مقالات سياسية

أين نحن المسيحيين من ما يجري من أحداث ما” يسمّى” ثورات الربيع العربي؟

الكاتب: وردااسحاق
 
أين نحن المسيحيين من ما يجري من أحداث ما” يسمّى” ثورات الربيع العربي؟
                                                                                                                                                    
نافع البرواري
 
مشكلتنا نحن المسيحيين في هذا الشرق العربي أننا لا نقرأ ألأحداث  ولا نتعلم دروس وعبر من التاريخ ، الماضي والحاضر ، فنحن نضع رؤوسنا في الرمال كالنعامة ، ونؤمن بالقدر وننتظر الرحمة من لا رحمة له ، ونتوسل ونستجدي حقوقنا من الذين اغتصبوا  حقوقنا وسرقوا مياهنا وارضنا وبيوتنا.
نحن ، المسيحيين ، اليوم مشغوولين في  الصراع على ألأسماء و على الكراسي و المناصب وتخوين بعضنا للبعض الآخر في حين أنّ أعدائنا يستغلون هذه ألأنقسامات بحكمة الحيّاة ، للأنقضاض على ما تبقى من أرضنا ومقدساتنا وسرق أحلامنا وتزييف هويّتنا ومسح ذاكرتنا. كلِّ هذا يجري في غياب الكنيسة عن معاناة الشعب بل هناك من رجال الدين من يجامل الأعداء على حساب الحق المهضوم لشعبنا وعلى حساب كرامتنا وهويتنا ومقدساتنا ، بالقبول بالأمر الواقع دون التحرك واتخاذ مواقف حدّية مع الذين ارهبونا وشردونا ونهبوا أملاكنا وسرقوا أراضينا وأهانوا مقدساتنا ، لابل تآمروا ويتآمرون للقضاء على وجودنا في ارض آبائنا واجدادنا . هكذا هناك للأسف من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية لشعبنا ، وقفوا ويقفون حائرين ساكتين مشدوهين مرعوبين خائفين لا بل قسم منهم لا أبالين  واقفين مكتوفي الأيدي أزاء ما جرى ويجري  من ابتلاع ما تبقى من أرضنا بعد أن ابتلعوا الجزء الكبير منها ، على مر التاريخ القديم والحاضر. فمتى نهدم جدار الخوف ؟ هل بعد أن تبقى الكنيسة بلا شعب والرعاة بلا رعية والقادة بلا جمهور؟.
اليوم من اقصى الوطن العربي غربا الى اقصاه شرقا أصبح تحت رحمة الأحزاب ألأسلامية المتشددة ، بعد نجاحهم في الأنتخابات البرلمانية  وبعد خطفهم لثورات ما يسمّى “الربيع العربي” الذي سيصبح شتاءا قاسيا ليس على شعوب هذه الدول فقط، بل على المسيحيين خاصة ، فهل نحن المسيحيين قد هيّئنا أنفسنا لمواجهة” تسونامي الأسلاميين” أم نحن ننتظر رحمة من السماء لأيقاف هذه الموجات لكي تعبر علينا بردا وسلامة؟
مشكلنا نحن المسيحيين في مصر وفي لبنان وفي سوريا وخاصة في العراق هو أننا لاندرس التاريخ ولا نقرأ الأحداث ولا نتّقن السياسة ولا نتهيئ للأسوء. بل في كُل مصيبة نحاول أن ننسى ونقول حالنا حال الآخرين ( كما قال أحدهم وهو يحمل مسؤولية رئاسة كنيسة)  ، ونقول لعدونا :”عفى الله عن ما سلف” وهذا المبدأ ثبت فشله في الدول العربية وألأسلامية  وعبر التاريخ.
البارحة شُرَدنا من البصرة وبغداد وكركوك ، وآخرقافلة الهجرة انطلقت من نينوى ، رمزعاصمة حضارتنا ألآشورية  وقلعة كنيستنا المشرقية ، واليوم وبعد سيطرة التيارات الأسلامية في الوطن العربي خاصة والشرق الأوسط عامة(حيث ايران وتركيا يحكمانهما احزاب اسلامية ايضا) بدأت ظاهرة جديرة بالتأمّل وهي محاولات تهجير المسيحيين من مناطق أقليم كُردستان وذلك في سابقة خطيرة تحدث في هذه المنطقة (التي هاجر اليها  المسيحيين المهجرين من الجنوب  هربا من الأرهاب للأحزاب الأسلامية)  حيث تمّ التحريض  من جهات في اقليم كردستان ، لم نعرف الى ألآن حقيقة من يقف ورائها ، فحرقوا محلات وفنادق عائدة للمسيحيين في زاخو وسميل ودهوك وأمام أنظار العالم كُلُّه ، فهل هي صدفة أيُّها المسؤولين من أحزابنا المسيحية أو رؤساء كنائسنا؟ أم هو مخطط لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة المرسومة اصلا؟.
