الحوار الهاديء

أنجازُ غريب من نوعه لنخبة مثقفي شعبنا في اقليم كوردستان “استحداث قسم اللغة السريانية”

الكاتب: الدكتور عبدالله مرقس رابي
طالعت الخبر المنشور في موقع عينكاوا الالكتروني المعروف بين أوساط شعبنا في كل مكان بعنوان ” اللجنة الخماسية لمتابعة فتح قسم اللغة السريانية في جامعة صلاح الدين تدعو كيانات ومؤسسات شعبنا والميسورين للتبرع لافتتاحه هذه السنة “.الرابط أدناه .
نعم الخبر غريبُ من نوعه في السياق الجامعي وعن أستحداث الاقسام العلمية في الجامعات. وقد شخصت من مطالعتي للخبر أمور غريبة وغير منطقية والخص وجهة نظري عنها كما يأتي:
أثار أنتباهي ما جاء في حديث الاديب “كوثر نجيب” بحسب التصريح الاخباري ( بعد ذلك تحدث الاديب كوثر نجيب عضو اللجنة عن نشاطات اللجنة الخماسية وأجتماعاتها ولقاءاتها بعدد من وزراء ومسوؤلين في حكومة اقليم كوردستان والتي اثمرت عن افتتاح هذا القسم مع عرض لهذه الاجتماعات واللقاءات) .
أعتبر شخصيا مثل هذا الحديث والعمل وبحسب خبرتي في التدريس الجامعي منذ سنة 1985 في جامعة الموصل بعدة لجان علمية وادارية للدراسات الاولية والدراسات العليا في كلية الاداب ومتابعتي الشخصية لعملية أستحداث قسم علم الاجتماع في كلية الاداب في جامعة الموصل الذي عملت فيه.اعتبره حديث وعمل وانجاز غريب،أذ في العرف الجامعي يكون القرار لتاسيس قسم علمي أو فرع في القسم ( والمقصود بالقسم العلمي لكافة فروع المعرفة العلمية الطبيعية والصرفة والانسانية والاجتماعية واللسانية،وهذا المعمول به في الجامعات العراقية والعالمية)لا يتطلب مراجعة عدة وزارات ومسؤولين ولجنة خماسية من خارج عمادة الكلية،بل السياق وهو معلوم ومعروف ودارج في كل الجامعات العراقية وجامعات الاقليم والعالم كالاتي:
يناقش مجلس الكلية الذي يتكون من روؤساء الاقسام العلمية والمعاونين برئاسة العميد مسالة أستحداث اقسام علمية جديدة في الكلية في ضوء حاجة المجتمع ومؤسساته الى مؤهلين علمياً للعمل في مجال من مجالات المعرفة العلمية،وقد يكون المقترح مقدم من أحد الاساتذة المهتمين أو رؤوساء الاقسام في ضوء دراسة مستفيضة ليقدم التبريرات العملية لاستحداث القسم العلمي،أو قد يكون المقترح وبالاخص في البلدان النامية صادر من جهات أعلى قيادية لتوصية الجامعة باستحداث قسم علمي لكي يساهم خريجيه المؤهلين في مجالات التنمية الاجتماعية أو الاقتصادية أو البشرية أو في تنمية الموارد الطبيعية في ضوء حاجة المجتمع المحلي الذي تقع الجامعة ضمن اطاره الجغرافي.
بالطبع كلما زادت الاسهامات العملية للجامعة في تنمية المجتمع من خلال دور خريجيها في تنمية المجتمع بحسب نوعية الاقسام العلمية التي تتألف منها الجامعة أو دورها في رفد المؤسسات بالبحوث العلمية
الرصينة ،ستحقق سمعة ومكانةعلمية كبيرة من بين الجامعات لديناميكيتها وفاعليتها.فكلما أستحدثت الجامعة قسما علمياً ليُضاف الى اقسامها الاخرى يدل على مدى مشاركة الجامعة في التنمية البشرية لتفاعلها الايجابي مع متطلبات المجتمع المعرفية والمهنية.
