصدر.