مقالات عامة

اختيار مُوفَّق وزيارة مباركة

الشماس د. كوركيس مردو

بعد انتظار طويل نسبياً جاء اختيار الكرسي الرسولي للمطران الجليل مار عمانوئيل شليطا الجزيل الإحترام لأبرشية مار بطرس الكلدانية في الغرب الأمريكي اختياراً موفَّقاً خلفاً لراعيها الأول سيادة المطران سرهد يوسب جمو الجزيل الإحترام،لا بدَّ أنَّ الكرسي الرسولي قد درس أمر التعيين هذا باهتمام جِدّي مُلِمّاً بما يتمتَّع به المطران شليطا بالشؤون الرعوية والإدارية والقدرة على تصفية الخلافات التي عانى منها أبناء الأبرشية لأكثر من سنتين. لقد كانت فرحة أبناء الأبرشية بمقدم راعيهم الجديد كبيرة فاستقبلوه يوم 21 من شهر آب 2017 بترحاب كبيرمشوبٍ بالحُبِّ والتفاؤل داعين لسيادته بالمُوفقية في خدمتِه لربِّه اولاً ولأبناء أبرشيته ثانياً! ندعو الربَّ القدير أن يسنده برعايته ويُسهِّل له السبيل للقيام بمُهمتِه الجديدة بتذليل كافة الصعوبات والعراقيل القائمة والمُستجدة فهو المستجيب! فهنيئاً لأبرشية مار بطرس الكلدانية في غرب الولايات المتحدة الأمريكية براعيها الجديد الذي اختصر فحوى مُهمتِه الرعوية بالكلمات المُعبِّرة التالية: ” لقد جِئتُ هنا لأكون خادماً لكلمة الرب أولاً وخادما لأبناء الأبرشية صغيراً وكبيراً وسنُحاول جهدنا لنجتاز كُلَّ المعوِّقات واضعين الخلافات جانباً، وماضين معاً بيدٍ واحدة وقلبٍ واحدٍ قُدُماً، إذ علينا مُواصلة مسيرة كنيستنا بالخدمة البناءة وإعلاء شأن أبرشيتنا العزيزة
هذه”.

لقد سرَّني جداً أن يقوم غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى بزيارته المُباركة الأولى لأبنائه الكلدان في مدينة سان دييكو إحدى مدن ولاية كاليفورنيا الولاية الثانية التي تضم العدد الأكبر من الكلدان بعد ولاية مشيكان. لا شكَّ بأنَّ الهدف الرئيسي من الزيارة هو قيام غبطته بمراسيم تنصيب سيادة المطران عمانوئيل شليطا راعيا جديداً لأبرشية مار بطرس الكلدانية صباح يوم الثلاثاء الموافق 29 آب 2017. أرجو أن لا يقتصر الأمرُ على هذا الهدف وحده وإنما نُريده أوسع وأشمل، فهنالك بين أبناء الأبرشية اضطراب وفوضى وخلافات في الرأي والرؤية، يجب إزالتها، وغبطتُه هو الأقدر على تذليلها وحَلِّها. المسيحية تُحرِّم الإنتقام بكُلِّ أنواعِه ليس بين أبنائها فحسب بل حتى لأعدائها. المسيحية تسلك طريق المحبة وتُطالب أبناءَها بتـنفيذ شريعتها التي جاءَنا بها عهد النعمة بالمسيح يسوع (1 قورنتس13: 1 – 7).

كانت الأقوام الوثنية تُـمارس الإنتقام بشكل فظيع يتعدّى حدود العقل، لأنَّ الغضبَ والسخط يدفعانهم لتنفيذ العقاب بالمقابل مُضاعفاً ولا يكتفون بالمثل بسبب تفاقم الشر لديهم. ثمَّ جاءَت الشريعة الموسوية شريعة العهد القديم فحدَّدت نسبة الإنتقام ليكون مساوياً للضرر الذي أُصيبَ به المُعتدى عليه وهو ما عُرف ” العين بالعين والسن
بالسن” .

أما عهد النعمة بيسوع المسيح فقد أعطى سُموّاً للتشريع وهو فضيلة السماح وليس ممارسة الإنتقام، حيث قال لنا الربُّ فادينا “لا تُـقاوموا الشرير …” (متّى5: 28 – 42). لقد دعانا المسيح الرب الى محبة الجميع وليس “أحبِبْ قريبك وابغِضْ عدوَّك” كما قيل. أما أنا فأقول لكم: أَحِبوا أعداءَكم …(متّى5: 43 – 48). إذاً فإنَّ المسيحي الذي لا يُسامح ليس مسيحياً حقيقياً. لست في هذا المجال واعظاً، وإنما مُلتمساً آبناء الكنيسة أجمعين رُعاةً ومؤمنين الإستعلاء على الخلافات الناتجة عن الأهواء البشرية الزائلة، والعمل بأقوال المسيح الرائعة ” أَحِبّوا بعضُكم بعضاً كما أحببتكم” (متّى15: 12) ” ما أُوصيكم به هو: أَحِبوا بعضُكم بعضاً” (يوحنا15: 17). هذا ما دعانا إليه المسيح ُ مخلصنا، فلنكن مُحافظين على وصاياه وتعاليمه آمين.

الشماس د. كوركيس مردو

في 26 / 8 / 2017 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!