وعليه أن أستحداث القسم العلمي هو من مسؤولية الجامعة نفسها ،وليست مسؤولية اية جهة أخرى،وطالما أن الجامعة هي حكومية ومرتبطة بوزارة التعليم العالي مباشرة سيكون تمويلها من ميزانية الدولة وتخصيصات الوزارة ،فالجامعة هي المسؤولة عن تهيئة كافة المستلزمات المطلوبة لاستحداث القسم العلمي من الابنية وصيانتها،ووسائل التدريس المختلفة وأعداد المناهج بما فيها المختبرات،وكذلك توفير الكادر التدريسي المؤهل أكاديمياُ.وتتخذ الاجراءات المرحلية أي الخطوة تلو الخطوة ،فلا يحتاج القسم للمرحلة الاولى الا استاذين في الاختصاص وبعض من الاساتذة في الاختصاصات الثانوية التي يحتاجها القسم ويمكن الاستعانة من الاقسام العلمية الاخرى،وهنا في قسم اللغة السريانية سيحتاج الى اثنين من المختصين في اللغة السريانية كمرحلة أولى وثم اساتذة للمناهج الثانوية ذات العلاقة باللغة مثل التاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع واللغة الثانية مثل الكوردية والانكليزية، فيمكنهم الاستعانة من الاقسام ذات العلاقة في الجامعة.
يكمن الاستغراب أيضاً من حديث الدكتور حبيب حنا عضو اللجنة عن أحتياجات القسم المادية والعينية وكذلك الكفاءات التدريسية التي اعلنت تطوعها للتدريس مجاناً لسنة واحدة.
أية جامعة هذه تستعين بكفاءات تدريسية مجانا ؟!!علما هناك موافقة بأمر وزاري وجامعي لافتتاح القسم.أ ليست غريبة عملية تخلي الجامعة عن توفير المستلزمات والمتطلبات الدراسية،فهي جامعة حكومية ولها تاريخ عريق،ألا ترى الجامعة، مثل هذه الحالة ستعكس على سمعتها العلمية والادارية؟ فلابد من وضع عدة علامات الاستفهام والتعجب عن الظروف والاوضاع التي رافقت أستحداث هذا القسم .
ومن المؤشرات التي دعتني للأستغراب هو الشكر الذي قدمه الاستاذ كوثر نجيب لجميع الذين ساهموا في تذليل العقبات أمام اللجنة. يبدو أن اعضاء اللجنة كانوا في صراع مع الجامعة والوزارة والا لماذا العقبات؟أن استحداث قسم علمي في الجامعة عملية سهلة جداً بدراسة من الجامعة أو اللجنة تقدم خلالها مبررات استحداث القسم ،فاذا تقررت الجامعة وجود حاجة لقسم اللغة السريانية ليساهم بالتنمية البشرية فعليها أن تكون مستعدة للعمل الجاد لافتتاحه وتمويله أسوة بالاقسام العلمية الاخرى، فبدلا أن تشكر اللجنة الجامعة،يستوجب الجامعة أن تشكر اللجنة لتفعليها هذا المشروع العلمي.
وأكثر المؤشرات التي جعلتني أن استغرب للحدث هي، ما شدد عليه الدكتور حبيب حنا بقوله” أن التبرعات للقسم ستُقبل من الجميع دون شرط أو قيد كي لا تكون محاولات لتسجيل القسم بأسم كيان أو مؤسسة معينة لضمان أستقلاليته ” عجيب !!! أخي الدكتور القسم استحدث في جامعة حكومية وما علاقة الكيانات الاخرى بالقسم ؟هل يوجد قسم علمي في جامعة صلاح الدين محسوب على كيان كوردي أو عربي أو تركماني؟ليكون هذا القسم محسوباً على كيان من أثنيات شعبنا أو أحد الاحزاب .معروف لديكم جميعاً وكما يتضح أنكم حملة الشهادات العليا،أن الجامعة لا علاقة لها بمؤسسات أخرى سياسية أو غيرها في أدارة
أقسامها العلمية والتمويل ووضع المناهج ولها الحق في وضع تسمية للقسم أو تغيير تسمية القسم العلمية لاحقا بحسب المستجدات دون غيرها من الجهات الاخرى وتهيئة الكفاءات التدريسية وما شابه.
