مقالات دينية

هل هناك خلاص للشعب اليهودي ؟

هل هناك خلاص للشعب اليهودي ؟

بقلم / وردا إسحاق قلّو

     المسيح ( أسلم بحسب تصميم الله المحدد وسابق علمهِ ) ” أع 23:2″

    في البدء خلق الله الإنسان حراً  ووضع له قوانين حدد من خلالها حرية المخلوق لكي لا يتمرد على خالقه . تجاوز الإنسان شرع الله فطرد إلى الأرض التي هي كرم الله الذي أعده للإنسان لكي يعمل به بعرق جبينه . ذلك الكرم الذي كتب عنه البشير لوقا في الإصحاح العشرين . الله هو الذي أعد الكرم للإنسان لكي يعمل به أيضاً بحرية ، فكيف كان الله يحاسب الإنسان بعد السقوط وقبل الناموس ؟ نعم لم يكن للإنسان في تلك الحقبة أي شريعة أو كتاب سماوي فكان الله يحاسب الإنسان حسب ناموس الطبيعة التي زرعها في الإنسان ، أي صحوة الضمير ، وبحسب الضمير عمل الإنسان في الكرم ، الضمير الذي يرضي الله وبحسب الطبيعة ، فالضمير يوّضح للإنسان لكي يفرِزالعمل الصالح عن الخاطىء . وهذا ما فسره لنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل رومية الإصحاح الثاني بيّنَ فيها بأن الإنسان الذي ليس له شريعة يمارس عمل الشريعة طبيعياً ويظهر جوهر الشريعة المكتوبة في قلبهِ ، وهذه الفترة تمثل العبد الأول الذي أرسله الله صاحب الكرم إلى الكرامين . فكل البشر قبل موسى كانت محكومة بحسب ضمائرها ، فإن كانت ترضي الله كهابيل كان له الخلاص ، أما أصحاب الضمائر الأخرى كقايين الذي حكم على ضميره بالموت ، فالموت كان مصيره الأبدي .

 اليوم هناك أكثر من ثلثي العالم لا يؤمنوا بالمسيح ، أو نصف العالم لا يعترفوا بوجود الله ، فالله سيحاسبهم بحسب شريعة الضمير وأعمالهم الصالحة ، فبقدر المحبة التي فيهم ستمسهم رحمة الله إن كانوا أنقياء .

  بعد فترة الناموس والشريعة والأنبياء الذين أرسلهم الرب إلى الكرم ، فالله دخل مع الإنسان بأسلوب واضح ومكتوب للخلاص ، وهذه المرحلة واضحة بقوانينها المكتوبة في أسفار لكي يعمل بها كل إنسان ، وهذه القوانين أو الناموس المكتوب هو أكثر وضوحاً من الناموس الطبيعي أي الضمير . الله أرسل موسى وأعطى له الشريعة ، وقبل الشريعة أختار له شعباً لكي يعيش هذه الشريعة ، وهم الشعب اليهودي الذين يعملون في حقل الرب . كانت شريعة الله واضحة لهم لكن هل إستجاب أولئك الكرامون لوصايا الوكيل المرسل إليهم ؟ الجواب كلا ، بل عملوا ضد الشريعة وكانوا يتمردون ويصنعون لهم أصناماً ليعبدوها وإختلطوا بالأمم ومارسوا كل الخطايا التي كانت تثير غضب الله ، والله كان طويل الإناة معهم وينتظر توبتهم لكي يعملوا في الكرم ويأتوا بثمر عندما يقدموا له أعمالاً حسنة من خلال الخدمة التي يقدمها الإنسان لأخيه الإنسان .