هل نحنُ ننتظر موجات تسونامي الأسلامي تغرقنا لنموت ، وتموت معنا حضارتنا وهويّتنا ومقدّساتنا ، كما يريد البعض منّا من المستسلمين للقدر وألأمر الواقع؟  أم علينا أن نستغل هذه الضروف الصعبة لنواجه بسرعة وبحكمة خطر هذا التسونامي القادم لنبني ونوحّد بيتنا الداخلي على صخرة رئيسنا وملكنا وقائدنا يسوع المسيح الذي به وحده هو خلاصنا وبقائنا ووجودنا ، عندها فقط سنستطيع الوقوف كصرح شامخ أمام موجات تسونامي  ؟.
لقد ركّزنا ( كاتب هذه المقالة وغيره من الخيّرين ) في معظم مقالاتنا  السابقة ، على وحدتنا المسحيية ونبذ الخلافات الطائفية والقومية  وكنا دائما نركّز على ألأخطار الخارجية والدخلية التي تواجهنا ولكن للأسف لم نسمع آذان صاغية الاّ عند القليلين ، وها هو اليوم نحصد نتائج تقصيرنا وأهمالنا وعدم مبالاتنا لما حدث ويحدث لمسيحيّي الشرق ألأوسط عامة ومسيحيي العراق خاصة.
اليوم نحنُ أمام تحديّات خطيرة وتحتاج ألى أن نقف وقفة شعب واحد وروحٌ واحدة وصوتٌ واحد ولسانٌ واحد للدفاع عن وجودنا  وبقائنا في أرضنا
التي أغتصبها ألأعداء ، ليس هذا فقط بل علينا أن نطالب بحقوقنا وأرضنا والتعويض عن كُل ما تم أغتصابه أو ما تم ألأستيلاء عليه من قبل ألآخرين ، كاملة وغير منقوصة ، وتعويض كافة المتضررين ، سواء المهاجرين في الداخل أو الخارج ، وعدم السكوت بعد ألآن عن قول الحقيقة مهما كانت نتائج ذلك ، لأنّ ليس لنا ما نخسره بعد كُلّ هذه المظالم بحق شعبنا ، لأنّ العدو لن يكتفي الا بألأستيلاء على ما تبقى من أرضنا وممتلكاتنا ، فنحن امام خيارين لا ثالث وهما “أمّا أن نكون أو لانكون ” ومن يرتضي بالفُتاة فهو على وهم ولن يحصل سوى على أوهام بعيدة عن الواقع لمن له رؤية صحيحة لما يحدث في المنطقة من تغيرات جيوسياسية وديموغرافية .
 نطالب حكومة أقليم كردستان وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني بتطبيق القانون على جميع مرتكبي جرائم حرق محلات المواطنين المسيحيين أو اليزيديين  ونحن على ثقة أنَّ  أخوتنا ألأكراد لهم حكمة ورؤية واضحة للأخطار التي قد تهزّ صرح ما بناه أخوتنا الأكراد من ألأنجازات عبر عشرات السنين بعد أن قدّموا التضحيات الجسام للحصول على حقوقهم المشروعة.  وفي الحقيقة نقولها صراحة أنّ الأيادي الخفية التي وراء الكواليس هي التي تحرّك المتطرفين الأسلاميين والسكوت عن ما جرى ويجري قد يؤثر ليس على المسيحيين فقط بل قد يطال أخوتنا ألأكراد الذين يتنعّمون بالأمن والسلام تحت ظل حكومة أقليم كردستان العراق . ونظمَُ صوتنا الى صوت  القائد مسعود البرزاني بالدفاع عن مكتسبات وانجازات أقليم كردساتان  متضامنين مع اخوتنا ألأكراد والوقوف معهم في التصدي لكلِّ المنظمات الأرهابية المتطرفة ، التي تحاول زعزعة استقرار أقليم كردستان ، باللجوء الى وسائل دنيئة للنيل من المسيحيين واليزيديين  ضانين انهم حلقة ضعيفة ، ولكن بتضامننا مع أخوتنا ألأكراد سنكون الحلقة الأكثر قوة وصلابة.

..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!