انتخابات 2025 .. العراقيون يختارون السكوت ويبتعدون عن التغيير
وكالات – في بلد تتوالى فيه الدورات الانتخابية دون أن تتبدد حالة الانتظار، فقد موسم الانتخابات جزءًا كبيرًا من حيويته. لم يعد الاقتراب من موعد الاقتراع يمثل حافزًا حقيقيًا، بل تحول إلى إجراء روتيني يُرفع فيه شعار الديمقراطية وتُعلق الصور، لكن الشارع يظل ساكنًا. اليوم، يُعتبر الزمن السياسي في العراق مجرد فترة ميتة، حيث تتكرر الممارسات دون أن تجلب أي حياة جديدة للشأن العام. تقرير فريدم هاوس لعام 2024 وضع العراق في خانة الدول “غير الحرة”، مُشددًا على أن الحريات لا تُقاس بالكلمات المنمقة في الحملات الانتخابية، بل بمدى إيمان المواطن بأن صوته ليس مجرد رمز شكلي.
انتخابات تفتقر للإثارة، كما اعتبر الخبير السياسي عمار العزاوي، الذي أشار إلى أن الشارع لن يتفاعل مع الانتخابات المقبلة، حيث فقد الجمهور اهتمامه بالصورة المتكررة التي تتغير ألوانها فقط دون جوهرها. وفقًا له، فإن استجابة الجمهور الهادئة ليست هروبًا عاطفيًا، بل هي رد متوازن على تكرار التجربة: لماذا يُقبل الناخب على الانتخابات إذا كان يعرف أن جميع سبلها تؤدي إلى نفس النتيجة؟
لا يمكن التجميل على واقع أدرك الجميع تفاصيله، فالفساد، الذي يُعتبر الهيكل الأساسي للدولة، لم يعد ظاهرة مستثناة بل أصبح القاعدة، ودليل ذلك هو استمرار العراق ضمن قائمة الدول الأكثر فسادًا بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، حيث أصبح هذا الرقم جزءًا من الهوية السياسية للبلاد. في ظل هذه الظروف، تُستغل الانتخابات لتدوير شبكة النفوذ بدلاً من أن تكون وسيلة لتغيير الوجوه أو إصلاح المؤسسات.
تدهور الخدمات العامة يعمل كدليل على انفصال السياسة عن حياة المواطنين. فالمشاكل المتزايدة مثل انقطاع الكهرباء وتلوث مياه الشرب وتهالك المدارس تعكس عدم جدوى شعارات “التغيير” في تلبية احتياجات الشعب. البنك الدولي أشار إلى تدهور مؤشرات التنمية البشرية رغم الزيادة في الإيرادات النفطية، مما يعني أن التصويت أصبح اختيارًا بين أنواع مختلفة من الفشل.
عندما خرجت انتفاضات تشرين إلى الشارع، بدا أن العراق بانتظار صفحة جديدة، ولكنها طويت قبل أن تُكتب. الحركات الشبابية لم تستطع أن تفرض بدائل حقيقية بسبب افتقارها للتنظيم والموارد. في نتائج هذه المحصلة، عاد النظام السياسي ليملأ الفراغ، بينما استبدلت ساحات الاحتجاج بأروقة الممارسة الحزبية القديمة.
إحجام الجمهور عن المشاركة في الانتخابات أصبح تعبيرًا عن الرفض، حيث أظهر تقرير المعهد الوطني الديمقراطي لعام 2022 أن 65% من العراقيين يشعرون بأن أصواتهم لا تؤثر على نتائج الانتخابات، مما جعل العزوف ليس مجرد موقف سلبي بل وسيلة للاحتجاج. ويتعجب الكثيرون من ارتفاع نسبة المشاركة عندما تحدث، إذ يعتبرون أن البقاء خارج اللعبة أكثر صدقًا من الانخراط فيها بشروط معروفة سلفًا.
العراق يستعد للدخول في موسم انتخابي جديد، لكن المشهد يبدو كإعادة عرض لفيلم قديم. الطرق تُعبد نحو صناديق الاقتراع بينما تتجه القلوب نحو خيبات الأمل المتراكمة، مع الإيمان بأن المجهول لم يعد مخيفًا، إنما المعروف أصبح أكثر قسوة. ومع نهاية هذا المسار، قد تُعلن النتائج وتُوزع المناصب، وتُقرع الطبول، لكن هل سيتحقق أي تغيير فعلي؟
جميع الأخبار المنشورة في موقع مانكيش نت لا تمثل ولأتعبر عن راي إدارة الموقع .
ننشر الأخبار من مصادر مختلفة اليا فقد يجد القارئ محتوى غير لائق للنشر الإلكتروني وحرصا من إدارة موقع مانكيش نت يمكنكم الاتصال بنا مباشرة عبر الضغط على اتصل بنا سنقوم مباشرة بمراجعة المحتوى و حذفه نهائيا إضافة الى مراجعة مصدر الخبر الذي قد يتعرض للإلغاء من قائمة المصادر نهائيا