لن تنجح شريعة الناموس الذي أعطيت لموسى ، لكن الله لم يتركهم للخطيئة فأرسل إليهم العبد الثالث لعلهم يعودون إلى رشدهم فدخلوا في فترة أخرى وهي فترة الأنبياء الكبار والصغار الذي فاق عددهم العشرين نبياً كانوا ينادون الشعب اليهودي المختار العامل في كرم الرب بالتوبة وعمل الخير والإبتعاد عن أعمالهم الشريرة ، فالله يطلب الثمر من شعبه الذي يعمل في كرمه ، لكن الشعب إزداد تمرداً ، فطردوا الإنبياء والمرسلين إليهم من صاحب الكرم خارج أسوار أورشليم . أخيراً أرسل إبنه الوحيد لكي يهابوا منه فيثمروا ، لكنهم تشاوروا فيما بينهم وتآمروا على ق*ت*له ، وق*ت*لوه خارج أسوار أورشليم ، كانت هذه المحاولة الأخيرة لله مع شعبه المعروف بتمرده ، ولم يعطوا له أي ثمر لأبنه فشبههم الإبن بالتينة المورقة الغير مثمرة والتي لعنها فيبست من وقتها ( مت 21: 19-20 ) والتينة التي لم تثمر تمثل الشعب اليهودي الذي رفضه الله لأنه لم يثمر فأخذ منهم الكرم وأعطاه للغرباء . وهكذا يفعل اليوم وفي كل الأزمنة المتمردين على الله فيخرجونه من ضمائرهم ومن حياتهم لكي يملكوا على هذا العالم ويتمتعوا بممتلكاته الزمنية الزائلة الذي يحسبونه ملكوتاً لهم . إنه كنز زائف ، أما الكنز الحقيقي فيجب أن يكنز في أورشليم السماوية الذي لا يسعون إلى الحصول عليه لأنهم رفضوا حجر الزاوية ، فكل من رفضه سيسحقه سحقاً . واليهود فعلاً هم الذين رفضوا المسيح وقدموه للصلب . فهل سيبقى غضب الله عليهم بعد أن نزع منهم الكرم ؟

  على الصليب يسوع طلب المغفرة لصالبيه اليهود ، لأنهم لا يدرون ما يفعلون ( لو 34:22 ) . نعم لعن يسوع شجرة التين لأنها لن تحمل الثمر ، أي لعن الأمة اليهودية التي لن تعطي الثمر لصاحب الكرم ، فضربت أورشليم عام 70م من قبل الرومان الذين دمروا الهيكل الذي أنشق حجابه في لحظة موت يسوع على الصليب فأنتهى دور الهيكل ، فتشتت شعب أورشليم ، أي يبست تينتهم العقيمة . لكن قيل بأن تلك الشجرة ستعود أوراقها ، لكن هل ستعطي ثمر ؟ أجل جمع اليهود جزء من أمتهم في تلك الأرض وكَوّنوا لهم دولة بعد وعد بلفور 1917 ، وفي سنة 1948 إعترفت بها الأمم المتحدة كدولة ، وأعترفت بها دول عربية كثيرة . فهل يطبق عليها القول ( صارت أخصانها رخصاً وأخرجت أوراقها ) أي صارت دولة وأمة أعترف بها العالم ، وهل ستعترف هذه الأمة بالمسيح لكي يكون لهم الخلاص ؟

يقول أشعياء النبي ( أمة تمخض في يوم واحد ) ” 8:66″ وكلمة تمخض يعنى بها تؤمن يوماً بالمسيح . كتب متى البشير ، وقال ( فمن شجرة التين تعلمون المثل . متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب ) ” مت 33:22″ والمقصود بعبارة ( صار غصنها رخصاً ) أي بدأت دولة قوية سياسياً وعلمياً وعسكرياً بعد ذلك يبدأ أيمانها بالمسيح لكي تكمل نبؤة أشعياء بأن دولة أسرائيل كلها ستؤمن بالمسيح وتخلص كل أمة اليهود . نعم أمة اليهود نكرت المسيح وصلبته لكن الله لا يرفض شعبه المختار إلى الأبد ، وحتى وإن أخطأ .

