الحوار الهاديء

الكلدان في مشيكان

بقلم كابرييل كابرييل

تشكل الجالية المسيحية العراقية في مشيكان ثقلا كبيرا في هذه الولاية الاميريكية، والتي افضل ان اطلق عليهم السورايي نظرا لما تحمله هذه الكلمة من معنى قومي وديني، والتي تبعد التعنصر المذهبي وحتى القومي، وتقرب جميع ابناء شعبنا من بعضهم البعض، باعتبار ان هذه الكلمة قد استخدمها الجميع وبدون استثناء للدلالة على هويتهم الدينية والقومية، وهذه حقيقة يعلمها الجميع بعيدا عن الاجتهادات التاريخية والدينية. لكنني، وفي هذه المقالة، اورد كلمة الكلدان احتراما لرغبة اغلبية كبيرة من السورايي الذين يعيشون في مشيكان. كذلك لما تحمله هذه الكلمة من دلالات لغوية، فالسورث مقرونة ايضاً بالسورايي، وتعبر عن لغة جميع المسيحيين، برغم محاولة الالتفاف عليها، وبرغم الاجتهادات ايضاً، وما ذكرته مأخوذ من الواقع الذي عشناه في العراق تحت اسم السورايي والسورث، وقبل ان نتبعثر ونعيش تاريخا واحلاما جديدة.
وما يهمنا الان واقع الكلدان في مشيكان، ومدى ارتباطهم بكلدانيتهم دينيا وقوميا، بضمنها اللغة، والتي باتت تستبدل باللغة الكلدانية بدلا من السورث، ومدى تأثير فقدانهم للغتهم.
ولكن ما هو واقع “الكلدانية” لغةً في مشيكان ؟
جراء الاستمرار باستخدام اللغة العربية بين ابناء الجالية “الكلدانية” وحتى في بيوتهم اضطرت الكنيسة ان ترضخ تحت وطأة الضغط العربي هذا، وقامت باستخدام العربية ولفترات طويلة في طقوسها، مما تسبب في ارباك الجيل الجديد الذي نشأ وتربى في مدارس أمريكية، فهذا الجيل ظل حائرا امام اللغة “الكلدانية” التي هي لغة الام، وما بين العربية، والمفضلة بين الكلدان، وما بين اللغة الانكليزية التي نشأ عليها، لقد فقد الجيل الجديد الحس القومي بسبب فقدانه للغته، ولم يعد الجيل الجديد يفهم ما يقال في الطقوس الكنسية، فابتعد الكثيرين عن الدين وعن الكنيسة. وهذا ما جعلهم ايضا يفقدون الحس القومي، وحتى الاجتماعي، والفني، فها هي جميع محلات “الكلدان” في مشيكان تكتب اسماء محلاتها بالعربية، وتضع شاشات التلفزيونات على القنوات العربية، وحتى الاغاني في المطاعم التي اصحابها هم “كلدان” اضحت عربية، علما ان السورايي يملكون الكثير الكثير من المطربين والاغاني بلغة السورث وهنا انا لست ضد العربية والفن العربي، فانا شخصيا احب الاغاني العربية واستمع اليها، لكن عندما ارى ان العربية صارت تحاول ان تبدل من شخصيتي، وتبعدني عن كياني، وقومي واهلي، عندها يجب علي ان اصحى، واعيد ترتيب ثقافتي، واعطي الاولوية للغتي وفني، وان لا اقبل ابدا بان تقوم لغة اخرى بسحق لغتي.
في زيارتي الاخيرة لمشيكان، وفي جميع الاسواق الشرقية التي دخلتها، لم استمع الى اغنية بالسورث، الجميع مهتمون بالأغاني العربية، وكأننا لا نملك من الفنون الغنائية شيء، وفي جميعها ايضا لم الاحظ ان احدا قد كلف نفسه وكتب اسم المحل الذي يملكه بالـ”كلداني”، لا بل ايضاً لاحظت ان القليلين قد سمّا محله باسم قرية او بلدة كلدانية.
فاين هي الكلدانية اذن ؟ وماذا تبقى منها، ان اضحى كل شيء بالعربي او الانكليزي ؟
بالمقابل رب سائل يسأل ماذا يعني هذا، وكما يقولون بالإنكليزية ( سو واط ؟).
للإجابة على هذا السؤال، نقول ان الشعوب كي تبقى حيّة عليها ممارسة جميع فعالياتها بلغتها، والا فقدت هويتها وخصوصيتها، وبالتالي تكون عرضة للاغ*تصا*ب السهل، تماما كما حصل في قضية بناء جامع في مدينة ستيرلنغ هايتس، لان الذي دعا الى بناء الجامع لاحظ وجود ارض خصبة في هذه المدينة، وما اقصده بالأرض الخصبة، تداول لغة القرآن “المقدسة” كثيرا في هذه المدينة، مما ولد جاذبية كبيرة لبناء جامع فيها، باعتبار ان اهل المدينة جميهم يحبون هذه اللغة وبالتالي من اليسر التقدم وبناء جامع يغير من ديمغرافية هذه المدينة.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!