الحوار الهاديء

لعبة أسمها الديمقراطية..وفخ مميت أسمه السلطة

المهندس زيد شحاثة      

 

لعبة إسمها الديمقراطية.. وفخ مميت إسمه السلطة

لا يمكن للمجتمع تسير أموره دون قيادة أو رئاسة تتولى شؤونه بالنيابة عنه, بموجب تفويض يمنح لها بطريقة ما.. يتوافقون عليه بينهما ويقبلونه, ربانيا كان هذا التفويض, أو اختيارا أو غير ذلك.

الديمقراطية كنظام للحكم, برغم ما فيها من حسنات, تتيح للشعب أن يختار من يمثله ويحقق أمانيه, ويحاسب من يختارهم, لكنها لا تخلوا من عيوب خطيرة.. فهي في الأساس والمقصد, تعني حكم الأغلبية من المجتمع, فهل الأغلبية  على حق دائما؟! وهل تحسن الإختيار غالبا؟! وهل الديمقراطية كنظام محصنة من الإختراق أو التلاعب؟!

يقول المدافعون عنها, أنها بالرغم من كل عيوبها, أفضل نظام  توصل إليه العقل البشري لحد الأن, وهو كلام معقول ومقبول.. فيما يرى أخرون أن نظام الإرسال والتنصيب الرباني, هو الحل الأسلم, فهو محمي من الخطأ من قبل الخالق.. وهو كلام يصح للأنبياء وأوصيائهم, لكن هل يصح لغيرهم؟ والتاريخ قدم لنا أسوء النماذج لمن نصبوا أنفسهم خلفاء للأنبياء, بل وللخالق نفسه؟!

ما يربكنا نحن العرب, هو فشل النظامين ظاهريا, في توفير الحياة التي يمكن عدها, مقبولة وكريمة في حدها الأدنى.. فلا الدول التي جربت فيها أنظمة الديمقراطية نجحت في ذلك, ولا الدول التي تتبع نظام الوراثة المستند على تنصيب رباني بصورة أو بأخرى.. ولنا في تجارب تونس والعراق  كنموذج للأول, والسعودية وتركيا سابقا كنموذج واضح للثاني.. مع ملاحظة وجود تجارب, خلطت بين الأمرين بطريقة ما, وهي تمتلك بعض الحسنات عنهما, لكنها لازالت خارج إطار توصيف ” الحياة الكريمة للإنسان”.

من يدقق في تلك النماذج, سيلاحظ وكل سهولة, أن تلك التجارب, تستند إلى مباديء تكاد تكون مثالية في تنظيراتها, وأفكارها وما ترسمه من مستقبل.. لكنها ترسب بشكل فاضح وفظيع, في ألياتها وتطبيقاتها الواقعية, بل وتميل عندها لتعديل نظرياتها, وفقا للواقع وشخوصه.. فتعدل الدساتير والقوانين, حسب ما يتطلبه وضع القائد والزعيم, وكأن حياة الأمة ستتوقف إن لم يكن على قمتها سيادته.. رغم أنها لم تتوقف بموت الأنبياء وأوصياهم, والمصلحين العظماء حقا؟!

معظمنا كجمهور مسكين, لا يفكر إلا في حياة معقولة تتاح له لأسرته, ولا يهمه من يتولى السلطة, أو ماهي خططه السياسية, ولا كم حققنا من نصر دبلوماسي أو غيره, فهو ليس مهتما بلعبة الديمقراطية وكل متعلقاتها, وهذا قصور وتقصير كبيرين.. فهما منفذ كبير, ليتم التلاعب بنا, وتصبح الديمقراطية حكما للأقلية من الساسة, يتحكمون بها وحيانا معها.. كيفما يريدون.

معظم ساستنا أيضا, وفي مستهل حياتهم السياسية, كانوا غاية في الصدق والأمانة, والسعي الحقيقي لخدمة الوطن والمواطن.. وما إن تدرجوا في كراسي الحكم, حتى وقعوا في فخه المميت.. فمغريات الجاه والسلطان, والمال الملوث, وتملق الحاشية البطانات, وتقريب العائلة والأعوان.. هو نتيجة واحدة لغالبيتهم.

يروى عن سيد الحكماء علي أبن أبي طالب, عله وعلى أله أفضل الصلوات قوله ” كيفما تكونوا يولى عليكم” وهو تفسير لقاعدة ذهبية, تشير إلى أن الحكام هم نتاج المجتمع, فإن كان صالحا صلحوا, وإلا كانوا فاسدين,  وزادوا من فساد المجتمع أكثر.

لو منح أفضل نظام للحكم, لمجتمع سيء.. لفشل النظام, ولو منح أسوء نظام لمجتمع صالح.. لصلح النظام.

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!