الشعب اليهودي خطأ ، وإن لم يستمر في كفره سيطعمه الله  . وبما أن الله رحمته واسعة وتشمل الجميع ، فرغم تمرد شعب إس*رائي*ل ، وعدم إيمانهم بالمسيح ، بل دفعوه إلى الصلب والموت لعمى بصيرتهم ولأنهم لو عرفوا رب المجد لما صلبوه . فالعمى الذي أصاب ذلك شعب زمن مجىء المسيح ، والذي جاء لكي يتم دخول الأمم إلى الإيمان ليشمل الخلاص للجميع ، وهكذا سيخلص جميع إس*رائي*ل كما كتب : سيأتي من صهيون المنقذ ويصرف النفاق عن يعقوب … لأن مواهب الله ودعوته هي بلا ندامة ( رو 11: 26 ، 29 ) وفقاً لما قد كتب . هذا هو وعد الرب لهم حين يزيل خطاياهم لأنهم سيؤمنون بالمسيح ويطلبون منه الخلاص من غضب الأمم على اليهود في الأزمنة الأخيرة ، لأن كل أمم الشرق ستحيط قواتها بأورشليم لتدميرها وق*ت*ل شعبها اليهودي . حينذاك ستصرخ الأمة اليهودية إلى المسيح في تلك المعركة العظيمة ، معركة هرمجدون ( رؤ 16:16) وهرمجدون الواقعة عند مدينة مجدو التي تشرف على سهل واسع ، وهناك ق*ت*ل الملك يوشيا ( طالع 2 مل 29:23 ) وتلك المعركة صارت رمزاً للجيوش التي ستحتشد فيها في نهاية الزمن ، وفي ذلك اليوم يكون النواح في أورشليم ويصعد صراخ الرجال والنساء ( طالع ( زك 11:12 ) كذلك ستكون في  تلك الأيام ضيقة عظيمة لليهود ستدفعهم إلى الإيمان بالمسيح الذي صلبوه . أي إيمان اليهود سيأتي في وقت الخوف ليعترفوا بالمسيح إبن الله .

  في الختام : نقول رغم صياح الشعب اليهودي أمام بيلاطس ، قائلين ( ليكن دمه علينا وعلى أبنائنا ) ” مت 45:27 ” الذي هو صيغة تأييد وموافقة ، لمد المسؤولية إلى سائر اليهود في المكان والزمان . والإنجيل يقول بأن يسوع ( أسلم بحسب تصميم الله المحدد وسابق علمهِ ) ” أع 23:2″ والكنيسة قد أعلنت في المجمع الفاتيكاني الثاني ما يلي ( أن ما أقترفته الأيدي أبان الآلام لا يمكن إسنادهِ في غير تمييز إلى جميع اليهود الذين عاشوا آنذاك ، ولا إلى اليهود العائشين في عصرنا . لا يجوز أن يشهر باليهود على أنهم منبوذين من الله وأنهم ملعونون كما لو كان ذلك يستنتج من الكتاب المقدس ) .

   فبما يتعلق بالأنجيل ، فهم أعداء الله . أما فيما يتعلق بالأختيار الإلهي فهم مح*بو-بون لأجل آبائهم . فكما كانت الأمم غير مطيعة لله لكنها نالت الرحمة من أجل عدم طاعة الأمة اليهودية لله . كذلك هذه الأمة الغيرمطيعة لله الآن ، سينالون الرحمة كالرحمة التي نالتها الأمم . فما أعمق محبة الله وحكمته وعلمه ! وما أبعد أحكامه عن الفحص ، وطرقه عن التتبع ، لذا يقول الكتاب ( لأنه من عرف فكر الرب ؟ أو من كان له مشيراً ؟ أو من أقرضه شيئاً حتى يرد له ؟ ) فإن منه وبه وله كل شىء . وله كل المجد .  

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!