أفهم من عبارتك هذه هناك تخوف لديكم أن تتدخل الاحزاب الاشورية لتسمية القسم لتسميه قسم اللغة الاشورية مثلا،أو يتدخل الكلدان أو الرابطة الكلدانية لتلزم الجامعة بتسميته بقسم اللغة الكلدانية مثلا،أو يتدخل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري لفرض تسمية على هذا القسم !! أليست هذه بعينها مهزلة العقل الاكاديمي على غرار مهزلة العقل البشري للعلامة علي الوردي؟ الجامعة حرة كما ذكرت آنفاً في تسمية القسم العلمي ولا أحد يفرض عليها المناهج الدراسية،والا ما هذه الجامعة ؟
فأذن أكرر قولي: هناك ملابسات وأوضاع ومواقف غير مدروسة رافقت عملية أستحداث قسم اللغة السريانية في جامعة صلاح الدين كما هو جليُ من التصريح المذكور. أنها حالة غير طبيعية،كيف تقبل الجامعة الانتقاص من سمعتها الادارية والعلمية في أقدامها لموافقة أستحداث قسم علمي بين أروقتها ويمول عن طريق التبرعات بحجة أن لا يتدخل أحد في شؤون القسم علما أنها جامعة حكومية!!لو كان فعلا في نية الجامعة أستحداث قسم اللغة السريانية ،بكل بساطة يمكنها تاسيس فرع ملحق بأية قسم علمي من اللغات موجود في كلية التربية لكي يعتمد الفرع المُستحدث أدارياً على القسم القديم الى أن يتمكن الفرع من الاعتماد على نفسه وتحويل صنفه الى ادارة القسم بدلا من الفرع وهذه أيضا من الاجراءات المعمول بها في الجامعات.
أرجو أن لا يعتبر الاخوة في اللجنة الخماسية أعتراضي وأستغرابي لمجريات تأسيس قسم اللغة السريانية هو على جهدهم وحرصهم الكبير الرائع لاحياء لغتنا ،وانما أعتراضي وأستغرابي هو لوزارة التعليم العالي وجامعة صلاح الدين في أربيل على طريقة ومجريات أستحداث القسم وطريقة تمويله ،كأنما أستحداث هذا القسم هو مشروط بعامل التمويل الذاتي داخل جامعة حكومية ذات تمويل حكومي لترضية أصحاب الشأن.حتى لو لم يكن في هذه السنة الدراسية الحالية ميزانية مخصصة لافتتاح أقسام جديدة في الجامعة كان من الممكن تأجيله للسنة الدراسية المقبلة لتضعه الجامعة ضمن ميزانيتها السنوية ولماذا العجلة؟
جهودكم مشكورة وعطاؤكم العلمي يسجل تاريخياً،أنما تظل التساؤلات قائمة ومشروعة :لماذا هذه المعوقات؟ لماذا التمويل الذاتي ؟ ولماذا تخصيص غرف تفتقد الى الشروط الصحية وغير ملائمة للتدريس والادارة وهي بحاجة الى صيانة؟ولماذا هيئة تدريسسية متطوعة؟كما أتمنى من القائمين ومن جامعة صلاح الدين أختيار اساتذة مختصون أكاديمياً باللغة السريانية وليس من الملمين باللغة بحسب خبرتهم الشخصية وكتاباتهم غير الاكاديمية لكي يساهموا أكثر فأكثر في تضخيم ظاهرة عقدة التسمية لشعبنا ولغته،بل ليكون قسماً علمياً رصيناً ليوفر الكفاءات العلمية التي تعتمد على المنهجية والموضوعية في تفسير الظواهر.كما تعرفون أن تخريج طلبة مؤهلين علمياً باللغة ليس أمرا سهلا وهيناً .
تمنياتي لكم بالنجاح
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=820700.0
..

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!