مقالات سياسية

الجيش العراقي الموحد جزء من الماضي هيهات أن يعود

الكاتب: عبدالغني علي يحيى
 
الجيش العراقي الموحد جزء من الماضي هيهات أن يعود
 
عبدالغني علي يحيى
لم يكن الجيش العراقي منذ تأسيسه لكل العراقيين رغم إعتماده نظام التجنيد الأجباري، بل كان جيشاً للمكون السني العربي الحاكم واداة بيده لقمع الكرد والشيعة والمسيحيين ومكونات أجتماعية اخرى كذلك، ولم يسجل أي موقف وطني من يوم تأسيسه وإلى عام 2003 عندما حله برايمر، ففي الداخل فتك بالكرد عشرات المرات وفي تموز 1933 أرتكب مجزرة بحق المسيحيين، وتفنن في إضطهاد الشيعة، أما في الخارج، فلقد أدى دور المحتل حين هاجم أيران 1980 – 1988 والكويت 1990 – 1991 وق*ت*ل وسجن من أهالي الدولتين الكثيرين، واذا كان برايمر مصيباً في حله، فأنه كان مخطئاً في إعادة بنائه، اذ عجز الجيش الذي اعيد بناءه عن تحقيق الأمن والأستقرار للعراقيين، وتحول بمرور الأيام إلى جيش طائفي ولم تتجاوز نسبة الكرد والسنة فيه 7% وفي 10/6/2014 إنهارت فرقه العسكرية الست وسلمت أسلحتها الثقيلة والخفيفة الى د*اع*ش، وسيسلم الأسلحة التي يتلقاها الآن من امريكا وروسيا وغيرهما إلى د*اع*ش أو من يحل مكانه حتماً، مثلما تخلى عنها للبيشمركه في انتفاضة عام 1991 والى التحالف الدولي عام 2003 مع الفارق الشديد بين البيشمركه وجيوش التحالف الدولي وبين د*اع*ش.
جدير ذكره، ان محاولات الآن تجري ليس لبناء وتدريب جيش عراقي موحد، وتزويده بالأسلحة وإنما إلى تأسيس جيش ثان رديف ولكل العراقيين، سمي بالحرس الوطني، ولا شك أنه مثلما فشل الجيش العراقي الموحد السابق، فأن الجيش الجديد ومعه الرديف سيفشلان كذلك.
من بعد عام 2003 صار الجيش العراقي الموحد جزءاً من الماضي وصنف كتجربة فاشلة للغاية، واصبح لكل مكون من المكونات الأجتماعية العراقية الرئيسية: الشيعة والكرد والسنة، جيش خاص به، علماً أن للكرد جيش خاص بهم منذ عام 1961 وسمي بالبيشمركه، وللشيعة منظمة بدر في الثمانينات من القرن الماضي وبعد حل الجيش العراقي عام 2003 ظهرت أكثر من قوة مسلحة للعرب السنة راحت تقارع الاحتلال الأمريكي والقوات المسلحة العراقية الجديدة والبيشمركه، وكان د*اع*ش والى الآن القوة المسلحة الرئيسية للسنة بدليل تواجده في المثلث السني دون غيره، ودعمه من قبل دول سنية لا حاجة الى تسميتها كما انه يوصف من قبل الاطراف السنية المعارضة واحيانا غير المعارضة ايضاً بالثوار او ثوار الشعب او المقاتلين. ومثلما لم تكن الحكومات السنية العراقية 1921 – 2003 تعتمد على الجيش النظامي في إدامة نفوذها، لأنه لم يكن جيشاً لكل العراقيين أصلاً ولجأت الى تأسيس تشكيلات مسلحة غير نظامية، فأن النظام الشيعي بدوره أقدم على الفعل نفسه وأخذت النشكيلات:
1-      منظمة بدر 2- جيش المهدي 3- ع*صائ*ب أهل الحق 4- كت*ائ*ب ح*زب ال*له
اضافة الى (5) الحشد الشعبي، تتواجد بشكل لافت في الساحة العراقية وهي بحق الأكثر تعبيراً عن مصالح الشيعة العراقيين من الجيش العراقي على الرغم من تحول الأخير الى جيش شيعي طائفي، ولا ننسى أن التشكيلات الشيعية التي أشرنا اليها تعد بمثابة قوة صدامية أمامية للمكون الشيعي، وكما أقدمت الحكومات السنية في السابق على تشكيل قوات غير نظامية كردية (الجاش) والجيش الشعبي وغيره فان الحكومة الشيعية الحالية شكلت قوات غير نظامية من السنة مثل (الصحوات) والآن الحرس الوطني. حبذا لوقام القادة الشيعة بتوحيد ميلشياتهم في جيش موحد نظامي تقتصر الخدمة فيه على أبناء الشيعة دون غيرهم وأن لا تتجاوز تحركاته الحدود الأجتماعية للمكون الشيعي.
على القادة العراقيين، وبالأخص الشيعة وكذلك قادة التحالف الدولي، أن يضعوا بالحسبان، أن في العراق ثلاثة مكونات اجتماعية رئيسية: الشيعة والكرد والسنة، وأن لكل مكون جيشه الخاص به، وعلم خاص به ووطن خاص به وسلطات حكومية خاصة بها..الخ وأن توقع أنبثاق جيش موحد وحكومة موحدة وعراق موحد، ما هو إلا ضرب من الخيال، ولن يشهد العراقيون الأستقرار والأمان الى بعد تسليمهم بالحقائق أعلاه، وأن يعملوا بسرعة على تقسيم العراق الى ثلاث دول: شيعية وسنية وكردية وبعكسه فأن البلاد والعباد سيغرقون أكثر فأكثر في بحار من الدم والدموع. على القادة العراقيين والغربيين الكف عن الركض وراء المشاريع العقيمة: بناء جيش عراقي جديد، تأسيس جيش رديف..الخ من المشاريع التي ثبت بطلانها.

[email protected]
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!