مقالات دينية

إقامة يسوع للعازر هي رمز لقيامة الأجساد

إقامة يسوع للعازر هي رمز لقيامة الأجساد

بقلم / وردا إسحاق قلّو

إقامة يسوع للعازر هي رمز لقيامة الأجساد

   قال الرب يسوع لتلاميذه ( قد مات لعازر ، ويسرني من أجلكم كي تؤمنوا ، إني لم أكن هناك … ) ” يو 11: 14-15″

   عندما إقترب الفصح وفي عيد التجديد وتطهير الهيكل اليهودي . أحدق رؤساء اليهود بيسوع عندما كان يتمشى في الهيكل تحت رواق سليمان ، أحرجوه بإلحاحهم ليكشف لهم عن حقيقته ، هل هو المسيح ؟ ( يو 24:10 ) . أختار يسوع الإنسحاب من بينهم  والعودة إلى عبرالأردن لإنتظار ساعته ، وهناك وصلت إليه رسالة من الأختين أبلغوه فيها بمرض أخيهم لعازر .

   مريم أخت لعازر هي التي دهنت يسوع بالطيب في بيت الفريسي . كانت مع أختها مرتا ولعازر في صداقة مع يسوع ، وكان يسوع يحب هذه العائلة ويتردد إلى بيتهم في قرية بيت عنيا . وصلت الرسالة إلى يسوع لكنه لم يحضرليشفى صديقه ، بل عبَّرَ عن مرض صديقه ، قائلاً ( ليس هذا المرض مرض الموت ) فلن تكون الكلمة الأخيرة للموت ، إنما لأكثر من ذلك . ذلك المرض سيكون سبب في إندحار الموت لأجل مجد الله ، ولإظهار قِدرتهِ الساطعة ، لأن الله سيمجد الإبن ( يو 31:13 ) فعلاً إحياء لعازر سيكون من أسطع أعمال يسوع ، سيتعجبون رؤساء الكهنة وقادة اليهود من هذا العمل ، ويهابون يسوع جداً .

  لماذا مكث يسوع في مكانة يومين ، ليصل في اليوم الرابع بعد وفاة لعازر ؟

الجواب لأنه أراد أن ينال منه الموت ويقبر لينتن . ومن ثم يأتي لأحيائه ، بل لخلقه وإعادته كما كان . وليدحض ما كان يؤمنون به اليهود في ذلك الزمن بأن الروح تحوم حول الجسد لمدة ثلاثة أيام ، وقد تعود إليه في أي لحظة ، لهذا قرر الحضور في اليوم الرابع . فعندما أعلن لتلاميذه للعودة إلى اليهودية ، دب الذعر في التلاميذ لأن اليهود قد هددوه بالرجم على أثر خطبتهِ في عيد المظال ( يو 59:8 ) وكذلك في عيد تطهير الهيكل ( يو 31:10 ) . فكرة عودتهم إلى اليهودية مخيفة جداً للتلاميذ ، ففي إعتقادهم كان يسوع يسير نحو الموت ، لذلك إحتجوا قائلين ( رابي ، أتعود إلى هناك ، وقد أراد اليهود رجمك منذ قريب ؟ ) فقال يسوع ( أن الإنسان يمشي بلا خوف في النهار فلا يعثر … أما في الليل يعثر لأنه ليس فيه النور ) كان يقصد بهذا الكلام بأن ساعته لم تأتِ بعد . فمتى جاء الليل سيصبح في خطر كما حصل له فعلاً في البستان عندما إلقي القبض عليه .

  إنتقل يسوع من كلام اللغز إلى قول الحقيقة بوضوح ، فقال ( أن صديقنا لعازر قد مات ) ويسرني رحمةً لكم ، كي تؤمنوا إني لم أكن هناك . وهكذا كشف يسوع عن الهدف من تأخرهِ ، أي لموت لعازر ضرورة مهمة لكي يستنير إيمان تلاميذه والأختين . أحياء لعازر سيشدد إيمان التلاميذ فيما بعد في إيمان يسوع القائم من الموت . لكن التلاميذ ما زالوا مرعبين ، فقال توما ( فلمنض نحن أيضاً ونمت معه ! ) بدأت الرحلة نحو الهدف . فلما وصل يسوع ووقف على مدخل بيت عنيا ، لم يدخل إلى بيت الأختين ليعزيهما ، بل إنتظر لتأتي مرتا ومريم إلى لقائه ، وهنا يجري الحوار ليظهر موقف كل من الأختين ودرجة إيمانهم . كانت مرتا أول المستقبلين له ، وهي التي وجهت إليه عتاباً خفيفاً  لعدم حضوره في الوقت المناسب ، فقالت ( لو كنت ههنا لما مات أخي ! ) وأكبت على قدميه تبكي لأنها منسحقة ، ومتوسلة ، فلم يتمالك يسوع نفسه أمام مشهد هذا الألم فإرتعشت نفسه ، كما سيحصل له أثناء العشاء الأخير ( يو 21:13 ) كما أرتعشت نفس يسوع ثانيةً فطلب أن يرشدوه إلى القبر .

قال لها : أن أخاك سيقوم ! فأجابت ، أعلم بأنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير . فقال لها : ( أنا هو القيامة والحياة ، من آمن بي وإن مات فسيحيا .. ) ” يو 25:11 ” فأي موت يقصد يسوع ، الجسدي أم الروحي ؟ الإثنان على الأرجح ، والمقصود هنا موت الجسد أولاً ، فيسوع سيقيم جسد لعازر ، وهكذا أعلن نفسهُ مبدأ القيامة المقبلة للأجساد ، ولكن فوق ذلك يقصد الموت الروحي أيضاً . وإلا فلا يفهم معنى الآية ( من آمن بي يحيا وأن مات ) فمنذ الآن أصبح يسوع مبدأ الحياة التي لا تزول بعد موت الجسد ، بل ينتقل الإنسان بفضل الإيمان من الموت إلى الحياة  ” راجع يو 24:5 ” . ولفظة ( أنا هو ) في عبارة ( أنا هو القيامة ) فيسوع هو الإله الذي يأمر الموت ، ويعطي الحياة ، أنه القيامة والحياة ، والدخول في علاقة معه ، هو الدخول مع الحياة الجديدة . فقيامة لعازر هي رمز لقيامة البشر الأخيرة . فكما صاح قائلاً بأعلى صوته ( هلم لعازر فإخرج ! ) ” يو 43:11 ” في يوم القيامة ( تأتي ساعة فيها يسمع صوته جميع الذين في القبور فيخرجوأ منها ) ” يو 28:5 ) . قال أحد الأباء لو لم يذكر الرب يسوع إسم لعازر عندما صاح إليهِ لقام كل الموتى ، وهكذا سيصيح في اليوم الأخير . فقيامة لعازر هي رمز لقيامة البشر في اليوم الأخير تلبية لصوت المسيح وهي رمز للحياة الأبدية التي يملكها منذ الآن أولئك الذين يؤمنون به … يجب أن نضيف أيضاً أنها رمز نبوي لقيامة المسيح ذاته لأن سيد الموت لا يقهر بالموت . فالموت يغلب بمن هو الحياة ، كما قال ( أنا الطريق والحق والحياة ) ” يو 6:14 ” .

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!