الحوار الهاديء

العملية السياسية في العراق وتحريك الماء الراكد.

المهندس زيد شحاثة
بعد مرور فترة من ممارسة الإنسان لأي عمل, فكريا كان أو بدنيا, يصل إلى مرحلة الروتين, حيث يتكرر العمل, بنفس المشاكل, عندها تنعدم فرص الإبداع, ويتوقف التطور.
قد يظن بعضنا, أن العمل السياسي, كله سيء وخاطئ, وهذا نتيجة لواقعنا خلال الأعوام الثلاثة عشر, وتجربتنا الفتية, وهو تقييم ربما يكون حقيقيا, لكن لا يعني أن العمل السياسي بحد ذاته, يجب أن يكون سيئا, كصفة ملازمة له.
الوطن لا يدار إلا من خلال مؤسسات, تنظم شؤون الحياة, يمكن أن نطلق عليها مجتمعة اسم “الدولة” وهذه لا يمكن أن تقاد, دون مشروع فكري أو توجه معين, تقدمه جهة أو مجموعة من الأفراد, متفقين حول مبادئ معينة, يعارضهم وينتقدهم أفراد أخرون, يقدمون مشروعا بديلا, يحاولون أقناع الجمهور به, وهذا يسمى بالعمل السياسي.
شكل خروج السيد عمار الحكيم, من حزبه التاريخي” المجلس الأعلى” وتشكيله لتيار جديد, بأسم “تيار الحكمة” مفاجئة لكثير من المتابعين, ليس لأنه خروج لسياسي, من حزب ما, وتشكيله حزبا جديد, فهذا يحصل.. لكن واقع أن المجلس الأعلى, إرتبط تاريخيا بأل الحكيم, ومنذ أيام المعارضة, ضد نظام البعث, وكون الحكيم, نجح في النهوض بواقع المجلس ودوره سياسيا, بعد نكسته الكبيرة, وأمور تتعلق بالكاريزما الشخصية له, كزعيم شاب.. كل ذلك جعل الموضوع, يمثل هزة للواقع السياسي العراقي, وصل تأثير إرتدادتها إقليميا.
مع كل ما رافق الحدث, من تحليلات ومناكفات, ماهي فائدة المواطن العادي, في هذه القضية؟ ماهي “خبزتنا” في هذه القصة كما يقال؟!
من الصحيح القول, أن عمليتنا السياسية, ولدت عرجاء مشوهة, نتيجة لتخطيط المحتل, وتأسيسه لقضايا وسياقات, كانت ملغمة لتكون مشاكل مستمرة, ودائمة التأثير, فلا تُحل وتنتهي, ولا تتقادم وتختفي, فأوصلت البلد لحافة حرب أهلية, كادت أن تُطيح به.. وأخطر ما في القضية, أن المشاكل, صارت روتينا معتادا, فتعايش معها المواطن, وصار يتقبلها كواقع حياتي له, وجزء من هذا الواقع.. حال السياسية ومشاكلها.
خروج الحكيم, كان هزة عنيفة, شجعت كثيرا من الساسة, على التلويح, وأحيانا, تسريب معلومات لجس نبض, بنيتهم مغادرة أحزابهم, والتخلص من تراكمات, وأخطاء حصلت ولازالت, وأصبحت روتينا مقبولا, وجزء من العمل السياسي الأعرج.. وهذا ما سيفيد ربما في تحريك مياه عمليتنا السياسية الراكدة.
يقال أن المياه الراكدة تتعفن, أن لم يدخل إليها ماء جديد, أو يتم تحريكها بين حين وأخر, ويقال أن السياسة لا توجد فيها نتائج مضمونة, أو تحقيق لأهداف بشكل كامل.. لكن يقال أيضا أن اليأس.. هو موت خلال الحياة.
هل ستحقق مفاجئة الحكيم, شيئا مفيدا لنا كشعب, بعد كل ما عانينها من ساستنا؟ وهل سينجح الحكيم أصلا, في الخروج والتخلص, من ” تراكمات” الأخطاء السابقة؟
من يدري.. لنتفاءل خيرا وننتظر.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!